إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، في الذكرى الثانية لوفاة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر،28 سبتمبر 1972
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الثاني لعام 1972، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ص 168 - 172"

رفض عبد الناصر أن يسفك الدم.. وطلب السلام لسوريا.. وكان حكيما، فنحن اليوم مصر وسوريا وليبيا.. أيضا بعد أن قامت ثورتها  في سنة 69، نحن الآن دولة اتحاد الجمهوريات العربية، القائم على أسس استفدنا فيها من كل ما حدث فى الماضي، واهتدينا فيها.. بنبض عبد الناصر. . الذى وضع من الميثاق الذى اتفقنا عليه اتحاد الجمهوريات العربية، كان بخط عبد الناصر قبل أن يموت من واقع التجربة والخبرة، لم تذهب التجربة هباء.. وإنما استطعنا أن نحققها في مراحل تالية، على مدى أوسع من مصر وسوريا.. لم تصبح مصر وسوريا وحدهما.. وانما مصر وسوريا وليبيا. واليوم ننتقل الى مرحلة أخرى بقيام الوحدة الكاملة بين مصر وليبيا.. بذل في كل هذا من ذاته، من نفسه ، من تراب هذه الأرض، ومن النبع الذى يروينا جميعا، هنا على أرض مصر الشخصية المصرية. وفى وسط هذا العالم المتصارع اختار عبد الناصر طريق عدم الانحياز، نحن لا ننحاز الا للحاق.. وللعدل، وقامت قيامة حكام حكومة أمريكا فى ذلك الوقت، وكان هناك المستر دالاس وزير خارجيتهم .. وأعلن صر احة أن مسألة عدم الانحياز مسألة لا أخلاقية، والغريب أنهم يتوسلون بمثل هذه التعبيرات بلا حياء، مسألة عدم الانحياز لا أخلاقية.. وثبت لهم بعد هذا أن هذا الكلام هو اللا أخلاقى، وليس عدم الانحياز.. وصمد عبد الناصر، وتكون ما يسمى بالعالم الثالث بين القوتين الكبيرتين، كل هذا ما أردت به- لو اننى أتيح لى ان أتحدث- لتحدثت ساعات طويلة عن مسيرة عبد الناصر وعن فكر عبد الناصر، وعن تراث عبد الناصر.. ولكننا كما قال من سبقونى من الأخوة والأخوات.. نحن نعيشها ونعايشه كل يوم، فى الميثاق.. في بيان 30 مارس.. فى التطبيق.. فى كل مظاهر الحياة من حولنا.. حياتنا الجديدة التى عشناها. وتفجرت بعد ثورة 23 يوليو، نعيش كل هذا يوما بيوم مع عبد الناصر وبفضل عبد الناصر من أفراد متناثرين أصبحنا شعبا ثائرا.. وأمة وجدت نفسها.. وامتلكت مقدارتها وقوميتها، أمة تحمل كتابها بيمينها، ومشعل الثورة فى يسارها، أمة تحركت.. ولن تتوقف، أمة أرادت.. وسيكون لها بعون الله كل ما تريد ..

