إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، أمام مجلس الشعب واللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي حول نتائج زيارته إسرائيل
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1977، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 13، ص 478 - 484"

الاجتماعات السرية للاعداد للحرب، وهي المسجلة لديهم، انه أشرف لنا جميعا ان نستشهد ونحن نحرر شبرا واحدا من الأرض، من ان نعيش في سياسة اللا سلم واللا حرب التي أرادوا ان يفرضوها علينا عبيدا أذلاء. هذه مسؤوليتنا أمام الأجيال من بعدنا: ان نعطي لهم القدوة والشرف، وأن يعرفوا ان آباءهم عاشوا رجالا وماتوا رجالا. وأصارحكم القول ان الغرور لم يتملكني أبدا ونحن في قمة الانتصار، ولم يتملكني وقواتنا المظفرة الجسورة تحطم موقعا بعد موقع، وتحرر أرضا بعد ارض، وكانت تخالجني مشاعر أخرى.

          كنت أريد الزرع الأخضر بدل الجماد، وكنت أريد الماء يروي الحياة بدل الدم يذهب بالحياة، كنت أريد الإنسان ان يعيش ويبنى بدل ان يحمل السلاح ويهدم، كنت أريد للزوجة ألا تترمل، وللطفل ان لا يتيتم، وللآباء ان لا يفقدوا أبناءهم. فلا سعادة لأحد على حساب شقاء أحد، كما قلت أمام الكنيست الإسرائيلي، وكل روح فقدت في الحرب هي روح إنسان. من أجل ذلك جئت هنا، إلى هذا المنبر، إلى مجلسكم الموقر، في اليوم السادس عشر من أكتوبر [تشرين الأول] 73، ونحن في قمة الانتصار، ووجهت من هذا المنبر دعوتي للعالم أن يعقد مؤتمر دولي للسلام. من هنا، فان دعوتنا للسلام إذن لم تجئ التماسا للآمال ونحن في شبح الهزيمة والانكسار. دعوتنا للسلام نادينا بها العالم كله أداء لرسالتنا القومية ولتعاليم ديننا وكل الأديان. لم تكن دعوتنا هروبا من المسؤولية، أو عجزا عن الاختيار، بل كانت دعوتنا للسلام أداء للمسؤولية، وقدرة على اتخاذ القرار، وخمدت النيران، وأصدرت الإرادة الدولية قرار مؤتمر جنيف، وتم فض الاشتباك الأول والثاني، وانفتحت سياستنا تمد يد الصداقة والتعاون والسلام مع كل دول العالم، حتى كانت المباحثات الأخيرة التي أجراها الرئيس الأميركي كارتر مع كل أطراف النزاع، لعقد مؤتمر جنيف في سبتمبر [أيلول] الماضي. عندئذ لاحظت ان كل شيء بدأ يتغير، بدأت تظهر عقبات مصنوعة، بدأت توضع عوائق مفتعلة. وعندما كان السلام يحاصر إسرائيل من كل جانب، ظهر واضحا جليا ان [هناك] جدارا عاليا من الشكوك والخوف وعدم الثقة الراسخة في النفوس، مما صور السلام وكأنه فترة هدنة لدمار جديد، وقتال قد أوجد حالة ما أسميته هنالك، أمام الكنيست الإسرائيلي، بالجدار النفسي الذي يفصل فيما بيننا، بحيث اصبح يسيطر الحذر على كل عبارة، ويبطل العلاج [في] كل خطوة، وكاد الخوف ان يقضي على كل جهد مبذول، وأصبح النقاش حول كلمة واحدة يستغرق الشهور، وأصبح الاتفاق على بيان واحد هو الشيء المستحيل. إذا كان هذا هو الحال ونحن لا نزال في خطوات الإجراءات والشكل، فكيف سيكون الحال إذا دخلنا إلى جوهر القضايا؟ عندئذ فكرت، وكان لابد من مخرج. يشهد الله كم عانيت وأنا ابحث عن هذا المخرج، ويشهد

<3>