إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في افتتاح مؤتمر البرلمانيين الدولي

        ولعل هذه الأزمة نفسها أن تكون هي وبذاتها أزمة الضمير الإنساني في هذا العصر الحديث- هذا العصر الذي استطاع فيه الإنسان أن يصل برحلة ساعات في الفضاء إلى الوقوف على سطح القمر، ومع ذلك بقي عجزه بعد رحلة ملايين السنين في مراحل التطور البشري أن يصل إلى تحقيق العدل على أرضه.

        وأستأذنكم أن أعبر سريعاً على بعض ملامح الأزمة التي تواجهها الأمة العربية.

أولاً: دعوة غريبة تنشأ في أوربا في نهاية القرن التاسع عشر تحول الدين اليهودي إلى حركة قومية متعصبة تطالب بجزء من وطن الأمة العربية في فلسطين، وتضع المخططات للانقضاض عليه بكل الأساليب وتبحث عن سند يساعدها على تنفيذ مطلبها في اغتصابه، تبحث عنه في تركيا الخلافة مرة، وفي ألمانيا الإمبراطورية مرة أخري، وفي بريطانيا مرة ثالثة- وهناك وجدته بأن وجدت في بريطانيا رغبة ضمان سيطرتها على العالم العربي واستمرار تهديده وتمزيق وحدته.

ثانياً: خلال الحرب العالمية الأولي وجدت ذلك الحركة القومية المتعصبة سندها في بريطانيا، وبينما كان العرب يحاربون جنباً إلى جنب مع بريطانيا ومع الحلفاء من أجل أمل في استقلالهم وحريتهم شهدت به بريطانيا علناً إذا بالحكومة البريطانية في السر تقطع على نفسها وعد بلفور بإقطاع الحركة الصهيونية وطناً قومياً لليهود في فلسطين.

        وعندما انتهت الحرب كان تنكر بريطانيا لعهدها العلني باستقلال العرب وحريتهم هو الوجه الآخر لتمسك بريطانيا بوعدها السري للحركة الصهيونية باقطاعها جزءاً من أرض الأمة العربية في فلسطين وتمكنت بريطانيا من أن تحصل على مسئولية الدولة المنتدبة على فلسطين من عصبة الأمم واستغل هذا الانتداب لهدف واحد هدف التمكين للصهيونية من السيطرة على فلسطين.

ثالثاً: في أعقاب الحرب العالمية الثانية - وكان مصدر الصدارة في العالم الغربي قد أنتقل من بريطانيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية غيرت الحركة الصهيونية سنداً بسند أو سيداً بسيد فتحولت من لندن إلى واشنطن التي اندفعت لتأيد الصهيونية تحت دعوى إنقاذ اليهود من ضحايا النازية.

        هكذا بدا أن الأمة العربية وهي التي لم تقترف في تاريخها كله جريمة اضطهاد اليهود هي التي وقع عليها عبء دفع ضريبة اضطهادهم كاملة من أرضها ومن دمها.

        وفي الواقع فإن هذا الذي بدا لم يكن إلا مظهراً خارجياً لإخفاء الحقيقة لأن الولايات المتحدة الأمريكية التي ورثت مركز السيطرة البريطاني، أخذت لنفسها جميع أهداف هذه السيطرة خصوصاً في العالم العربي الذي كان يراد دائماً تهديده وتمزيقه وإهدار طاقاته.

<2>