إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


 


خطاب الدكتور محمد مرسي يوم 24/6/2012

كلمة الرئيس محمد مرسي في افتتاح مؤتمر القمة الإسلامي بالقاهرة[1]

الأربعاء 6 فبراير 2013

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خير من دعا إلى ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، وأرضى اللهم عن خلفائه الراشدين الأخيار، الأطهار، أبوبكر وعمر وعثمان وعلى وعن الصحابة أجمعين وعن التابعيين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.

فخامة الرئيس "مكاي سال" رئيس جمهورية السنغال، رئيس الدورة الحادية عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي،

أصحاب الفخامة والسمو ملوك ورؤساء الدول والحكومات،

أصحاب المعالى الوزراء والسادة رؤساء الوفود،

السيد الدكتور "أكمل الدين إحسان أوغلو"، أمين عام منظمة التعاون الإسلامي،

السيدات والسادة،

أحييكم جميعا بتحية الإسلام الخالدة، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أود في البداية، أن أتوجه بالشكر لفخامة الرئيس "مكاى سال" رئيس جمهورية السنغال ولبلده الشقيق، على المجهود الكبير والعمل الدءوب والنشاط البارز طوال فترة رئاستها للقمة الإسلامية، خلال الدورة الحادية عشرة، وعلى توليها هذه المسؤولية لفترة امتدت لخمسة أعوام.

اسمحوا لي، أن أرحب بكم مُجدداً في مصر، كنانة الله في أرضه، وأن أنقل إليكم تحيات كل مصري ومصرية، واعتزاز المصريين جميعاً واعتزازي شخصياً، باستضافة مصر لقمة منظمة التعاون الإسلامي لأول مرة، وبأن تتولى مصر رئاسة الدورة الحالية للقمة، بعد ثورة ٢٥ يناير المجيدة، وفى مرحلة يعمل فيها المصريون على بناء واقع جديد، والتأسيس لمستقبل أفضل، على قاعدة مستقرة من مبادئ العدل والحرية والكرامة والديمقراطية والشورى. كما يتطلع المصريون في هذه المرحلة أيضاً إلى توثيق أواصر متينة للتنسيق والتعاون والتكامل مع محيطهم الإسلامي والعربي والإفريقي، وإلى الانفتاح المثمر على العالم كله على أساس من التكافؤ والاحترام المتبادل، مع احترام الهوية الحضارية لشعوبنا العظيمة.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

السيدات والسادة،

إن الأمة الإسلامية العظيمة تعقد علينا الآمال الكبار للتغلب على التحديات التي تواجهها، وتدعونا لتعظيم الاستفادة من الموارد والإمكانات التي تزخر بها بلادنا. ومن ثم، فقد آثرنا أن يكون موضوع قمتنا اليوم هو

"العالم الإسلامي: تحديات جديدة وفرص متنامية"

ولعلكم تتفقون معي على أن الموارد العظيمة لأمتنا وقدراتها الكامنة لا تتناسب بحال مع واقعها الحالي، وهذا ما يعكس بوضوح جسامة المهام الملقاة على عاتقنا. فبلادنا تشغل سدس مساحة اليابسة، ويقطنها ربع سكان الأرض تقريباً، كما تمتلك أكثر من نصف احتياطيات العالم من النفط والغاز، وتزخر بالموارد والثروات الطبيعية. والأهم من ذلك كله بالشباب الواعد الذين هم أملنا في واقع متميز ومستقبل مبشر يمثلون أكثر من نصف تعداد الأمة.

لكن الواقع يشير في ذات الوقت، وعلى المستوى الاقتصادي، إلى أننا لا نُسهم إلا بنصيب متواضع في الناتج المحلى الإجمالي العالمي، وبنصيب أكثر تواضعاً في مجالات البحث العلمي والابتكار، ويقل متوسط معدلات المُسجلين بمراحل التعليم المختلفة في دولنا عن المعدلات العالمية، بل إنه يقل أيضاً عن معدلاته في الدول النامية غير الأعضاء، وترتفع نسبة من هم دون خط الفقر في بلداننا إلى 38٪ في عام 2011. وما تزال إحدى وعشرون دولة من دول منظمتنا ضمن الدول الأقل نمواً في العالم، ومثلها ضمن الدول الأقل في مستوى التنمية البشرية.

