إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



كلمة الرئيس أنور السادات، فى اجتماع رؤساء تحرير الصحف، 28 أغسطس 1974
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الرابع لعام 1974، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ص
258 - 260"

          يجئ اجتماعنا اليوم فى ختام اسبوع من اللقاءات. وفى الواقع لقد كنت حريصا على هذا اللقاء منذ 6 أكتوبر لأنه لقاء اساسى وهام، حيث انه لا بد ان تكونوا على علم بكل شئ.. حتى يتيسر لكم نقلها للجماهير. يمكن أن أكرر أشياء مما قلته فى الاجتماعات السابقة حتى تتضح بعض النواحى فى الصورة، ولكنى أريد أن تكون الصورة أمامكم واضحة.

          وعندما نتكلم عن الموقف الحالى يكون أمامنا :

          أولا: الموقف العربى.
          ثانيا: الموقف العالمى وعلاقتنا بالقوتين الكبيرتين.
          ثالثا: الموقف الداخلى.

          بالنسبة للموقف العربى نحن فى مرحلة التضامن العربى الذى جاء نتيجة قرار ومعارك 6 أكتوبر. ونحن نعيش بلا جدال ملحمة انتصار عربى. انتصار على أنفسنا نحن كعرب وانتصار العرب لأول مرة بعد قرون طويلة ولا يغير الصورة أن نجد من آن لآخر بعض المعارك الجانبية أو الخلافات العربية الهامشية ولكن هذا لا يغير الصورة ولا يمس من جوهر الموقف أو جوهر الانجاز الذى تم على مستوى التضامن العربى بعد 6 أكتوبر. ومهما حدث فانه من الصعب، بل يكاد يكون من المستحيل، أن يستطيع احد أن يهدم التضامن العربى.. يمكن أن تقع بعض المزايدات أو المهاترات، ولكن فى النهاية فان التيار العام القومى الذى تولد بعد 6 أكتوبر جرف فى طريقه كل هذه الأمور.

          نحن اذن نعيش فترة تضامن عربى ولو أن هناك بعض النشاز فى الصورة.

          وقال الرئيس انه لم يكن هناك سوى موقفين هامشيين فى الموقف العربى وهما علاقاتنا بكل من ليبيا والعراق.

          بالنسبة لليبيا فانكم تعلمون انه قد تقرر أن يسافر السيد ممدوح سالم فى اوائل سبتمبر لمواصلة الحوار الذى بدأ فى الإسكندرية لترتيب العلاقات بين البلدين فى المرحلة المقبلة.

          وبالنسبة للعراق لى مبعوث فى بغداد اليوم.. هناك علاقات تبنى بين البلدين واتصالاتنا مستمرة خصوصا فى المجال الاقتصادى.

وبالنسبة لعلاقاتنا مع باقى الدول العربية فالعلاقات ممتازة مع الجميع وليس هناك أية معارك هامشية بالنسبة للموقف العربى وأنا أصر على انها هامشية ولا نعتبرها معركة أساسية ندخلها كمعركة لان معركتنا الوحيدة مع اسرائيل.

