إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



البيان الذي أدلى به السيد دينيس بروتوس، مدير الحملة من أجل الإفراج عن السجناء السياسيين في جنوب أفريقيا، أمام اللجنة الخاصة المعنية بسياسة الفصل العنصري التي تتبعها حكومة جمهورية جنوب أفريقيا

A/AC.115/L.194، 27 شباط/ فبراير 1967

...

         إنه لمن دواعي امتناني الخاص أن تتاح لي هذه الفرصة حيث أتكلم أيضا بوصفي مديرا لحملة يضطلع بها صندوق الدفاع والمعونة الدولى تحت رئاسة كانون ل. جون كولينز من أجل الإفراج عن جميع السجناء السياسيين في جنوب أفريقيا.

         وليس بوسعي أن أدعي أنني أتمتع بتدريب مهني وخبرة فنية يؤهلانني بوجه خاص لمهمة الإدلاء بالشهادة عن الأحوال التي يعيشها السجناء السياسيون في جنوب أفريقيا، بيد أنه يمكنني الإشارة إلى سجل يغطي أكثر من 20 عاما من المعارضة المتواصلة للفصل العنصري في مختلف الميادين، وخاصة في ميادين الإسكان، والتعليم، والرياضة، فضلا عن القضايا السياسية الأوسع نطاقا، وهي المعارضة التي انتهت بتعريضي لسلسلة من التقييدات والمنع، وإلى سجني في نهاية المطاف، ثم فرض الإقامة الجبرية على مدة خمس سنوات.

         وإنني أود الحديث بوجه خاص عن الشهور الاثنين والعشرين التي قضيتها في السجن وعما تعرضت له من تجارب هناك، وعن الأوضاع التي تنطبق على السجناء الآخرين. وإنني على يقين، يشاركني فيه الآخرون ممن يشتركون معي في الحملة الحالية، من أنه إذا أمكن إطلاع العالم على هذه الأحوال، ستكون هناك مطالبة قوية وصادقة بالإفراج عن جميع السجناء السياسيين، وبأن هذه المطالبة ستعزز بضغوط معنوية وسياسية وغيرها مما يجعلها واقعا ملموسا.

         ومما يقوي عزمنا بوجه خاص ما علمناه من أن ما تطالب به حملتنا بإجراء تحقيق في أحوال السجون في جنوب أفريقيا هو أيضا مطلب دعت إليه هذه اللجنة الخاصة فضلا عن طائفة كبيرة من المنظمات الأخرى. ويشجعنا على وجه التحديد ما علمناه من أن هذه اللجنة، في اجتماعها المعقود في شباط/ فبراير، جددت هذا الطلب إلى لجنة حقوق الإنسان بعبارات بالغة الوضوح، حيث طلبت:

         "أن تنظر لجنة حقوق الإنسان في هذه المسألة على وجه الاستعجال، وأن تتخذ خطوات لتأمين إجراء تحقيق دولي بغية تحسين أحوال هؤلاء الضحايا" (ضحايا الفصل العنصري).

         وقد كانت لي تجربة شخصية تتعلق بأحوال السجون في جنوب أفريقيا، لا سيما في فورت، وجوهانسبرغ، وليكوب (براينستون، جوهانسبرغ) وسجن روبن آيلاند. وبالإضافة إلى ذلك فقد أمضيت بضعة أيام في سجون بولزمور، ورولاند ستريت، وفي كيب تاون، ومررت بسجون كرونستاد، وبلومفونتين، وكولسبرغ، وجورج، وبورت اليزابيث. هذا فضلا عن الأيام التي قضيتها في سجن برتغالي في لورينزو ماركيز، في موزامبيق.

         وفي نيتي أن أقدم بعض التفاصيل عن تجربتي في هذه السجون، وعما لاحظته بشأن معاملة الآخرين، وأن أشير بإيجاز إلى تقرير لجنة الصليب الأحمر عن السجون في جنوب أفريقيا قبل أن أتطرق إلى مناقشة حملتنا من أجل الإفراج عن السجناء السياسيين: أهدافها، وطرق تنفيذها، والكيفية التي يمكن أن تسهم بها، مع اللجنة الخاصة، في بلوغ مقاصدها والتي ترمي في نهاية المطاف إلى الإطاحة بنظام الفصل العنصري.

