إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



تقرير اللجنة الخاصة المعنية بسياسة الفصل العنصري التي تتبعها
حكومة جمهورية جنوب أفريقيا

A/5497، 16أيلول/ سبتمبر 1963

استنتاجات وتوصيات

ألف- السياسات العنصرية التي تتبعها جمهورية جنوب أفريقيا ومضاعفاتها

434 -

لدى تنفيذ الولاية المسندة إلي اللجنة الخاصة بموجب الفقرة 5 من منطوق قرار الجمعية العامة 1761 (د- 17)، استعرضت هذه اللجنة بدقة السياسات العنصرية التي تتبعها حكومة جمهورية جنوب أفريقيا؛ وأحاطت علما بالمراسلات العديدة الواردة من الحكومات ومن المنظمات غير الحكومية ومن الأفراد؛ واستمعت إلي عدد من مقدمي الشكاوي؛ ودرست البيانات والوثائق الرسمية لحكومة جنوب أفريقيا وكذا الأنباء الواردة في الصحف.

435 -

ووفقا لما تمت الإشارة إليه في التقريرين المرحليين والتقرير الحالي، فإن نتائج الدراسة التي أجرتها اللجنة تبين بوضوح أن حكومة جمهورية جنوب أفريقيا لم تقم بعدم الامتثال لقرار الجمعية العامة فحسب بل اتخذت تدابير إضافية لزيادة الحالة تفاقما. كما أنها لم تمتثل لأحكام قراري مجلس الأمن المؤرخين 1 نيسان/ أبريل1960 (للاطلاع على نص القرار، انظر المرفق الثاني) و7 آب/ أغسطس 1963 (للاطلاع على نص القرار، انظر الفقرة 57).

436 -

وتلاحظ اللجنة الخاصة أن حكومة جمهورية جنوب أفريقيا تواصل تنفيذ مجموعة التشريعات التمييزية والقمعية، وأنها أضافت إلي هذه التشريعات تدابير جديدة خطيرة، مثل قانون دستور ترانسكاي لعام 1963 والقانون المعدل لقوانين البانتو لعام 1963 والقانون المعدل للقانون العام لعام 1962.

437 -

وخلال الفترة التي تلت 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 1962، انتزعت الحكومة آلاف الأسر من مساكنها في المناطق الحضرية وطردت عدة آلاف من الأشخاص من هذه المناطق. وتم اعتقال مئات الآلاف من الأشخاص بموجب قوانين تصاريح المرور وغير ذلك من تدابير التمييز العنصري. وقد استبعد غير البيض من فئات جديدة من العمالة. وفرض عهد من الإرهاب ضد معارضي الفصل العنصري، فسجن قادة غير البيض أو فرضت عليهم القيود، وزج بآلاف الأشخاص في غياهب السجون بسبب معارضتهم للفصل العنصري دون وجود ما يؤكد أن سراحهم سيطلق في يوم من الأيام. وفرضت عقوبات قاسية على أعضاء المنظمات الرئيسية لغير البيض. وفى نفس الوقت، تبذل الجهود من أجل إقامة جيوب استعمارية داخل المعازل الأفريقية كوسيلة لتوطيد تفوق البيض.

438 -

وقد اعتمدت الحكومة، بشكل سافر، على قوتها السياسية والعسكرية والاقتصادية في تحدي إرادة الغالبية العظمى من شعب جنوب أفريقيا، إضافة إلي إرادة الأمم المتحدة. وقد سدت، بفعل تدابيرها القمعية القاسية، جميع المنافذ المؤدية إلي التغيير السلمي، وزادت كثيرا من حدة التوتر داخل البلد وجعلت من نشوب نزاع مسلح خطرا داهما لابد وأن تكون له مضاعفات دولية خطيرة.

439 -

وتلاحظ اللجنة الخاصة أن حكومة جنوب أفريقيا، بدلا من التريث للنظر في وسائل الامتثال لأحكام قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، ردت على هذه القرارات باتخاذ تدابير قمعية جديدة وأشد قسوة ضد معارضيها، وبالتعجيل بتدابير الفصل العنصري ومحاولات حشد مؤيديها من أجل مجرد المقاومة العنيدة للطلبات المشروعة والعاجلة الصادرة عن المجتمع الدولي. وهكذا تواصل حكومة الأقلية غير النيابية في جمهورية جنوب أفريقيا اتباع نهج وسياسة العزلة المتزايدة، جارة وراءها الأغلبية الساحقة من السكان، ضد رغبتهم، بعيدا عن المسار الرئيسي للحياة والتعاون الدوليين وحارمة إياهم من الفوائد والمزايا المتأتية عن ذلك.

