إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في افتتاح مؤتمر البرلمانيين الدولي

سادساً: برغم ذلك كله فإن مصر قبلت بقرار أصدره مجلس الأمن بالإجماع في 22 نوفمبر 1967، وأعتبره المجتمع الدولي كله حلاً لمشكلة يحد من خطرها المحلي ويحول دون مضاعفات عالمية لها.. يمكن أن تمد تأثيراتها على السلام العالمي بأسره.. وكانت مصر في ذلك عند مسئولياتها في المنطقة التي تعيش فيها. كما كانت عند مسئوليتها تجاه المجتمع الدولي.. وعلى أساس قبول هذا القرار فأن الجمهورية العربية المتحدة استقبلت السفير جونار يارنج مبعوث السكرتير العام للأمم المتحدة المكلف بالأشراف على تنفيذ هذا القرار .. ولقد ظلت الجمهورية العربية المتحدة تستقبل هذا المبعوث وتودعه قادماً.. ذاهباً.. طوال سنة كاملة وضعت خلالها تحت تصرفه رأيها في كل ما طلب منها .. وفي نفس الوقت فأن إسرائيل ضربت بقرار مجلس الأمن عرض الحائط حتى وجد مبعوث السكرتير العام للأمم المتحدة نفسه يدور في فراغ فأوقف مهمته دون أن يقدم عنها تقريره إلى مجلس الأمن، وكانت تلك ضرورة من أولى ضرورات الموقف لكن الضغط الأمريكي قفل الطريق حتى على هذا الإجراء الضروري .. حتى لا يستطيع العالم تبين المواقف على حقيقتها.

سابعاً: أن إسرائيل ركزت دعايتها في ذلك الوقت على مطلب المفاوضات المباشرة، وكنا نتساءل كيف يمكن أن يتم تفاوض في ظل احتلال الأرض.. إن التفاوض في هذه الحالة معناه الاستسلام بغير قيد أو شرط. ولم يحدث في التاريخ أن نفاوض شعب في ظل احتلال أراضيه إلا إذا كان هذا الشعب قد وصل إلى قبول الاستسلام بلا قيد ولا شرط لقوة الاحتلال.

        ومع ذلك ومن ناحية نظرية بحتة فما الذي نتفاوض فيه؟ وإذا كانت إسرائيل تعلن يوما أن القدس العربية لا يمكن أن تكون موضع مفاوضات وتقرر رئيسة وزرائها علناً أن العلم الأردني لن يرتفع مرة أخرى فوق القدس العربية ما الذي نتفاوض فيه إذا كانت إسرائيل في يوم آخر تعلن أن المرتفعات السورية لا يمكن أن تكون موضع مفاوضات.. وفي يوم ثالث تشير إعلانات من نفس النوع إلى الضفة الغربية وإلى غزة وإلى شرم الشيخ المصرية نفسها.

ثامناً: إن العرب إزاء ذلك كله كان عليهم أن يتعلموا الدرس الذي سبقتهم إليه أمم كثيرة وهو أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.. والقوة في طلب الحق المشروع أمانة وطنية تتحملها الشعوب مهما كانت تكاليفها.. لكن لإسرائيل كان منطق آخر يساعدها عليه الأصدقاء.. أن طلب الحق أصبح في نظر هؤلاء تحفظاً للعدوان.. وهكذا بدأت إسرائيل بمعونة أصدقاء محاولة جديدة للعنف الإرهابي تمثلها أكثر من إي شئ آخر هذه الأيام غاراتها بالعمق البعيد داخل الأراضي المصرية..تقصد بذلك أن تخيف الشعب المصري.. وهي لا تدري أنها بذلك تضاعف من تصميمه.

تاسعاً: إن الولايات المتحدة الأمريكية وسياستها، تتحمل المسئولية الكبرى فيما يجري الآن على أرض الشرق الأوسط، وما سوف يجرى فيه مستقبلاً... أن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تعطي للعنف الإرهابي أدواته التي يمارس بها دوره المجرم، وهي التي تسنده سياسياً ودعائياً، وبينما تتظاهر حكومة الولايات

<4>