إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، في افتتاح الدورة التاسعة للمجلس الوطني الفلسطيني

        لقد كان من أبرز النواحي الإيجابية في النكسة، إنها رفعت غطاء النسيان أو الصمت عن مشكلة فلسطين، وفى الوقت الذي ظن فيه العدو أنه دخل التاريخ كله وأزال معالم الجريمة باحتلال كل الأرض الفلسطينية، فإن العنصر الفلسطيني في أزمة الشرق الأوسط تفجر على ساحة المنطقة كلها، وطالع العالم حياً، ثابتاً، راسخاً، صامداً، أقوى ما يكون.

        ولقد عرف الضمير الإنساني كله عن المأساة بعد النكسة أضعاف أضعاف ما كان يعرفه قبلها. وهذا في حد ذاته مكسب كبير.

ثانياً: إنه كان لابد بعد ذلك ترجمة هذا الأثر المعنوي الكبير بعمل مادي يعمق الالتزام الإنساني تجاه الحق الفلسطيني، ويرسخه، ليكون تأثيرا سياسيا واقعيا، يقدر على تحريك المواقف.

        إن الجمهورية العربية المتحدة فعلت الكثير في هذا المجال. وإذا كان يبدو الآن على الساحة العالمية معزولا ومداناً، فإن ذلك كان نتيجة جهد شاق وعنيف شاركنا فيه جميعاً. كل منا بقدر ما وسعته ظروفه ووسائله لله. وفي هذا الصدد، فإنني أعتز دون مفاخرة بنصيب الجمهورية العربية المتحدة في تحقيق هذه النتيجة التي سعت إليها بكل تكاليفها المادية والمعنوية، في وقت اكتفى فيه غيرها بالدعاوى أو الادعاءات التي لا تهزم عدوا بقدر ما تحرج صديقا. في حين أن ذلك آخر ما نريد.

ثالثاً: إنه كان لابد لكم- للثورة الفلسطينية- بعد ذلك، من أن تخترقوا بعملكم الإيجابي، وفى الميدان ضد العدو، أن تخترقوا المسافة الشاسعة بين الاعتراف بالحق من جانب العالم، والاضطرار إلى التسليم به كرهاً من جانب العدو. ولست أنكر أنكم فعلتم الكثير مما كان. وسوف يظل شرفاً للسجل النضالي العربي، بأي مقياس من المقاييس، لكنه ينبغي لنا جميعا أن نسلم بأنه كان في مقدورنا أن نفعل أكثر مما فعلنا، وعلى أي حال فذلك هو التقييم الأصيل الذي يصارح به المقاتلون أنفسهم به في سعيهم الدءوب إلى خدمة هدفهم الذي به يؤمنون، ومن أجله يعطون بغير قيود ولا حدود.

رابعاً: ولكى أكون منصفاً معكم، ومع الواقع، فلابد أن أقول إنه كانت هناك عقبات أمامكم. وأولى هذه العقبات أن الجبهة الشرقية التي كان مفروضاً أن تكون الثورة الفلسطينية قوة من قواها الضاربة، لم تقم قط وهكذا بقى جهد الثورة الفلسطينية وحيدا مكشوفاً ومعرضاً. وزاد على ذلك أن واجهت الثورة الفلسطينية مضاعفات في الموقع الذي هيأته الظروف ليكون قاعدتها الأساسية، وهو الأردن.

        ومع أني لا أريد- حرصاً على جهود أخوية كثيرة، أرجو لها أن توفق وأن تصيب- أن أخوض تفصيلات ما حدث إلا أنني لا أجد بديلا للعودة إلى الإلحاح. على أنه لا سبيل أمامنا جميعاً غير التنفيذ العملي والمخلص لاتفاقية القاهرة في سبتمبر سنة 1970، وما لحق بها بعد ذلك من ترتيبات إضافية في عمان. ولعله يجدر بنا، في هذا الصدد، أن نذكر أن اتفاقية القاهرة كانت آخر ورقة وضع عليها جمال عبد الناصر

<2>