إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، أمام أعضاء الكونجرس في الولايات المتحدة الأمريكية، 5/11/1975
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الخامس 1975، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ط 1982، ص 402 - 404"

         وتعلمون اننا نحن العرب لا توجد لدينا اى مشكلة فى التعايش مع الآخرين ممن يختلفون عنا فى الديانة او العرف وتاريخنا شاهد صدق على أننا ما حملنا يوما شعورا بالعداء نحو اى قوم وما عرفنا يوما نظريات للتفرقة العنصرية او الدينية كما فعلت شعوب اخرى كما أن تعاليم الاسلام السمحة وتقاليدنا الحضارية تحتم علينا ان نحترم الشعوب الاخرى  وان نتعامل مع الدول على قدم المساواة لاننا نؤمن بان الاسلام هو استمرار لعملية خضوع الانسان للارادة الالهية منذ بدء الخليقة وقد امرنا القرآن الكريم ان نقول ..

         قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل. وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون.

         فالسلام بالنسبة لنا ليس مجرد امل ومثل اعلى بل انه احدى الوصايا الآمرة التى انزلت الينا ونلتزم بها وسبيلنا الى التعبير عن اجلالنا وتوقيرنا للانبياء هو أن نصلى الى الله ونبتهل اليه ان ينزل السلام على ارواحهم فهل غريب اذن ان تكرس الامة العربية جهدها لخدمة قضية السلام.

         تلك الدعوة التى هى من صلب عقيدتها ومن صميم نسيجها الحضارى. لقد اثبتت الاحداث الاخيرة بما لا يدع مجالا للشك ان رغبتنا فى اقامة السلام هى الاعتبار الاول فى تفكيرنا واعتبارنا ولقد اتخذنا الخطوات التى اتخذناها عن ايمان منا بأننا نمهد الطريق الى السلام حتى لو اقتضى هذا تحمل بعض المخاطر وأود أن اذكركم بان من العوامل المهمة وراء مسلكنا هذا الدور البناء الاكثر حيدة الذى نتوقع ان تلعبه الولايات المتحدة.

         وقد قيل الكثير عن التعهدات الامريكية لهذا الطرف او ذاك غير ان التعهد الحقيقى المطلوب من الولايات المتحدة هو الالتزام بالعمل من اجل السلام والعدل ولسنا نطلب من بلدكم ان يتخلى عن احد او يحول اصدقاءه الى اعداء، واننا نتوقع من الولايات المتحدة الا تسكت عن التوسع او تعاون مع العدو وكثيرا ما سمعنا عن القوة الملزمة للتعهدات التى يناقض بعضها البعض احيانا غير أن الضمان الوحيد لبقاء اى تعهد هو ان يكون مبنيا على المبادىء والمعايير الموضوعية لا المداورة ونحن نتوقع أن تتعاون الولايات المتحدة معنا فى سعينا لتحريك عملية التوصل الى تسوية شاملة تعالج جميع جوانب الصراع فى الشرق الاوسط ونتوقع منها كذلك أن تكف عن اذكاء سباق التسلح فى المنطقة اذ ان هذا سيؤدى حتما الى تجديد الصراع المسلح.

         السيد رئيس مجلس الشيوخ
         السيد رئيس مجلس النواب

         منذ تعرفت على الرئيس فورد اولا من خلال تبادل الرسائل معه ثم بعد اللقاء المباشر وجدت فيه رجلا ذا بصيرة نافذة وفهم عميق ومودة وقد كان رجلا نزيها حافظ على كلمته دائما وهو يتميز بالصراحة والامانة والتزامه بالسلام التزام الاصيل، وباختصار فهو ينتمى الى هذا النوع من رجال الدولة الذى يحبهم المرء ويثق فيهم.

         وفى خلال الايام العشرة الماضية اتيح لى ان ازور كثيرا من انحاء بلادكم الجميلة وقد لمست حرارة الشعب الامريكى وحسن ضيافته ورغبته الاصيلة فى تحقيق السلام والتقدم ليس له وحده وانما للعالم اجمع والحق ان هناك جوانب كثيرة مشتركة بيننا وهناك ما يدعونى الى الاعتقاد بأننا نستطيع ان نعمل سويا من اجل تحقيق الاهداف التى حددناها لانفسنا وانتهز هذه الفرصة لأوجه للشعب الامريكى من خلال ممثليه شكرى وتمنياتى لهم بالسعادة والتوفيق.

         وقد قمت بهذه الزيارة قبيل احتفالكم بمناسبة مرور مائتى عام على ثورتكم وباسمى وباسم شعب مصر وحكومتها اوجه لكل امريكى التهنئة الحارة بهذه المناسبة المجيدة فى تاريخكم من بين ثنايا الثورة ومن خلال الجهاد ضد القهر والظلم.

         ومن خلال ايمانكم الحازم بحقوق الانسان استطعتم ان تقيموا بلدا فتيا قادرا على الاسهام فى تقدم الانسانية واود ان اكرر لكم شكرى على اتاحة هذه الفرصة لى. وترون اننى قد تحدثت لكم بكل صدق ايمانا منى باننا يجب الا نضيع اى فرصة تسمح لنا لبناء جسور الصداقة الحقيقية والتفاهم الاصيل بين الشعوب.. حتى يأتى يوم تتحول فيه السيوف الى محاريث تشق الارض وتنقلب الرمـاح الى ادوات تنفع الناس.


<3>