إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، فى عيد العمال، 1 مايو 1974
المصدر:" قال الرئيس السادات، الجزء الرابع لعام 1974، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ص 124- 131"

فهم انما يزايدون من أرضية جديدة نحن الذين صنعناها ونحن الذين تحملنا مسئوليتها تلك هى أرضية الانتصار الذى حققناه فى حرب اكتوبر المجيدة.

         ماذا قلت لكم ايها الأخوة والأخوات فى خطابى يوم أول مايو 1973 فى العام الماضى؟

         قبل المعركة بخمسة شهور فقط، وفى هذا الجو القائم الذى حدثتكم عنه قلت وأكدت ذلك الشعار الذى أخذنا به جميعا. وهو "أن  ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة". وقلت "ان حالة اللاسلم واللاحرب لا يمكن أن نسمح باستمرارها" وقلت لا يهمنى ما أقرأه فى الخارج من خلال انهزامى وأحاديث الاستسلام لأنه كلام المقصود منه تثبيط همة العرب وبث الهزيمة فى نفوسهم وقلت لكم أيضا اننى اسمى المرحلة التى نواجهها مرحلة المواجهة الشاملة، لأن المسألة لم تعد مسألة معركة نخوضها عند خط النار فحسب، بل ان المسألة اكبر من ذلك بكثير. المسألة هى هل سنبقى ونعيش فى هذا البلد ولنا ارادتنا الحرة أم لا..؟ فاسرائيل لا تريد الاستيلاء على الأرض فقط، ولكنها تريد ان تتحكم فى المنطقة فتكون هى مركز الصناعة، ويكون العالم العربى مصدرا يزودها بالأيدى العاملة الرخيصة وتوجهت أيضا بحديث خاص الى الاتحاد السوفيتى قائلا: اننى أنبه الأصدقاء السوفيت الى أن محاولات الحل السلمى بغير القوة وهم وخداع، وان استمرار وقف اطلاق النار لا يخدم فى النهاية الا اسرائيل وحليفتها أمريكا.

سياستنا واضحة.. وقراراتنا وطنية

         قلت هذا فى العام الماضى، وقلت لهم أيضا فى نفس الخطاب بالحرف الواحد احنا ما بنشتغلش بوشين ولا بسياستين. أحنا بنشتغل بسياسة واحدة ووش واحد، وقراراتنا وطنية وليست قرارات اتفاق مع أحد لضرب أحد احنا بنتخذ قراراتنا من هنا فى مصر لمصلحة مصر، وأظن أن قرارات الصيف الماضى الخاصة بالخبراء، أوضحت لأصدقائنا السوفيت انه مكانش لعبة من وراء ظهورهم بالاتفاق مع أمريكا أو مع أى شخص آخر، احنا ناس نقدر للصديق موقفه يمكن نختلف وياه ولكن نختلف واحنا أشراف ما بنختلفش بخيانة ولا بغدر أبدا.

منطلقات وطنية. صريحة.أمينة

         أنا قلت هذا الكلام لكم فى أول مايو الماضى، قلت هذا وأظن أنكم سمعتمونى وأنا أكرره تقريبا منذ أسبوع وأنا أقدم ورقة أكتوبر إلى اللجنة المركزية ومجلس الشعب. ذلك ان مبادئنا الأساسية ومنطلقاتنا الأساسية لم تتغير. قبل الحرب ولا بعد الحرب لأننا نرى أنها منطلقات وطنية صريحة وأمينة أكثر من ذلك اننى حين تحدثت إليكم فى العام الماضى تحدثت أيضا عن أزمة الطاقة وقلت بالحرف الواحد انهم يضعون خطتهم على أساس أن اخضاعنا هنا فى مصر هو مدخل لاخضاع المنطقة كلها والسيطرة بالذات على منابع البترول ومصادر الطاقة والحجر على العرب باستخدام ثروتهم الطبيعية الكبرى. وختمت حديثى معكم يومها قائلا ان اصحاب أى قضية يجب أن يأخذوها فى أيديهم، وإذا كان علينا أن نقبل التحدى فلابد أن نغير الأمر الواقع، وأن نكسر كل محاولات تجميد الموقف. وقلت أيضا، سوف تجىء بإذن الله لحظة ندعى فيها إلى حمل مسئولية أقدارنا وأعرف أننا جميعا لن نتردد. ان هذا الوطن لم يعرف التردد فى التزامه الوطنى التحررى ولم يعرف التردد لالتزامه التقدمى الاجتماعى، ولم يعرف التردد امام التضحية والفداء.. قلته فى ختام حديثى إليكم فى العام الماضى، قلته أمام اخوانكم العمال فى قاعدة صناعية عظيمة أخرى فى المحلة الكبرى، وقبل المعركة بخمسة شهور فقط. وحين استرجع معكم اليوم هذا الكلام لا أسترجعه على أنه كان نبوءة تحققت. ولكن لأنه كان عزما أكيدا، وتصميما قاطعا وحساباً دقيقا، ولأننى حين تحدثت كنت أتحدث وقد اتخذ قرار المعركة بالفعل مصحوبا بعمل دائب ودراسة شاملة لكل الاحتمالات.

         حين ننظر الآن إلى الوراء أيها الأخوة والأخوات عبر هذه السنة الحافلة بالأحداث نجد أنه كان غريبا حقا بعد هذا الكلام كله ان المعركة كانت مفاجأة للعدو، ومفاجأة للصديق، ومفاجأة للذين كانوا يتشككون أو يتوقعون الكارثة بل لقد عرف بعد ذلك أن البنتاجون فى امريكا سأل إسرائيل ثلاث مرات خلال الأسبوع السابق للحرب عن معنى التحركات العسكرية المصرية التى كانت ترصدها الأقمار الصناعية الأمريكية. وكانت إسرائيل ترد فى كل مرة بأنها لا تعتقد أن المصريين يمكن أن يحاولوا أو يجرءوا على عبور القناة.

         لماذا؟

         لأن العالم كله كان قد فقد أى ثقة فيما يقوله العرب ولم يعد مستعدا لتصديق ما كانوا يعتبرونه مجرد دعايات وتهديدات، ولأن العالم كان قد عاش اجيالا طويلة وهو يرى اتساع المسافة بين ما يقوله العرب وبين ما يفعلون.

حرب أكتوبر جعلت العالم يصدق أقوالنا

         ولا نستطرد هنا فى الحديث عن اثار حرب أكتوبر فى مختلف الاتجاهات. لقد تحدثت عن هذا فى ورقة أكتوبر المطروحة عليكم والتى يهمنى جدا أن تقرءوها بامعان ولكننى أقول فقط فى هذا المجال : لو لم يكن لحرب أكتوبر المجيدة من أثر إلا أنها جعلت العالم لأول مرة يصدق ما نقول ويأخذ مواقعنا المعلنة مأخذ الجد لكفانا هذا سببا للفخر بما أنجزته حرب أكتوبر وما قامت به القوات المصرية والقوات السورية الباسلة فى تلك الملحمة المجيدة..

<2>