إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) حديث صحافي خاص للرئيس أنور السادات، حول بعض المسائل الراهنة، 7/ 1/ 1975
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الخامس 1975، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ط 1982، ص 16 - 19"

قال الرئيس:

          أريد أن أقول أن الانفتاح صاحبته فعلاً بعض مظاهر الإسراف أو البذخ. ولكن في فئة قليلة جداً.. وسيكون لهذا الوضع علاجه في القريب العاجل.. وسأشرح ذلك للشعب هذا الشهر - وستتقدم الحكومة بالإجراءات الخاصة لمواجهة مثل هذه الدخول الطفيلية.. أما ما عدا ذلك فاقتصادنا واضح.

          قلت: بعض المؤسسات العربية سواء حكومية أو مدعمة من الحكومات النفطية تشكو من عجز الدول العربية وخاصة دول المواجهة عن استيعاب أموال النفط وتفسر بهذا تصدير هذا الفائض مرة أخرى للعالم الصناعي.. ما هو في رأيك الاستثمار الأفضل لهذه العائدات؟

          الرئيس: ردي.. هو نفس ما قلته أنت.. أنا أؤكد لك أن دول المواجهة لديها من المشروعات، ما يستوعب المليارات.. ولكن أنا أتفق معك، ان النظرة يجب أن تتغير بمعنى بدلاً من أن تكون هناك مطالبة بمشروعات مدروسة لتمويلها.. بل يوضع مشروع مثل مشروع مارشال، وعلى أسس اقتصادية كاملة، أنا لا أطالب بالعطاء بدون ضمانات.. ولكن ينشأ بنك يقوم بالإجراءات الاقتصادية البنكية السليمة مائة في المائة لحماية مصالح رأس المال.

          سؤال: آخر عن الانفتاح يا سيادة الرئيس.. كيف يمكن الجمع بين النظام الاشتراكي بما يفرضه من تجميع لمصادر الثروة، وإشراف تحالف قوى الشعب على وسائل الإنتاج.. وبين الانفتاح أمام رأس المال الذي يتطلب ظروفاً وبناء خاصاً مختلفين؟

          الرئيس: أمر وارد وسهل جداً.. وسبقتنا تجربة في ذلك لدولة شيوعية بالكامل وهي يوجوسلافيا.. نحن هنا دولة اشتراكية نختلف مع الشيوعية جذرياً.. ومع ذلك هذه التجربة نجحت في يوجوسلافيا.. وهي الدولة الشيوعية مائة في المائة..

          سؤال: ننتقل إلى الوضع الخارجي يا سيادة الرئيس..

          هناك قناعة عربية الآن، بأن مؤتمر جنيف هو الوسيلة الأفضل لتحقيق السلام العادل الذي يقبل به العرب.. ألا ترى أن فرصة نجاح المؤتمر كانت أكبر لو انعقد في ظل انتصارات أكتوبر وفي ظل تصاعد موجة التأييد العالمي وخصوصاً الأوروبي.

          الرئيس: أنا متفق معك، بأن مؤتمر جنيف هو المكان الوحيد لإقرار السلام في هذه المنطقة.. ولكن، كما قلت في العام الماضي، ان مؤتمر جنيف لكي ينجح يحتاج إلى شرطين: شرط عربي وشرط دولي لا بد من توفير الشرطين إذا أردنا للمؤتمر أن ينجح وأن يحقق أهدافنا العربية.. الشرط الأول هو أن نذهب إلى جنيف جبهة عربية واحدة.. بلا تناقضات لكي لا نتيح لإسرائيل فرصة اللعب على التناقضات العربية، وأعني بالذات التناقض بين الأردن والمقاومة الفلسطينية.

          أما الشرط الثاني وهو ما أخشاه فهو ضرورة أن تتفق الدولتان الكبيرتان على انجاح المؤتمر.. روسيا وأمريكا هما الضامنتان لقرار مجلس الأمن، ووقف اطلاق النار، والداعيتان لمؤتمر جنيف.. لا بد أن يكونا هما أيضاً جاهزتين وإلا سيكون البديل - في حالة عدم اتفاق العملاقين - هو العودة إلى الاستقطاب فيقف الاتحاد السوفيتي موقف المدافع الوحيد عن العرب وتقف الولايات المتحدة خلف إسرائيل ويعود الموقف مرة أخرى إلى حالة اللا سلم واللا حرب.. وإلى التجمد.. وعندئذ لا مفر من معركة أخرى.. لن يكون البديل سوى الحرب..

          تسألني، هل تريد عقد مؤتمر جنيف؟ أقول: نعم وقد أعلن وزير خارجيتي في الأسبوع الماضي مع الاتحاد السوفيتي ضرورة عقد مؤتمر جنيف فوراً..

          ولكن.. إلى أن ينعقد مؤتمر جنيف إذا أمكن لعملية السلام أن تتقدم وأن تقوم فرصة لخطوات أخرى نحو السلام فلا يجب أن نرفض هذه الفرص.. إذا كانت إسرائيل جاهزة للانسحاب من أرض عربية، فلا يجب أن نرفض هذا، يجب أن نأخذها.. فاسترداد كل شبر من أرضنا واجب مقدس.

          بالتأكيد ضاع الصيف الماضي ولكنه ضاع لأن أمريكا كانت مستغرقة في قضايا داخلية. وأنا معك أن عملية السلام أضيرت بما وقع في داخل أمريكا.. ولكن لعل الرئيس فورد يتدارك ذلك في المرحلة المقبلة.

سؤال: هل تعتقد أن الإدارة الأمريكية الحالية قادرة على إجبار إسرائيل على الانسحاب، وتنفيذ التزامات حكومة نيكسون؟

          الرئيس: إلى هذه اللحظة لم يثبت لدينا العكس، فتعهدات الرئيس فورد بعد الرئيس نيكسون وتعهدات وزير الخارجية، وثقتي في قدرة الولايات المتحدة على الضغط على إسرائيل، بل هي الوحيدة التي تستطيع أن تمارس ضغطاً أو تحريكاً لإسرائيل.. إلى هذه اللحظة أستطيع أن أقول أنني لم أفقد الأمل ولدى من الرئيس فورد ومن كيسنجر ما يؤكد هذا، ولم يثبت العكس، وحين يثبت العكس سأصارح شعبي وسأصارح أمتنا العربية كما عودتها.

سؤال: ما هو حجم الانسحاب الإسرائيلي الذي تقبل به مصر في المرحلة التالية؟

          الرئيس: في المرحلة التالية، لو استطعنا أن نصل إلى أقصى سيناء، وأقصى الجولان ونستعيد القدس. فذلك هو ما يرضينا وما نسعى إليه وما نقبله.. ولكن نحن أمام موقف متفجر.. وهذا رأى.. ومن هنا فإن الخطوة التالية في الانسحاب إذا تمت، يجب أن نضع في الاعتبار، أنها تتم بهدف التحضير لمؤتمر جنيف. بهدف نزع الفتيل من القنبلة التي على وشك الانفجار، فلا يمكن عقد مؤتمر للسلام تحت تهديد انفجار قنبلة.

<3>