إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات في افتتاح الدورة الجديدة للمؤتمر القومي العام للاتحاد الاشتراكي العربي في الذكرى العشرين لثورة يوليه، في 24/7/1972
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الثاني 1972، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ص 124 - 146"

         كما حررت الثورة الثقافية من الطبقية بعد ان وسعت قاعدة التعليم، وجعلت المدخل الوحيد اليه، أي إلى التعليم، هو القدرة الذهنية على التحصيل والدراسة وهكذا وصل أبناء الفلاحين والعمال إلى أعلى مراحل التعليم ولم تعد المعرفة احتكار لأولى الثروة. ولم تعد البلاد تحرم من كفاءات أبنائها لمجرد عجزهم عن تحمل مصاريف التعلم. شجعت الدولة التفوق. الدراسة والبحث العلمى، وهيأت له السبل، حتى فى المجالات المتقدمة، وأفردت لذلك الجوائز وجعلت للعلم عيدا فى كل عام.

         حظى الكتاب والمسرح والموسيقى والسينما والفنون التشكيلية بمختلف أشكال التشجيع، وفى مقدمتها تمويل الاعمال الفنية الهامة، وانشاء معاهد الفنون وتنظيم منح للتفرغ للانتاج الادبى والفنى.

         لقد أتاح تحرر الاقتصاد القومى من السيطرة الاجنبية وتأميم الشركات الرأسمالية الكبرى وانجاز مشروعات التنمية الضخمة فرصة نادرة لجيل كامل من الفنيين والاداريين المصريين تولى أعلى مراكز المسئولية في مواقع الانتاج والخدمات، ولقد أداها بكفاءة وشرف، أن مصر من البلاد النادرة فى العالم الثانى التى يدير اقتصادها كله عناصر وطنية خالصة، وخلف هذا الجيل تنهض أجيال متعاقبة من الشباب المتعلم الذى توفر له الدولة بانتظام فرص عمل متزايدة لتقديم جهود التنمية. ان احتياجات التنمية فى مصر، والتزامنا الادبى إزاء شقيقاتنا العربية، والدول الافريقية، تفرض علينا استمرار التوسع فى التعليم، ولكن في ضوء تخطيط سليم، يوازن بين العرض والطلب فى مختلف التخصصات.

         إن الدولة لا تملك فى مجال الثقافة أكثر من أن توفر سبيل التعليم، وتهيىء ظروف البحث العلمى ووسائل نشر المعرفة، ويبقى بعد ذلك أن تطوير الثقافة هو من عمل المثقفين أنفسهم، والمثقفون المصريون مطالبون بمزيد من الجهد من أجل بحث علمى أصيل يجعلنا نسهم فى تراث البشرية ببعض ما نأخذ منه وتكنولوجيا مصرية تغنى عن اعتمادنا على الخارج ، وتستجيب لظروف بلادنا الخاصة. وانتاج فنى وأدبى يعبر عن نضال شعبنا وأمتنا، وعن قيمنا، ويأخذ مكانا مشروعا بين الاعمال الادبية والفنية فى العالمين، وهم أيضا مدعوون للاسهام فى معركة محو الأمية.. وفاء لهذا الشعب لبعض ماقدم له.

الرأسمالية الوطنية..

         لقد اهتمت الدولة بالرأسمالية الوطنية المعادية للاستعمار باعتبارها إحدى قوى تحالف الشعب العامل، كان تحرير الاقتصاد القومى من السيطرة الاجنبية، وضرب اقطاع الرأسمالية الكبيرة، تخليصا لها من شبكة قهر واستغلال طالما حصرتها وشلت من جهودها، ثم كانت مشروعات التنمية الضخمة، بما خلقته من فرص نشاط منتج ومريح لالآف من الرأسماليين، أن الملكية الخاصة هى القاعدة العريضة فى قطاع الزراعة ويستفيد الزراع من الاستثمارات الضخمة التى تخصصها الدولة لمشروعات الرى والصرف لتحسين التربة وتطوير الانتاج.

         كما أن القطاع الخاص ينتج الآن حوالى 30% من الانتاج الصناعى: مستفيدا من مستلزمات الانتاج التى ينتجها القطاع العام، ولزيادة القوى الشرائية فى الاقتصاد القومى.

         زيادة الانتاج وارتفاع مستوى المعيشة تعنى مزيدا من النشاط وفرص الربح فى قطاعات التجارة والنقل والسياحة التى يزدهر فيها القطاع الخاص.

         ولقد أوصى برنامج العمل الوطنى بتشجيع تكوين تعاونيات إنتاج للحرفيين، حتى تتمكن الدولة من زيادة معوناتها لهم، ليستفيد المجتمع من دراياتهم الفنية فى زيادة الانتاج، وخاصة الخطة العشرية. القطاع الخاص فى الزراعة والصناعة والنقل والسياحة والتجارة بنصيبها وستستمر الدولة فى رعاية القطاع الخاص ما دام ينشط فى اطار الخطة بعيدا عن انحرافات المضاربة والتجارة غير المشروعة واستغلال العامل أو المستهلك.

         تلك كانت فرص مصر الاقتصادية والاجتماعية بالأمس غير البعيد 70 - 71، وهذه هى صورتها اليوم، والمقارنة بين الصورتين تؤكد على الفور المعانى الاساسية التالية:

         بين مصر عشية سنة 50 فى الخمسينات ومصر فى السبعينات، فى العشرين سنة المقارنة بتقول إيه اللى أنا شرحتها دى كلها، وكان لابد انى أطول عليكم فيها شوية، ليه، لان ده عشرين سنة وتاريخ لازم نثبته وزى ما قلت المؤسف فيه أنه تايه عن أولادنا وشبابنا اللى همة أمل المستقبل واللى حايستلموا الامانة، ما دام تايه عنهم، كل هذا مفروض أن ده كله دى كلها رءوس مواضيع لو حبيت أتكلم فيها بالتفصيل كنت آخذ أيام، انما رءوس مواضيع باحملها علشان الباحثين وكل جهات العالم عندنا لازم تفتحها وتوسعها ويعرفها شبابنا بالكامل علشان يعرف كنا ايه وبقينا فى ايه، مقارنة بين الصورتين تؤكد المعانى الاتية: أن هذا التغيير الشامل لم يكن ممكن الا باسقاط سلطة تحالف الاستعمار والاقطاع والرأسمالية المستغلة واقامة سلطة تحالف قوى الشعب العامل.

         إن الاستقلال السياسى والاقتصادى هو الشرط الأول لكل تقدم، فلا تنمية جادة ومستقلة ولا تحول اشتراكى فى ظل الاستعمار قديمه أو جديده واسترداد حرية الارادة الوطنية، هو وحدة بنفسه، كما أن قوانين الاصلاح الزراعى وقوانين يوليو المجيدة وما تلاها من إجراءات التأميم وقوانين مارس سنة 1964 التى ألغت التعويض فى الاصلاح الزراعى وحددته فى التأميم وتصفية الحراسات، التى استرد بها الشعب أمواله المغتصبة، هى التى مكنت الدولة من تحقيق الموارد اللازمة لخدمة أغراض التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

         وهى فى الوقت ذاته التى حالت دون الاقطاع والرأسمالية الكبيرة ودون استخدام المال كسلاح سياسي ضد الثورة، وأن دعم

<11>