أما على المستوى السياسي، فما تزال بؤر الصراع والتوتر في عالمنا الإسلامي متزايدة، ما بين جرح فلسطين الغائر، وبين سورية المثخنة بالدماء، وتخوم العالم الإسلامي المُستباحة. كل ذلك في ظل استمرار التمثيل غير العادل لأمتنا الإسلامية في مؤسسات الحوكمة الدولية، مع استمراءٍ لازدواجية المعايير، عندما يتعلق الأمر بالقضايا التي تهم المسلمين والدول الإسلامية.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

السيدات والسادة،

 

إذا كان ما سبق هو عرض وجيز لبعض ما يواجهنا من صعاب، فمن الإنصاف القول بأن منظمتنا بذلت وتبذل الكثير من الجهد في مختلف المجالات للتغلب على هذه المصاعب، ووصولاً لتحقيق التقدم والرخاء لشعوبنا، كما تعمل أجهزة المنظمة ومؤسساتها على تحقيق التكامل في مجالات التعاون المختلفة، الاقتصادي والتجاري، العلمي والتكنولوجي، الثقافي والإعلامي، إلى جانب مجالات الزراعة والصحة والسياحة والعمل والنقل والمواصلات والبيئة، وغيرها من المجالات الهامة.

لقد نجحت تلك الجهود في تحقيق تقدم ملحوظ في عدة مجالات خلال الفترة الماضية، حيث زادت نسبة مساهمة الدول الأعضاء في حجم التجارة العالمية، كما ارتفع حجم التجارة بين دول المنظمة إلى 17.8٪، ليقترب من تحقيق نسبة 20٪ بحلول عام 2015 المستهدفة، في إطار برنامج العمل العشري للمنظمة، مما يدفعنا إلى استمرار العمل والارتفاع بسقف تطلعاتنا، فمازلنا على سبيل المثال بحاجة لبذل المزيد من الجهد في مجالات التعليم والبحث العلمي، كما أننا في حاجة إلى تشجيع برامج السياحة البينية للدول الإسلامية، وخاصة السياحة الثقافية والعلمية، وتبني المعايير العلمية الدقيقة لتحقيق ذلك.

وإنني إذ أدعو كافة الدول الأعضاء وأجهزة المنظمة المعنية لدفع العمل في مختلف القطاعات، ومن جانبي أعدكم ببذل قصارى الجهد، خلال رئاسة مصر للدورة الثانية عشر للقمة، لتدعيم التعاون والعمل الإسلامي المشترك، ورفع مستوى التنسيق بين مؤسسات وأجهزة منظمتنا.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

السيدات والسادة،

لا بد من اﻹشارة هنا ومن واقع مسؤوليتنا جميعا، إلى أن هناك قضايا كبرى تتعلق بحاضر ومستقبل عالمنا اﻹسلامي ككل ينبغي معالجتها، إضافة إلى الأزمات والمشكلات التي تعتري بعض الدول والأقاليم، ولعل من أبرزها ما يلى:

أولاً: المعضلات الناشئة عن القصور في النواحي التعليمية والثقافة الدينية، وتراجع قدرة المجتمعات على توفير التنشئة الدينية السليمة، التي هي السبيل الوحيد لمواجهة جذور التطرف والعنف، الذي أحيانا ما يظهر ليهدد أمن مواطنينا واستقرار مجتمعاتنا والتنمية في دولنا.

ثانياً: الصورة السلبية عن الإسلام والمجتمعات اﻹسلامية. فبرغم إقرارنا بأن هناك أطرافا خارجية لها أغراضها الخاصة ساهمت في رسم تلك الصورة المشوهة... إلا أن دولنا تتحمل دون شك نصيبها من المسئولية في ذلك، وعلينا أن نكثف جهود منظمتنا لتصحيح تلك الصورة، بما يمنع الإساءة إلى ديننا الحنيف ويعرف بقيمه الإنسانية الحضارية السامية.

ثالثاً: في ذات اﻹطار، يعاني عدد من الجاليات المسلمة في دول عديدة من ظاهرة اﻹسلاموفوبيا، أي كراهية الإسلام أو الخوف المرضي من الإسلام، وهو ما يدعونا لمناقشة الأمر بما يستحقه من اهتمام كبير مع شركائنا في المجتمع الدولي، إذ إننا نشعر جميعاً بالقلق العميق لما تتعرض له الأقليات المسلمة في عدد من بلاد العالم، ونعتقد أن المطالبة باحترام حقوق اﻹنسان والحريات الأساسية لكل بني البشر، إنما هي مبادئ عالمية مًستقرة ومُتفق عليها، وأن احترام حقوق الأقليات هو معيار حقيقي لحضارة الأمم والشعوب.

