إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


 


خطاب الدكتور محمد مرسي يوم 24/6/2012

حوار الرئيس محمد مرسى مع جريدة روسيسكايا جازيتا الروسية[1]

الجمعة 19 أبريل 2013

 س: يصادف العام الحالي الذكرى السبعين لقيام العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفيتي ومصر، فما هي خطط سيادتكم بالنسبة لزيارة روسيا، وما الذي تمثله العلاقات الروسية المصرية بالنسبة لك؟

الرئيس مرسى: "إن العلاقات الدبلوماسية المتينة بين مصر وروسيا تستند إلى تاريخ طويل يمتد على مدار سبعين عاماً من الهبوط والارتفاع، واليوم يريد الشعب المصري أن تكون علاقات مصر الجديدة منفتحة مع العالم أجمع، وروسيا تلعب دور مهم جداً في العالم، ونحن من جانبنا على أتم استعداد لاتخاذ كافة الخطوات الحاسمة من أجل الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى أعلى مستوى ممكن، وكنت قد التقيت قبل أقل من شهر في دوربان مع الرئيس بوتين خلال قمة بريكس".

س: على حد علمي فقد استمر لقاء سيادتكم مع الزعيم الروسي لفترة أطول مرتين مما كان مخططاً له في البداية، وعموماً وعلى حد تأكيد الزملاء الذين حضروا هذا اللقاء، فقد كان من الواضح أن لقائكم مع الرئيس بوتين قد شهد ما يمكن تسميته بالكيمياء الشخصية بينكما، فهل أفهم من ذلك أنكما بحثتما مستقبل تطوير العلاقات بيننا؟.

الرئيس مرسى: "لقد كان لقائي مع الرئيس بوتين رائعاً، وقد شعرت أنه يتحدث بشكل صادق وجاد حول الاستعداد لتطوير العلاقات مع مصر، ونحن في مصر نريد أن نطور علاقات بناءة مع كافة دول العالم، وروسيا بالنسبة لنا هي صديق وفي قديم نسعى إلى الاحتفاظ بصداقته المتينة معنا، كما نتطلع إلى مساندته للشعب المصري في هذه المرحلة الانتقالية من الديكتاتورية إلى المرحلة الجديدة في التاريخ المصري، وهذا بالتحديد سيكون محور حديثنا أثناء اللقاء القادم في موسكو".

س: سيادة الرئيس، لقد شهد تاريخ العلاقات الطويل بين البلدين الكثير من المشروعات الكبرى، مثل السد العالي الذي شارك الاتحاد السوفيتي في تشييده، أو مصنع الحديد والصلب في حلوان، وعلى حد فهمي يدور الحديث الآن بين البلدين حول إقامة تعاون في مجال الطاقة، فهل توجد مشروعات محددة تكتسب الأولية بالنسبة لكم في الوقت الراهن؟.

الرئيس مرسى: "في الماضي بذل الرئيس جمال عبد الناصر جهوداً ضخمة لتعزيز العلاقات مع الاتحاد السوفيتي، مما كان له ثمار ملموسة، وأعتقد أن مشروع مجمع الحديد في حلوان كانت له أهمية متعاظمة، حيث تم الاعتماد في تنفيذه على الخبرة والتكنولوجيا والتصميمات الروسية، والآن نود العودة من جديد إلى ذات المشروع والعمل على تحديثه، فمجمع حلوان هو صرح ضخم يمتلك إمكانيات عظيمة للتطوير، ولكن بسبب سوء الإدارة اصطدم بالكثير من المشاكل، وأنا أود إعادة الحياة إلى هذا المشروع الطموح لكي يقف من جديد على قدميه، كما أنني على استعداد لمتابعة العمل فيه بنفسي خاصة، وأنني أهتم به بصفتي متخصص في هذا المجال".

