إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



كلمة الرئيس حافظ الأسد، رئيس الجمهورية العربية السورية، إلى الأمة حول نشوب الحرب
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1973، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 9، ط 1، ص 328- 329"

كلمة الرئيس حافظ الأسد، رئيس الجمهورية العربية السورية، إلى الأمة حول نشوب الحرب.
دمشق، 6/10/1973 (الثورة، دمشق، 7/10/1973)

        أيها الإخوة المواطنون،
        ياجنودنا، وصف ضباطنا، وضباطنا البواسل،
        يا أبناء شعبنا الأبي،
        مع تحيتي لكل فرد منكم، أخاطب فيكم اليوم الروح العربية الأصيلة، روح الشجاعة والبطولة، روح البذل والتضحية، روح الفداء والعطاء. أخاطب فيكم محبة الوطن التي فطرتم عليها، والإيمان بالقضية التي صممتم على الدفاع عنها.

        منذ أسبوع ونيف، والعدو يحشد ويعد، وفي ظنه أنه سينال منا بضربة غادرة، وكنا يقظين ساهرين، نرصد حركاته وسكناته، ونستعد ونتاهب لنرد عدوانه الجديد المحتمل. فلم نسمح له أن يأخذنا على حين غرة، فاندفعت قواتنا المسلحة ترد عليه الرد المناسب. ولم يسمح له إخوتنا في مصر أن يأخذهم على حين غرة، فاندفع جيش مصر العظيم يدافع عن كرامة مصر وكرامة الأمة العربية. فتحية لجيشنا وشعبنا، وتحية لجيش مصر وشعب مصر العربي العظيم.

        ولا بد لي، في هذه اللحظات الحاسمة، من أن أوجه تحية أخرى من القلب إلى هؤلاء العسكريين البواسل الذين جاءوا إلى قطرنا من المغرب الشقيق ليشاركوا في معركة العزة والكرامة، ويقدموا الدم سخياً إلى جانب إخوانهم في سورية ومصر، فجسدوا بذلك وحدة الأمة، ووحدة المصير، وقدسية الهدف.

        اننا، اليوم، نخوض معركة الشرف والعزة، دفاعاً عن أرضنا الغالية، عن تاريخنا المجيد، عن تراث الآباء والأجداد. نخوض المعركة بإيمان بالله و بأنفسنا، وبعزيمة صلبة، وتصميم قاطع على أن يكون النصر حليفنا فيها.

        لقد بغت إسرائيل، وأصابها الغرور، وملأت الغطرسة رؤوس المسؤولين فيها، فأوغلوا في الجريمة واستمرأوا أسلوب العدوان، يملأ قلوبهم حقد أسود على شعبنا وعلى البشرية، ويستبد بهم تعطش لسفك الدماء، ويوجه خطاهم استخفاف بمبادئ البشرية ومثلها العليا وبالقوانين والقرارات الدولية.

        مثل هؤلاء، مثل من سبقهم من دعاة الحروب، لا يقفون عند حد، ولا يرعوون إذا لم تردعهم الشعوب المؤمنة بحقها، المكافحة في سبيل حريتها ووجودها.

        وإذ نؤدي واجبنا في الدفاع عن أرضنا وشرف أمتنا، فإننا مستعدون لبذل كل تضحية وتقبل كل شدة، في سبيل أن ينتصر الحق وتنتصر المبادئ، وفي سبيل أن يسود السلام العادل.

        أيها الإخوة المواطنون،
        إن الشدائد هي محك لمعدن الشعوب، وامتحان لأصالتها. وكلما ازدادت الأزمة شدة، ظهر المعدن الصافي، وتأكدت الأصالة الراسخة.

        إنكم أبناء أمة عرفت، على مدى التاريخ، بمواقف الرجولة والإباء، بمواقف البطولة والفداء، أبناء أمة حملت رسالة النور والإيمان إلى أصقاع الأرض، وشهد لها العالم قاطبة بأسمى الصفات وأنبل الأخلاق.

        فيا أحفاد أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، رضي الله عنهم، يا أحفاد خالد، وأبي عبيدة، وعمرو، وسعد، وصلاح الدين، إن ضمير أمتنا ينادينا، وأرواح شهدائنا تستحثنا، أن نتمثل معاني اليرموك، والقادسية، وحطين، وعين جالوت. وإن جماهير أمتنا من المحيط إلى الخليج تشخص بعيونها وأفئدتها إلى صمودنا العظيم، وكلها أمل وثقة، إلى النصر سائرون.

<1>