إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، رئيس جمهورية مصر العربية، فى عيد العمال

القتال.. لقد أنجز عمالنا ومهندسونا بالجهد المصري والعرق المصري والتصميم المصري.. أنجزوا معجزة في خلال أربعين يوماً مما يحتاج إنجازه إلى سنين، ولكي نتصور مدى هذا العمل أقول انه صرف فى هذه الأيام الأربعين ما يقرب من أربعين مليون جنيه أقام بها عمالنا مواقع الصواريخ فى زمن قياسى ورقم قياسى لا يقل خلوداً عن معركة القتال ذاتها.

          يكفي أن أذكر أيضاً ما تعرفونه عن ضرب العدو لمنطقة أبو زعبل ونجاح عمالنا في إعادة العمل بقوته الكاملة فى أقل من 45 يوماً ثم زادوا الإنتاج بعد ذلك وفى خلال حرب أكتوبر عندما ركز العدو غاراته الجوية فى أيامه الأخيرة فى بورسعيد طلبت القوات المسلحة من المقاولين العرب متطوعين من العمال ليذهبوا إلى هناك لبناء ما يهدم مساعده للجهد الحربى، وقدرت القوات المسلحة لذلك ثلاث فرق من العمال فقط.. فماذا حدث؟ لقد تقدم للتطوع في يوم واحد ما يكون ثلاثين فرقة عمل من عمالنا المصريين بدلاً من ثلاث ذهبت كلها إلى بورسعيد حيث كان القتال لتعمل من خلف وسنداً لقواتنا المسلحة..

          وهكذا أيها الأخوة والأخوات من عمال وعاملات مصر يذكرنا هذا الموعد فى أول مايو وهذا المكان في السويس بصور رائعة كثيرة من بطولة شعب مصر ومن كفاح مصر من أجل رفعتها ورفعة الأمة العربية كلها بل وحركات التحرر جمعاء.

          ومرة أخرى أقول إن اجتماعنا هذا اليوم هنا في السويس بالذات دلاله على أننا على العهد باقون وإننا فى مقدمة صفوف النضال واقفون صامدون وأن كل الذين يحاولون الطعن فى دور مصر أو النيل من استعدادها الدائم لمواجهة هذا الدور إنما يحاولون عبثاً فتلك صفحاتنا ليست مملوءة بالكلمات ولكنها مملوءة بالوقائع والتضحيات لا يستطيع أن يزايد علينا في هذا المجال أحد، والشعب العربى كله يعرف أن الزبد هو الذي يذهب جفاء وأن العمل النافع الصادق هو الذي يمكث فى الأرض.

          أيها الأخوة والأخوات

          نحن نقف هنا على أرض غنية بالتاريخ لقد شاءت الظروف أن تجعل اسم السويس رمزاً وعملاً ونقطة تحول فى عصور كثيرة.. قبل حفر القناة كانت هى آخر ميناء من الشرق البعيد ونقطة الوصول عبر مصر إلى أوروبا وعند حفر القناة التى حفرها أجدادكم العمال المصريون بأيديهم وأظافرهم وتحت سياط الاستغلال الأوروبي.. بعد حفر القناة صارت السويس أثمن جائزة إستراتيجية تتصارع عليها الإمبراطوريات ومنذ دخول الإنجليز مصر صارت هى والقناة محور المعركة الوطنية طوال ثمانين سنة فى مصر. وآخر حرب استعمارية تقليدية قامت سنة 1956 وعرفت في كتب التاريخ ولا تزال تعرف باسم حرب السويس.

          وفى حرب 73 كانت السويس هي الثمرة التى استمات العدو لقصفها فاستعصت عليه وعلي أبوابها دارت رحى آخر قتال فى حرب أكتوبر المجيدة، وشاء الله أن تكون معركة يندمج فيها الشعب والجيش

<5>