"هناك الكثير من نقاط الالتقاء بينا وروسيا سواء على صعيد التعاون الثنائي بما في ذلك في مجال تطوير البنية الأساسية لقناة السويس أو ساحل البحر الأحمر، فروسيا تتمتع بخبرات كبيرة وتكنولوجيا عالية في مجال الاتصالات والصيد والطاقة النظيفة، وأعتقد أن روسيا يمكنها لعب دور نشط في هذه المجالات، خاصة في مجال إعداد الكوادر وإجراء الأبحاث العلمية في مجال الطاقة النووية من أجل تشييد المحطة النووية المصرية وما يتصل بها من منشآت في المجالات الأخرى.

"وبالنسبة لمجال الصيد، فروسيا لديها خبرة عريضة في هذا المجال حيث تمتلك أسطولاً ضخماً يجوب كافة البحار، ومصر تحتاج بشدة إلى هذه الخبرة، خاصة وأنها تمتلك سواحل ممتدة وتطل على البحار التي لا تتجمد، كما أننا نسعى إلى توسيع التبادل التجاري وتعزيز التعاون في مجال الأبحاث العلمية والاستعانة بالتكنولوجيا الروسية، كما نهتم بالتبادل الثقافي والتعاون في مجال التعليم والسياحة، خاصة هذا المجال الأخير حيث تستقبل مصر أكثر من ثلاثة ملايين سائح روسي ونرغب في مضاعفة هذا العدد".

س: يتضمن الشعار الرسمي المصري نسر بجناحين، أعتقد أن أحدهما هو الجناح الأفريقي والثاني هو الجناح الشرق أوسطى، فمصر هي واحدة من أهم دول المنطقة وصوت وتأثير مصر لهما أهمية كبيرة بالنسبة لجامعة الدول العربية ومنظمة الاتحاد الأفريقي، وفى هذا الصدد تمتلك مصر وضع خاص جدا؟.

الرئيس مرسى: "تمتلك مصر الكثير من الأجنحة، فهناك جناح أفريقي وآخر شرق أوسطى، وجناح إسلامي، وهناك جناح يرفرف شمالاً تجاه البحر المتوسط وتجاه أوروبا وروسيا، فنحن نسعى إلى بث روح جديدة في كافة هذه الاتجاهات ونسعى بشكل ثابت نحو المزيد من تعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية، خاصة دول حوض النيل التي نرتبط معها بعلاقات تاريخية، وبالنسبة لشمال أفريقيا فهناك في المقام الأول كل من ليبيا تونس دول الربيع العربي، إلى جانب كل من الجزائر والمغرب بطبيعة الحال".

"وعلى صعيد الشرق الأوسط ينبغي علينا الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع كافة دول الخليج العربي، من أجل الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، ونهتم بشكل خاص بالقضية الفلسطينية واحترام حقوق الفلسطينيين، حيث إنه بدون ذلك لن يكون هناك استقرار في المنطقة، وبطبيعة الحال نحن نهتم بالوضع في سورية، حيث سيعد من أهم الموضوعات التي سأبحثها مع الرئيس الروسي استمراراً للمشاورات السابقة بيننا، والحقيقة أن الوضع في سورية يحتاج إلى تعاون عملي، حيث نعتقد أن روسيا تلعب واحداً من أهم الأدوار في هذا الموضوع بالذات، وأقصد هنا الموقف المتوازن الذي تتمسك به القيادة الروسية من أجل عدم السماح بالانقسام في هذا البلد".

"يجب أن أشير أيضاً إلى العلاقات التاريخية المتينة مع دول الاتحاد الأوروبي التي قمت بزيارة عدد منها بعد تولى منصب الرئيس، كما نسعى إلى تدعيم علاقاتنا مع كل من الهند والصين واليابان وغيرهم من الدول في الغرب، والولايات المتحدة ودول أمريكا اللاتينية خاصة البرازيل، وهنا أود الإشارة إلى الدور المهم الذي تلعبه مجموعة بريكس التي أود أن تنضم مصر إليها لتصبح مجموعة إيبريكس، ولكن في نفس الوقت أود التأكيد على أننا لا نسعى إلى بناء وتدعيم علاقاتنا مع أي من الدول على حساب مصالح دول أخرى، ففي المرحلة الحالية لدينا الكثير من المشاكل ونحتاج إلى الأصدقاء حيث ننطلق في هذا الموضوع من أن الصداقة يجب أن تبنى على أساس التفاهم المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى".