         وأرجو ألا أكون في حاجة إلى التأكيد على أن هدفي النهائي، الذي هو أيضا هدف السجناء الآخرين، إنما هو في الإطاحة التامة بنظام الفصل العنصري والاستعاضة عنه بنظام اجتماعي عادل.

         وأي حملة لا تحدد الإطاحة بنظام الفصل العنصري كهدف نهائي لها لا يمكن اعتبارها سوى مضيعة للوقت، وعاجزة عن إدراك وقائع الحال في جنوب أفريقيا.

         إن الحالة في جنوب أفريقيا هي الآن حالة يحاكم فيها الناس ويسجنون بسبب معارضتهم للسيطرة العنصرية؛ وكان هذا النظام هو الذي أودعني السجن. وفي أيار/ مايو 1963، تم اعتقالي في مكاتب الاتحاد الأولمبي لجنوب أفريقيا، الذي كان محظورا آنذاك، ووجهت إلى تهمة حضور أحد التجمعات. وبسبب هذه التهمة، وما يتصل بها من اتهامات أخرى، حكم علي في النهاية بالسجن لمدة ثمانية عشر شهرا مع الأشغال الشاقة: وقد قضيت من هذه الفترة ستة عشر شهرا في سجن روبن آيلاند. وكان مجموع الفترات التي قضيتها في مختلف السجون اثنين وعشرين شهرا.

         ولا أزال، على حد علمي، السجين الوحيد الذي يمكنه أن يمدكم بمعلومات مباشرة عن سجن روبن آيلاند. ولقد دققت معلوماتي أيضا مع الذين قضوا بعض الوقت في سجون أخرى والذين غادروا جنوب أفريقيا في عهد قريب بعد مغادرتي إياها (تموز/ يوليه 1966). وقد أكد هؤلاء الأشخاص بما لا يدع مجالا للشك ما لدي من وقائع، مما يجعلني على قناعة بأن المعلومات التي أضعها أمام هذه اللجنة هي المعلومات المستكملة والدقيقة التي يمكن تقديمها حتى الآن.

         بعد أن صدر على حكم بالسجن لمدة ثمانية عشر شهرا في جوهانسبرغ، نُقلت إلى سجن فورت، في جوهانسبرغ، وفي اليوم التالي نقلت مكبلا بالأغلال إلى سجن ليكوب.

         وفي ليكوب، وبعد أن شكونا من أنه لم يتح لنا القيام بأي تمرينات لعدة أسابيع، أجبرت المجموعة المرافقة لي في زنزانتي والمكونة من نحو 35 شخصا على الجري دائريا داخل مساحة مربعة.

         وأرغمنا على الجري حتى أنهكت قوانا في حضور ملازم يدعى فان تسيل. ولم أكن آنذاك قد شفيت بعد تماما من آثار الرصاصة التي أصابتني حينما أطلق علي النار أحد أفراد شرطة الأمن، ولذا فقد طلبت السماح لي بالتوقف عن الجري. ولكن هذا الطلب قوبل بالرفض، وأرغمت على الجري حتى بلغت نقطة الانهيار.

         بل أن هناك تجربة أسوا تعرضت لها مجموعة من السجناء من دوربان، حيث أجبروا على الجري وهم عراة لمدة ساعة كاملة في مساحة مربعة، وكانوا يتعرضون للضرب باستمرار على أيدي سجانيهم وهم يجرون، وقد وقع كثير منهم على الأرض حيث تعرضوا للضرب وأرغموا على النهوض.

         وبعد شهرين، نُقلت مجموعة منا مؤلفة من 120 شخصا، جميعهم من السجناء السياسيين، وهم مكبلون بالأغلال أيضاً، أثناء الليل، في ثلاث شاحنات كبيرة. وترك نصفنا في اليوم التالي في السجن الكائن في كرونستاد، أما البقية فقد أحضروا إلى سجن روبن آيلاند، وهم لا يزالون مكبلين بالأغلال.

