إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



خطاب الرئيس أنور السادات أثناء لقائه بضباط القوات البحرية، في أبو قير: 22 يونيه 1971
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الأول 1971، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ط 1980، ص 172 - 174"

بسم الله

         يسعدني أيها الإخوة والأبناء يا رجال القوات البحرية البواسل أن التقي بكم اليوم هنا. ألتقي بالبطولة والرجولة .. ألتقي بصفوة الرجال الذين بدأوا معركة العمق بالعمق فى وقت كان العالم يظن فيه أننا كعسكريين قد هزمنا وأن هزيمة 67 كانت قاضية ولن تقوم لنا بعدها قائمة.

         إنها فرصة عزيزة لدى أن أكون فى الإسكندرية مع الملك فيصل نجرى معا محادثات ودية حتى التقى بكم كما التقيت باخوانكم فى الجبهة خلال الأسبوعين الماضيين. ولقد كنت حريصا على لقائكم كما أننى حريص على لقاء اخوانكم من جميع الأسلحة. التقى بكم وأتحدث معكم.

         وقبل كل شيء أود أن أوجه إليكم الشكر والعرفان نيابة عن شعبنا الأصيل وعن نفسي على البطولة التى أظهرتموها حين قمتم بعمليات خارقة فى العمق وأبرزها عمليات ميناء ايلات. وكان العدو يتباهى فى صلف أن عمقه لا يستطيع أحد أن يصل إليه أو ينال منه.

         الثلاث عمليات اللى قمتم بيها فى ايلات دلالتها الرائعة مش فى الطريقة اللى تمت بيها ولا بالتكتيك العسكرى وأسلوب التنفيذ فقط ولكن روعة هذه العمليات تكمن فى معنى كبير.

         احنا اتجرحنا كعسكريين جرح كبير فى عام 1967. قبلنا فيه دول كتير انجرحت وفيه دول كبرى انجرحت أكثر مننا.. أمريكا نفسها حينما هزمت فى بيرل هاربر لم يكن لها عذر لأنها كانت بتمتلك حاملات الطائرات والغواصات وأجهزة الرادار الحديثة وكل مقومات النصر.. لكنها واجهت هزيمة ساحقة.. ومع ذلك حينما جرحنا عام 67 قاموا بدعايات كثيرة بغرض التشويش علينا وقالوا إننا لسنا رجال حرب ولارجال قتال حتى يبذروا بذور اليأس والشك فى قلوب قواتنا وأبناء شعبنا. من هنا تأتي أعمالكم البطولية أمام العالم كله وأمام شعبكم لتعيدوا الثقة فى قواتنا العسكرية وتردوا إلينا شرفنا العسكرى وقيمتنا كمقاتلين ونؤكد للملايين من أبناء مصر وأبناء الأمة العربية ثقتهم فيكم وحرصهم عليكم.

         وأود فى هذه المناسبة أن أقرر لكم بصراحة كاملة أن المعارك القادمة ستكون أعنف وأشرس من المعارك السابقة عدة مرات. ولقد أثبتت البحرية المصرية دائما قوتها وشراستها مع العدو وجدارتها وقدرتها وسوف تثبت قواتنا المسلحة أن شعب مصر جدير بأن يكون الشعب الذى يقود هذه المنطقة. الشعب الذى لا يقبل الهزيمة. لقد خسرنا معركة ولكننا لا نقبل الهزيمة والاستسلام مهما كانت الظروف والتضحيات.

المتآمرون لفظهم الشعب

         سأمر مرورا عابرا على الأحداث الصغار التي حاول بعض المتآمرين أن يصنعوا منها شرخا وانشقاقا فى الجبهة الداخلية. وأن المدعى العام الاشتراكى كاد ينتهى من التحقيق فيها. وأن شعبنا منذ اللحظة الأولى رفض هؤلاء ولفظهم حينما خرجت الملايين بعد خطابى إلى الشعب وكشف مؤامرتهم. الاعترافات بتاعتهم دامغة ولا تحتاج إلى دليل ومن سوء حظهم ومن حسن حظ شعبنا وبلادنا أنهم أنفسهم كانوا يسجلون على بعضهم البعض.. زى عصابة الحرامية كل واحد مخون الثانى وكل واحد كان يسجل للثانى.

         مدير المخابرات الجديد اللى عينته وراح المخابرات العامة فى ساعتها وجد مدير المخابرات السابق يسجل لكل واحد بأمر من سامى شرف.. يسجل حتى لسامى شرف نفسه.. علشان الآخر سامى شرف يأخذ التسجيلات ويحجز اللى يخصه ويظهر ما يريد فى الوقت المناسب لأغراضه.

         حتى من يومين حينما ووجه على صبرى بصوته نفسه وكلامه انهار.. ومدير المخابرات السابق احمد كامل اعترف اعترافا قاطعا وقال دى كل التسجيلات بأصوات المتآمرين أنفسهم والكلام اللى متسجل متفرغ فى دوسيهات.

على صبري انهار وبكى

         كانوا فاكرين أنهم مش حينفضحوا ومفيش أدلة دامغة عليهم. من يومين لما سمع على صبرى كلامه وهو بيقول لهم " اجهزوا خلاص" وكان بيتباهى بالكلام الفاضى اللى قاله فى اللجنة المركزية. لما سمع هذا الكلام بصوته بكى بكاء مرا.

         المدعي العام الاشتراكى حيقول لمجلس الشعب وفى الاذاعة كل الاعترافات وحيوصف الافساد والفساد السياسي اللى كانت هذه المجموعة بتقوم بيه ضد مصلحة البلد ومصالحهم الخاصة.

         هذه المسألة يا أولادى أرجوكم تعتبروها مسألة ثانوية لأنها لم تستغرق أكثر من 24 ساعة والحمد لله. الجبهة الداخلية متماسكة قوية وصلبة.

         وقواتنا المسلحة فى الجبهة وفى مواقعها متفرغة لمهمتها المقدسة فى مواجهة العدو ولن تسمح بأى حال من الأحوال أن يشغل أى فرد أو مجموعة من أولادنا فى الجبهة العسكرية عن هذه المهمة المقدسة.

المعركة.. وقواتنا المسلحة

         وأنا بأقول لكم لعل اللى حصل ده خير لأنه زاد من تماسك الجبهة الداخلية. الجزء الثاني اللى عايز اتحدث معاكم عنه وهو الأهم والأساس هو المعركة.. أنا بأقول لعله خير طبعا أن نخوض المعركة والجبهة الداخلية سليمة ولن أسمح إطلاقا بأى خدش في وحدتنا الوطنية وجبهتنا الداخلية إطلاقا.. إنني أدرك تماما واجبي نحو وطني ونحو قضية أمتي ونحو قواتنا المسلحة الباسلة.

<1>