س: أود التوقف قليلاً عند المشكلة السورية، فخلال القمة الإسلامية الأخيرة طرحت سيادتكم مبادرة لتولى مجموعة رباعية إسلامية الوساطة للتسوية في هذا البلد، بحيث تضم كلا من مصر وتركيا وإيران والمملكة العربية السعودية، فإلى أي مدى يبدو تأثير وفعالية دور هذه المجموعة، وما هي أفاق التسوية في سورية حسب تصوركم؟.

الرئيس مرسى: "إن فكرة تشكيل المجموعة الرباعية للوساطة في سورية التي طرحتها خلال قمة منظمة التعاون الإسلامي في مكة كانت تعكس رغبة دول المنطقة في التسوية لهذه الأزمة، إلا أنه بدا أن هذا الموضوع لا يمكن حله بدون مشاركة الدول الأخرى ذات الثقل مثل روسيا والصين والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، ومن ناحية أخرى دول عربية مثل قطر، ونحن من جانبنا نسعى إلى تحقيق تضافر جهود العالم العربي مع المجتمع الدولي بهدف حل هذه الأزمة، وكانت هذه المبادرة قد طرأ عليها المزيد من التطوير خلال القمة الإسلامية في القاهرة، يوم السابع من فبراير، حيث التقيت مع الرئيسين التركي "عبد الله جول" والإيراني "أحمدي نجاد"، اتفقنا على توسيع المجموعة الرباعية لتصبح مجموعة الثمانية بحيث تضم أيضا "نبيل العربي" الأمين العام لجامعة الدول العربية، و"إحسان أوغلو" الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، و"الأخضر الإبراهيمي" مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وممثلين عن المعارضة والسلطة في سورية".

"وأعتقد أن هذا التجمع يمكنه التعاون مع بقية الآليات المعنية إذا توفر عدد من الشروط المهمة، بما في ذلك الوقف الفوري لإطلاق النار، واستعداد المعارضة والسلطة على قدم المساواة لقبول مقترحات التسوية التي تتوصل إليها المجموعة، وكنت قد استقبلت قبل أيام "الأخضر الإبراهيمي"، قبل أن يقدم تقريره حول الوضع في سورية إلى الأمم المتحدة، وأظهر اللقاء الاتفاق التام في وجهات نظرنا، ولكن يتطلب الأمر التحرك بسرعة حيث أن كل يوم يمر يعنى إراقة المزيد من الدماء، فهذا النزاع لن يشهد منتصراً أو مهزوماً بل الجميع سيخسرون، وفى مقدمتهم الشعب السوري، كما أن هذا النزاع يضر، ليس فقط الشعب السوري، بل الجميع في المنطقة، بما في ذلك مصر ودول الخليج، وحتى روسيا والمجتمع الدولي بأسره."

س: لقد تمكنتم من تحقيق التقارب في المواقف بين كل من خالد مشعل زعيم حماس، ومحمود عباس زعيم فتح، فما هي رؤيتكم للخطوات التالية على طريق التسوية في الشرق الأوسط؟.

الرئيس مرسى: "يجب أن يدرك الجميع في الشرق الأوسط أنه لن يكون هناك منتصر وأنه لا يمكن أن تحقق أية دولة السلام على حساب دولة أخرى، ونحن نعتقد أن المصالحة الفلسطينية بين حماس وفتح ومع بقية الفصائل الفلسطينية في غزة هو أمر مهم للغاية، ونحن سعينا لتحقيق المصالحة حتى يعيش الفلسطينيون ككيان واحد وحتى تتوحد مواقفهم، ففي الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي تم التوصل لاتفاق مع إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار، لدرء تعرض غزة لعدوان جديد، حيث تدخلت بنفسي، وبمساندة من الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" للوصول إلى هذه النتيجة، كما أننا نبذل الجهود للحفاظ على استمرار هذا الاتفاق ولا أرى أي مبرر للإخلال به في الوقت الراهن".

