إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



(تابع) خطاب الرئيس حافظ الأسد، رئيس الجمهورية العربية السورية، إلى الشعب حول الحرب
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1973، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 9، ط 1، ص 366 - 369"

ان نعود في المستقبل القريب، لهذه المواقع، وغيرها من مواقع وقرى الجولان.

         ان ايمان قواتنا المسلحة بالله سبحانه وتعالى، وثقتها بشعبنا، وحسن استخدامها للسلاح الجيد الذي تملكه، وايمانها بالقضية التي تقاتل في سبيلها، قد انعكس كله على سير القتال انتصارات حققتها قواتنا ولا تزال تحققها في كل ميدان وعلى كل مستوى. ان جيشنا ببطولاته قد ارغم قادة العدو على الاعتراف بقسوة المعركة وشدة القتال.

         ولم نكن، من جانبنا، ننتظر انتصاراً سهلا، ولا كنا نتوقع ان يسلم العدو بطرده من ارضنا المحتلة دون مقاومة ضارية. فنحن نعرف اطماعه التوسعية، ونعرف ان هناك قوى تشجع هذه الاطماع وتدعم محاولات تحقيقها. ولقد سارع العدو اثر خسائره وهزائمه ، في الايام الاولى للقتال، الى الاستعانة بهذه القوى، يستمد منها العون، ويطلب امداده باعداد كبيرة من الاجانب يعوض بهم خسائره بالرجال في مختلف الاسلحة، وخاصة في سلاح الطيران، كما يطلب عتاداً جديداً يعوض به خسائره في العتاد.

         وبهذا المدد الذي جاءه سريعاً، والذي اضافه الى قوات الاحتياط المحشودة، ركز العدو على قطاع واحد من جبهتنا تركيزاً شديداً، واخذ يضغط بالقسم الاكبر من قواته، بدباباته، وطائراته، واسلحته المختلفة، فاستطاع ان يحقق خرقاً محدوداً في خطوطنا.

         بيد ان قواتنا بادرت الى الرد السريع. وخاضت من مواقع جديدة، قتالا ضارياً استبسل فيه كل فرد من افرادها، فصدت هجوم العدو المعاكس، وألحقت بدباباته وطائراته خسائر جسيمة، وارغمته على التراجع، وهي ما تزال تلاحقه بضرباتها، وستظل تضرب قواته حتى نستعيد مواقعنا في ارضنا المحتلة ونمضي بعد ذلك حتى نحرر الارض كلها.

         نحن نعلم ان لعدونا مصدراً يتزود منه ويعوض خسائره في الرجال والعتاد، ولكننا واثقون من طاقات شعبنا وامتنا ومصادر دعمنا.

         واقول للذين يدعمون باطل اسرائيل وعدوانها، ان عليهم ان يرجعوا الى انفسهم، وان يفكروا بما سيجره موقفهم العدائي العدواني على مصالحهم الكثيرة في الارض العربية. انهم باستعدائهم جماهير امتنا، يفجرون غضبتها، وحين تغضب الشعوب لا تستطيع قوة أن تقف في طريقها.
         ايها الاخوة المواطنون،
         ايها الاخوة العسكريون،
         ان للحرية والكرامة ثمناً، وثمنها ولا شك غال، ولكننا مستعدون لدفعه في سبيل ان نصون الشرف، وان ندافع عن الحرية، وان نحرر الارض، وان نسترد الحقوق، وفي سبيل ان نوفر للاجيال العربية المقبلة ما هو حقها: ان نوفر لها العيش الرغيد والمستقبل الباسم المشرق، المستقبل الذي تنعم فيه بالحرية والامن والطمأنينة والسلام.

         اننا ندق باب الحرية بسواعدنا، وبكل قوة، مدركين ان اعداء الشعوب لا يسلمون للشعوب بحريتها طوعاً، ومصممين على ان يكون تحرير الارض لتحقيق النصر في هذه الحرب هدفاً كبيراً لا نحيد عنه، ولن نحيد عنه باذن الله.

         وفي سبيل الهدف الكبير تهون كل تضحية، ويسهل كل جهد. وما دام هدفنا كبيراً، وما دمنا مؤمنين بالهدف، فانا جهدنا وجهادنا سيكونان على قدر هدفنا. وما دمنا، ايضاً، مؤمنين بالهدف، فان كل ما يبذله العدو من جهود، وما يفتن به من اساليب الحرب النفسية، سيندحر ويفشل، ولن يؤثر قط في معنويات شعبنا وقدرته على الصمود والمقاومة.

         اننا شعب قادر في ساعة الجد على صنع المعجزات، ولقد دقت ساعة الجد، فلنوطن انفسنا على المضي في حرب التحرير حتى نهايتها المظفزة. نمضي فيها بنفس طويل مؤمنين بالله، واثقين بانفسنا واثقين بقدراتنا على ان نصنع النصر بأيدينا.

         في الختام، اوجه باسمكم تحية صادرة من القلب، وملؤها الحب والتقدير، الى جميع رجال قواتنا المسلحة.
         أحيي فيهم الشجاعة، أحيي فيهم الاقدام، أحيي فيهم الكفاءة العالية، وأحيي فيهم الايمان الذي لا يتزعزع بقضية وطنهم، والقدرة الاكيدة على انتزاع النصر.
         وتحية من القلب الى كل جندي عربي يشارك في صنع، النصر الاكيد في معركة التحرير. وتحية الى كل فرد منكم. ولنردد جميعاً، وفي كل وقت، الشهادة، أو النصر.


<3>