          وفى مجال التضامن العربى اذكر موقف اخوتنا العرب بعد 6 أكتوبر جاءنا من العرب 500 مليون دولار كمعونة عاجلة لولاها كانت مصر فى مأزق اليوم. ولولا هذه المعونة لما كان لدينا رغيف العيش، وليس الصابون أو الدجاج. أنا اقول هذا لأن على الصحفيين أن يعرفوا حقيقة الصورة وابعادها. النقد مطلوب ولكن لا ينبغى أن ننفصل عن واقعنا وأن ندرك حقيقة ظروفنا الاقتصادية. فى أكتوبر 73 كان الاقتصاد المصرى قد وصل الى مأزق حرج ولقد دعوت مجلس الأمن القومى إلى الاجتماع قبل المعركة بـ 6 أيام.. وتكلم الجميع. البعض قال المعركة ضرورية ولكن ينبغى أن نضمن نتائجها. آخرون تكلموا عن الازمة التموينية، آخرون قالوا أشياء كثيرة. وقلت لهم فى النهاية ان الموقف الاقتصادى صعب للغاية وانه بدون الصمود الاقتصادى لن يكون هناك صمود عسكرى ضمان رغيف العيش فى عام 74 لم يكن فى الافق. امامى الديون الواجبة السداد فى ديسمبر حسب النظم العالمية لم يكن هناك فرصة لسدادها. لم يكن لدينا مليم عملة صعبة، وقد كان هذا احد ابعاد قرارى بدخول الحرب لانه لو جاء عام 74 ونحن فى هذا الموقف الصعب لما احتاجت إسرائيل أن تطلق طلقة واحد.

          أيضا عليكم أن تعرفوا أنه لم يكن ممكنا أن يتاح لنا دولار واحد من هذه المعونه العربية (500 مليون دولار) قبل أن نكتب بدمائنا ملحمة العبور. وخلال الاسبوع الاول بعد معركة أكتوبر ارسل لنا الاشقاء العرب هذه المساعدة.

          اتكلم بعد ذلك عن الموقف العالمى وعلاقتنا بالقوتين الكبيرتين.

مع امريكا عاد وزير الخارجية بعد أن قابل الرئيس فورد، وزير الخارجية هنرى كيسنجر وأعضاء لجنتى الشئون الخارجية فى مجلس الكونجرس، والمسئولين فى الدولة الأمريكية المعنية والجميع متفقون على أن كل ما تعهد به الرئيس نيكسون ستنفذه الولايات المتحدة ابتداء من الرئيس فورد والكونجرس والدوائر المعنية فى الولايات المتحدة. كما كتب لى الرئيس فورد أن كل التعهدات الأمريكية التى تعهد بها نيكسون يتبناها هو وكيستجر والكونجرس. ويمكن أن يكون فى هذا الكلام رد على التساؤلات التى تقول: ماذا بعد استقالة نيكسون وماذا يمكن أن نعمل؟

          وعندما عملنا فض الاشتباك فى يناير وفبراير الماضيين لم يكن فى الحقيقة فض اشتباك مع اسرائيل ولكنه فى الحقيقة فض اشتباك مع أمريكا. وفى الأيام الأربعة الأولى نحن هزمنا إسرائيل، ثم تدخلت الولايات المتحدة بعد ذلك بكل قوتها.

          وهذا ما قلته للرئيس الاسد فى رسالتى اليه يوم 17 عندما قلت له اننى على استعداد أن احارب اسرائيل، ولكنى غير مستعد لان ادخل المعركة مع أمريكا. وأمريكا كانت بالفعل خلال 10 ايام سابقة قد نزلت بكل قواها فى المعركة ولذلك فاننى اقول أن فض الاشتباك كان مع أمريكا اساسا. أمريكا تعطى اسرائيل كل شئ... من رغيف العيش الى الفانتوم نحن قد وصلنا اقتصاديا الى مأزق حرج ولكن على العكس كانت اسرائيل يمكنها أن تستمر على ما كانت عليه لمدة 20 عاما ذلك انه عندما تهبط ارصدتها نسبيا فان امريكا واليهود هناك يسارعون الى تعويضها. وفى مصر لم يكن هناك احد يعوضنا وكنا نأكل من لحمنا.

          كانت أمريكا تأخذ موقف الانحياز الاعمى والكامل لإسرائيل. ثم جاء متغير من صنعنا نحن.. اسمه 6 أكتوبر. متغير جديد.. سببه المباشر المعارك والتضامن العربى، وبدأت امريكا تستجيب لهذا المتغير فهل نستجيب نحن لهذا المتغير. أم نقف جامدين. هذا هو الموقف ببساطة.

<1>