وقد قطعت منظمتنا في هذا المجال شوطاً ينبغي البناء عليه، فباسمكم جميعاً أدعو دول العالم ومؤسساته الدولية إلى اتخاذ الإجراءات وإصدار التشريعات اللازمة، لمواجهة كل محاولات إثارة الكراهية والتمييز والعنف ضد الأشخاص بسبب خلفياتهم العرقية أو العقائدية.

رابعاً: تعزيز وتفعيل الحوار والتفاهم بين العالم اﻹسلامي وبين الدول والتجمعات اﻷخرى، على نحو يضمن تحقيق الاحترام المتبادل، ويجسر هوة الثقة بينها. فلقد عانينا مراراً من جراء ضعف آليات الحوار القائمة بين الأطراف المختلفة، أو عدم فعاليتها، كما اكتفينا مراراً بالتألم لوقوع قتلى وجرحى جراء الاحتجاجات على أفعال مشينة تُسئ لمقدساتنا، وقد كان الأجدر بنا أن نتقي جميعاً تلك الشرور من خلال الحوار الهادف.

خامساً: ضرورة التصدي للفتن المذهبية والطائفية على صعيد الأمة، من خلال الحوار والتثقيف، لأن تلك الفتن، إن لم نُخمدها سوياً، فإنها سوف تسرى في جسد الأمة، وقد تفلح لا قدر الله، في تحقيق ما فشل أعداء الأمة في تحقيقه من خارجها.

وإنني إذ أشيد بما اتفقنا عليه خلال قمتنا الاستثنائية الأخيرة بمكة المكرمة، بإنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية في الرياض، فإنني أؤكد أيضاً أنه من دواعي فخر مصر أن أزهرها وعلماءها كانوا وسيظلون، إن شاء الله، رافعي لواء العلوم الإسلامية، في سبيل احتواء خطر الفتنة، ونشر صحيح الدين في كل بقاع العالم الإسلامي.

سادساً: وأخيراً، فإن ما تعانيه بعض دول أمتنا من أوضاع اقتصادية أو إنسانية صعبة، سواءً بسبب خلل هيكلي، أو جراء كوارث طارئة، يستدعى النظر في تطوير منظومة الإغاثة القائمة، وإعادة هيكلة الصناديق الإغاثية للمنظمة، بما يضمن تنميتها وزيادة فعاليتها، والتفكير في وضع آليات للإنذار المُبكر تضمن المساهمة في منع أو معالجة آثار مثل تلك الكوارث. هذا بالإضافة إلى الاتفاق على تشكيل آلية تنسيقية بين الجمعيات الإغاثية، ومؤسسات المجتمع المدني داخل الدول الأعضاء، لتوجيه جهودها ورفع كفاءتها، مع كل التقدير والاحترام لما هو قائم من جهود.

السيدات والسادة،

نواجه على المستوى السياسي العديد من التحديات، على رأسها وفى قلب كل منا القضية الفلسطينية، حجر الزاوية لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم أجمع، قضيتنا المركزية والهدف الأسمى لمنظمتنا، التي قامت بعد حريق المسجد الأقصى، عام 1969، والتي من أهم أهدافها دعم جهاد الشعب الفلسطيني، واستعادة حقوقه المشروعة، وإقامة دولته ذات السيادة وعاصمتها القدس.

إن مصر بثورتها التي قامت لإعلاء قيم الحرية والديمقراطية والشورى والعدالة الاجتماعية، وبتاريخها الذى يشهد أنها كانت في كل العصور درع الأمة وأمانها، مُلتزمة بكل ثبات ووضوح بدعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، حتى ينال حريته في وطنه المستقل. ومن منطلق هذا الالتزام الثابت سعت مصر لدعم إخواننا المحاصرين في قطاع غزة، ووقف الاعتداء الغاشم الذى تعرضوا له، وهو ما وُفِقٌنا الله إليه بفضله حقناً لدمائهم الطاهرة.

وفى هذا السياق، فإننا نبارك لأشقائنا في فلسطين النجاح الذى تحقق بصدور قرار الجمعية العامة للأمة المتحدة للارتقاء بوضعية فلسطين إلى دولة مراقب، وهو النجاح الذى لم يكن ليتحقق بدون الجهد الذى بذلناه جميعاً على مختلف المستويات لدعم القرار الفلسطيني، وهو خير دليل على أن تكاتفنا كفيل بأن يبلغنا الغايات المشتركة. ومن هنا لابد أن يكون ذلك النجاح حافزاً لنا للاستمرار في العمل المشترك، لمواجهة التوسع المحموم في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، بأن نضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليته في ضرورة اتخاذ إجراءات محددة وخطوات فاعلة لوقف الأعمال الإستيطانية غير المشروعة على الفور ودون تأخير، وسنناقش في جلسة خاصة مساء اليوم إن شاء الله موضوع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأتطلع لإسهاماتكم الإيجابية في مداولاتها.