440 -

وتلاحظ اللجنة الخاصة أن موقف حكومة جمهورية جنوب أفريقيا من قرار مجلس الأمن المؤرخ 7 آب/ أغسطس 1963 والمبين في الفصل السابق يستحق إدانة خاصة في ضوء المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة. وإذ طلب مجلس الأمن من الأمين العام إعداد تقرير بحلول 30 تشرين الأول/ أكتوبر1963، أعطي الوقت الكافي لحكومة جنوب أفريقيا كي تعيد النظر في موقفها وتتخذ خطوات إيجابية نحو الامتثال للقرارات كيما يتسنى تفادي اتخاذ تدابير إضافية. وترى اللجنة الخاصة أن رد الفعل السلبي كليا لحكومة جنوب أفريقيا يجعل من الضروري النظر، دون مزيد من التأخير، في إمكانية اتخاذ تدابير إضافية وفقا للميثاق الذي ينص على عقوبات سياسية ودبلوماسية واقتصادية أشد، وتعليق حقوق وامتيازات جمهورية جنوب أفريقيا بوصفها دولة عضوا، وطردها من الأمم المتحدة ومن وكالاتها المتخصصة.

بعض جوانب الحالة في جمهورية جنوب أفريقيا

441 -

قبل مناقشة تدابير من هذا القبيل، تود اللجنة الخاصة أن تقدم بعض الملاحظات بشأن الجوانب البارزة من المشكلة

442 -

أولا، تود اللجنة الخاصة أن تؤكد أن المشكلة في جنوب أفريقيا ليست مجرد إدامة حالات التفاوت الناشئة عن التطورات التاريخية، أو استمرار حالات الغبن مثل حرمان أغلبية السكان من حق التصويت أو الفصل بين الناس حسب العرق، أو ممارسة التمييز في اقتسام ثمرات العمل. وتكاد تعابير من قبيل العزل والتمييز لا تصف ما يتعرض له ملايين الأشخاص الذين يشكلون الأغلبية الساحقة من سكان البلد من إهانة واضطهاد بسبب سياسات حكومة ذلك البلد.

443 -

ثانيا، تري اللجنة الخاصة أن المشكلة ليست مشكلة نظام سياسي أو اجتماعي غريب يعتبره ذوو التفكير الديمقراطي بغيضا، بل هي مشكلة سياسة رسمية تنتهجها دولة، وهي سياسة استبدادية مفروضة لأغراض تتعارض والمبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة، والعقيدة العنصرية التي تقوم عليها سياسات الفصل العنصري ليست عقيدة ظالمة فحسب، وإنما هي النقيض المطلق لمفهوم التعاون الدولي الذي هو مصدر وجود الأمم المتحدة.

444 -

ثالثا، ترفض اللجنة الخاصة ما تدعيه حكومة جمهورية جنوب أفريقيا بأنها تدافع، عن طريق السياسة التي تنتهجها، عن الحضارة الغربية أو عن المسيحية داخل إقليمها أو أنها ضحية هجمات يقودها أحد أنصار الحرب الباردة. وتلاحظ اللجنة الخاصة أن سياسات جمهورية جنوب أفريقيا تثير قلق جميع الدول وكل الشعوب. وقد شجبت الدول الأعضاء والرأي العام العالمي هذه السياسات بما يشبه الإجماع. وتتحمل جميع الدول الأعضاء، بغض النظر عن أية اختلافات أخري، مسؤولية التعاون في السعي إلي وضع حد للحالة الخطيرة القائمة في جمهورية جنوب أفريقيا، لا لشيء إلا لما فيه صالح شعب جنوب أفريقيا وصون السلم والأمن الدوليين.

