إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، في مقر الاتحاد الاشتراكي العربي، في الذكرى الخامسة لوفاة الرئيس جمال عبد الناصر،  28/9/1975
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الخامس 1975، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ط 1982، ص 288 - 307"

         وجت مبادرة روجرز بعد هذا الخطاب بشهر طلع ما يسمى بمبادرة روجرز من أمريكا المبادرة كان فيها شيئين أساسيين الأمر الأول هو الانسحاب..

         الأمر الثانى .. هو ايقاف اطلاق النار ولمدة تسعين يوم في ذلك الوقت وبدءا من سنة 69 مش 70 واحنا في حرب استنزاف واستمرت طول 69 في يوليو 69 ادخلت اسرائيل سلاح الطيران الإسرائيلي كعنصر من عناصر الضرب والردع بالنسبة لنا اللى تطور بعد كده في أوائل 70 زى ما حكيت لكم انه دخل على العمق في أبو زعبل وكان داخل الى عمق الجمهورية لغاية اسكندرية.

         المبادرة كان فيها شيئين اثنين: الانسحاب.. ووقف اطلاق النار لمدة تسعين يوم.. ثلاث أشهر.. في هذه الأثناء انا قلت لكم عبد الناصر سافر في أوائل 70 في أواخر يناير وجه أول فبراير مرة أخرى سافر في هذه السنة نفسها 70، سافر في يوليو الى الاتحاد السوفيتى وكانت مبادرة روجرز طلعت وأعلنت للعالم ومستنية أمريكا ردنا على هذا واحنا مستمرين في حرب الاستنزاف راح عبد الناصر لموسكو تاني مرة في يونيو وقبل ما يسافر في هذا الرحلة أعددنا لها اعدادا كاملا.. طريقة السوفيت.. أسلوبهم انه لا بد ان يكون عندهم المسائل جاهزة علشان يستطيعوا ياخدوا قرار قبل ما يوصلهم الضيف اللى رايح لهم.. وكان موجود هنا سفيرهم المرحوم فينوجرادوف الأول، وكان صديق عزيز لمصر.. وكان لأول مرة باقولها طول فترة خدمته منذ 67 الى سنة سبعين اللى توفى فيها كان كل يوم اتنين بيجينى في بيتي الساعة 11 صباحا عشان نعيد تقييم الموقف وتفضل الأمور واضحة بالنسبة لنا لأنه ما كانش لنا في هذا الوقت زى ماكلكم عارفين الا الاتحاد السوفيتى وكانت علاقاتنا مقطوعة بأمريكا.. علاقاتنا منقطعة مع العالم العربى كله .. علاقاتنا منقطعة مع غرب أوروبا ماكانش في الواقع حد نعتمد عليه إلا الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت فأنا اتفقت مع عبد الناصر فعلا وجعلنا كل يوم اتنين الساعة 11 بلا موعد والكلام ده ثابت عندهم.. عند السوفيت هناك، بلا موعد بييجى كل يوم اثنين الساعة 11 اسبوعيا لغاية مامات الراجل.. من سنة 67 الى سنة 70 نقعد ونعيد تقييم الموقف.. اعادة تقييم المواقف أو.. أو.. وبينصرف الراجل بعد ساعة أو ساعتين حسب الحال ونقعد نتكلم ونشوف ايه الصورة.

         وقبل زيارة عبد الناصر دى جهزنا لها لمدة شهر كامل وكان التجهيز زى ما حكيت لكم أساسه أحنا عايزين الحرب الألكترونية وعايزين سلاح الردع.. وعدوه في يناير.. نفذوا سام 3 والأطقم السوفيتية لكن ماجتش بقية الوعود فجهزنا وقعدنا شهر كامل، وحتى قبل ما يسافر عبد الناصر وانا باتكلم وياه قلت له انا في تقديرى الدور ده لا بد كل شيء حينتهى فعلا لانه كل شيء جاهز عند القادة السوفيت قبلها بشهر وكل شيء واضح تماما.

