إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



البيان الذي أدلى به السيد بيتر سميثرز، ممثل المملكة المتحدة،
أمام اللجنة السياسية الخاصة التابعة للجمعية العامة

A / SPC/ SR.242، 5 نيسان/ أبريل1961

          قال السيد سميثرز (المملكة المتحدة) إن وفده لم يشترك في المناقشة العامة لأن آراءه في القضية العامة معروفة جيدا. وإن سياسات حكومة المملكة المتحدة، سواء في الأقاليم الأفريقية التي كانت تابعة لها في الماضي وأصبحت مستقلة الآن أو في الأقاليم التي تتقدم بسرعة نحو الاستقلال، هي دليل أبلغ من الكلمات على الفارق الشاسع الذي يفصل بين تلك السياسات ونظام الفصل العنصري الذي يمارس في اتحاد جنوب أفريقيا.

          واستطرد قائلا إن وفده ما فتئ يعلق أهمية قصوى على التقيد بأحكام الفقرة 7 من المادة 2 من الميثاق، التي تؤكد للدول الأعضاء، ولا سيما الدول التي تمثل أقلية، قدرا معقولا من الحصانة من التدخل في شؤونها الداخلية. ومضى يقول إن بعض الممثلين يرون أن الجمعية العامة قد أثبتت أن أحكام الفقرة 7 من المادة 2 لا تسري على مسألة الفصل العنصري، ولكن هذا يعني أن في إمكان الجمعية العامة أن تعدل الميثاق. فتلك الفقرة جزء لا غنى عنه من الميثاق، ومن مصلحة جميع الدول الأعضاء التقيد بها. بيد أن مسألة الفصل العنصري فريدة في كونها تنطوي على تعمد اعتماد وإدامة وتطوير سياسات تقوم كلية على التمييز العنصري. وعلاوة على ذلك، فإن تلك السياسات تتبع تجاه السكان الدائمين للإقليم المعني وهي موجهة ضدهم. ولهذه المشكلة أصداء دولية خطيرة في أفريقيا أساسا وأيضا في قارات أخرى، كما أثبتت الأحداث التي وقعت في مؤتمر الكمنولث الذي عقد مؤخرا. وفي حين أن الأهمية التي تعلقها المملكة المتحدة على أحكام الفقرة 7 من المادة 2 من الميثاق ما زالت كما هي ولم تتضاءل، فإنها تعتبر أن الفصل العنصري شاذ جدا الآن إلى حد أنه يعتبر فريدا من نوعه، وأردف قائلا إن وفده يشعر بأن في إمكانه النظر في مشروع القرار المقدم من ثلاث دول (A/SPC/L.59/Rev.1)  على أساس مدى جدارته.

          وقال إنه ينبغي إبداء تحفظات شديدة بشأن الفقرة 5 من المنطوق. وقال إنه صحيح أن سياسات حكومة الاتحاد قد أدت إلى احتكاك دولي، لكن وفده لا يستطيع أن يوافق على أنها تعرض، في الوقت الحاضر على الأقل، السلم والأمن الدوليين للخطر. واسترسل قائلا إن هناك قدرا من الخطر في أن تصبح مثل هذه العبارات تعويذة تقليدية تدرج بصورة روتينية تقريبا في قرارات الجمعية العامة. ولذا فإنه ليس من المستصوب أن تشكل عبارة "وأن الاستمرار فيها يعرض السلم والأمن الدوليين للخطر" جزءا من القرار، وقال إن وفده سيمتنع عن التصويت في اقتراع مستقل على هذه العبارة.

          واستطرد قائلا إن الفصل العنصري ممارسة حمقاء، بيد أن إدراك الحماقة أيسر من بلوغ الحكمة ونصح الآخرين بها. وكما قال وزير الدفاع في الهند (الجلسة 241) فإنه ليس من حق أي دولة أن تحدد لدولة أخرى ما يجب عليها أن تفعله. ومضى يقول إن كلمة "الجماعية" الواردة في الفقرة 3 من المنطوق قد تثير صعوبات كبيرة ، ولذا فإن وفده سيمتنع عن التصويت على تلك الفقرة. وأردف قائلا إن وفده سيصوت لصالح مشروع القرار المقدم من ثلاث دول، باستثناء هاتين العبارتين.

          واستطرد قائلا إن مشروع القرار (A/SPC/L.60/Corr.1)  ينصح الدول باتخاذ إجراءات معينة، ومضى يقول إنه شارك وزير الدفاع في الهند المخاوف التي أعرب عنها فيما يتعلق بالفقرة

5 من المنطوق. واسترسل قائلا إنه قد يحتاج بأن استخدام كلمة "النظر" الواردة في السطر الأول. يترك للدول حرية أن تفعل ما تشاء، لكن الكلمة الواردة في المنطوق هي "توصي". وقال إنه لا يمكن تصور ألا يكون أي وفد يصوت لصالح هذه التوصية مستعدا هو نفسه لتنفيذها، وإن الوفود التي تصوت لصالح القرار تلزم في الواقع بفعلها هذا حكوماتها بقطع العلاقات الدبلوماسية مع حكومة الاتحاد وعلى فرض جزاءات اقتصادية عليها.

