إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، رئيس جمهورية مصر العربية، فى عيد العمال

وفى الحرب التي دخلت كتب التاريخ باسم حرب السويس انهزمت أخر حرب استعمارية في المنطقة.. وهنا فى السويس يذكر أن الثورة بدأت في تحويلها من مجرد ممر للسفن إلى قلعة صناعية كبرى لأن الهدف فى البداية كما قلت هو التعمير وبعث الحياة الجديدة والآمال العريضة أمام جماهير شعبنا وبالفعل أقيمت فى منطقة القناة كلها مجموعات صناعية كبرى من معامل تكرير ومصانع أسمنت وسماد ومصانع الكترونيات ومصانع لبناء السفن.. وجاءت حرب 67 وصارت أعلام إسرائيل مرفوعة على الضفة الشرقية للقناة ومدافعها مصوبة إلى السويس وسائر مدن القناة. وظنت إسرائيل أنها بذلك قد جعلت شعب القناة وصناعات القناة أسيرة فى حوزة مواقعها وكانت تخص السويس بالذات بأعنف ضرباتها ومظاهر غرورها وعدوانها.. وهنا مرة أخرى أقول أن وجودنا فى هذا الموعد وهذا المكان بالذات يذكرنا بقرار تاريخي آخر كان هذا القرار هو إخلاء المنطقة من سكانها وفى مقدمتها السويس لم يترك شعب السويس ولا سائر الجبهة أرضة أبداً ولكننا كقيادة لنا تقدير آخر لقد طلبنا منهم هذا بل فرضناه عليم فرضاً.. كنا بذلك نحول هذه المدن والمناطق العزيزة علينا إلى ساحة للقتال.. كنا نعلن بذلك للعالم إرادتنا وتصميمنا على أن نقاوم وأن ندافع عن بلادنا شبراً شبراً مهما كان الثمن.

أيها الأخوة والأخوات:

          إن مجرد احتمال شعب السويس وسائر المنطقة لسنوات التهجير لهو بطولة لا تقل عن بطولة القتال ذاتها.. لقد ضحوا ببيوتهم وأعمالهم ومتاجرهم ليتيحوا لقواتنا حرية الحركة ضد العدو.. وعاشوا أقسى أنواع الحياة بعيداً عن بيئاتهم وبيوتهم ما يقرب من سبع سنوات فى صبر وجلد واحتمال.. لا يقدر عليه إلا أبناء هذا الشعب المصري العظيم.

          ولقد دارت الحرب من يومها هنا سجالاً وبقى من بقى هنا من اللذين كان وجودهم ضرورياً يعملون ويديرون عجلة الحياة فى بطولة وفداء عظيمين.. كنا نرد الصاع صاعين ونكظم الغيظ ولكننا في نفس الوقت نستعد للمعركة التي كان لا مفر منها.. وجاء اليوم الموعود.. وبصيحة الله أكبر وتحت رايات مصر الخالدة.. عبرت قواتنا المسلحة القناة على امتدادها كلها وانفتحت أبواب الجحيم فوق المياه الهادئة وما حولها ودكت قواتكم خط بارليف وتمركز جيشان كاملان شرق القناة وفشلت كل محاولات العدو المستميتة فى زحزحته شبراً واحداً.. وحين أنتهز العدو فرصة وقف إطلاق النار كعادته وتسلل من الثغرة أندفع بسرعة بالغة يريد الحصول على ثمرة كبرى هى السويس.. كان يريد السويس بأي ثمن لموقعها ولأسمها الكبير في العالم فيغطى بذلك دعائياً هزيمته العسكرية واضطراره للتقهقر على طول جبهة القتال.. أراد أن يخطف هذا النصر الدعائى خطفاً.. في غمرة مخالفته لقرارات وقف إطلاق النار... واستطاع بالفعل أن يصل بدباباته وخيرة جنوده إلى مداخل السويس التي بدت له وكأنها شبه خاليه.. وفجأة ومرة أخرى قالت السويس كلمتها.. لقد اندمجت القوات المسلحة مع قوات الشرطة مع الشعب والمقاومة الشعبية اندماجاً رائعاً تحت أقصى الظروف وأكثرها مفاجأة.. وأعلن العدو خداعاً وتضليلاً كعادته سقوط السويس أكثر من مرة.. بل وأعلن أسم حاكمها

<3>