إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



خطاب الرئيس حافظ الأسد، رئيس الجمهورية العربية السورية، إلى الشعب حول الحرب
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1973، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 9، ط 1، ص 366 - 369"

خطاب الرئيس حافظ الأسد، رئيس الجمهورية العربية
السورية، إلى الشعب حول الحرب.

دمشق، 15/10/1973

 

(الثورة ، العدد الصباحي، دمشق،16/10/1973)

         ايها الاخوة المواطنون،
         ايها الاخوة العسكريون،
         يا ابناء شعبنا العربي،
         بكل فخر واعتزاز بكم وبصمودكم العظيم، اخاطبكم اليوم من قلعة الصمود، دمشق الخالدة، دمشق التي اصبح صمودها البطولي امام غارات العدو الهمجية، رمزاً لصمود وطننا العربي كله، ومبعث اعتزاز امتنا العربية باجمعها. وستبقى هذه المدينة شامخة شموخ قاسيون في حمى ابنائها الذين يقابلون التحديات بالارادة القوية، ويواجهون الصعاب مهما اشتدت بمزيد من التصميم والعزيمة الصلبة، وبمزيد من الاصرار على النصر.

         ان صمود دمشق من صمود اخواتها مدن هذا البلد المناضل، من صمود حمص واللاذقية وطرطوس وبانياس، وهو من صمود القاهرة وكل عاصمة ومدينة وقرية في الوطن العربي، لان هذا الصمود، في الاساس، هو التعبير العملي عن ارادة شعبنا، وعن تصميمه على ان يحيا الحياة الكريمة التي ينشدها ، وأن يبني المستقبل المشرق الذى يرجو لنفسه ولكل شعوب العالم.

         قبل عشرة أيام، خاطبتكم في اليوم الذي كان نهاية مرحلة اراد منها العدو ان تكون اعتداءاته المتكررة تثبيتاً لواقع الاحتلال والتوسع، وتمهيداً لفرض ارادته على امتنا. واليوم، احدثكم وقد اتخذت المعركة شكلها الحقيقي، شكل حرب تحرير كاملة، كان اول انجازاتها تحرير الارادة العربية من عوامل الضغط عليها، وستكون خاتمتها، باذن الله، تحرير الارض التي طال شوقها الى ابنائها.

         في هذه الايام العشرة المجيدة من المعارك الطاحنة التي خاضتها قواتنا المسلحة بكل اسلحتها، وبمنتهى الرجولة والشجاعة، وبايمان بالنصر لا يتزعزع، في تلك الايام من الصمود البطولي الرائع الذي تحلى به شعبنا، صححنا مفاهيم وأفكاراً كثيرة خاطئة كادت ان تترسخ في العالم الخارجي عن امتنا، واعدنا الى الانسان العربي ثقته بنفسه بعد ان ضمدنا جراح كرامته المطعونة، وأثبتنا للعدو وللعالم كله ان شعبنا ليس تلك اللقمة السائغة التي توهم العدو انه يسهل عليه ابتلاعهـا. أثبتنا ان الموت الزؤام ينتظر كل من يحاول ان يذل شعبنا أو يدنس اي شبر من ارضنا.

         لقد احييتم تقاليد امتنا المجيدة، تقاليد الآباء والاجداد، وارضيتم الله والوطن والضمير، ورسمتم على ساحة النضال العربي بالدم الطهور طريقاً لن تتبدل بعد اليوم، طريقاً ختامها النصر المؤزر. كنتم مع قضية امتكم، فهبت امتكم تدعم صمودكم. وكنتم مع قضية الحرية، فتسابق الاحرار في العالم للتعبير عن تأييدهم لوقفتكم الجبارة، وقد عبروا عنه بأشكال متعددة، ونلتم من الجميع الاحترام والتقدير والاعجاب. وكان اساس كل ذلك هو صمودنا، مدنيين وعسكريين، واستعدادنا لمقابلة الشدة بنكران الذات، واصرارنا على السير نحو الهدف بثبات مهما غلت التضحية ومهما طالت الطريق.

         وفي هذه الايام العشرة ايضاً، كنت، بكل ما املك من طاقة واحساس، مع كل فرد منكم. كنت مع الجندي، وصف الضابط، والضابط، يدك بدرعه دبابات العدو، يقصف بمدفعه حشود المعتدين، يصلي طائرات العدو ناراً لا تخطىء فتتساقط حطاما على الارض. كنت مع الطيار يحمي بطائرته سماء الوطن، ويطارد طيران العدو، ويحطم اسطورة السلاح الجوي الاسرائيلي الذى لا يقهر. مع البحار يحمي بقطعته البحرية ومدفعه سواحلنا، ويكتب صفحات جديدة من أمجاد العرب في البحار.

         كنت مع كل مواطن من ابناء شعبنا الاصيل، مع العامل في مصنعه يدير الآلة بيد ويحمل السلاح بالاخرى. مع الفلاح يزرع الارض، ويتنكب البندقية. مع الموظف في

<1>