         وفي اليوم التالي لوصولنا إلى سجن روبن آيلاند، في آذار/ مارس 1964، شاهدنا عددا كبيرا من السجناء، ومن ضمنهم أندرو ماسوندو، وهم يتعرضون للاعتداء الجسدى عليهم بصورة عشوائية على يد مجموعة من السجانين في ما كان يعرف بعملية "التكدير". وكان الملازم فريزر يصدر أمرا بهذه العملية حيث يسمح للسجانين بضرب السجناء، الذين قد يصل عددهم إلى 60 سجينا، وقتما أرادوا.

         وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، نُقلت مع جماعتي المؤلفة من نحو 60 شخصا للعمل مع مجموعة ماسوندو لحمل الحجارة في أحد المحاجر أو مواقع البناء. وفي ذلك المكان تعرضنا جميعا بصورة مستمرة للاعتداء الجسدي والضرب من قبل السجانين المزودين بالعصي والهراوات والسياط والألواح الخشبية المستخدمة في البناء. وأصيب معظمنا بكدمات، وكان بعضنا ينزف دما، وانهار البعض لكنهم أرغموا على النهوض لمواصلة العمل.

         وفي يوم الاثنين التالي لوصولنا، أُجبرنا على العمل في أحد المحاجر بالقرب من الشاطئ. وفي ذلك المكان تعرضنا مرة أخرى بصورة مستمرة للاعتداء الجسدي والضرب طوال اليوم. وبالإضافة إلى تعرضي للضرب طوال اليوم على يد السجانين، ركلني أيضا في معدتي أحد عتاة المجرمين. وبسبب الإصابة التي لحقت بي نتيجة لذلك نقلت فيما بعد إلى مستشفي السجن، وأحلت بعد ذلك، في حزيران/ يونيه 1964، إلى سجن بولزمور بالقرب من كيب تاون لكي أعالج في مستشفي فيكتوريا، في وينبيرغ.

         وخلال الفترة التي أمضيتها في روبن آيلاند، شاهدت مرارا سجناء سياسيين ومجرمين يتعرضون للاعتداء الجسدي، وأكثر من ذلك شاهدتهم يتعرضون لعقوبات إضافية تتراوح بين الحرمان من الوجبات الغذائية الثلاث إلى فترات لا يحصلون فيها إلا على وجبة ضئيلة، أو يتعرضون للضرب بالسياط وهم موثقون إلى إطار معدني.

         وهناك حادثة أتذكرها بوجه خاص وهى تتعلق بواحد من السجناء السياسيين الشبان تعرض للضرب لأنه لم يذعن لمحاولات المجرمين ممارسة الشذوذ الجنسي معه. ولهذا السبب تعرض للضرب مرارا. وفي الوقت الذي أجريت فيه اتصالا معه كان موجودا في قسم العزل الطبي بزعم أنه مصاب بالجنون. وصحيح أن سلوكه في ذلك الوقت كان يوحي بأنه مشوش العقل. وقد نقل بعد ذلك من قسم العزل ولم أسمع عنه شيئا آخر.

         وبالإضافة إلى هذه الحوادث كانت هناك حوادث أخرى علمت بها عن طريق الإبلاغ، ولكن نظرا لأنه لم تكن لي تجربة مباشرة بها، فإنني أفضل الاقتصار على تلك التي أعرفها: ومع ذلك فإنني لم أذكر جميع هذه الحوادث هنا.

         بيد أنني تيقنت من تجربتي بأن أسوا سمتين للحياة في السجن هما:

 

 

 

(أ)

قسوة وعقم الحياة التي يعيشها السجناء، لا سيما في ظل جو العداء من جانب السجانين وبعض السجناء من المجرمين؛

 

 

 

(ب)

أن تكون عقوبة الأشخاص الذين يتصرفون بوازع من الضمير ضد نظام الشر هي السجن، وفي أحيان كثيرة مدى الحياة.