أيها الإخوة،

ما يزال جرح سورية ينزف وتدمى معه قلوبنا، وما تزال المأساة الإنسانية مستمرة، وما تزال دماؤهم مستباحة. إن مصر حريصة أشد الحرص على إنهاء الأزمة السورية في أسرع وقت ممكن، حقناً لدماء أهلها، وحفاظاً على وحدة سورية، وعلى مقدرات شعبها العظيم.

إن على النظام الحاكم في سورية أن يقرأ التاريخ ويعي درسه الخالد، إن الشعوب هي الباقية، وإن من يعلون مصالحهم الشخصية فوق مصالح شعوبهم ذاهبون لا محالة.

إن جهود مصر المستمرة، والتي بدأتها بإطلاق المبادرة الرباعية في قمة مكة المكرمة لإنهاء معاناة الشعب السوري تقوم على ثوابت واضحة هي الحفاظ على سلامة تراب سورية، وتجنيبها خطر التدخل العسكري الأجنبي الذي نرفضه، والحرص على أن تضم أي عملية سياسية كافة أطياف الشعب السوري، دون إقصاء على أساس عرقي أو ديني أو طائفي. ولقد بدأنا حواراً مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية، من أجل التوصل إلى تسوية للأزمة السورية تحقق تطلعات شعبها في مستقبل أفضل. وفى هذا السياق أدعو جميع الدول الأعضاء لمساندة تلك الجهود ودعم الخطوات الهامة التي يتخذها السوريين من أجل توحيد صفوفهم، وإقامة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، والذى أصبح مقره القاهرة، حيث تقدم له مصر كل الدعم اللازم ليقوم بمهامه على الوجه الأكمل.

كما أدعو كافة أطياف المعارضة التي لم تنضم للائتلاف إلى التنسيق معه، وإلى مؤازرة جهوده لطرح رؤية موحدة وشاملة لعملية البناء الديموقراطي لسورية الجديدة. وأهيب بالمعارضة السورية أن تسرع في اتخاذ الخطوات اللازمة لتكون مستعدة لتحمل المسؤولية السياسية بكافة جوانبها، حتى إتمام عملية التغيير السياسي المنشود بإرادة الشعب السوري وحده.

لقد بلغت الأوضاع الإنسانية في سورية مبلغاً خطيراً، وفي كل يوم يزداد تدهوراً للأسف. فقد نزح حتى الآن أكثر من مليون ونصف المليون سوري من قراهم ومدنهم، وباتت أوضاعهم المعيشية بالغة الصعوبة، بينما هاجر مئات الآلاف خارج سورية. وقد قمت بإصدار تعليمات بمعاملة الأخوة السوريين في مصر معاملة المصريين في تلقى العلاج والالتحاق بالتعليم، ولعلكم تشاركونني في توجيه الشكر لدول الجوار السوري على ما تبذله من جهود مشكورة في استقبال أشقائنا السوريين وتقديم العون لهم.

أما في أفريقيا، فلقد تابعنا جميعاً بقلق بالغ التصعيد الحادث في مالي، وإن مصر إذ تؤكد على دعمها لوحدة الأراضي المالية وسلامة شعبها وتراثها الثقافي. فإننا ندعو إلى التعامل مع الوضع هناك، ومع أي حالة مشابهة، من منظور شامل، يتعامل مع الأبعاد المختلفة للأزمة، ويعالج جذورها سياسياً وتنموياً وفكريا وأمنيا، في الوقت الذي يراعي فيه حقوق الإنسان. وهو ما يؤكد من جديد على أهمية دعم جهود التنمية في منطقة الساحل، خاصة في الشقيقة مالي.

ومع انتهاء المرحلة الإنتقالية في الصومال بانتخاب فخامة الرئيس "حسن شيخ محمود" رئيساً للجمهورية، والذى أرحب به باسمكم جميعا بيننا اليوم، فإنه يتوجب علينا الاضطلاع بمسؤولياتنا تجاه هذا البلد الشقيق، ودعم جهود إعادة الإعمار فيه، وتعزيز الأنشطة التنموية والخدمية في مجالات بناء مؤسسات الدولة، وتطوير القدرات البشرية لمواطنيه.

