إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، رئيس جمهورية مصر العربية، في افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الشعب

        ذلك إننا لم نترك محاولة إلا وجربناها، ولا باباً إلا وطرقناه، ولا اقتراحاً إلا وأصغينا إليه كأحسن ما يكون الإصغاء. راغبين بصدق في السلام، غير مشترطين للسلام إلا ضمانة واحدة لا يمكن بغيرها أن يكون السلام، وهي ضمانة العدل،

        وفي ذلك كله فلقد كنا أكثر ما نكون استجابة ومرونة لكل المتغيرات في عالمنا، ويشهد الله أننا بذلنا ما هو فوق طاقة البشر وتحملنا عبئاً تنوء بحمله الجبال.

        لكن أحداً في هذه الدنيا لا يستطيع مهما بلغت قوته، ومهما وصل جبروته وطغيانه، والذي اقصده هنا هو الولايات المتحدة الأمريكية، وليست إسرائيل، أقول إن أحداً مهما بلغت قوته وجبروته وطغيانه إن الولايات المتحدة الأمريكية مهما بلغت قوتها وجبروتها وطغيانها لن تستطيع أن تفرض على شعبنا خرافة سلام الأمر الواقع، لأن سلام الأمر الواقع في حقيقته استسلام. ولن تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً بكل جبروتها وسلاحها أن تحاصر شعبنا وأمتنا باليأس لأننا ندرك أن اليأس في مثل هذا الصراع الذي نخوضه اليوم هو الفناء سواء بسواء.

        ذلك لن يحدث. ولن ترغمنا عليه أية قوة على هذه الأرض، حتى وان ملكت آلاف الصواريخ المحملة بالرؤوس النووية، وحتى إذا استطاعت أن تمشي فوق تراب القمر.

        إن القوة لا تستطع أن تقهر المبادئ مهما طال الزمن.

        ثم إن العلم لا يمكن أن يتحول في يد المتقدمين إلى سلاح إرهابي لأن ذلك ضد القيمة الإنسانية للعلم.

        وعلى سبيل المثال، إن القوة الأمريكية أمامنا في الدنيا كلها عاجزة، تستطيع أن تفعل ما شاءت لها غرائزها، وتستطيع أن تشعل في الأرض حريقاً ودماراً، لكنها لا تستطيع أن تصل من ذلك كله إلى نتيجة إيجابية واحدة.

        إن القتل سهل، والحريق والدمار متاح، ولكن ما هي النتيجة الإيجابية التي وصلت إليها أمريكا.

        ما هي النتيجة الإيجابية التي وصلت إليها أمريكا في فيتنام؟

         هل استسلم شعب فيتنام؟ أبداً. ما هي النتيجة الإيجابية التي وصلت إليها في الشرق الأوسط؟

        هل قبلت شعوب الأمة العربية بالأمر الواقع ؟ أبداً ولن تقبل به وسوف تظل ترفضه وسوف يجئ يوم ليس ببعيد تعرف فيه الولايات المتحدة أنها دخلت في تناقض عدائي مع أمة عظمى في سبيل حماقة أسطورية أفرزتها الدعاوى العنصرية المريضة.

        ثم إن الِعلم الأمريكي أمامنا حتى في الولايات المتحدة نفسها عاجز بمثل عجز القوة الأمريكية.

        ولنسأل أنفسنا: هل أصبح المجتمع الأمريكي أكثر سعادة، وهل انتهت مخاوف الفرد وهواجسه، وهل وصل المجتمع هناك إلى الجنة الموعودة ؟

<3>