إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، في افتتاح الدورة الثالثة لمجلس الأمة

         وعلينا الآن- أيها الإخوة- أن نثبت أن كل ما قمنا به من يوم ميلاد الثورة إلى يوم رحيل قائدها لم يكن مصادفة طرأت على تطورنا، وإنما هي حلقة في سلسلة متصلة الحلقات من يقظة الشعب المصري، ومع كفاحه، ومن مطامعه الحقة والمشروعة في حرية الأرض وكرامة الإنسان.

         وعلينا الآن- أيها الإخوة أن نثبت أن عقولنا وأيدينا قادرة على بناء أحلامنا وأمانينا. وإننا نفرق بين التيه في الوهم وبين الوقوف على أرض الواقع، وأن هناك من إرادتنا صلة تربط  بين ما نريد بما نستطيع، وترفع الحاجز بين الوعد والوفاء بالوعد.

         لكي نكون واضحين ومحددين- أيها الإخوة- إزاء كل ما ينتظر عملنا. فإني أستأذنكم في أن أنتقل إلى مهام المرحلة المقبلة، كما أتصورها، وكما أتمنى أن تتصوروها معي، حتى ينعقد عليها لقاء فكرنا، وتتوحد من أجلها جهودنا، ومن ثم فإننا- بذلك- لا نخرج من هنا بمجرد خط عام، وإنما بطريق محدد، يكون التزامنا به دليلا يقود عملنا ويوجهه ويكون في نفس الوقت معيارا للمراجعة والتصحيح.

         إن مهام المرحلة المقبلة كما أتصورها، تتحدد على النحو التالي:

أولاً: إن المعركة أولاً، والمعركة ثانياً، والمعركة أخيراً. ولا أقصد بالمعركة مجرد القتال، وإنما أقصد التحرير الشامل لكل الأرض العربية المحتلة بعدوان سنة 1967، ذلك إننا إذا لم نحرر هذه الأرض فمعنى ذلك إننا خضعنا للعدو الإسرائيلي - الاستعماري ومن هم خلفه.

         وليس هناك من يقبل في أمتنا تحرير بعض هذه الأرض، والتخلي عن بعضها الآخر. لأن القبول بذلك لا يمكن أن يسمى حلا وسطا، ذلك لأنه ليس هناك نصف خضوع فيما يتصل بالمبادئ المقدسة، وأقدسها جميعا سلامة الأوطان. فإن التنازل عن أي شك يعني التنازل عن كل شيء.

         ونحن نريد السلام، ولم نربط سلامنا بشيء غير العدل وحده.

         لكن السلام إذا لم يرتبط بالعدل لا يصبح سلاما، وإنما يصبح قبولا بالأمر الواقع المفروض بقوة العدوان، وهو ما لا نستطيع أن نقبله أبدا.

         وإذا قبلنا بالتفريط في أرض من أوطاننا، فمعنى ذلك- حتى لا نخدع أنفسنا- إننا سوف نكون مستعدين للتفريط في أي مبدأ.

         وبالنسبة لأي وطن، فإن أرضه هي عرضه.

         وإذا هُنَّا فيها، سهل الهوان.

         لذلك فإن المعركة هي أولى الأولويات في مهام المرحلة، وفي سبيلها كل شيء، ومن أجلها العمل في الداخل، ومن أجلها العمل في الخارج.

<2>