"نحن بطبيعة الحال نسعى لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وما تم نعتبره مجرد مرحلة في المسيرة الكبرى، وإن كان ذلك لا يكفى حيث نعتقد أن المهم في هذه العملية هو أن يستعيد الفلسطينيون حققوهم الكاملة، ونحن من جانبنا لا نتخذ القرارات بدلاً منهم، وكل ما في وسعنا هو مساندة مواقفهم على أساس مبدأ العدالة، لسنا نحن بل هم من اتخذ قرار العمل على بناء دولتهم الكاملة، بما في ذلك مؤسسات الدولة الفاعلة، بما في ذلك تشكيل الجيش والبنك المركزي والحدود الوطنية وامتلاك موانئ جوية وبحرية، لكي يعيش الشعب الفلسطيني داخل دولة كاملة المعايير".

فإن لم يتحقق ذلك فلن يكون هناك سلام حقيقي، مثلما هي الحال بعد معاهدة السلام المبرمة في عام 1979، والتي حققت السلام لنا بسبب أن الشعب بأكمله ينعم به، فلا يمكن على سبيل المثال عزل غزة والحديث عن سلام عادل، لا يمكن إغلاق الحدود داخل القطاع وتجاهل كيف يعيش أكثر من مليون ونصف المليون نسمة بداخله، لذلك أمرت بفتح المعابر الحدودية مع غزة حتى يتمكن الفلسطينيون هناك من الحصول على المواد الغذائية والأدوية، وحتى تتمكن الأسر والطلاب من التحرك بحرية، وتتمكن المنظمات الإنسانية من العمل، هذه أمور مهمة جداً لتحقيق الاستقرار الحقيقي خاصة وأن الفلسطينيين قد أظهروا رغبة حقيقية لبناء دولتهم وتجاوب المجتمع الدولي مع هذه الرغبة، لا يمكن أن نستمر على مدار عشرين عاماً من قول شيء والبقاء في نفس المكان، خاصة وأن إسرائيل تواصل نشاطها الاستيطاني متجاهلة لموقف المجتمع الدولي، فيجب أن ندرك أنه لن يتحقق سلام لدولة واحدة فقط، وأنه ينبغي مساندة الفلسطينيين حتى يستعيدوا حقوقهم المشروعة، فمواقف المجتمع الدولي تتفق في هذا المجال".

س: بعد ثورة 25 يناير في مصر تسلطت أنظار المجتمع الدولي بدون مبالغة، تجاه بلادكم وتجاه ما يجرى بها من أحداث، فكيف تقيم أنت نفسك الوضع في مصر؟.

الرئيس مرسى: "مصر لها مستقبل واعد، نحن نسير في اتجاه النهضة والتنمية الحقيقية والعدالة الاجتماعية، نعمل على بناء المجتمع الذي ينعم فيه المصريون بحقوقهم السياسية والمدنية والاقتصادية كل المصريين، نساء ورجال وشباب وشيوخ ومسلمون ومسيحيون، جميعهم أبناء هذا الوطن، ينتظرنا مستقبل باهر، وإن كنا نمر في الوقت الراهن بمرحلة انتقالية من عهد الديكتاتورية، حيث كان الجميع لا يتمتعون بحرياتهم وحقوقهم، ولم تكن هناك ديمقراطية حقيقية، ولم يكن الناس ينتخبون قادتهم، وحيث الدولة غارقة في فساد لم يشهد التاريخ له مثيل من قبل، واليوم نحن نستشرف مرحلة جديدة من التطور الذي يقوم على أساس الاستعانة بالتكنولوجيات الحديثة والابتكارات العلمية والعدالة الاجتماعية ومؤسسات السلطة المستقرة والمستقلة وشرعية الإجماع، نحن بصدد بناء دولة القانون حيث يحترم القانون، وحيث تنبع الشرعية من الإرادة الشعبية، وهو ما يعنى بدوره تغييرات ضخمة ومواجهة الكثير من التحديات، إلى جانب ما نواجهه من صدام مع القوى الداخلية والخارجية التي لا ترغب في أن يتحقق هذا التغيير في مصر".