         وخلال جزء كبير من فترة عقوبتي، تم احتجازي في قسم العزل، والذي يطلق عليه أيضا، في أحد التقارير قسم "الزعامة" حيث كنت أقوم بكسر الحجارة جنبا إلى جنب مع رجال مثل نيلسون مانديلا، وولتر سيسولو، وأحمد كاثرادا، وغوفان مبيكي، وأندروا ملانغيني، وإلياس ماتسوالدي- وكانوا جميعا قد صدرت ضدهم أحكام بالسجن مدى الحياة في أعقاب محاكمة ريفونيا وكان يقضي أيضا حكما بالسجن مدى الحياة جيف مازيمولا؛ وكان من السجناء الآخرين معي أندرو ماسوندو، وجورج بيك، ولالو شيبا، وماك مهراج، وإيدي دانييلز، والدكتور نيفيل ألكسندر، ودون ديفيز، ولس فان دير هايدن، وزيف موثوبين.

         وقد قام معظم هؤلاء الرجال، في وقت من الأوقات، بكسر الحجارة معي في الجزء الخاص بقسم العزل، ولكن معظمهم نقلوا فيما بعد إلى أشغال أكثر مشقة في مناجم الجير ـ وكانوا يذهبون كل يوم من القسم الذي نحتجز فيه لاستخراج كتل الحجر الجيري في المحجر.

         وقبل مغادرتي بوقت قصير، حضر عدد قليل منهم ألمت بهم وعكات صحية، لكي يقوموا بتكسير الحجارة؛ وكان من بين هؤلاء ريموند ملابا وبيلي نير. وكان أندريس نايدو وجوناس ملامبو من الأشخاص الذين رأيتهم لوقت قصير حينما حضرا إلى القسم الذي نحتجز فيه لغرض خاص: فقد حوكم كلاهما بتهم مختلفة وصدر الحكم بجلدهما وقد رأيت آثار الجراح عليهما فيما بعد، وكانت جراحهما لا تزال مفتوحة ولم تندمل. وستظل آثار هذه الجروح على أجسامهما مدى الحياة.

...

         هذا هو مجرد سرد موجز وعام للغاية لما حدث في السجن في الوقت الذي قضيته فيه؛ وإنني أعتزم أن أقدم إلى لجنتكم أيضا سردا أوفى أو اكثر تفصيلا ومدعما بالوثائق.

         على أن هذه الشهادة تكفي لبيان الظروف التي احتجز فيها السجناء السياسيون. وأملي أن تفيد في تعزيز طلب اللجنة الخاصة والمنظمة الدولية للدفاع والمعونة والمنظمات الأخرى بضرورة إجراء تحقيق في أحوال السجون في جنوب أفريقيا.

         وأود أن أشير إلى بعض المحاولات التي بذلت من أجل إجراء تحقيق في أحوال السجون، فبينما كنت في السجن، مع بقية أفراد مجموعتي في قسم العزل، أعطونا ذات يوم إبرا وخيطا وبعض السترات القديمة وطلبوا منا رتقها. وقمنا بهذا العمل لوقت قصير. ثم جاء مصور صحفي والتقط صور لنا ونحن نعمل. في اليوم التالي مباشرة، أعطينا مرة أخرى كمية من الأحجار ومطرقة وصدرت إلينا الأوامر بتحويل الحجارة إلى حصى. وهذه الحادثة يمكن أن يؤكدها عدد من السجناء. ومنذ ذلك الوقت، نُشرت على نطاق واسع صورتنا ونحن نرتق السترات، وقد شاهدتها منشورة ولكنها كانت صورة زائفة، ومضللة تماما عما كان يطلب منا القيام به.

         وفي أيار/ مايو 1964، علمنا بزيارة أحد المحققين، واعتقدنا انه من الأمم المتحدة. وقد علمت بالزيارة شخصيا حينما تقرر منحي حذاء، في حالة إذا ما استدعاني الزائر. وكنت قد أعطيت من قبل صندلا، ولكني ظللت لبعض الوقت أسير حافي القدمين وقد ظهرت على قدمي آثار بثور كبيرة، فضلا عما أصابني من جروح وتقيحات أصبت بها وأنا أعمل فوق الصخور حينما كنت أعمل في المحجر الواقع قرب الشاطئ بعد وصولي مباشرة. وأثناء الوقت الذي تمت فيه هذه الزيارة التي قام بها، كما علمت فيما بعد، الدكتور هوفمان، شاهدت لأول مرة، وهو ما أدهش أيضا المجرمين الذين قضوا سنوات طويلة في السجن، السجناء في المستشفي وهم يرتدون بيجامات بنية اللون. وقد ارتدوا هذه البيجامات لحين انتهاء الزيارة،  شأنهم في ذلك شأن الآخرين الذين أبلغوا الدكتور هوفمان بأنهم قد صرفت لهم ملابس جديدة. على أن أقوى ما شاهدته من صور التضليل تمثل في رؤيتي للسجناء المرضى وهم يرقدون في أسرة مستشفي السجن، وذلك خلال فترة هذه الزيارة. وهذه الأسرة هي في العادة "للفحص فقط"، وقد رقدت شخصيا على الأرض حينما كنت في سجن المستشفي وقد أبلغ السجناء المرضى بالعودة إلى الرقود على الأرض بعد انتهاء الزيارة.