         سافر عبد الناصر ماردش على الأمريكان في مبادرة روجرز وسافر وراح قعد معاهم، وفي أثناء سفره كنت أنا رئيس اللجنة السياسية باللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي، جمعت اللجنة السياسية، وبعد دراسة كاملة لمشروع روجرز قررنا بالإجماع التوصية برفض هذا المشروع.. ومسجل هذا الكلام .. وعبد الناصر كان في موسكو وقت ما اجتمعنا احنا لان في هذه الرحلة قعد أكثر من عشرين يوم.. ورجع عبد الناصر وشفته متهلل وصحته طيبة ممتازة، دخل مصحة هناك.. أنا انصرف ذهنى طبعا الى انه دائما معنوياته بتبقى عالية لما يبقى حاسس ان طلباتنا بتجاب .. لان المعركة ما فيش مفر منها.. وكان كل جهدنا وعملنا وتركيزنا عشان المعركة. صحيا كان ممتاز لكن نفسيا بعد ما وصل مباشرة في نفس اليوم .. وأنا بأوصله البيت.. وبسأله قال لى للأسف حالة ميئوس منها تماما ليه ده احنا مجهزين الرحلة من قبلها بشهر وكل شيء عندهم هناك.. فقال والله يعنى واحدة من اثنين. ده نص كلامه الله يرحمه أما ان هذه المعلومات اللى انت شهر حكيت لى عنها ورويتها وادتنى تقرير كامل ووصلتها لهم.. وأنت والسفير السوفيتى جهزتم كل شيء وانا مسافر وفاهم ان كل شيء جاهز على القرار ولا بد اخذوه هناك لان هم خدوا وقتهم كفاية.. قال لى واحدة من اثنين: اما انهم ماوصلتهمش هذه المعلومات كلية أو انهم بيتعمدوا اهمالنا انا يعنى حقيقة صدمت بهذا نفسيا كان في حال سيئة جدا جدا.

         وقال لى أنا اضطريت أن أعلن على ترابيزة المفاوضات بالكرملين أمام الزعماء السوفيت الثلاثة قبولى لمبادرة روجرز وصل بيه لأنه شايف زى ما قال واحدة من اثنين .. أما ما وصلتهمش معلومات خالص تبقى أجهزتهم بقى ما احناش عارفين ايه اللى فيها أو وصلتهم ومتجاهلين كل شيء تماما في الأيام اللى قعدها في المفاوضات قبل ما يروح للاستشفاء.

         فقال لى اضطريت أقبل وأعلنتهم على ترابيزة المفاوضات في الكرملين بقبولى لمبادرة روجرز وغضب برجنيف.. كان في أقصى درجات الغضب وعبد الناصر قال له .. ما فيش أمامى أبدا ازاء المعاملة اللى أنا شايفها منكم الا انى أقبل مبادرة روجرز.. ورجع وعاد.. ولما شرح لى قلت له: ده انا جمعت اللجنة السياسية في اللجنة المركزية ومتخذين توصية برفض مبادرة روجرز قال ادى واقع الحال وادى واقع الصورة اهه.

         وأعلن قبوله لمبادرة روجرز في مصر هنا بعد ما أعلنها لقادة الكرملين هناك الثلاثة على ترابيزة المفاوضات.

         عبد الناصر ماكانش يوصل لهذا القرار بسهولة ابدا.. وخاصة زى ما قلت انه كانت خطوطه مقطعة مع الكل.. مع أمريكا.. ومع غرب أوروبا.. مع العرب.. مع ناس كثيرين جدا في العالم.. ما فيش غير الاتحاد السوفيتى.. مجال المناورة.. هو كان مناور.. مجال المناورة ما فيش قدامه.. محدود.. وده اللى كان مخليه في حالة نفسية سيئة واللى خلاه يتخذ هذا القرار.

         قامت قيامة العرب علينا.. زى بالضبط اللى بيجرى النهاردة في فض الاشتباك الثاني وباشرس من اللى جرى في الأيام الماضية على عبد الناصر.. بمنتهى الشراسة على عبد الناصر وعلى مصر.. ومش قادر الراجل يحكى ليه هو قبل هذا.. باحكيها انا النهاردة .. وباهديها لكل انسان في العالم العربي وباهديها لإخواننا اللى في الاتحاد السوفيتي النهاردة بيرسم لهم الخطط وبيديهم الأخبار والمواقف.

<4>