إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) كلمة الرئيس أنور السادات، في مأدبة أقامها تكريما للرئيس جوزيف بروز تيتو

       ولقد كان ذلك مدعاة حزن عميق لنا، كما كان مدعاة حزن عميق لك. حزن شاركتنا فيه الدنيا بأسرها، لكن التاريخ يعلمنا أن ما يصنعه الأبطال في تاريخ الأمم لا يذهب بغيابهم. وإنما قيمة الإسهام العظيم لأبطال الإنسانية أن ما يصنعونه له قدرة البقاء بعدهم.

       ومن هنا فإننا في لحظة الحزن العميق، لم نفقد الأمل وإنما كان يعنينا على الدوام أن المبادئ والقيم التي أرساها جمال عبد الناصر على الأرض العربية وإشاعتها على كل أرض أخرى. مهما كانت بعيدة عنها تحولت إلى تيار مستمر لا يمكن إيقافه.

        هذا عن الآلام.

       وأما عن المشاكل، فإنك أيها الصديق كنت معنا طوال الطريق. ومنذ بدأت أزمة الشرق الأوسط الحالية، فإننا نذكر بفخر واعتزاز جهودك منذ مشاركتك الإيجابية في وقفة مجموعة الدول والأحزاب الاشتراكية معنا. كما لا ننسى- كما قال لك عبد الناصر أكثر من مرة- زيارتك لنا في أغسطس من سنة 1967 وظروفها العصيبة. كما لاننسى لك كل جهودك المتصلة، إلى أن جاء التحرك السياسي الواسع الذي قامت به يوغسلافيا خلال الأسابيع الأخيرة  شرحا لموقفنا ودعوة لحقنا في كل عواصم العالم.

       وأنت- أيها الصديق- أول من يعرف أننا نطلب السلام، ولكننا لانطلب السلام بأي ثمن، لأن طلب السلام  بأي  ثمن  صورة  أخرى من صور الاستسلام  للأمر الواقع.

        إن نظرتنا إلى السلام أصيلة وهي لذلك متعددة الجوانب.

  1. نحن نطلب السلام قائما على العدل، ونعتقد مؤمنين أنه لا سلام إلا على أساس العدل.
  2. نحن نعتقد بأن السلام لايفرض، وحينما يتحدث غيرنا عن فرض السلام، فمعنى ذلك في الواقع أنهم يتحدثون عن الحرب، لأن السلام ينبع من القلوب ولا يصدر من فوهات المدافع.
  3. إننا عندما نتحدث عن السلام، فإننا فعلا نتحدث عن السلام كما يجب أن يكون. إن السلام ليس ضم الأراضي، السلام ليس الاحتفاظ بمواقع استراتيجية، والسلام ليس إهدار للحقوق الشرعية الوطنية والدولية. إن السلام يفقد روحه ومعناه بمثل ذلك كله.

       من هنا- أيها الصديق- من هذه النظرة إلى السلام، فإننا حددنا مفهومنا لحل أزمة الشرق الأوسط بنقطتين اثنتين:

الأولى: هي ضرورة الانسحاب الكامل والشامل من جميع الأراضي التي احتلها العدوان الإسرائيلي المؤزر بقوى الاستعمار العالمي، بعد 5 يونيه 1967.

<2>