          وأردف قائلا إن قطع العلاقات الدبلوماسية إجراء قانوني وسليم تماما، لكن السؤال هو هل أن هذا الإجراء سينتج الأثر المنشود. وأضاف قائلا إن إقامة العلاقات الدبلوماسية ليس جائزة يمنحها بلد ما للحكومات التي يوافق على سياساتها أو يسكت عليها. والغرض منها ليس هو مجاملة حكومة ما، بل تأمين تسهيلات معينة في التعامل. فالمهمة الأولى للبعثة الدبلوماسية هي تزويد حكومتها بمعلومات دقيقة ومشورة حكيمة بشأن البلد والحكومة التي هي معتمدة لديهما، وبدون تلك المعلومات والمشورة يكون من الصعب رسم سياسة. وتتمثل مهمتها الثانية في تنفيذ تعليمات حكومتها وفي السعي إلى التأثير على الحكومة التي هي معتمدة لديها. وسيكون من المضحك التضحية بإحدى الوسائل القليلة الباقية للتأثير على حكومة الاتحاد لأن الهدف المعلن للدول المشتركة في تقديم مشروع القرار هو التأثير في تلك الحكومة.

          وفيما يتعلق بفرض جزاءات اقتصادية، فقد أشير إلى أنه لم يسبق في تاريخ الأمم المتحدة أن طبقت مثل هذه التدابير العقابية. حقا أن اللجنة تتعامل مع مشكلة لم يسبق لها مثيل. لكن الدول الأعضاء قد تواجه يوما ما إجراء مماثلا في ظروف أخرى. ومن الأكيد أن أكبر ضرر يمكن أن تسببه هذه التدابير سيلحق بمن ترغب اللجنة في مساعدتهم، إذ سيطرد كثير من الناس في جنوب أفريقيا وفي بلدان أخرى من عملهم. ومن السهل الاستخفاف بقوة "المصالح التجارية"، لكن هذا يعني في العالم الحر وظائف الرجال والنساء العاديين. وزيادة البؤس الذي يعانيه البشر في بلاد كثيرة لا يمكن أن تبرر إلا إذا كان من المرجح أنها ستحقق الغاية المنشودة، لكن هذا الإجراء لن يزيد بل سيقلل من احتمالات حدوث تغير في سياسات حكومة الاتحاد. وتبين الخبرة المكتسبة أن مثل هذه التدابير تعزز بقوة موقف الحكومة، إذ أنها ستجعل عددا كبيرا من الوطنيين ممن يعارضون سياسات الفصل العنصري في جنوب أفريقيا يسارعون إلى الالتفاف حول الحكومة تأييدا لها. إذ يوجد في جنوب أفريقيا كثير من البيض المعتدلين ذوي الأفكار المتحررة، وسيكون للجزاءات الاقتصادية أثر سلبي في احتمال نجاحهم، الذي يبدو أنه يتزايد في الوقت الحاضر، في تحقيق تغير في سياسات حكومتهم. إنه لم يحدث قط أن حققت المقاطعة الهدف منها، ومن الأكيد أن ما من وفد يتوقع حقا أن يحقق مشروع القرار هذا ما لم يتحقق قط من قبل، بل إنه على العكس من ذلك سيجعل الأمم المتحدة محل سخرية وازدراء.

          وأضاف قائلا إن ممثل جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية قد عظم كثيرا، في الجلسة 241، من شأن المصالح الاقتصادية للمملكة المتحدة في جنوب أفريقيا. والمملكة المتحدة تعتقد أن من المستصوب استثمار الأموال وتنمية الصناعات في البلدان الأخرى، وهي ترحب بأن تقوم الدول الأخرى بأنشطة مماثلة في المملكة المتحدة. وإن تنمية التجارة الدولية تحسن العلاقات فيما بين البلدان، وقال إن لديه انطباعا بأن حكومة الاتحاد السوفياتي لها نفس هذا الرأي، وأعرب عن أسفه لأن وجهة نظر جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية رجعية بهذا الشكل.

          وحث الدول المشتركة في تقديم مشروع القرار (A/SPC/L.60/Corr.1) على العدول عن المسار الخطير الذي اتخذته، وأن تسحب مشروع القرار، وقال إنها إن لم تفعل ذلك فإن وفده سيضطر إلى معارضته في الاقتراع.