"لم يمر على الثورة في مصر سوى عامان وحتى تتقدم السفينة التي تحمل اسم الدولة يتطلب الأمر وقتاً، من الطبيعي أن نصطدم بالمشاكل، ومن الطبيعي أن نعمل على حلها، ولكن في نهاية الأمر سوف يحدث الانفراج، وأنا على ثقة من أن المرحلة الانتقالية لن تستمر لفترة طويلة".

س: الوضع بالنسبة للاقتصاد المصري يوصف بأنه قريب من الأزمة أو في مرحلة ما قبل الأزمة، والناس تستشعر وطأة ذلك فهل توجد خطة للنهضة في مصر؟.

الرئيس مرسى: "إن الخبراء يختلفون في تقديراتهم لحقيقة الوضع الاقتصادي في مصر، لذلك فهم يخطئون في استخلاص النتائج حيث لا يستندون إلى الأرقام والإحصائيات والمعلومات الكافية، فالاقتصاد المصري في مجمله جيد ولكن عند الخوض في التفاصيل تبرز المشاكل بسبب البيروقراطية وعدم استكمال أعمال الحكومة، وكما هو معروف فحتى إجراء الانتخابات الرئاسية في مصر تم استنزاف جانب كبير من احتياطي النقد الأجنبي في مصر، حيث وجه نحو تغطية الدعم الاقتصادي، وفى مرحلة ما بعد الثورة تراجعت معدلات الإنتاج بشكل كبير للغاية وهو أمر طبيعي في مثل هذه الظروف، علما بأن عدد العاملين في القطاع الخاص في مصر يصل إلى 17 مليون نسمة، إلى جانب ستة ملايين يعملون في القطاع الحكومي، ويجب أن نلاحظ هنا أن الأسعار لم ترتفع بشكل خطير، كما أن التضخم لم يصل لمعدلات مخيفة".

"ونحن لدينا خطط للتنمية الزراعية واستصلاح المزيد من الأراضي، إلى جانب الأبحاث العلمية والمشروعات الكبرى بالتعاون مع المستثمرين الأجانب، بما في ذلك في مجال تطوير البنية الأساسية في قناة السويس، وفى مجال النقل نخطط لتنفيذ مشروع طموح لمد خط سكك حديدية من الإسكندرية إلى أسوان، ومنها إلى السودان وبقية الدول الأفريقية حتى كيب تاون، حيث يجرى في الوقت الراهن دراسة الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع، علاوة على مشروعات أخرى مع ليبيا في مجال التنمية الزراعية، ويبقى المهم بالنسبة لنا هو السماح لأكبر عدد ممكن من مؤسسات المجتمع المدني للمشاركة في هذه المشروعات، وتحاول الحكومة المصرية في الوقت الراهن بالتعاون مع الشركاء الخارجيين، بما في ذلك مع روسيا، العثور على حلول لهذه المشاكل، فنحن على هذا السبيل نقدر بشكل كبير أراء ونصائح ومساعدات الأصدقاء، وأتمنى أن يكون ذلك من الموضوعات المهمة التي سأبحثها مع الرئيس بوتين في سوتشى".

س: عاش في ربوع مصر على مدار العصور المختلفة أتباع مختلف الديانات والمذاهب، حيث ظلت مصر على مدار القرون الكثيرة وطناً، ليس فقط للمسلمين بل والمسيحيين خاصة الأقباط، فما الذي تقوم به بنفسك لكي يستمر التعايش السلمي والتعددية المذهبية في مصر، وبحيث يستطيع الجميع الشعور بأنهم يعيشون في وطنهم؟.