الموقف الحالى

         من هذا الواقع الذى حدثتكم عنه وأنا أتحدث عن عبد الناصر، أريد أن أنتقل ونحن نجتمع اليوم فى هذه المناسبة الى الموقف الحالى.. وقبل أن أبدا حديثى عن الموقف الحالى.. أقول لكم بصراحة.. وبصدق.. انه منذ بدأ العدوان فى يونيو 67، ومنذ تلك الأيام المظلمة الكئيبة التى عشناها بعد ذلك، وطوال السنوات الخمس الماضية، لم أشعر حقيقة أننى أتنفس بسهولة الا هذا الصيف. لعل هذا يعطى بعض الضوء على ما سأقوله لكم بشأن الموقف الحاضر، نحمد الله نحن نتنفس الآن بسهولة وبيسر ووجهت فى الصيف الماضى بموقف كنت أصفه كما يصفه بعض الروائيين، بأنا نقف على الرمال الناعمة، المسألة ليست الا وقت لكى تبتلعنا هذه الرمال الناعمة المتحركة من تحت أقدامنا. القضية لاتتحرك، اسرائيل تتلقى كل انواع المعونة من أمريكا وكل أنواع السلاح، الادعاء الأمريكى، حتى بعد اجتماع موسكو في 20 أبريل الماضي، الادعاء الأمريكى تزايد بأنهم هم الوحيدين القادرين على الحل، ولا أحد يستطيع أن يحل المشكلة سواهم، وسيل.. كما قلت.. سيل من المعونات العسكرية والاقتصادية على اسرائيل لا ينقطع، من هنا كان عتابى على الأصدقاء، لأن هذا الموقف الذى حصل بعد ذلك فى لبنان.. من مارس 71 وأنا باتكلم فيه وباتكلم فيه بصراحة، تذكروا انه فى 13 يناير الماضي، وفى حديث تليفزيوني الى الشعب، قلت اننى وجهت للرئيس الأمريكى رسالة، قلت له ان وقاحة إسرائيل، وإن غرور إسرائيل وصل الى درجة الوقاحة.. ده فى 13 يناير الماضي من هذا العام. من سنة 71، وأنا باقول لأصدقائنا لاخواننا السوفييت إنه لا يمكن أن نترك اسرائيل فى هذه العربدة، لأنها بتعربد فى المنطقة.. تفعل ما تشاء. تضرب اينما تريد. بالشكل الذى تريده ولا رادع، علشان كده.. اللى حصل فى لبنان ما كانش مستغرب من جانبى، ده أنا من سنة ونصف باتكلم فى هذا.. قلته للأمريكان صراحة.. وعلنا، وقلته للاصدقاء.. منذ اجتماع مارس 71، إن هذه العربدة الاسرائيلية لازم يكون لها حد، ولن يكون لها حد الا بالردع داخل عمق اسرائيل، ده كان مصدر عتابى على الأصدقاء.. لكن اللى حصل فى لبنان لا يجب أبدا أن يدعونا إلى العصبية أو التشنج، اطلاقا.. أنا باقول إن الموقف من سنة ونصف أنا حاسس بيه، وعارف انه لابد حيحصل لما ينزل على اسرائيل سيل من السلاح والمعونات والتأييد.. لما يحصل الموقف ده، ده أمر طبيعى للى بيجرى.. ولمسار الحوادث.. لكن تيجى تتأمل اللى وقع، وأنا بتكلم هنا علشان يسمعنى الأخوة العرب جميعا، من المسئول عما وقع فى لبنان؟ بالدرجة الأولى، فى تقديرى.. نحن جميعا كعرب مسئولين عما وقع فى لبنان، لا نهرب من المسئولية، ولكنى استطيع ان اتحدث عن دولة الاتحاد فى مصر الى اليوم، صارفين 4 آلاف مليون جنيه، ومستمرين فى تعزيز قواتنا للساعة الحاسمة.، سوريا بتصرف 60% من مجموع ميزانيتها على جيشها، ومفيش أظن دولة أخرى في العالم تستطيع انها تصرف 60% من مجموع ميزانيتها كلها على قواتها المسلحة، وهى رابضة أمام العدو الاسرائيلى، وليبيا وضعت كل امكانياتها علشان المعركة، استطيع أن اتحدث عن دولة الاتحاد، ولكن مجموعنا كعرب.. هو المسئول الأول عما حدث في لبنان، ولا يجب أن نهرب من هذه المسئولية ما حدث فى لبنان مهين لكل عربى.. ويجب أن يكون هذا واضحا للكل.. حكاما وشعوبا، أمريكا تعطى الاشارة لاسرائيل بالفيتو الأمريكى، بتشجيعها.. وتعلن اسرائيل صراحة.. أن أمريكا علمت مسبقا بما سيحدث، وأنها فهمت المبررات لهذا العمل.. مبررات قتل الأطفال والنساء بقنابل النابالم والقضاء على الشعب الفلسطينى.

         لما أقول احنا كعرب مسئولين، بقولها لان أمريكا اللى ادت اشارة الضوء الأخضر بالفيتو، وأمريكا اللى فهمت المبررات.. ووافقت على كل ما حدث.. أمريكا اليوم يحافظ على مصالحها العرب، وتأخذ أرباح خرافية من العرب، عشان كده باقول احنا كعرب المسئولين بالدرجة الأولى، لا نلقى اللوم على غيرنا أبدا، ليس معنى هذا أننى ألوم أويائس أبدا بس دعونا نضع الحقائق مجردة، ودعونا لا نخدع أنفسنا أبدا، نكون صريحين أمام الله وأمام أنفسنا.. وأمام ضمائرنا.. وأمام أجيالنا المقبلة ما حدث فى

<3>