إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



رسالة الرئيس جمال عبدالناصر إلى الفريق أول محمّد فوزي وزير الحربية بمناسبة حريق المسجد الأقصى

رسالة الرئيس جمال عبدالناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة
إلى الفريق أول محمّد فوزي وزير الحربية
بمناسبة حريق المسجد الأقصى
القاهرة، 23 أغسطس 1969
جريدة " الأهرام ": العدد الصادر في 24 أغسطس 1969

         مع كل مشاعر الغضب الجارف والحزن العميق والآلام الروحية والمادية التي تعصف في قلوب أمتنا بأسرها من المحيط إلى الخليج، فإنني لم أجد من أتوجه إليه هذه اللحظة بخواطري، غير القوات المسلحة للجمهورية العربية المتحدة، ومن ورائها القوات المسلحة لشعوب أمتنا العربية وكل قوى المقاومة الشريفة التي فجرتها التجربة القاسية التي أراد الله بها عز وجل أن يمتحن صبرنا وأن يختبر صلابتنا.

         لقد انتظرت وفكرت كثيراً في الجريمة المروعة التي ارتكبت في حق قدس الأقداس من ديننا وتاريخنا وحضارتنا. وفي النهاية فإنني لم أجد غير تأكيد جديد للمعاني التي كانت واضحة أمامنا جميعاً منذ اليوم الأول لتجربتنا القاسية، وذلك أنه لا بديل ولا أمل ولا طريق إلا القوة العربية بكل ما تستطيع حشده وبكل ما تملك توجيهه وبكل ما تستطيع الضغط به حتى يتم نصر الله حقاً وعزيزاً.

         لقد فتحنا للسلم كل باب، ولكن عدو الله وعدونا أغلق دون السلم كل الأبواب، ولم نترك وسيلة إلا وجربناها، ولكن عدو الله وعدونا عرقل الوسائل وسد مسالكها وأظهر للدنيا كلها ما كان خافياً من أمر طبيعته ونواياه.

         وحين وقعت هذه الجريمة ضد المسجد الأقصى في القدس فإننا لم نتسرع وانتظرنا لا نتصور أن يكون التدبير قصداً مقصوداً، ولكن الدلائل القاطعة أمام عيوننا الآن لا تترك لأحد أن يتصور شيئاً آخر غير الحقيقة وحدها، مهما كانت بشعة ومروعة.

         ولسنا نجد أن هناك فائدة في اللوم والاستنكار وليس يجدي أن نقول بأن إسرائيل بعدما حدث للمسجد الأقصى قد أثبتت عجزها عن حماية الأماكن المقدسة كما أنه لا نفع من الالتجاء إلى أي جهة طلباً للتحقيق أو طلباً للعدل.

         إن هناك نتيجة واحدة يجب أن نستخلصها لأنفسها، ويتحتم أن نفرض احترامها مهما كلفنا ذلك، آلا وهي أن العدو لا ينبغي له ولا يحق له أن يبقى حيث هو الآن.

<1>