إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، أمام اجتماع اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي ومجلس الشعب

بعد وقف إطلاق النار في أغسطس سنة 1970 بتثبت وقف إطلاق النار، أي بتثبت أمر واقع ومش محتاجة إسرائيل في تلك الوقت إنها تطلق طلقة واحدة لأنه حيبقه أمر واقع وإحنا حننفجر على نفسنا من داخلنا أو حنموت وإحنا مشلولين شلل كامل من غير حرب. وقلت إن إحنا بنعتمد في مواجهة هذا على ثلاث حاجات هي القوة الذاتية المصرية والقوى العربية ودعم الاتحاد السوفيتي.

أيها الأخوة والأخوات

          سوف يلفت نظرنا في كل ما استعرضنا حتى الآن ظاهرة تدعونا إلى التفكير، بل إطالة التفكير. قلنا القوة الذاتية المصرية موجودة ولكنها في حاجة إلى مزيد من التعبئة والتركيز. وقلنا إن الإمكانية العربية الهائلة موجودة ولكنها في حاجة إلى المزيد من التعبئة والتركيز، وقلنا إن الدعم السوفيتي موجود، ولكنه أيضاً في حاجة إلى المزيد من التعبئة والتركيز. وعلينا أن نسأل أنفسنا منذ أكثر من ست سنوات ونحن نحاول ونكافح ونناضل فلماذا لم يتحقق لنا ما كنا نرجوه؟ لماذا لم يتوفر لنا ما كنا نطلبه ونسعى إليه ونكافح من أجله؟ هذا السؤال يجب أن نطرحه على أنفسنا. وفي الحقيقة فإنه السؤال الذي دفعني إلى اختيار هذا المجال وهذا المستوى للاحتفال بالعيد الحادي والعشرين لثورة 23 يوليه سنة 1952. لقد فكرت وأطلت التفكير وبحثت وقد وصلت إلى اقتناع عميق أطرحه عليكم، وهو أننا لم نحقق ما كنا نرجوه حتى الآن لأن الظروف من حولنا تغيرت ونحن لم نستوعب بعد آثار كل هذه المتغيرات. إن الظروف أثبتت لنا وأكدت كل يوم أن منطلقاتنا الأساسية صحيحة.. الحرية والاشتراكية والوحدة كما أننا لا نشك لحظة في أن أول أهداف نضالنا في هذه المرحلة والمهمة الرئيسية ضمن مهامها وهي تحرير الأرض العربية كلها تحريراً كاملاً ونهائياً هو هدف صحيح لأنه هدف طبيعي وشريف.. هدف حق ومبدئي.. أنبل وأعظم ما تعيش من أجله الأمم ويستشهد على دربه الأبطال. منطلقاتنا الأساسية صحيحة. هدفنا الرئيسي مشروع وحق. قوتنا الذاتية والعربية والدولية موجودة، ولكنها تحتاج إلى مزيد من تعبئة وتركيز. ماذا يقول لنا ذلك كله؟ يقول لنا أننا في حاجة إلى عملية ملاءمة مع الظروف المتغيرة لكي نستطيع تغطية الفجوة المطلوبة لمزيد من التعبئة والتركيز في وسائلها. الغايات ثابتة، الوسائل بتحتم علينا أن ندرس إمكانية تحريكها بكفاءة أكثر في ظروف متغيرة. هذا هو التشخيص الذي توصلت إليه والذي آثرت أن أطرحه في هذا الاجتماع أمامكم وأمام شعبنا وأمام أمتنا العربية.

          ولماذا أطرحه هنا ولم أطرحه أمام مؤتمر قومي؟ لقد خطر ببالي إننا لم نكن لنستطيع أن نعقد مؤتمر نذهب إليه بتقرير عادي يسير على النمط التقليدي القديم. خطر ببالي أن المؤتمر وهو سلطة رسم السياسات العليا للدولة يجب أن ينعقد ليبحث خطوطاً سبقت دراستها، ومن ثم فهو يستطيع تعميقها وتعديلها، ثم إصدارها. ولعلم حضراتكم ولقد كان في إمكاني أن أتقدم بتقرير إلى المؤتمر يحمل رأيي في طريقة حركتنا في ظل المتغيرات الجديدة التي تحيط بها، ولكني تصورت أن هذا الموضوع أخطر وأبعد أثراً من أي تقرير أضعه بنفسي مهما تمثلت أمام مسئولياتي التاريخية أو السياسية أو الدستورية.

<24>