إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



خطاب الرئيس أنور السادات، في افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الشعب، 23 أكتوبر 1974
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الرابع لعام 1974، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ص 312 - 315".

بسم الله
السيد رئيس المجلس:

          أيها الأخوة والأخوات أعضاء المجلس الموقر يسعدنى أن أهنئكم بافتتاح هذه الدورة الجديدة لمجلسكم الموقر والتى أرجو أن تكون أكثر من سابقاتها فى مجال الانجاز والعطاء كما عودتم شعبكم دائما ولقد شاءت الظروف أن تجعل مجلسكم هذا وهو أول مجلس تشريعى منتخب بعد حركة مايو التصحيحية شاءت الظروف ان تجعله يعاصر ثلاثة مراحل تاريخية متعاقبة ويشارك فى تحمل أعبائها الجسام.

          كانت المرحلة الأولى هى مرحلة اقامة المؤسسات الدستورية فى البلاد من جهة والاعداد الصابر الصامد للمعركة من جهة اخرى فى وجه شتى انواع الاستفزاز والاستعداد ثم كانت المرحلة الثانية حين توافق بدء دورتكم الماضية مع المعركة ذاتها فجئت اليكم متحدثا بغير الخطاب التقليدى لبدء الدورة جئت اليكم والقتال ما زال مستعرا وقواتنا ما زالت مشتبكة مع العدو وأخوتنا وأبناؤنا فى القوات المسلحة مع العدو يسفكون دماءهم العزيزة ويروون بها عطش سيناء الطويل إلى الدم المصرى والقدم المصرية والراية المصرية جئت اليكم ايها الأخوة والأخوات فى غمرة المعركة. وفى أوج الانتصار أزف نتائج النصر واطرح عليكم وعلى العالم كله تصورنا لما بعد المعركة وهذه المرة أجيىء اليكم وقد تم العبور وتدعمت حقائق الانتصار واخذت تؤثر ثمارها على الأرض المصرية والساحة العربية والقضية الفلسطينية والتوازنات العالمية أجيئ اليكم أيها الأخوة والأخوات هذه المرة بعد أن تم العبور العسكرى والسياسى لكى احملكم مسئولية المشاركة فى مهمة اخرى من اخطر ما واجه بلادنا من مهمات تلك المهمة هى المهمة التى اسميها العبور الثانى أو مهمة الانطلاق نحو التعمير والتنمية بسرعة تعوض كل ما فات وبحسم يفتح أمام شعبنا كل آفاق المستقبل ويلبى كل ما افتقده عبر السنين الصعبة الماضية من حاجات ومع ذلك فان هذه المراحل الثلاث التى كان ولا يزال على مجلسكم الموقر أن يواجهها معى ليست مراحل منفصلة بل أنها حلقات متصلة فى سلسلة واحدة كل حلقة لها عظتها وعبرتها التى لا يجب أن تغرب عن بالنا ونحن نواجه الرحلة الجديدة، أن الصفات التى تحلينا بها فى المرحلة الأولى من العمل الدقيق الدءوب الصامت والتشبث بتدعيم مؤسساتنا الدستورية وجعل الحوار يدور من خلالها والصفات التى تحلينا بها فى المرحلة الثانية وهى القتال عن شجاعة وعزم وتصميم وتشبث بالأرض وروح الايثار والتضحية ووضوح الهدف الذى نريد أن نحققه كل هذه الصفات مجتمعة سوف تلزمنا اشد اللزوم ونحن نواجه مرحلة العبور الثانى لأنها آخر الأمر هى الغاية النهائية من كل ما سبق والهدف الاسمى الذى نهضنا الى تحقيقه عبر كل تلك المراحل أن المعركة ما زالت قائمة وهذه الحقيقة الاولى والكبرى التى لا بد أن نذكرها دائما لا بد أن نذكرها دائما ونحن نعالج كل امر من امورنا أن حرب أكتوبر لم تنه الاحتلال ولكنها انهت اليأس أنها لم تحرر الأرض كلها ولكنها حررت نفوسنا من التمزق وعقد النقص وروح الهزيمة لذلك ونحن رغم كل ما حققته معركتنا المجيدة من انجازات علينا أن نظل نحمل السلاح حتى تتحرر الأرض وتعود الحقوق. والسلاح كما تعرفون باهظ التكاليف فى المال وفى الرجال فى الطاقات المالية والبشرية على السواء وعدونا غادر وهو يتقهقر ولكنه لا يذعن بعد لكلمة الحق وكل من يفكر أو يتصرف متجاهلا هذه الحقيقة انما يرتكب جناية كبرى فى حق حاضر هذا الوطن ومستقبله أننا ونحن نمد اليد بالسلام لا بد أن نملأ اليد الأخرى بأحدث ما نستطيع من سلاح. بغير هذا تتجمد قضيتنا مرة اخرى وننكفىء على مشاكلنا الداخلية ناسين أن العدو ما زال على الابواب بل وداخل الابواب ولست اظن الا أن شعبنا بكل فئاته وبكل اجياله مدرك لهذه الحقيقة ومستعد لتحمل تبعاتها أننى اخاطبكم أيها الأخوة والأخوات كالمؤسسة الدستورية الأولى وأخاطب من خلالكم كل مؤسساتنا الدستورية وكل الجماهير أن الاستقرار السياسى هو الشرط الأول والجوهرى لاجتياز المرحلة الصعبة التى نواجهها والاستقرار السياسى غير الركود والجمود لقد اطلقنا حرية الصحافة وحرية القول والغينا الإجراءات الاستثنائية.

