إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) حديث صحافي خاص للرئيس أنور السادات، حول بعض المسائل الراهنة، 7/ 1/ 1975
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الخامس 1975، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ط 1982، ص 16 - 19"

          سؤال: من أين يا سيادة الرئيس؟.. والاتحاد السوفيتي لا يلبي الاحتياجات من السلاح التقليدي.. فكيف يلبي احتياجاتنا من السلاح الذري؟ والغرب حتى لو أعطانا مفاعلاً نووياً فلن يسمح بتحويله إلى صنع سلاح.

          الرئيس: أكتفي بأن أقول لك أن كل ما ذكرته وارد في حسباتنا، ولكن هذا لا يعني أننا سنقف مكتوفي الأيدي أو أن نسلم في ارادتنا تحت هذا التهديد، ولا حتى باستعمال السلاح الذري..

          سؤال: سيادة الرئيس إذا سمحت ننتقل الآن إلي الوضع الداخلي بمصر بعد الأحداث الأخيرة التي حصلت والتي حظيت باهتمام عربي وعالمي، نظراً لمكانة مصر؟

          الرئيس: إننا مستعدون أن نجوع أكثر ونبذل أكثر ولكن ستظل رؤوسنا مرفوعة عالية مهما تكن الجراح.. فنحن منذ 26 سنة نبذل لقضية فلسطين، ما لا مجال للمزايدة عليه، بذلنا ما لم يبذله أحد..

          أما عن حجم ما وقع حقيقة، فان تفسيره ببساطة أن هناك موضة جديدة في العالم وهي ما يسمى بموضة الرفض.. هذه ناحية..

          والناحية الأخرى. أن شعبنا يعاني من متاعب ومصاعب اقتصادية رهيبة ويمكن سمعتمونى قلت مرة، أن اقتصادنا وصل في أكتوبر 1973 إلى درجة الصفر فعلاً.

          هؤلاء الرافضون أو موضة الرفض، كما سميتها، يحاولون استغلال اضطرارنا إلى العمل على إعادة البناء في نفس الوقت الذي نحافظ فيه على القدرة القتالية وكفاءة قواتنا جاءت جبهة الرفض تحاول استغلال هذه المشاكل لإثارة الشعب من ناحية، ومن ناحية أخرى لتصوير مصر، كما صورها في سنة 1972 وكنت غاضباً وقتها، واتخذت إجراءات ضد بعض المثقفين، وبعض الطلبة، لماذا؟

          لأن ما حدث كان يهدف إلى تشويه صورة مصر في الخارج.. بأن الوضع فيها خطير، وتفتقر إلى الاستقرار. واليوم تجرى نفس المحاولة.. محاولة تشويه الوضع في مصر، لكي لا يتم الانفتاح الاقتصادي، ولكي تعود مصر إلى حالة الانكماش على نفسها مرة أخرى، تحت شعارات ومبادئ تتنافى مع ما اتخذناه لأنفسنا من طريق اشتراكي..

          سؤال: وماذا عن دور الشيوعيين؟

الرئيس: تسألني عن الشيوعيين.. وأنا أقول أن هذه الجبهة الرافضة مبادئها أساساً ماركسية بدأت بمبادئ ماركسية ثم تحولت إلى الرفض. هذه هي الحقيقة، ولكن يجب أن أضيف أنني بعد حرب 6 أكتوبر أطلقت الحريات كاملة وهذا عامل من العوامل التي أرادوا استغلالها.

          سؤال: هل يعني اشتراك الشيوعيين، أو جبهة الرفض، التي وصفتها بأنها ماركسية المبادئ في الأحداث الأخيرة، ثم اعتقال منظمات شيوعية وإدانة الاتحاد الاشتراكي اليسار المتطرف "هل يعكس ذلك تحولاً في علاقة مصر مع اليسار العالمي"؟

          الرئيس: اطلاقا.. اطلاقا.. لأنه هناك يسار وطني يستنكر كل هذا، ومنهم من يتوجه ويناقش هذه القلة من جبهة الرفض ويرد عليهم بأعنف وأشد مما يرد أي واحد آخر..

          ان علاقتنا مع الاتحاد السوفيتي، كانت دائماً علاقة بين دولتين ولم يكن فيها مجال للتدخل في الشئون الداخلية ونحن متمسكون بهذا، نحن لا نقبل أي تدخل في شئوننا الداخلية. ثم على اليسار العالمي أن يعلم أن لكل شئ حدوداً، فإذا استغل اليسار للتخريب سنواجهه كما نواجه أي مخرب..
          وسيبقى اليسار الوطني.. كما سيبقى اليمين الوطني..

          وسأتحدث إلى الشعب إن شاء الله في هذا الشهر عندما أتقدم بموضوع المؤسسة السياسية، وهي الاتحاد الاشتراكي، والمؤسسة الجديدة، وهي مؤسسة الصحافة.. سأتحدث في هذه القضايا.

          سؤال: هذا الربط بين البناء والحشد يا سيادة الرئيس قضية يبدو أنها بحاجة إلي توضيح عند بعض الأشقاء العرب الذين يعتقدون أن واجبهم يقتصر على دعم القوات المسلحة.

هل تعتقد أن الأشقاء العرب قاموا بالتزاماتهم لحل مشاكل الجماهير.. وما الطريق لكي يوظف جانب من عائدات النفط لحل مشاكل الجماهير في دول المواجهة؟.

          الرئيس: تجدني محرجاً دائماً. شأني شأن كل فلاح مصري عندما أتحدث في هذا الأمر.. المعركة - كما قلت أنت تماماً وبحق - ليست معركة أسلحة تشترى لكنها معركة حضارية بالأساس.. بمعنى أنه إلى جانب الصمود الفكري والصمود العسكري، والصمود السياسي، في معركتنا التي يجب أن نسلم بأنها معركة طويلة.. يجب أن نفهم أن هناك مشاكل أساسية قد تؤثر في هذا الصمود فتقل المصاعب التموينية أو المصاعب التي تواجه الفرد في حياته اليومية ومع ذلك أصارحك أنني مع كل تقديري لكل ما قدمه الأخوة العرب لم أتلق ما يكفي من السيولة.. وهو الأمر الأساسي في هذه المرحلة لتوفير هذه الاحتياجات.

          سؤال: الجميع يقدرون تضحيات مصر، ويعرفون أن متاعبها نابعة من تضحياتها ومسئوليتها، ولكن البعض يقول أن ضعف المساهمة العربية يرجع إلى وجود بيروقراطية في مصر وبطء الإجراءات وأحياناً الفساد.. وان انعدام المساواة في تحمل الأعباء، ليس فقط ظاهرة موجودة على النطاق القومي بل وداخل مصر ذاتها.. وهو ما تحدثت عنه الصحف المصرية ذاتها، كذلك مظاهر الترف والفوارق الاجتماعية.. وأن البعض يفسر الانفتاح بأنه نوع من الترفيه عن القادرين فقط.. ما مدى انطباق هذه الأقوال على الواقع في مصر؟

<2>