إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، في مقر الاتحاد الاشتراكي العربي، في الذكرى الخامسة لوفاة الرئيس جمال عبد الناصر،  28/9/1975
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الخامس 1975، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ط 1982، ص 288 - 307"

قوة خارج الثورة، ولم تتم بضغط من عناصر غريبة عن الثورة، أي أنها لم تكن ثورة مضادة، ولكنها ثورة من أجل تصحيح مسار الثورة الأم، ومن أجل اعادتها إلى منابعها الأولى وتطويرها مع تطور الدنيا وتغير الظروف الداخلية والخارجية خلال عشرين سنة.

         ان ثورة 15 مايو فصل جديد، ولكنها فصل جديد في كتاب ثورة 23 يوليو ذاتها، ولم يكن التصحيح بالسلب فقط، أي بتقويم الانحرافات وإزالة التراكمات الضارة وإنما كان تصحيحا بالمعنى الإيجابي أيضا، أي بمعنى الإضافة والتجديد والتطوير.. وثائق الثورة من البيان الأول بالمبادئ الستة إلى الميثاق إلى بيان 30 مارس.. أضيفت اليها وثيقة هامة هى الوثيقة الأساسية لثورة التصحيح والتطوير.. تلك هى ورقة أكتوبر.. ثم هناك ورقة تطوير الاتحاد الاشتراكي والبيانات الأساسية التي أدليت بها أمامكم أو أمام المؤتمر القومي للاتحاد الاشتراكي.

         هذا عن الوثائق والخطط التي حددت لنا مسار العمل الوطني وحددت لنا أهدافه ومراحله من هنا حتى نهاية القرن كما هو وارد في ورقة أكتوبر.

         فماذا عن الجانب العملي والممارسة في أرض الواقع ؟؟

         لعلكم قرأتم أخيرا ذكرياتى عن ذلك اليوم منذ خمس سنوات يوم 28 سبتمبر سنة 70 يوم أن أنتقل عبد الناصر إلى جوار ربه، ولم استطع ان انشر كل شيء، فهناك أمور كثيرة تحكمنى، أولها أساسا هو المصلحة العليا للوطن، لم أستطع أن أتحدث في هذه الذكريات التي قرأتموها. لم أستطع أن أضع كل ما سجلته المطبعة لكي يطبع. خمس سنوات من المعاناة .. ولكنى أحمد الله سبحانه وتعالى وأنا التقى بكم اليوم كأعلى قيادات في هذا البلد في مؤتمر.. أحمد الله.. أننى أستطيع وبعد مرور السنوات الخمس.. سنوات المعاناة هذه.. ان اضع أمامكم تقريرا كاملا كما بدأت في حديثى.

         كلكم تعلمون ماذا كانت عليه الأوضاع عقب وفاة عبد الناصر مباشرة .. كانت البلد ممزقة .. والصراعات .. والخلافات .. مراكز القوى وكل واحد منهم يريد أن ينال نصيبا من التركة .. وحين أقول معاناة فاننى أعنى في المقام الأول اننى عانيت من الحقد الذي استشرى في البلد.. الحقد والتفكك تفكك العائلة المصرية .. البعض حاقد .. البعض الآخر مجروح .. بعض اخر تائه .. وفوق كل هذا أمامنا اسرائيل على الضفة الشرقية لقناة السويس ولم يكن من سبيل أمامى لكي ابدأ الا أن أضع هدفين أساسيين.. الهدف الأول هو ازالة هذا الحقد المستشرى في البلد بإزالة الصراعات ومراكز القوى كلها وتصحيح مسار الثورة. وفي نفس الوقت كان على أن تكون عينى دائما على أرضنا المحتلة وعلى قواتنا المسلحة وعلى المعركة المقبلة.