وعلى تخوم عالمنا الإسلامي، خلقت أحداث العنف الطائفية ضد مسلمي ولاية "راكين"، بجمهورية اتحاد ميانمار، وضعاً لا يمكن السكوت عنه، وفى ظل الأعداد المتزايدة من القتلى والجرحى والنازحين، فلابد من الاستجابة السريعة للجهود الدولية لحماية مسلمي الروهينجا، ومنع أي تمييز ضدهم، وضمان حصولهم على كامل حقوقهم المشروعة كمواطنين كاملي المواطنة. كما نطالب حكومة ميانمار بتحمل مسؤولياتها إزاء الأوضاع المتردية في ولاية "راكين"، وعلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أن يكيلا بمكيال واحد، وأن يشددا على احترام وضمان حقوق المسلمين في ميانمار.

وفي إطار مواجهة الأزمات السياسية لدولنا الإسلامية، وتحديات التدخلات الخارجية، وعدم عدالة موازين الآليات الدولية، فإنني أدعو إلى الاتفاق على تأسيس آلية ذاتية فعالة لفض النزاعات بالطرق السلمية، والتعامل مع كافة الأزمات التي تواجه دولنا، آلية تحقق مصالحنا، وترعى حقوق شعوبنا، وتحفظ استقلال قراراتنا الكبرى، وتؤدي إلى تقليص التدخل الأجنبي المباشر وغير المباشر في أحوالنا الداخلية والبينية. كما تسهم في دعم السلم والأمن العالمي، خاصة مع تزايد المخاطر جراء تفجر الأزمات والصراعات هنا وهناك.

كما أن علينا أن نتكاتف، كدول أعضاء في هذه المنظمة الهامة، في السعي لإصلاح المؤسسات العالمية، والتأسيس لنظام حوكمة رشيد له آليات ديمقراطية حقيقية، تمثل فيها دول العالم على قدم المساواة، وتساهم في تحقيق السلم والأمن العالمي، بما يؤدي إلى نظام عالمي يدعم قيم العدل والحق والشراكة الإنسانية.

السيدات والسادة،

لقد بذلت المنظمة الكثير من الجهد والعمل الدءوب من أجل تعزيز وتفعيل دور المرأة في مختلف نواحي الحياة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إعمالاً لمبادئ شريعتنا الغراء التي أعلت من قدر المرأة ومكانتها، وإيماناً منا بأهمية دور شقائق الرجال في المجتمع، فقد استضافت مصر مقر منظمة تنمية المرأة، طبقاً للقرارات الصادرة عن مجلس وزراء خارجية المنظمة، وحتى يتسنى لهذه المنظمة المتخصصة أن تشرع في عملها الهادف إلى وضع الخطط والبرامج والمشروعات، اللازمة للنهوض بالمرأة وبناء قدراتها. فإنني أدعو كافة الدول الأعضاء للإسراع بالتوقيع والتصديق على النظام الأساسي للمنظمة.

كما أدعو إلى الاهتمام بتعزيز التواصل الشبابي بين بلداننا في مختلف الجوانب، العلمية والأكاديمية والثقافية والفنية والرياضية وغيرها، من خلال إقامة الفعاليات والأنشطة الشبابية بشكل دوري، وخاصة على هامش القمة الإسلامية، وتوسيع نشاط منتدى شباب المؤتمر الإسلامي للحوار والتعاون، وفتح أفرع له في الدول المختلفة، ليصبح قناة للتواصل والتعارف المستمر بين شباب العالم الإسلامي، ودعم جميع المبادرات الشبابية الجادة التي تسعى لتحقيق نفس الهدف النبيل، مع ضرورة تطوير التعاون في برامج ومنح التدريب والتبادل الطلابي.

وفى ختام كلمتي، أود أن أتوجه بخالص الشكر لأمين عام المنظمة الدكتور "أكمل الدين إحسان أوغلو"، والذى قدم خلال فترتي توليه لهذا المنصب الرفيع، الكثير من الجهد والعمل الدءوب من أجل تحقيق أهداف المنظمة، وتعزيز العمل الإسلامي المشترك، وحرص على قيام المنظمة بدور فاعل على المستوى الدولي.

أدعو الله سبحانه أن يكلل أعمال قمتنا بالنجاح، وأن يوفقنا خلال رئاسة مصر للقمة، للعمل على النحو الذى يرضيه سبحانه وتعالى، ويتجاوب مع تطلعات شعوبنا وآمالهم، وفقنا الله جميعا لما يحب ويرضى، إنه نعم المولى ونعم النصير.

"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"

صدق الله العظيم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،



[1] الهيئة العامة للاستعلامات