445 -

رابعا، تكرر اللجنة الخاصة الإعراب عن رأيها الوارد في تقريرها المرحلي الأول (انظر المرفق الثالث) والذي مفاده أن المشكلة في جمهورية جنوب أفريقيا ليست مشكلة تتعلق باللون أو العرق ولكنها "نتيجة أيديولوجية عنصرية مجسدة في سياسة تنتهجها الدولة ومنفذة بالقوة ضد أغلبية شعب البلد، بالرغم من التزامات حكومة جمهورية جنوب أفريقيا بموجب ميثاق الأمم المتحدة" (الفقرة 22 من المرفق الثالث).

446 -

وقد أكد الاستماع إلي مقدمي العرائض واستعراض التطورات رأي اللجنة بأن سياسات الفصل العنصري تضر بمصالح جميع الشرائح السكانية في جمهورية جنوب أفريقيا. ولا يمكن تنفيذ هذه السياسات دون تقويض الحرية وحقوق الإنسان لجميع الأشخاص، من بيض وغير بيض على حد سواء. والواقع، أنه وفقا لما قالته اللجنة في التصريح الذي أدلي به رئيسها ومقررها بمناسبة صدور تقريرها المرحلي الثاني، والذي نشر في النشرة الصحفية للأمم المتحدة GA/AP/13، فإن:

"الحكومة الحالية لجمهورية جنوب أفريقيا لا توفر، في أي وقت من الأوقات، أي مستقبل لسكان البلد من غير البيض سوي الخضوع الأزلي. وعلى الرغم من أنها تصف نفسها بأنها تخوض صراعا من أجل بقاء السكان البيض، فإنها تتعمد تعريض سلامتهم للخطر ولا تترك لهم أي مصير غير الدخول في صراع لا أمل فيه من أجل الهيمنة".

447 -

وترفض اللجنة الخاصة ادعاء حكومة جنوب أفريقيا الذي لا أساس له والذي مفاده أن الخيار في جنوب أفريقيا هو خيار بين سيطرة البيض ونهاية المجتمع المحلي للبيض في البلد. وتري أنه ليس بوسع مجتمع البيض أن يضمن بقاءه عن طريق السعي إلي السيطرة الدائمة على غير البيض، وأن بذل الجهود وصولا إلي هذه الغاية لا يمكن أن يؤدي إلا إلي نتائج مفجعة.

448 -

وعلى عكس ما تؤكده حكومة جمهورية جنوب أفريقيا، لاحظت اللجنة الخاصة أن منظمات غير البيض الرئيسية تؤيد المساواة بين جميع المواطنين بصرف النظر عن العرق، وأن هذه المنظمات أعربت بصورة متكررة عن رغبتها في الدخول في مناقشات من أجل ضمان إحراز تقدم نحو المساواة. كما لاحظت مع الارتياح البالغ أن من بين المعارضين لسياسات الفصل العنصري، أشخاصا ينتمون إلي كل الجماعات العرقية في البلد، بما في ذلك عدد كبير من البيض، على الرغم من القمع القاسي.

449 -

لقد سبق للأمم المتحدة أن أوضحت في قرار الجمعية العامة 616 باء (د- 7)، وأعادت التأكيد في قرارات لاحقة، أن أفضل ضمان لإقامة مجتمع موحد في المجتمعات المتعددة الأعراق مثل جمهورية جنوب أفريقيا بالوسائل السلمية هو "عندما توجه أنماط التشريع والممارسة نحو كفالة المساواة أمام القانون لجميع الأشخاص بصرف النظر عن العرق أو العقيدة أو اللون، وعندما تكون مشاركة كل الجماعات العرقية في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية قائمة على أساس المساواة". وترى اللجنة الخاصة أن هذا هو المسار الوحيد الذي من شأنه أن يخدم مصالح جميع شعوب جمهورية جنوب أفريقيا، بغض النظر عن العرق أو اللون.

450 -

خامسا، تلاحظ اللجنة الخاصة أن التدابير القمعية القاسية التي وضعتها الحكومة تقوض إمكانات التوصل إلي تسوية سلمية وتزيد من العداء بين الجماعات العرقية وتعجل بنشوب نزاع عنيف سوف يلحق أضرارا لا يمكن تقديرها بأشخاص من كافة الجماعات العرقية في البلد، وبالعلاقات الودية بين الدول وبصون السلم في أفريقيا وفي العالم.