الرئيس مرسى: "لا أعتقد أن المجتمع المصري يعانى من مثل هذه المشكلة، فالمسلمون والمسيحيون عاشوا جنباً إلى جنب في سلام ومحبة على مدار 1400 عام، وكانوا يجتمعون حول تراث تاريخي مشترك وعادات ثقافية واجتماعية واحدة، أنا لا يعجبني استخدام لفظ "أقلية" عندما يدور الحديث عن المسيحيين في مصر، فهم هنا في وطنهم، قد يكونون أقل في العدد ولكنهم يمتلكون ذات الحقوق للعيش في هذا البلد شأن المسلمين، وفى بعض الأحيان قد تظهر مشاكل يومية عادية بين الجيران، ولكن يجب أن نلاحظ أن هذه المشاكل قد تقع بين أتباع الديانة الواحدة، ولكن للأسف أنه عندما تقع هذه المشاكل العادية بين المسلمين والمسيحيين يحاول البعض إشعال الموقف، بما في ذلك وسائل الإعلام التي تظهر الأمر وكأنه نزاع طائفي، نحن جميعاً سواسية أمام القانون سواء مسلمين أو مسيحيين، ولأول مرة في التشريع المصري تظهر مادة خاصة بالمسيحيين واليهود وغير المسلمين في مصر، فعلى الرغم من أن المادة الثانية من الدستور المصري قد نصت على أن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع، إلا أن المادة الثالثة قد نصت أيضاً على أنه من حق أتباع الأديان الأخرى الاحتكام في شؤونهم الداخلية لشرائعهم بما في ذلك في مجال الزواج والطلاق والمواريث وانتخاب رجال الدين".

"نحن في مصر لا نعانى من خلافات مذهبية بل نعانى من خلافات ربما اجتماعية، أنا أتمسك بهذا الموقف والمبادئ وما يمليه القانون، وأؤكد لكم أنه لا أساس مطلقاً لهذه المخاوف، فأنا كرجل مسلم سني أنطلق مما ذكره القرآن من أنه إن لم يتم ضمان الحقوق الكاملة لغير المسلمين، فإن ذلك يتنافى مع القواعد الإسلامية، بل أن الدستور المصري قد ذكر بشكل صريح أنه ليس فقط المصريون، بل والأجانب أيضا يتمتعون بحقوق وحريات متساوية على أرض مصر، وأنا شخصياً أحرص على التعاون والاتصال الدائم مع الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية في مصر، لا يوجد أي نوع من التمييز في مصر فنحن نضمن حرية التعبير عن الرأي وممارسة الشعائر الدينية، وعندما تظهر أية مشاكل نسارع على الفور في حلها وأتدخل بشكل فوري في هذا الأمر".

س: أود التطرق إلى مسألة مهمة جدا على الأقل بالنسبة للروس، فنحن على أعتاب العطلات الصيفية، والمنتجعات المصرية بالنسبة لمئات الآلاف من الروس لها أهمية كبيرة جدا، ولى هنا سؤالان رئيسيان الأول هو إلى أي مدى يمكن للروس الشعور بالهدوء والأمن في المنتجعات المصرية؟ والثاني بالنسبة لما تبذله من جهود أنت والحكومة المصرية لتعزيز القطاع السياحي؟.

الرئيس مرسى: "مصر دولة آمنة بالنسبة للسياح الروس والسياح من كافة أنحاء العالم، ونحن نبذل جهوداً ضخمة في مجال الأمن وحماية المناطق السياحية، وأنت شخصياً تجولت في القاهرة ولمست بنفسك أنه لا يوجد أحد يمثل مصدر تهديد، نعم قد تكون هناك حوادث منفردة مثلما يحدث في أي مكان في العالم، وعلى الرغم من أن الحوادث نادرة، إلا أن الضوء يتسلط عليها بشكل كبير على الرغم من أن الأمن والاستقرار يعم كافة أنحاء مصر ومزاراتها في الأقصر وأسوان وسيناء والبحر الأحمر، وإذا ألقينا نظرة على الإحصائيات في العالم فسوف نكتشف أن مصر لا تختلف عن معظم دول العالم، بل قد تكون أكثر أمناً وأماناً من الكثير من الدول لو وضعنا في الاعتبار بعض المعايير، وعندما يقع أي حادث فنحن نتحرك بسرعة لاحتوائه وتقديم المساعدات التي تضمن تحرك السياح بشكل حر وآمن في كل مكان، من القاهرة إلى أسوان، ونحن نؤكد دعوتنا للأصدقاء الروس للاستجمام في مصر".

