إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) فقرات رئيسية من حديث صحافي خاص للرئيس أنور السادات، حول بعض القضايا الراهنة، 15 و 22/8/1975
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1975، مؤسسة الدراسات الفسطينية، بيروت، مج 11، ص 334 - 344"

عام 1956 رئيس اسمه ايزنهاور، وكان رجلا ذا كلمة وذا شرف، فالظروف كانت مختلفة. عام 1956 تمرد حليفا اميركا عليها، وهما بريطانيا وفرنسا، فأراد ان يلقنهما درسا قاسيا، فأصدر امره بالانسحاب، لا لاسرائيل فقط بل لبريطانيا وفرنسا في الوقت نفسه. ونفذوا الامر. ولكن معركة المواجهة الطويلة التي دارت بعد 1956 بين مصر واميركا، هي التي جعلت واشنطن تتحفز اولا، ثم تقطع المعونة عام 1965 ثانيا. لقد ارسلوا وكيل وزارة الخارجية "تالبوت" يا في اوائل 1965 بانذار كان الاول من نوعه.

        كانوا يريدون تحديد عدد القوات المسلحة المصرية، وكانوا يطالبون بحق التفتيش عليها وبكذا وكذا. كان انذارا استفزازيا جعل عبدالناصر يرفضه رفضا كاملا. وقطعت المعونة، ودخلت المواجهة في دور شديد. صحيح ان المواجهة كانت قد بدأت قبل ذلك، ولكن في هذه الفترة دخلت في دور متطور، او دور نستطيع ان نقول عنه "نقطة اللاعودة".

        س - يعني اصبحت اميركا فريقا في المواجهة؟

        ج - بالضبط. وهذا الذي جعل الرئيس جونسون يوافق على اعطاء اسرائيل، قبل معركة 1967، تعهدا بأن لا تتدخل كما تدخلت عام 1956، وأن تترك القرار لاسرائيل كاملا.

وهذا سر "التكتف" الاميركي الى يومنا هذا. الحكومة الاميركية غير قادرة على التحلل من هذا الارتباط الذي تعهد به جونسون بسبب المواجهة التي كانت قائمة بين اميركا ومصر.

وعبدالناصر كان يعرف ان العملية كلها كانت تهدف الى ضربه شخصيا. وهذه قصة فرغت اخيرا من املائها في التاريخ الذي اسجله في هذه الايام. ففي يوم الجمعه، 9 يونيو (حزيران) 1967، ذهبت الى بيت عبد الناصر، بعدما سمعت بيانا من القيادة العليا للجيش المصري جاء فيه ان اليهود عبروا الى الضفة الغربية، ويا عالم اشهد، وكذا، وكذا، بيان انا اعتبرته مهينا جدا. كان ذلك حوالي الساعة العاشرة صباحا، وقلت لنفسي: الله؟ هل سننتظر حتى يصل اليهود الى القاهرة؟ لماذا لا نخرج ونقاتل؟ وفعلا قمت من بيتي، واخذت "عزالي"، واوصيت الوصية على اولادي، وذهبت الى بيت عبدالناصر. دخلت عليه، فوجدته في المكتب يحضر خطاب التنازل. فقلت له: "انت قاعد هادي كده ليه؟ لازم تروح الصعيد، لانك ستكون رمز المقاومة. ونحن هنا سنقاتل، وسنجهز الناس، ونذهب الى الشرقية والسويس ونقابلهم هناك. فنحارب حرب عصابات". ورفع عبد الناصر رأسه وسألني: وليه؟ قلت: ألم تسمع بيان القيادة ان اليهود عبروا الى الضفة الغربية؟ فابتسم بمرارة

<4>