451 -

وبناء على ذلك، فإن اللجنة الخاصة تولي أهمية قصوى للإفراج عن السجناء السياسيين وسحب أوامر النفي وغير ذلك من القيود المفروضة على القادة السياسيين وإلغاء التشريعات القمعية. وفضلا عن ذلك تحيط علما بالعسر الشديد والخاص الذي تعانيه أسر الأشخاص الذين لم يلاحقوا إلا لمجرد أنهم يعارضون سياسات الفصل العنصري، وتعتبر أنه ينبغي للمجتمع الدولي أن يقدم لتلك الأسر، لأسباب إنسانية، الإغاثة وغير ذلك من أشكال المساعدة.

452 -

سادسا، من واجب قادة وشعب جمهورية جنوب أفريقيا ومن مصلحتهم أن يسعوا إلي الحصول على العون والدعم من الأمم المتحدة لمساعدتهم على التغلب على إرثهم المرهق من اللامساواة والتعصب والتوتر والخوف.

453 -

غير أن الحكومة الحالية زادت من حدة التوتر في البلد وحاولت أن تحصن نفسها بالسلطة عن طريق استخدام المخاوف والتعصب لدى السكان البيض. وترى اللجنة الخاصة لذلك أن من الضروري، من أجل وضع حد للحالة المتفجرة في البلد، توعية مجتمع البيض في جنوب أفريقيا بأن خطط الحكومة الرامية إلي تعزيز تفوق البيض لن تتكلل بالنجاح ولن تؤدي إلا إلي آلام لا داعي لها لجميع المعنيين.

454 -

سابعا، تلاحظ اللجنة الخاصة أن السياسات العنصرية لحكومة جمهورية جنوب أفريقيا مازالت منذ مدة طويلة مصدر قلق دولي. وقد تناولت الجمعية العامة هذه المشكلة في كل دورة من دوراتها منذ عام 1946 واتخذت قرارات عديدة بغرض ثني حكومة جنوب أفريقيا عن سياساتها العنصرية. ونظر مجلس الأمن في هذه المسألة مرتين واتخذ القرارين المؤرخين 1 نيسان/ أبريل 1960 و 7 آب/ أغسطس 1963.

455 -

وتشير اللجنة الخاصة إلي أن الجمعية العامة لاحظت، منذ دورتها الأولي في عام 1946، أن العلاقات الودية بين جنوب أفريقيا والهند قد وهنت بسبب المعاملة التي يلقاها الأشخاص من أصل هندي في جنوب أفريقيا. وتلاحظ أن رفض حكومة جنوب أفريقيا تنفيذ توصيات الجمعية العامة أدى إلي مزيد من تدهور علاقات هذه الحكومة مع حكومتي الهند وباكستان.

456 -

كما تشير اللجنة الخاصة إلي أن الجمعية العامة ومجلس الأمن سلَّما بصورة متكررة بأن مواصلة السياسات العنصرية التي تتبعها حكومة جنوب أفريقيا أدت إلي تصادم دولي وعرضت السلم والأمن الدوليين للخطر.

457 -

وتشير أيضا إلي أن حكومة جنوب أفريقيا وسعت من نطاق سياساتها العنصرية لتشمل إقليم جنوب غرب أفريقيا الواقع تحت الانتداب ورفضت الوفاء بالتزامها تجاه هذا الإقليم، متحدية العديد من قرارات الجمعية العامة. ويشير التقرير الخاص بجنوب غرب أفريقيا، الذي أعدته اللجنة المعنية بحالة تنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة (A/5446/Rev.1، الفصل الرابع)، والبيانات الأخيرة لحكومة جمهورية جنوب أفريقيا بخصوص جنوب غرب أفريقيا إلي الأخطار الجسيمة التي تسببها سياسات الفصل العنصري، إذ أن حكومة جنوب أفريقيا تهدد باستعمال القوة لمنع وفاء الأمم المتحدة بمسؤولياتها تجاه شعب جنوب أفريقيا.

458 -

وعلاوة على ذلك، تشير التطورات الأخيرة في الأقاليم المستعمرة في الجنوب الأفريقي إلي أن السياسات العنصرية التي تنتهجها حكومة جنوب أفريقيا تشكل عائقا خطيرا أمام تطور الأقاليم المستعمرة المجاورة تطورا سلميا وسريعا نحو الاستقلال والازدهار.

