إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في افتتاح مؤتمر البرلمانيين الدولي

المتحدة الأمريكية كذباً وتضليلاً أنها تسعي من أجل السلام، فإن جميع تصرفات هذه الحكومة في أزمة الشرق الأوسط تشير إلى العكس..ولو لم يكن لدينا دليل مادي على تواطؤ الولايات المتحدة ضدنا في عدوان سنة 1967.. فإن لدينا الآن أكثر من دليل مادي على أن الولايات المتحدة الأمريكية تؤيد العدوان ضدنا وتيسر له كل سبل الاستمرار.. ويكفي أن نشير في ذلك إلى تدفق الأسلحة الأمريكية على إسرائيل ... إن إسرائيل لم تكن بحاجة إلى السلاح.. بعد يونيه سنة 1967، كان جيشها قوياً، وكان جيشها معتدياً.. وفي الوقت ذاته فقد كنا نحن في أمس الحاجة إلى أي سلاح.. بعد يونيه سنة 1967 كان سلاحنا حطاماً، وكنا في حاجة إلى ما ندافع به عن النفس أولاً.. ثم ما ندافع به عن الأرض المغتصبة ثانياً.

        ومع ذلك فإن السلاح الأمريكي ظل يتدفق على إسرائيل، وتحت دعوى أن العرب يحصلون على السلاح من الاتحاد السوفيتي، ولقد كنا على استعداد لقبول هذا المنطق، لو أنه جاء بعد تصفية آثار العدوان.. وبعد انسحاب قوات الاحتلال، تطبيقاً لقرار مجلس الأمن في نوفمبر سنة 1967.. أما أن يحدث ذلك التدفق في السلاح الأمريكي على إسرائيل. بينما هي تحتل كل فلسطين وأجزاء من أراضي ثلاث دول عربية مستقلة.. فذلك ما لا نستطيع تفسيره إلا على انه انحياز بالكامل لإسرائيل ضد كل المبادئ. وإلا على انه تشجيع للمعتدي على استمرار عدوانه.. وإلا على أنه عداء للأمة العربية على طول الخط .

عاشراً: إن الأمة العربية كما ترون أيها الأصدقاء ليس أمامها غير أن تخوض معركتها وظهرها إلى الحائط وإلى آخر المدى.. ومهما كانت التضحيات موقفها في ذلك موقف أي أمة تعرضت للعدوان ووقعت أجزاء من أراضيها تحت سيطرة قوات الاحتلال .. والأمة العربية تتخذ هذا الموقف عارفة بأبعاده ومقدرة لمخاطره.. مدركة في كل الأحوال أنها تملك المقومات اللازمة والوسائل الكافية لمتطلبات التحرير. وسوف نتعلم من كل ساعة من ساعات الأزمة أكثر وأعمق مما نتعلمه في سنة من سنوات الرخاء.. ذلك لا غني عنه ولا بديل له لأنه طريق الأمة العربية الوحيد إلى الحياة.. وإلى شرف الحياة.

أيها الأصدقاء

        هذه ملامح من الأزمة التي تواجهها أمتنا العربية، لا أريد بها استباق مناقشاتكم في هذا المحفل الممتاز، ولكني أردت بها أن أضع أمامكم صورة من تفكيرنا.. وأعود مرة أخرى إلى أن أؤكد بأننا نريد منكم بالدرجة الأولى صدق الصديق، وأنتم الأولي به .. ثم نريد بعد ذلك فهم العالم الذي نعيش فيه وأنتم الأقدر عليه بصلة الثقة التي تربطكم بجماهير شعوبكم.

        وليكن التوفيق معكم..

والسلام عليكم ورحمة الله.

_________________

<5>