إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، أمام مؤتمر رؤساء الدول والحكومات الأعضاء في منظمة الوحدة الأفريقية

          ولكننا نسير معاً، متضامنين متعاونين، لأن أهدافنا سامية، لأننا لا نبغي تسلطاً، بل نعمل لنتخلص من تسلط ونجاهد لكي يعيش الإنسان إنساناً بغض النظر عن لونه وجنسه، ونسعى لتحرير اقتصادنا لنستخدمه لرفاهية شعوبنا.

          هذه هي المبادئ التي نسير عليها والتي وضعناها في ميثاق لهذه المنظمة، لا يمكن أن يتحقق لها إلا كل نجاح حتى ولو كانت المعوقات كبيرة وافترش طريقنا بالآلام والأشواك.

          لقد حقق هذا التضامن الأفريقي وسوف يحقق بإذن الله انتصارات لشعوبنا. لقد حاول أعداء التقدم والتحرر الأفريقي الزعم بأن هذا التضامن سيظل كلاماً حبيساً بين صفحات الميثاق، فإذا به كل يوم يبرز حياً إلى عالم الواقع، مؤكداً أن هذه المنظمة ولدت لتبقى وتعمل لتنجح.

          إن جمهورية مصر العربية مؤمنة بما يتطلبه منها واجبها الأفريقي، وضعت ولازالت تضع كل إمكانياتها المعنوية والمادية في سبيل تحرير القارة من بقايا الاستعمار والعنصرية وتقدم مؤمنة كل ما لديها من معطيات من أجل تقدمها ورخائها.

          وفي الوقت نفسه فإنها تقف أمام العالم معتزة بهذا التأييد الضخم الذي قدمته ولازالت تقدمه أفريقيا لكفاح مصر من أجل تحرير أراضيها، وهي المشكلة التي خلقها وأوجدها الاستعمار بتعاونه مع العنصرية الصهيونية، والتي لا يزال فيها المعتدي يتحدى رغبة العالم وإرادة شعوبه بتعنته باستمرار احتلاله لجزء من أراضي هذه القارة ويسلب حقوق شعب فلسطين الحر المناضل متصدياً بصلافته لكل محاولات السلام التي أقرها الضمير العالمي. بل والتي عززتها الروح الأفريقية الأصيلة بمساهمتها البناءة من أجل إيجاد حل عادل لهذه المشكلة.

          إن القضية ليست قضية أرض محتلة فحسب، بل يجب علينا ونحن قادمون على عقد جديد لهذه المنظمة في إطار ظروف وسياسات دولية جديدة، أن ننظر إليها في أبعاد أكبر. إنه اعتداء على أفريقيا، وليس على جزء من أفريقيا، إن ذلك الاعتداء ما هو إلا أحد أطراف التخطيط الذي يرمي إلى اعتصار طاقات هذه القارة. إنه الطرف الشمالي من هذا المخطط، ويقابله اعتداء وضغط في الجنوب متمثل في بقايا استعمارية وممارسة لتفرقة عنصرية. إننا يجب أن نعلم أن هذا التطويق لهذه القارة لو ترك يسعى ويدمر سوف يشل تقدمنا ويستهلك إمكانياتنا ويحول بيننا وبين استخدامها السليم لرفاهية أفريقيا وأجيالنا المستقبلة.

          إن مصر تسعى لسلام حقيقي مبني على العدل والكرامة، سلام يدوم، يخدم المنطقة ويطمئن له العالم. وهي في ذلك صادقة مع نفسها، صادقة مع العالم، صادقة مع كل مؤمن بالعدالة والحق. إن فرض الحل عن طريق الإرهاب وإقامة أوضاع يبنيها واقع الاحتلال أمر لا يخدم السلام، إنما ينهيه، ولا يوفر الاستقرار إنما يعجزه. لقد هبت أفريقيا ونادت إسرائيل بأن تحكم العقل والقانون. ولم يدخر قادة أفريقيا وسعاً فيما لزم من

<2>