459 -

وتود اللجنة الخاصة أن تؤكد تزايد خطورة المضاعفات الدولية المترتبة على سياسات وأعمال جمهورية جنوب أفريقيا في سياق التطورات التاريخية التي شهدتها كل من آسيا وأفريقيا منذ إنشاء الأمم المتحدة. وقد أصبحت هذه السياسات والأعمال تشكل استفزازا متواصلا للشعوب الموجودة خارج حدود هذه الجمهورية، التي تشعر بأن لها صلة بشعب جنوب أفريقيا المضطهد، وكذا لجميع معارضي العنصرية أينما كانوا. وقد اضطرت هذه السياسات والأعمال عددا كبيرا من الدول إلي قطع علاقاتها مع جمهورية جنوب أفريقيا أو إلي الإحجام عن إقامة علاقات معها، كما تسببت في حدوث خلاف بين الدول الأفريقية والدول الأخرى من جهة والحكومات التي تشعر هذه الدول أنها لم تتخذ تدابير كافية لثني حكومة جمهورية جنوب أفريقيا عن انتهاج سياساتها الحالية، من جهة أخرى. وهي تشكل أخيرا تهديدا خطيرا لصون السلم والأمن الدوليين.

باء- التدابير الرامية إلي إقناع حكومة جنوب أفريقيا بالعدول عن سياساتها الحالية

460 -

كانت الجمعية العامة ومجلس الأمن قد ناشدا مرارا وتكرارا حكومة جنوب أفريقيا تعديل سياساتها امتثالا لالتزاماتها بمقتضى الميثاق. وبما أن تلك المناشدات لم تلق أذنا صاغية من جانب الحكومة المذكورة، فقد أصبح من اللازم اتخاذ تدابير فعالة لحثها على التسليم بعبث سياساتها وعلى الوفاء بالتزاماتها. أما الجمعية العامة فكان قرارها 1761 (د- 17) المؤرخ 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 1962 يمثل مرحلة جديدة من مراحل نظر الأمم المتحدة في هذه القضية، إذ أوصي باتخاذ تدابير محددة لكي تنفذها كافة الدول الأعضاء.

461 -

ففي الفقرة 4 من منطوق ذلك القرار، تطلب الجمعية العامة:

"إلي الدول الأعضاء، تحقيقا للتخلي عن تلك السياسة، أن تعمد منفردة أو مجتمعة، ووفقا للميثاق، إلي اتخاذ التدابير التالية:

"(أ)

قطع العلاقات الدبلوماسية مع حكومة جمهورية جنوب أفريقيا أو الامتناع عن إقامة مثل تلك العلاقات؛

"(ب)

إغلاق مرافئها في وجه جميع السفن التي ترفع علم جنوب أفريقيا؛

"(ج)

سن تشريع يحظر على سفنها دخول مرافئ جنوب أفريقيا؛

"(د)

مقاطعة كافة سلع جنوب أفريقيا والامتناع عن تصدير السلع، بما في ذلك جميع الأسلحة والذخيرة، إلي جنوب أفريقيا؛

"(ه)

منع تسهيلات الهبوط والمرور عن كافة الطائرات التابعة لحكومة جنوب أفريقيا وللشركات المسجلة وفقا لقوانين جنوب أفريقيا".

462 -

أما مجلس الأمن فإنه، إذ أحاط علما، في قراره المؤرخ 7 آب/ أغسطس 1963، بقرار الجمعية العامة 1761 (د- 17) وبالتقارير المرحلية الصادرة عن اللجنة الخاصة، دعا من جديد حكومة جنوب أفريقيا إلي التخلي عن سياسات الفصل العنصري والتمييز العنصري التي تتبعها، وطالب بالإفراج عن جميع الأشخاص المسجونين أو المعتقلين أو المفروضة عليهم أية قيود أخرى بمعارضتهم سياسة الفصل العنصري؛ كما دعا رسميا جميع الدول إلي أن توقف على الفور بيع وشحن الأسلحة والذخيرة بكل أنواعها والمركبات العسكرية إلي جنوب أفريقيا (انظر الفقرة 57).

463 -

وترتئي اللجنة الخاصة أن هذه القرارات تمثل خطوات هامة فيما تبذله الأمم المتحدة من جهود ترمي إلي جعل حكومة جنوب أفريقيا تعدل عن سياساتها الوخيمة، وهي قرارات جديرة بالتأييد الكامل من كافة الدول الأعضاء. وفي هذا الصدد تود اللجنة الخاصة إبداء الملاحظات التالية.

