إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



( تابع ) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في افتتاح الدورة الأولى لمجلس الأمة الجديد

          ولقد كان أسهل الأشياء أن أخرج وأطوف البلاد كلها من شمالها إلى جنوبها.. وأتكلم.. ولكنه يجب أن نلاحظ أمرين:

          الأمر الأول: أن شعبنا.. وأمتنا.. لم تعد تريد الحياة بالكلمات.. ولقد كنت أشعر- ومن المؤكد أن ذلك كان شعور كل فرد في أمتنا- بصدق الحكمة المأثورة "لا تقل لي شيئاً ولكن دعني أرى‍‍"..

          إن أمتنا كان لها الحق أن تنتظر عملاً ولا تنتظر قولاً..

          وكان الدليل على ذلك أنه في المرات التي اشتبكت فيها قواتنا مع العدو خلال ما عرف بمعارك المدافع في سبتمبر الماضي.. فإن الأمة العربية كلها أصاخت السمع بانتباه معتبرة بحق أن صوت المدافع وحدها هو الصوت الذي يجب أن يواجه التحدي..

والأمر الثاني: أن التجربة العملية أثبتت أنه لا قيمة لأية أقوال إذا لم تكن كلماتها مقياساً حقيقياً للقدرة الفعلية..

          ولقد قلنا كثيراً في الماضي، وكنا نتصور أن هناك توازناً بين الكلمة وبين القدرة.. لكن التجربة علمتنا أن ذلك لم يكن صحيحاً كما تصورنا.. ولا ينبغي لنا أن نكرر الخطأ مرة أخرى، بصرف النظر عن المسئولية فيه..

          إننا الآن يجب أن نلزم أنفسنا- مهما كانت المعاناة- بأن يكون حساب الكلمات هو نفسه حساب القدرات.. بل وليس يضيرنا أن تكون كلماتنا أقل من قدراتنا.. فذلك أكثر أماناً من أن يقع العكس..

          وليس عدونا بعيداً.. وليس عدونا جاهلاً..

          ولن يكون لكلماتنا وزن إذا لم يتحقق من قدرتنا على تدعيمها.. وإلا فإننا نعطيه الفرصة لكي يسخر منا.. بينما نحن نخدع أنفسنا.. ونسئ إلى أمة حافظت- برغم الكرب والعذاب- على إيمانها.. ومنحت من ثقتها ما هو لازم لتصحيح الميزان..

أيها الأخوة.. أعضاء مجلس الأمة

          إن تلك الفترة برغم كل مصاعبها العملية والنفسية.. فترة تحقيق الذات على كل الجبهات التي كان محتماً أن تتحرك عليها جهودنا.. وفي مقدمتها الجبهة العسكرية التي أعتبرها جبهة المجهود الرئيسي لشعبنا في المعركة المصيرية التي يخوض غمارها الآن ضد العدو الصهيوني المؤيد بقوى الاستعمار..

<4>