         من هنا كانت المعاناة.. ويهمنى هذا علشان أربط التاريخ. تاريخنا في حلقات متكاملة .. بيهمنى لازم ارجع لسنة 70 من أولها علشان زي ما قلت قبل كده في خطاب من خطاباتي .. تاريخنا عبارة عن سلسلة حلقات تكمل بعضها البعض ليست مقطعة والا فاننا وأجيالنا المقبلة سنواجه ألاما ونواجه متاعب شديدة إذا لم نعرف تاريخنا وإذا لم يكن تاريخنا فعلا متصل الحلقات.

         أعود إلى سنة 70 في أول هذا العام كما قرأتم سافر عبد الناصر- الله يرحمه- للاتحاد السوفيتى في أواخر يناير 70 بعد ضرب أبو زعبل واتفق على تزويدنا بصواريخ سام 3 واتفق أيضا على أن تأتى أطقم سوفيتية تدير هذه الصواريخ إلى ان تنتهى الأطقم المصرية من التدريب على تشغيل هذه الصواريخ.

         وكان مقدرا ان الأطقم المصرية بتاعتنا تنتهى من تدريبها في أغسطس 70 كلنا نذكر ان اسرائيل في حادث أبو زعبل كانت داخلة على عمق الجمهورية .. ضربت أبوزعبل .. ضربت معسكر دهشور على بعد ربع ساعة من القاهرة.

         وقالوا احنا ضربنا دهشور على بعد ربع ساعة من القاهرة وسماء مصر مفتوحة أمامنا.. كان لا بد ان نعجل بالصواريخ الجديدة لأن الاتحاد السوفيتى ما كانش بيدينا غير الصاروخين سام 1 وسام 2 ودول ما بيأثروش على الارتفاعات الواطية دول للارتفاعات العالية بس.

         من هنا جه حرص عبد الناصر على انه في فترة الفراغ اللى ما بين استلامنا للصواريخ في فبراير ومارس 70 الى أن تنتهى الأطقم المصرية بتاعتنا من التدريب عليها في أغسطس 70 في هذه الفترة من فبراير ومارس الى أغسطس تأتى أطقم سوفيتية علشان تشغل هذه الصواريخ وجت فعلا الأطقم السوفيتية مع الصواريخ.. وزى ما حكيت لكم في خطابي الماضي عاد عبد الناصر وهو سعيد جدا لان الاتحاد السوفيتى موش بس وافق على صاروخ سام 3 بل وافق ايضا على مطلبين اخرين كانوا لنا يمثل احدهما وأنا حكيت عنه.. الحرب الألكترونية ويمثل الأخر سلاح للردع وده اللى كان دائما محور خلافنا مع الاتحاد السوفيتى من وقت عبد الناصر لغاية انا ما توليت الى ان انهيت وجود الخبراء السوفيت سنة 72 زى ما حاحكى.

         جه عبد الناصر .. وصلت الصواريخ .. وصلت الأطقم السوفيتية لكن الباقى ما وصلش.

         في أول مايو سنة سبعين وفى عيد العمال وكنا في شبرا الخيمة اتجه عبد الناصر في خطبته رسميا وأمام العالم كله بالخطاب الى الرئيس نيكسون وأمريكا والخطاب موجود ومسجل .. ليه ؟ .. في المشكلة اللى احنا فيها أمريكا طرف رئيسي أن ماكانتش هي الطرف الرئيسي فهي طرف رئيسي هي اللى بتعطى اسرائيل زى ما قلت أنا قبل كده من الزبدة والعيش الى المدفع والى الدبابة والطائرة .. وهي اللى وافقت سنة 67 بإشارة بالنور الأخضر للهجوم على مصر.

         ومن يتجاهل هذه الحقيقة يتجاهل شيء اساسي في حقيقة الصراع اللى احنا عايشينه النهاردة.

         اتجه عبد الناصر بالخطاب الى نيكسون وطلب ان أمريكا تحدد موقفها سلبيا أو ايجابيا انها تقول حتى إذا كانت موش قادرة تعمل حاجة تقول تعلن.

<3 >