إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



( تابع ) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في افتتاح الدورة الثانية لمجلس الأمة

          جريحاً في جسده وعزته في وجه مجنون أسكرته بالحماقة نشوة انتصار جاءه ضد الطبيعة والتاريخ.

          وحيداً بينما الأمة العربية كلها مشدوهة بمفاجأة الهزيمة، وبينما العالم الخارجي كله مبهور بالنصر بعنف الحوادث ونتائجها وقتها.

          إن الشعب المصري في ظرف من أقسى ما عاشه في تاريخه لم يفقد إيمانه بربه أو بنفسه أو بأمته أو بالأهداف العزيزة التي وقف عنها مدافعاً ومجاهداً.

          ليست إلا أياماً قليلة واستعاد الشعب المصري إرادته في القتال وقاد جيشه معركة رأس العش بعد مرور أقل من شهر واحد على حدة النكسة، ثم واجه العدو في البحر وأغرق أكبر وحداته البحرية وهي المدمرة ايلات، ثم مضى يتصاعد في مقاومته للعدو درجة بعد درجة متحملاً في ذلك ما لا يطيقه البشر.

          تقبل تعطل منشآت للإنتاج بناها في منطقة القناة لأنها أصبحت تحت رحمة مدافع العدو.

          وتقبل آلام تهجير أكثر من ثلاثمائة ألف من سكان نفس المنطقة لكي يخوض المعركة بغير تردد يدفع إليه الحرص على أرواح الأبرياء.

          ودخلت مدفعيته إلى معركة من أخطر المعارك ضد مواقع العدو، ولما حاول العدو أن يحمي مواقعه ببناء خط منيع من التحصينات الدفاعية تكفلت مدافعه مرة أخرى بتحطيم هذه التحصينات وإزالتها، ثم راحت قواته الخاصة وقوات جيوشه في الميدان تعبر القناة لكي تجعل حياة العدو مستحيلة على الجانب الآخر من الخطوط.

          ولم يكن هذا الشعب يتوقع أن تنتهي المعركة بذلك، وإنما توقع وتوقعه هو الصحيح، أن العدو سوف يتصاعد درجة بحربه ضده، وبالفعل فإنه في 20 يوليه الماضي اتخذ العدو قرارين:

الأول: قراره بإدخال الطيران إلى المعركة.

والثاني: قراره بمد الجبهة من خط قناة السويس وحدها لكي تشمل خليج السويس كله والشاطئ المصري على البحر الأحمر.

          وكان يقصد بذلك تأثير الطيران من ناحية إلى جانب إرغام القيادة العسكرية المصرية على بعثرة قواتها من ناحية أخرى.

          ولكن الشعب المصري وجيشه قبلا بالتصعيد ودخلا إلى المجابهة.

<9>