إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في الخرطوم يوم عيد استقلال السودان

          حينما جئنا إليكم هنا في أغسطس سنة 1967 بعد الهزيمة، وفي هذه المواقف الصعبة كنت أتساءل وأنا أصل إلى مطار الخرطوم ماذا سيكون عليه الحال حينما أقابل هذا الشعب الشقيق، هذا الشعب الوفي، هذا الشعب المقاتل المناضل المكافح، هذا الشعب الطيب. وحينما وصلت إلى عاصمتكم المجيدة، حينما وصلت إليكم في هذا اليوم رأيت شعب السودان البطل يعطيني من الأمل في المستقبل كل ما يمكن أن أخذه، كل ما يمكن أن أحلم به. رأيت- أيها الأخوة- شعب السودان البطل وقد وقف في الطرقات من الصباح إلى المساء حتى وصلنا لنحضر مؤتمر الخرطوم، وكان الشعب كله ينادي بالتصميم على النضال، بالتصميم على الصمود بالتصميم على الوقوف حتى النصر.

          وبعد ذلك- أيها الأخوة- عدت إلى القاهرة بعد مؤتمر الخرطوم، وخرجت المجلات الأجنبية وقالت الشعب في الخرطوم يهلل للمنهزم. وقلت في نفسي في هذه الأيام إن هذا الشعب لم ينهزم وإنما كان يعبر عن إرادة الأمة العربية، وإننا حينما فقدنا المعركة في هذه الأيام، لم تكن أبداً هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يفقد فيها شعب معركة، ثم ينتصر بعد ذلك إذا صمم وإذا أراد. وكانت نظرتكم في هذه الأيام في أغسطس سنة 67، وكانت تعبيراتكم لم تقنعني أنا فقط ولكنها أقنعت العالم أجمع أن الشعب العربي سينتصر. من هنا من الخرطوم في سنة 67 في أغسطس سنة 67 تنبأ العالم أجمع أن الأمة العربية ستصمد، ومن الذي أعطى العالم أجمع الفرصة حتى يتنبأ، أنتم شعب السودان البطل الذي لم يتأثر بالهزيمة، الذي لم يتأثر بالانتصار، الذي لم يتأثر بأن الأمة العربية نفذت جيوشها، فقدت سلاحها. والذي أثبت للعالم أجمع أن المسألة لم تكن مسألة السلاح فقط، ولكنها أيضاً مسألة الإيمان. وكنتم بإيمانكم القوة التي سرنا بها من سنة 67 حتى الآن 69. ونحن نعلم أن ما ظهر بينكم هنا في الخرطوم إنما هو تعبير عن الأمة العربية كلها.

          واليوم- أيها الأخوة- أعود إليكم في أول يوم من سنة 1970 بعد سنتين ونصف أو ما يقرب من ثلاث سنوات من الأيام السوداء التي قابلناها في يونيه سنة 67. وأقول لكم- أيها الأخوة- إن الأمة العربية جميعاً صممت على النصر وإن الشعب السوداني حينما التقيت معه في هذه الأيام عبر عن مشاعر الأمة العربية كلها في الصمود ثم القتال ثم النصر بعون الله.

أيها الأخوة

          كانت حيوية الشعب السوداني في هذه الأيام التي تنبه فيها أعداؤنا أعداء الأمة العربية، الاستعمار وأعوان الاستعمار. كان الشعب السوداني ونحن نعقد المؤتمر هنا  في الخرطوم هو الملهم، هو الذي ألهمنا حتى ينجح المؤتمر. كان الشعب السوداني الذي أظهر لنا في كل الأوقات منذ الدقيقة الأولى التي وصلت فيها إلى الخرطوم أنه مصمم على الصمود ومصمم على النصر، وانه بذلك يعبر عن مشاعر الأمة العربية، هو الملهم لنا حتى استطعنا أن نخرج من المؤتمر بقرارات تساعد على الصمود.

<2>