464 -

تلاحظ اللجنة الخاصة ازدياد مشاعر المقت لدى الرأي العام العالمي للسياسات العنصرية التي تتبعها حكومة جمهورية جنوب أفريقيا، وكذلك ازدياد التسليم بأن استمرار هذه السياسات من شأنه أن يعرض السلم والأمن الدوليين للخطر الشديد.

465 -

ولقد أدانت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بأكثرية لا تزال تزداد دائما، السياسات العنصرية التي تتبعها جمهورية جنوب أفريقيا، وسلمت بضرورة قيام المجتمع الدولي باتخاذ تدابير فعالة وفورية لمعالجة هذه المشكلة. وليس ثمة من دولة عضو تغاضت عن هذه السياسات أو دافعت عنها.

464 -

واضطر عدد من هيئات الأمم المتحدة إلي اتخاذ إجراءات بالنظر إلي الآثار الناجمة عن سياسات الفصل العنصري في ميادين اختصاصاتها المختلفة.

467 -

واتخذت الدورة السادسة عشرة لجمعية الصحة العالمية، في أيار/ مايو 1963، قرارا يشير إلي أن الأوضاع المفروضة على غير البيض من سكان جنوب أفريقيا تعرض صحتهم الجسمية والعقلية والاجتماعية للضرر الشديد، وتتنافى ومبادئ المنظمة؛ ويدعو حكومة جمهورية جنوب أفريقيا إلي التخلي عن سياسة الفصل العنصري واتخاذ التدابير المناسبة لكي تستفيد جميع فئات سكان جنوب أفريقيا من خدمات الصحة العامة في ذلك البلد؛ ويتعهد بالعمل، في نطاق أحكام دستور المنظمة، على دعم جميع التدابير التي قد تتخذ في سبيل الإسهام في التوصل إلي حل لمشكلة الفصل العنصري؛ ويطلب إلي المدير العام نقل القرار إلي اللجنة الخاصة (انظر الوثيقة A/AC.115/L.13).

468 -

واتخذ مجلس إدارة مكتب العمل الدولي ثلاثة قرارات في حزيران/ يونيه 1963 مقررا، في جملة أمور، منع جمهورية جنوب أفريقيا من حضور اجتماعات منظمة العمل الدولية التي يحدد عضويتها مجلس إدارة المنظمة نفسه؛ ودعوة المدير العام إلي توفير تعاون المنظمة الكامل فيما تتخذه الأمم المتحدة من إجراءات ذات صلة بجمهورية جنوب أفريقيا؛ وكذلك دعوة المدير العام إلي الاجتماع، برفقة وفد ثلاثي من مجلس الإدارة، بالأمين العام للأمم المتحدة للإعراب عن القلق الشديد الذي شعرت به الدورة السابعة والأربعون لمؤتمر العمل الدولي ومجلس الإدارة إزاء موضوع الفصل العنصري، والسعي معا إلي إيجاد حل للمشاكل التي تطرحها عضوية جمهورية جنوب أفريقيا ما دامت تواصل التمسك بسياستها الحالية (انظر الوثيقة A/AC.115/L.12).

469 -

وقرر المجلس الاقتصادي والاجتماعي، بمقتضى 'الجزء رابعا' من قراره 974 دال (د- 36)، الذي اتخذه في 30 تموز/ يوليه 1963، بأنه وفقا لتوصية اللجنة الاقتصادية لأفريقيا، فإن جمهورية جنوب أفريقيا "لن تشترك في أعمال اللجنة الاقتصادية لأفريقيا، حتى يتبين للمجلس، بناء على توصية اللجنة الاقتصادية لأفريقيا، أن الظروف الملائمة لقيام تعاون بناء قد أعيدت تهيئتها عن طريق إحداث تغيير في سياستها العنصرية".

470 -

وقد أحاطت اللجنة الخاصة، علاوة على ذلك، علما بإدانة العديد من المنظمات غير الحكومية التي تمثل قطاعات بشرية كبرى للسياسات العنصرية التي تتبعها جنوب أفريقيا، وكذلك بالتدابير الملموسة التي اتخذها كثير من المنظمات والأفراد، على الرغم من التضحيات الكثيرة، بغية تقديم المساعدة في حل هذه المشكلة (انظر الفقرة 26).

