إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، رئيس جمهورية مصر العربية، فى عيد العمال

العسكري.. ولكن السويس كانت تسجل بالحق وبالقوة أروع ملحمة نضال لم يتصور العدو ضراوتها ولا شراستها.. حتى ذاق الهزيمة وأضطر أن ينسحب تاركاً حطام دباباته في شوارع المدينة الباسلة.

          أقول هذا لكى يعلم كل مصري فى أي مكان من بلادنا مدى الدين الذي في أعناقنا للسويس.. السويس التى افتدت الوطن حين قررت أن تموت دفاعاً عن نفسها وأن تهزم أضخم الدبابات بصدور أبنائها..

          وأقول أيضاً لكي يعلم كل مصري يشكو ضيقاً فى الرزق أو أزمة من أزمات الحياة التى لا بد منها بعد كل حرب.. أقول أن هناك أولويات وأن فى مقدمة هذه الأولويات أن يعود أبناء السويس وأخواتها من مدن القناة إلى بيوتهم التى حرموا منها أو دمرت تماماً، وأننا مهما احتملنا من مصاعب فإنها لا تقاس شيئاً إلى ما احتمله أكثر من نصف مليون مواطن تركوا بلادهم وعاشوا مهجرين ما يقرب من سبع سنوات ولا بد أن نبنى لهم حياتهم من جديد.

          أقول هذا لكي نعرف جميعاً أن أولوية التعمير التي أعطينها لهذه المنطقة ليست فقط لحساب أهل القناة البواسل ولكنها أولوية لأمن بلادنا كلها فنحن لا نبني ونعمر فقط غرب قناة السويس ولكننا ننقل الحياة لأول مرة إلى شرقها وننقل مياه النيل لأول مرة إلى سيناء التي عاشت منذ بدء الخليقة قاحلة جرداء لأن هذا التعمير والتسكين شرقاً هو فى المدى الطويل بند من أهم بنود الأمن القومى لبلادنا وبدون توفير هذا الأمن لا تعود هناك قيمة لكل ما نفعله فى الداخل من أجل البناء والتعمير وتحسين الأحوال المعيشية للقاعدة العريضة من أبناء هذا الشعب. ولقد كان لأبنائى العمال بالذات خلال كل هذه الأحداث التاريخية دور بطولى عظيم.. كانوا هم الواقفين في شتي مواقع الإنتاج خلف قواتنا المسلحة يسدون بعملهم فى حقولهم ومصانعهم معظم حاجات الشعب والجيش الضرورية للصمود، وما قامت به مصانع القطاع العام بالذات بمديريها ومهندسيها وعمالها كان امتحاناً اجتازه القطاع العام بنجاح لا مثيل له وأثبت القطاع العام بذلك أنه حقاً قاعدة الصناعة الأولى فى مصر، وأن ما أنفق عليه من مال الشعب وعرقه وادخاره قد أعطى ثمرته أعظم ما يكون العطاء فى صمود السنوات السبع التي كان لا بد من عبورها قبل أن تعبر القناة وقبل أن ندفن غرور العدو وصلفه ودعاياته فى الرمال وتحت أنقاض ما اقامه من حصون وقلاع.

          وفى ساحة القتال ذاتها كانت لعمالنا صفحات ناصعة لا بد أن تسجل وأن تروي بالتفاصيل دوماً لأنها تكشف عن المعدن الحقيقى لهذا الشعب وأنه ليكفى أن أذكر ملحمة بناء حائط الصواريخ بواسطة آلاف العمال والمهندسين المصريين تحت ضرب الطائرات الإسرائيلية المتواصل يوم كان الطيران الإسرائيلي يعربد في سمواتنا بغير حساب ويضرب ما شاء له من أهداف.. لقد حاول العدو عن طريق سلاح طيرانه المستحيل ليمنع إقامة هذا الجدار، ولكن عمالنا ومهندسينا تحت هذا الضرب المتواصل ووسط تساقط الشهداء منهم بالمئات واصلوا العمل ليل نهار حنى أنجزوا هذا العمل الذي كان ضرورة حيوية بالغة.وقصة بناء قواعد الصواريخ فى عمق بلادنا  عام 1970.. أنها أيضاً ملحمة قام بها عمالنا لا تقل فى روعتها عن ملاحم

<4>