س: أود أن تتحدث قليلاً عن نفسك، فربما منذ توليك منصب الرئاسة في مصر تغير نمط حياتك بالكامل، فبعد أن قضيت جانب كبير من حياتك كرجل علم ومهندس محترف بعيداً عن السياسة، وأنت الآن تعيش في قصر الرئاسة حيث 300 غرفة، كيف تتعايش مع هذا المنصب؟ كيف تعثر على الوقت للحديث مع الأسرة؟ وأين تقضى وقت راحتك؟ فكما عرفت من الموظفين هنا فأنت تعمل 24 ساعة في اليوم، هل يعجبك هذا المنصب؟.

الرئيس مرسى: "يجب أن أقوم بمهام المنصب والواجبات التي تتصل بثقة المواطن بي، ونحن الآن نمر بمرحلة صعبة ونصطدم بمشاكل كثيرة، ولكن أؤكد لك أن الثورة السلمية في مصر سوف تعزز جذورها في التاريخ، وكل مواطن في هذا البلد له إسهام في أن يصبح هذا البلد أكثر استقراراً وتحضراً".

"أنا أقوم بدوري شأني شأن كل مصري، وأتحمل مسؤولية خاصة في قيادة هذا الوطن للخروج من المرحلة الانتقالية بأقل دماء، وعدم اللجوء إلى الإجراءات الاستثنائية، وهو ما يتطلب فهم عميق لجذور المشاكل وسبل حلها. لذلك ليس أمامي من سبيل آخر سوى التصدي للتحديات بصفتي الرجل الأول في الدولة أي رئيس الدولة المنتخب بشكل حر وديمقراطي لأول مرة في تاريخ هذا البلد".

"نحن لدينا حكومة وخبراء وعلماء لم تكن الدولة تستفيد منهم بالشكل اللائق في السابق، وهذه المسؤولية تأتى على حساب الحياة الشخصية ولا تترك لي أي وقت للراحة، وعلى الرغم من أنني أبذل جهودا كبيرة في مجال الاستقرار والأمن إلا أنه ينبغي إدراك أن شخصاً واحداً لا يمكنه تحقيق كل شيء، لذلك ألجأ إلى مشورة الخبراء والمستشارين والخبرات الأجنبية الإيجابية".

س: لقد تحدثت عن الواجب الوطني الذي اجتذبك إلى السياسة، كما أشرت إلى أن العمل يومي وثقيل وصعب، فهل تأمل أن يسلك أبناؤك في المستقبل ذات الطريق، أم ستقول لهم كفاية سياسة وعليكم الاشتغال بأعمال أخرى؟.

الرئيس مرسى: "أولادي الآن كبار ولهم مطلق الحرية في مزاولة ما يريدون وحرية الاختيار، وأن يكونوا مثل الجميع سواء المحامين أو المهندسين أو الأطباء أو المحاسبين أو الطلاب، عليهم أن ينصهروا في هذا المجتمع، وأنا أريد إذا قرر القدر أن يشغل أي من أبنائي أي منصب مسؤول أن يتولاه بجدية ويتحمل المسؤولية ويخدم مصر، وخدمة الوطن لا تقتصر على السياسة فقط بل هناك الكثير من المجالات التي يمكن من خلالها خدمة هذا الوطن، أريدهم أن يكونوا في الصفوف الأولى للشعب المصري كأناس تعمل وتكدح، وأن يدركوا ويدرك الجميع أنه لم يعد في مصر أي مفهوم أو قيمة لابن رئيس الدولة، نحن لدينا دستور ولدينا انتخابات حرة، والشعب وحده هو من يقيم أداء رئيس الدولة، خاصة عندما يمنع الحديث عن أبنائه، وأنا شخصياً لن أسمح بذلك، أنا أسعى لسيادة القانون والدستور وتحقيق الاستقرار، أؤكد أنه لم يعد هناك مجال للتعويل على فرد واحد في مصر بل أن كافة مؤسسات الدولة تعمل وتتفاعل معا، ورئيس الدولة ينبغي أن يضحى ويقدم حياته لهذا الشعب الذي رفعه إلى أرفع منصب في الدولة".

 



[1] الهيئة العامة للاستعلامات