إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، أمام مجلس الشعب واللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي حول نتائج زيارته إسرائيل
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1977، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 13، ص 478 484"

الله انني كنت استوحي نبض شعبنا في كل تفكير أو اتصال. استمرت معاناتي أياما وأسابيع عديدة: اختلاف على كلمة؛ اختلاف على ورقة؛ ورقة أميركية؛ ورقة أميركية إسرائيلية. حلقة مفرغة جديدة ندخل فيها ونتوه، ونترك الجوهر. وفكرت، إلى أن جئت إلى هذه الخطبة، وإلى هذه القاعة، وقد اهتديت إلى أصعب قرار، وقلت لكم وللعالم انني مستعد، في سبيل ألا يجرح ابن من أبنائي، أن اذهب إلى آخر الأرض، ان أذهب إلى الكنيست الإسرائيلي لأصارحهم بكل الحقائق، ولأقول لهم كلمة الحق والعدل والسلام، حتى أحطم بذلك جدار الشكوك والخوف وفقدان الثقة، وليفعل الله بنا بعد ذلك ما يشاء.

          أعلنت قراري، وأردت ان أتحمل مسؤوليته أمام الشعب وأمام التاريخ وأمامكم، ولم أكن لأشك لحظة ان وقع القرار سيكون غريبا، ولم اكن اشك لحظة أيضا أن استيعاب أبعاد هذا القرار لن يكون بالأمر اليسير إذا ما طلبت فيه الرأي من الأخوة الملوك والرؤساء العرب. أعلنت قراري بكل الاقتناع والإيمان بأنه لو اقتضى الأمر ان تكون هذه المهمة هي آخر مهمة لي كرئيس للجمهورية لأتممتها، وجئت إليكم هنا لأقدم لكم، انتم السلطة الشرعية، استقالتي، لإيماني المطلق بأنها اقدس مهمة، وأطهر رسالة، برغم علمي بما سيثيره البعض من مزايدات واتجار ومهاترات.

          كان هذا هو ما صارحت به الرئيس حافظ الأسد عندما زرت سورية قبل أن أتوجه إلى القدس بثلاثة أيام. واليوم، أيها الأخوة والأخوات، أمثل أمامكم بعد أن تمت رحلة التاريخ هذه، لكي اقدم كشف الحساب. فلقد تحقق، بحمد الله، الهدف الأول والأكبر من رحلة السلام لقد تحطمت حواجز الشكوك وفقدان الثقة والخوف. نعم. أقول بكل السعادة: لقد تحقق الهدف الأول والأكبر من رحلة التاريخ، وهو تحطيم حواجز الشكوك والمخاوف وفقدان الثقة والكراهية، وبدأنا، نحن وهم، نسلك سلوكا حضاريا يلتزم بمسؤوليته القادة أمام شعوبهم وأمام الأجيال المقبلة صاحبة الحق الطبيعي في الحياة الآمنة الكريمة اتفقنا على ان ننتقل من مرحلة التهديد بالنار إلى الحوار بالحق والحقيقة، ومن لغة المدفع والموت إلى نقاش الكلمة من أجل الحياة لم اطلب السلام من موقع ضعف أو رجاء بل سمعتموني أقول، أمام الكنيست، ان الأمة العربية لا تتحرك، في سعيها من اجل السلام الدائم العادل، من موقع ضعف أو ابتذال، بل انها، على العكس تماما، تملك من مقومات القوة والاستقرار ما يجعل كلمتها نابعة من إرادة صادقة نحو السلام. وقلت أيضا ان أرضنا مقدسة، وأن عليكم أن تتخلوا نهائيا عن أحلام العدوان، تتخلوا أيضا عن الاعتقاد بأن القوة هي خير وسيلة للتعامل مع العرب. أن عليكم ان تستوعبوا جيدا دروس المواجهة بيننا وبينكم، فلن يجديكم التوسع شيئا. ان أرضنا لا تقبل المساومة

<4>