إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات أثناء لقائه بضباط القوات البحرية، في أبو قير: 22 يونيه 1971
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الأول 1971، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ط 1980، ص 172 - 174"

كونوا على ثقة أن الـ 34 مليون يكونون قوة سليمة متماسكة.. أما هؤلاء فهم بعض، العناصر المرتزقة الذين يعيشون على مميزات خاصة على حساب الجماهير وهم يحصلون على المال والمكافآت والمرتبات بغير حساب.

         ثقوا أن الـ 34 مليون. من قبل اللى حصل من هؤلاء.. وبعد اللى حصل من هؤلاء.. شعب واحد وجبهة واحدة وهدف واحد، يقف متماسكا وأمله كله فيكم. أنا ليس عندى سوى واحد فى المائة أمل فى الحل السلمى ويبدو أن الاسرائيليين وقادتهم العسكريين مش هيفوقوا الا بمعركة بسبب غرورهم وصلافتهم وهذه بديهية وحقيقة مقطوع بها.

سنة 71 حاسمة

         إننى أقول لكم ولشعبنا بكل أمانة ووضوح إن سنة 1971 هى سنة حاسمة ولا يمكن أن يطول انتظارنا إلى الأبد فلنكن دائما مستعدين. وهنا أود أمامكم يا أبنائى.. يا رجال القوات البحرية أن أقرر أن الوزير محمد صادق بشرف وأمانة وبوطنية وبتقاليد عسكرية سليمة استطاع أن يجنب القوات المسلحة معركة الصغائر اللى حدثت فى الأسابيع الماضية على يد الحفنة المتآمرة. وأقول لكم لأول مرة إن الفريق أول محمد صادق هو الذى قام بهذا العمل شخصيا من نفسه ولا يتصور أحد إنى طلبت منه ذلك.. لكنه قام بهذا العمل النبيل بدافع وطنى وكان هو الذى أخذ المبادرة فى ذلك لما اتصل بى يوم 13 مايو وقال لى تمام يا فندم القوات المسلحة كلها سليمة وبعيدة من كل هذه الصغائر. هذا الموقف سوف يسجله التاريخ للقوات المسلحة لأن شعبكم الذى خرج يوم 15 مايو خرج من أجل معنى نبيل وهو أن أحدا لا يمكن أن يقبل الصغائر فى هذا الوقت من نضالنا وتاريخنا. لا يمكن أن يقبل أحد من شعبنا أن يكون أولادنا على الجبهة وفى مواقعهم فى البر والبحر ونشغلهم عن المعركة التى هى أمل الملايين. الملايين اللى خرجوا علشانكم علشان تأمين جبهتنا العسكرية.. فالمعركة حتمية ما دام العدو متمسكا بصلفه وعدوانه.

         وأحب أن أقول لكم انه جايز فى المعركة وفى مواجهة العمق بالعمق اننا نخسر ضحايا. نحن مستعدين أن نقدم كل ما تتطلبه المعركة منا سواء من إمكانيات أو ضحايا.

لماذا اتصلنا بأمريكا؟

         يمكن يكون فيه تساؤل: ليه اتصلنا بأمريكا ؟ وأحب أن أقول إن اللى ما بيعتبرش إن أمريكا عامل أساسي فى المعركة يبقى زى النعامة اللى بتدفن رأسها فى الرمل وماتشفش حاجة. وأمامكم المثل الواقعي. هل اسرائيل اللى سكانها 2.5 مليون وبامكانياتها المحدودة تستطيع أن تقوم بغارات لمدة 17 ساعة فى اليوم وطائراتها تلقى مئات الأطنان من القنابل وتنفق مليون جنيه كل يوم مالم تكن أمريكا هى التى تقدم لها كل هذه الامكانيات.

         وأنا قلت لروجرز إن أمريكا تعطي إسرائيل من رغيف العيش إلى الصاروخ والطائرات الفانتوم أما إحنا اللى بنزرع القمح ومحاصيلنا والحمد لله ناجحة وبتزيد واللى بنحتاجه من القمح بنشتريه مفيش حد بيدينا شيكات كل سنة ولا كل شوية شيك بخمسمائة مليون دولار أو بألف مليون دولار كما تعطى أمريكا لاسرائيل، وزير الحربية السابق طلب اعتماد بمائة مليون جنيه أخذهم فى ربع ساعة وافق عليهم مجلس الأمة فورا وكنا بنصرف مليون جنيه تقريبا كل يوم علشان نبنى قواعد الصواريخ اللى أسقطت الفانتوم.

         احتياجات المعركة نقدمها. بل نعطيها الأولوية. فنحن نملك اليوم قاعدة صناعية إنتاجية صلبة أثبتت أنها عامل أساسي فى صمودنا ونضالنا. يعنى مبتجلناش منح وهبات وشيكات بملايين الدولارات لا من أمريكا ولا من غيرها.

         لما أمريكا قالت إنها على استعداد للتدخل وافقنا على ذلك بل أكثر من كده قلت أنا مستعد افتح قناة السويس على أساس ثلاثة شروط لا تقبل الجدل أو المناقشة.. وهى أن تعبر القوات المسلحة المصرية كاملة حتى شرق المضايق كمرحلة أولى وسنوقف اطلاق النار مدة ستة أشهر فقط حتى يقوم خلالها يارنج بترتيب الانسحاب الكامل فإذا لم تنسحب إسرائيل فإننى أكون حرا أن تستكمل قواتى تحرير الأرض المحتلة.

         هذه المبادرة كان لها أثرها الكبير فى الرأى العام العالمى وفى أوربا الغربية بالذات.

         احنا لا نقبل إننا نفتح القناة لمجرد الحصول على إيرادها.. أبدا، النهاردة الدعم العربى المقدم الينا من الدول العربية الشقيقة بلغ 109 ملايين جنيه فى السنة. وهو يعوض ما فقدناه من إيراد القناة، كما أن تنفيذ المرحلة الأولى هو تمهيد للمرحلة الأخيرة، وهى الانسحاب الكامل إلى الحدود الدولية بتاعتنا. والاستراتيجية الأساسية بتاعتنا. اننا لن نفرط فى شبر من الأرض العربية، ولن نساوم على حقوق شعب فلسطين، دى ما فيهاش مناقشة إطلاقا.. الموضوع الآخر اللى عاوز أكلمكم عنه هو عقد المعاهدة مع الاتحاد السوفييتى.

         الحرب الحديثة لم تعد بأعداد الطائرات أو الدبابات وحسب، ولكن الحرب الحديثة أصبحت علم يتطور ويتقدم كل يوم.. أمريكا تعطى إسرائيل كل شيء.. تعطى لها الأسلحة الحديثة والجديدة فى كل مرحلة، وأعطتها صواريخ جو- أرض، وغير ذلك. أمام هذا، هل نقف مكتوفى الأيدى.. اذن لازم يكون لدينا من أجهزة الحرب الالكترونية آخر ما توصل إليه العلم الحديث.. احنا بنعيش فى القرن العشرين، وزى ما قلت فى عيد العمال أنا لا أقبل أن أطلب من أولادى يروحوا يحاربوا بالنبوت والاسرائيليين معاهم أجهزة القرن العشرين.

         ومعاهدة الصداقة والتعاون المصرية- السوفيتية هى أساس لكى نحصل على كل مستحدثات العصر، سواء ما يلزم القوات المسلحة، أو ما تحتاجه القاعدة الصناعية والتطور الذى نتطلع اليه.

<2>