إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



خطاب الرئيس حافظ الأسد، رئيس الجمهورية العربية السورية إلى الشعب حول الحرب ووقف اطلاق النار
المصدر:" الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1973، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 9، ط 1، ص 405 - 409"

خطاب الرئيس حافظ الأسد، رئيس الجمهورية العربية
السورية، إلى الشعب حول الحرب ووقف إطلاق النار.

دمشق، 29/ 10/ 1973

 

(الثورة، دمشق، 30/10/1973)

          ايها الاخوة المواطنون،
          ايها الاخوة العسكريون،
          ابناء شعبنا العربي،
          قبل خمسة ايام كان موعدي معكم. اردت في ذلك الموعد، مساء الرابع والعشرين من تشرين الاول [أكتوبر]، ان اصارحكم كعهدي معكم دائماً، ان اجلو لكم ما كان قد حدث، وان ارسم صورة المستقبل كما تصورتها. كانت تطورات قد حدثت ولم تكن في الحسبان. وقد أردت ان تعرفوا قدر المستطاع كيف حدثت وما هي عواقبها.

          وطرأت مشاغل سببها تسارع الأحداث في ذلك المساء، فأرجأت حديثي على كره مني، وبقيت اتحين الفرصة لاعود فاخاطبكم.

          وحين وجدت فرصتي اليوم، عدت الى ما كنت دونته لاقوله لكم، وتأملته ملياً، فلم احذف منه كلمة، بل اضفت اليه ما يمكن ان يزيد الصورة وضوحاً ويزيد الامور جلاء.

          ايها الاخوة،
          لقد واجه شعبنا التحدي بارادة لا تقهر وعزيمة لا تفتر، وواجه الشدائد بالصمود والتصميم، فسطر، في تاريخ النضال العربي المعاصر، صفحات مشرقة مشرفة، رفع بها رأس الامة العربية عالياً، وقدم بالدم والتضحيات والفداء، الدليل القاطع على ان هذه الامة اقوى من كل محاولات الاعداء للنيل منها.

          واجه شعبنا التحدي بالارادة والصمود والسلوك الرائع، يدعم بها وقفة البطولة والرجولة التي وقفتها القوات المسلحة العربية في ساحة القتال حيث قهرت بالدم والنار قوى الغدر والعدوان، فانتصرت الذات العربية، وانتصر الانسان العربي لانه عرف ذاته وفجر طاقاته، واثبت للملأ انه الانسان القادر على استيعاب روح العصر والتقدم، وانه قادر على استخدام منجزات العلم في ميدان القتال كما في ميدان التنمية والبناء.

          لقد كانت هذه الايام الثمانية عشر التي انقضت على حرب التحرير، تجربة هامة فرضت نفسها على شعبنا، فاجتاز التجربة بنجاح، بل اجتازها بتفوق. صمد الانسان العربي صموداً جباراً، وقاتلت القوات العربية قتالا بطولياً، ورص شعبنا صفوفه وراء قواته المسلحة في جبهة متماسكة قوية، وجمعت الامة العربية امكاناتها وزجت بالكثير منها لتعزيز الصمود ودعم المجهود الحربي.

          وكان وراء كل ذلك ايمانا بالله، وايمان بالقضية التي قاتلنا في سبيلها، وثقة بالقدرة الذاتية وبالطاقات العربية الهائلة. وها نحن اليوم نشعر بأننا اقوى من أي وقت مضى، وأوفر قدرة على مواصلة مسيرة النضال بالسلاح والتضحية والفداء، وأشد ثقة بقدرتنا على تحقيق النصر.

          وقد قاتلنا ونقاتل دفاعاً عن انفسنا، عن حقوقنا، عن ارضنا، وعن مبادئنا. وقاتلنا ونقاتل لكي ندفع القتل والتدمير عن شعبنا ووطننا. واعلنا، منذ بدء الحرب، اننا ننشد الحرية، ونضع نصب اعيننا هدفين للقتال نتمسك بهما ولا نحيد عنهما مهما غلت التضحيات، ومهما طال الطريق. هذان الهدفان هما تحرير الارض العربية المحتلة،

<1>