إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



( تابع ) كلمة الرئيس عبدالناصر في ختام الدورة الثانية للمؤتمر القومي العام للاتحاد الاشتراكي العربي

         وإذا كنا نقول أن النصر ممكن.. فإننا نقول أيضاً أنه الممكن الوحيد.. لأن القبول بما هو دون النصر في حربنا مع العدو الذي نواجهه معناه القبول بالاستسلام.. ولا تصح الحياة بالاستسلام.. ولا تصبح هناك على الإطلاق حياة بالاستسلام..

         ونحن أمام عدو كسب منا معركة في حرب ممتدة بيننا وبينه.. وهو يتمسك بما حصل عليه من كسب.. ويريد عن طريقه أن يملي شروطه كاملة في هذه الفرصة المواتية له.. والتي يعلم بغير جدال أن مستقبله بعدها في هذه المنطقة معلق باحتمالات لا يستطيع السيطرة عليها.. ومن هنا ضغطه المتزايد لكي يصل في هذه الفرصة إلى كل ما يريد.

         وعلى هذا الأساس.. فإن العدو لن يتنازل عن مطالبه إلا إذا فرضنا عليه هذا التنازل وأرغمناه به..

         لقد قبلنا نحن قرار مجلس الأمن عن يقين مؤمن بأن المستقبل على الأرض العربية هو للأمة العربية.. والنصر- بإذن الله- عندها مهما طال الصراع..

         وأما العدو فقد رفض قرار مجلس الأمن.. ولا يزال رفضه متحدياً في ذلك مجتمع الدول كله.. وذلك عن خوف من المستقبل يدفعه إلى أن يقامر بكل شئ على ما استطاع خطفه في معركة رخيصة لم نستطع أن نخوضها بالكفاءة الواجبة في 5 يونيه سنة 1967.. بل أننا- كما قلت لكم- لم نخضها أصلاً..

         ولم يكن رفض العدو لقرار مجلس الأمن مفاجأة لنا غير متوقعة..

         وإذا كنا منصفين للأمر الواقع.. ولابد أن نكون منصفين له.. وأن نحسن تقديراته وحساباته حتى إذا كرهناها.. فإننا لابد أن نسأل أنفسنا: " لماذا ينسحب العدو من هذه الأرض التي احتلها بعد 5 يونيه؟ "

         إن البشر لا يتركون مطمعاً أمسكوا به- حتى وإن أدركوا أنه ليس حقاً لهم- إلا إذا أحسوا أن هناك وازعاً معنوياً أو رادعاً مادياً يأخذ منهم ما ليس حقاً لهم..

         ولا ينبغي أن نتوقع من العدو الإسرائيلي وازعاً معنوياً.. فلا الأخلاق لها حرمة لديه ولا القانون..

         وإذن فالرادع هو الوسيلة الوحيدة التي تحمي من المطامع.. وتحقق إرادة المبادئ.. ومعها إرادة الأخلاق وإرادة القانون..

         هذه عبرة بديهية من عبر التاريخ الإنساني الطويل.. وما حفل به من التجارب التي لا تنسى..

         إن العدو سلح نفسه بالقوة الحمقاء.. ولابد أن نسلح أنفسنا إزاءه بالقوة العاقلة..

<2>