471 -

وتعلق اللجنة الخاصة أهمية بالغة على ما تمثله هذه التطورات من عزلة معنوية لحكومة جمهورية جنوب أفريقيا. ولكن بالنظر إلي إخفاق جهود الإقناع الرامية إلي حمل حكومة جمهورية جنوب أفريقيا على العدول عن مواصلة مسارها الوخيم، فقد أصبح تنفيذ التدابير الملموسة التي أوصي بها كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن أمرا إلزاميا.

472 -

وتوجه اللجنة الخاصة انتباه كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن إلي الردود المتلقاة من الدول الأعضاء على الرسالة المؤرخة 11 نيسان/ أبريل 1963 التي وجهها إليها رئيس اللجنة الخاصة، وهي الردود المرفقة بهذا التقرير (انظر المرفق الخامس).

473 -

وتلاحظ اللجنة الخاصة بارتياح كبير أن عددا من الدول الأعضاء قد أبلغت في تقاريرها عن التدابير الفعالة التي اتخذتها وفقا لأحكام قرار الجمعية العامة 1761(د- 17). وتلاحظ أيضا أن عددا من الدول الأخرى قد اتخذ تدابير مماثلة، وهي تترقب ورود تقارير منها في الوقت المناسب. كما أنها تسلم بأن اعتماد تلك التدابير يمثل تضحية كبيرة بالنسبة إلي كثير من الدول الأعضاء.

474 -

وتود اللجنة الخاصة أن تعرب عن تقديرها البالغ لجميع الدول الأعضاء التي قدمت بذلك دليلا ملموسا على تمسكها بالتضامن الدولي ومقتها للتمييز العنصري. وقد لاحظت اللجنة مع الارتياح أن الكثير من البلدان النامية قدمت تضحيات كبيرة، مظهرة بذلك تصميمها على الإسهام في الإسراع بحل هذه المشكلة.

475 -

وتلاحظ اللجنة الخاصة، فيما يتعلق بالفقرة 4 (أ) من منطوق قرار الجمعية العامة 1761 (د- 17)، أن ثمة دولا، غير الدول التي كانت تقيم تمثيلا دبلوماسيا مع جمهورية جنوب أفريقيا في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 1962، قد امتنعت عن إقامة علاقات دبلوماسية مع الجمهورية المذكورة. وثمة عدد من الدول اتخذت إجراءات فعالة، تنفيذا للفقرات من 4(ب) إلى (هـ) من منطوق القرار فيما يتعلق بالتبادل التجاري وبحقوق سفن وطائرات جنوب أفريقيا في الهبوط والمرور في أقاليمها.

476 -

وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة الخاصة أنه على ضوء الاستنتاجات الواردة في تقريرها المرحلي الأول (انظر المرفق الثالث)، والتي أيدها بالإجماع مؤتمر قمة الدول الأفريقية المستقلة، بادر عدد من البلدان إما إلي قطع العلاقات القنصلية وإما إلي الإحجام عن إقامة مثل تلك العلاقات معها، وحرم استخدام مجاله الجوي على طائرات جمهورية جنوب أفريقيا.

477 -

بيد أن اللجنة تلاحظ أن عددا من البلدان لا يزال يحافظ على علاقات دبلوماسية مع جمهورية جنوب أفريقيا، بل إن بعضا منها قد زاد زيادة جوهرية حجم التبادل التجاري مع جمهورية جنوب أفريقيا. وقد منحت القوى الاستعمارية تسهيلات جديدة للمرور والطيران العابر بغية توفير طرق بديلة لطائرات جنوب أفريقيا، في حين لا تزال دول شتى غير أفريقية تمنحها حقوق الهبوط والمرور.

478 -

ولذا فإن اللجنة الخاصة تعتقد أنه يجب على الأمم المتحدة أن تلح على الدول الأعضاء باعتماد التدابير الموصى بها في قرار الجمعية العامة 1761 (د- 17) وقرار مجلس الأمن المؤرخ 7 آب/ أغسطس 1963. وكذلك فإنه، بالنظر إلي التدهور السريع في الحالة في جمهورية جنوب أفريقيا وحرصا على العمل الدولي الفعال، تعتقد اللجنة الخاصة أنه ينبغي النظر بعين الاعتبار في اتخاذ تدابير إضافية مناسبة.