طريق الحرية والديمقراطية

          وتمت تصفية السجون والمعتقلات وقد دارت فى حياتنا السياسية خلال تلك الفترة مناقشات حامية حول قضايا عديدة وقد كان البعض يتخوف من التجربة ولكننى كنت واثقا دائما أن شعبنا جدير بأن يمضى فى طريق الحرية والديمقراطية فى مسئولية ونبل واذا كان ثمة شذوذ هنا أو هناك. وهو الشذوذ الذى لا ينفى القاعدة وسرعان ما يطويه النسيان. ولكن علينا جميعا ونحن نمارس حريتنا المكتسبة الا ننس تلك الحقيقة الأولى التى اشرت اليها وهى أن المعركة قائمة وأن الاستقرار السياسى هو سلاحنا الاول فى المرحلة التى نواجهها وأن هذا الاستقرار الذى نريد له أن يكون حيا وخلاقا وليس جامدا يجب أن يكون فى نفس الوقت عميقا وناضجا وليس فيه شذوذ أو انحراف أننا نخوض مواجهة سياسية بالغة الدقة ازاء العدو الإسرائيلي المحتل وإزاء الدول العظمى وازاء العالم اجمع

العدو يراوغ

          إن الخصم الإسرائيلي يريد أن يفلت من شراك المواجهة السياسية المترتبة على نصرنا العسكرى انه يريد أن يراوغ حتى لا يكون المنطلق أمام العالم كله هو ما اثبتناه من بطلان دعواهم عن الأمن وتعرية اهدافه التوسعية وهو هنا يبحث عن ثغرة من عدم الاستقرار أو لحظة نحول فيها ابصارنا عنه متلفتين وراءنا الى الداخل وهذا ما لم نمكنه منه ابدا وعلينا فى هذه المرحلة أن نتعلم أشياء كثيرة هى من اسس الاستقرار السياسى أن لدينا تحالف قوى الشعب العامل والأفكار التى طرحتها فى ورقة التطوير ولدينا أيضا المؤسسات الدستورية الأخرى من مجلسكم الموقر الى الاتحاد الاشتراكى الى النقابات العمالية والمهنية الى الاتحادات

<1>