إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



خطاب الرئيس أنور السادات، في عيد العمال، 1 مايو 1972
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الثاني لعام 1972، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ص 84 - 89"

بسم الله

أيها الاخوة.

         لقد كان حرصى شديدا، برغم كل الظروف، على أن أحضر معكم هذا الاحتفال بعيد العمال كما تعودنا كل سنة، وبرغم ارتباطات دولية وعربية - تصادفت مواقيتها مع هذا الموعد - فاننى حرصت على أن يبقى موعدنا قائما، بل انه برغم مصاعب طبيعية، وبرغم جو عاصف كان يسود الجمهورية أول أمس، فانى صممت على النزول في مطار القاهرة قادما من الاتحاد السوفييتي لكى استطيع في وقت مناسب أن أنضم إليكم في هذا المكان.

         أنا أعطي- أيها الاخوة - لهذا العيد قيمته وأهميته. وبعد المناسبات الروحية وما تحمله لنا من بشائر ورسالات، فإن عيد العمال بين كل ما نحتفل به كعلامة خاصة لها معناها بالنسبة لشعبنا بالذات، هذا الشعب بالذات، ليس لديه وليس هناك على أرضه إلا ما هو نتيجة عمل بالعرق دائما وبالدم عند الاقتضاء.

شعبنا والاخلاص للعمل

         ان الله سبحانه وتعالى أكرمنا بشيء واحد هو العمل. وشعبنا عبر عن عرفانه بهذا الكرم بشيء واحد هو الاخلاص لهذا العمل.. كل ما حولنا، كل ما على أرضنا، لا يمثل إلا العمل ولاشيء غير العمل. الأرض الزراعية منذ الأزل عمل الانسان.. الحضارة فى كل العصور والعهود عمل الانسان.. الصناعة عمل الانسان.. التطوير المستمر عمل الانسان.. عمل وجهد الانسان بفكره وذراعه هو عطاء الله سبحانه وتعالى لنا، نحمده عليه، ونواصل الشكر ازاءه، عرفانا وتقديرا.

تطورنا السياسي تحقق بالعمل والجهد

أيها الإخوة:

         ان تطورنا السياسي نفسه لم يتحقق بأى شىء الا بالعمل والجهد. اننا لم نحصل على استقلالنا ضمن موجة عامة زحفت بينما كان الاستعمار بأنواعه يتراجع، وإنما نحن حصلنا على استقلالنا في أصعب الظروف، بالعرق دائما وبالدم عند الاقتضاء. لم يكن استقلالنا موجة عامة ولا كان مساومة، بل كان طريقا شاقا عنيفا حفرنا فيه الصخر بأظافرنا، ورسمنا الطريق بالعرق والدم اننا قمنا فى الوقت الذى قامت فيه الطلائع المناضلة من الحركات الوطنية فى العالم، وتصدينا للاستعمار والقهر فى عز جبروته، وذلك هو الدور الطليعى لشعوب لها حيث هى فى قارات الارض، أدوار خاصة حملها التاريخ أمانتها وعلقتها الانسانية برقبتها، وكان عليها أن تتحمل مسئولية دفع تيار التاريخ وليس مجرد التعلق بهذا التيار.

         كان ذلك شرفا لنا، ونحن لانضيق به أو نشكو منه، وانما على العهد نعتبره تكريما وتقديرا.

مسئوليتنا ودورنا

         ان الثورة التى تجىء بلا عرق يمكن أن تضيع بلا نتيجة. والاستقلال الذى يجىء بلا دم مهدد في كل وقت. وانما يعرف المسئولية الاجتماعية فى البناء الوطنى من ترك على أرضه عرقه، وانما يكون الاستقلال مهما كانت التحديات من أعطى لشرف الارض دمه. هذا شعبنا، هذا شعبنا، هذا شعبنا وهذه قصته العظيمة، طوال التاريخ.. هذه مسئوليتنا، وهذا دورنا.

هدفنا البناء على الارض والدفاع عن الارض

أيها الأخوة:

         نحن في صفحة جديدة في عملنا. ولكنه نفس التاريخ العظيم والمجيد. أن ما نخوضه اليوم هو استمرار لما خضناه بالأمس. وهو خطوات أكثر تقدما على  نفس الطريق.

         الآن هدفنا مازال البناء على الأرض، والدفاع عن الأرض. التقدم والحرية.. ان كل الشعوب العظيمة تعرف انه بقدر الآمال يكون العمل المطلوب وبمقدار التقدم تكون المخاطر على الطريق. وهذا ما نواجهه، بل هذه هي معركتنا اليوم.

من نحن واين نحن؟

أيها الإخوة:

         لقد تحدثت في الأسبوعين الماضيين من فوق منابر عربية امام اللجنة المركزية، وأمام الهيئة البرلمانية، وأمام المؤتمر الموسع من لجنة العمل ورجال الاعلام. من فوق هذه المنابر لمست قضايا عديدة من قضايا الساعة.. ولهذا فاننى لا اريد ان اكرر على مسامعكم ما قلت، فانكم جميعا تعرفونه، وقد تابعتموه. وانما اريد ان اركز اليوم على مسألتين هما نقطتى الارتكاز في بيان 30 مارس. والقصد من ذلك هو ان يتاح لنا من وقت الى آخر، ان نعيد تحديد مواقفنا بالتأكيد وان نوضح باستمرار من نحن؟ وأين نحن؟.. من نحن؟.. وأين نحن؟.. ان ما يتعرض له المقاتلون فى اى معركة يستهدف أول ما يستهدف ان ينسى أصحاب الحق: من هم وأين هم؟ في حمل أمانات النضال سواء كانت رسالات علوية مقدسة أو كانت آمالا إنسانية، فإن اول ما يجب ان يعرفه المناضلون معرفة كاملة هو: من هم واين هم؟

<1>