         وينبغي أن يكون مفهوما أن الدكتور هوفمان لم يكن على علم بحجم الخديعة التي تعرض لها، وقد كانت لزيارته في واقع الأمر قيمتها الفعلية من حيث أنها أدت إلى تحسن طفيف في المعاملة لفترة وجيزة، ولكن تقرير الصليب الأحمر مضلل ولا يقدم أى إشارة إلى المشقة الفعلية التي تحملها السجناء. وبعد نشر تقرير الصليب الأحمر، وبعد تعليقات من جانب حكومة جنوب أفريقيا حاولت فيها التغطية على الوقائع الواردة في التقرير والتي تشير إلى مدى فظاعة الموقف الفعلي، جرى الإدلاء ببيان بالنيابة عن الحكومة ينفي وجود أي سجناء سياسيين على الإطلاق، ويعترف فقط بأنه "ربما" يكون هناك سجين واحد، وهو السيد روبرت سوبوكوي.

...

         وهناك أمران مؤكدان: أن هناك قدرا كبيرا من الوحشية والقسوة يرتكب في سجون جنوب أفريقيا حيث يحتجز السجناء، وأن هؤلاء الناس لا ينبغي أن يكونوا في السجن أصلا، ذلك لأنهم يحاربون من أجل العدالة وفي مواجهة الظلم، وهاتان النقطتان تشكلان الأساس الذي تقوم عليه الحملة التي تشنها المنظمة الدولية للدفاع والمعونة.

         وكان الاسم الذي أطلق على الحملة في الأصل هو الحملة من أجل الإفراج عن السياسيين المسجونين في جنوب أفريقيا، وجرى تغييره ليصبح الحملة من أجل الإفراج عن السجناء السياسيين في جنوب أفريقيا، حيث تقوم الآن بتجميع مواردها مع الحملة العالمية من أجل الإفراج عن السجناء السياسيين في جنوب أفريقيا، وتُعد بمثابة لجنة شكلتها الحركة المناهضة للفصل العنصري. وتعمل هذه الهيئات، مع هيئات أخرى عديدة، من أجل تحقيق هدفها المشترك.

         وهناك هيئتان رئيسيتان تدعمان الحملة وهما المؤتمر الوطني الأفريقي ومؤتمر الوحدويين الأفريقيين لجنوب أفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، تلقى الحملة تأييدا رسميا من منظمة الوحدة الأفريقية، حسبما جرى الإعراب عن ذلك في رسالة موجهة من أمينها العام، السيد ديالو تيللي.

...

         والأهداف الرئيسية للحملة هى السعي إلى قيام لجنة للتحقيق بالذهاب إلى جنوب أفريقيا للنظر في أحوال السجون، والمطالبة بالإفراج عن جميع السجناء السياسيين. وإننا نسعى، كهدف فرعي، إلى تحسين أوضاع السجناء، ونحث أيضا على إجراء تحقيق في أحوال المعتقلين الذين يتم احتجازهم لمدة 180 يوما بلا تهمة أو محاكمة.

         ويقوم المطلب المشار إليه أعلاه بالإفراج عن السجناء السياسيين على قرار اتخذته الأمم المتحدة في عام 1964، بأغلبية 106 أصوات مقابل لا شئ. وقد كنت في السجن آنذاك ولكنى سمعت بالقرار: وهو يدعو إلى وجوب الإفراج عن جميع السجناء السياسيين في جنوب أفريقيا، وإلى وقف جميع المحاكمات السياسية.

         وأن ما نعقد عليه الأمل، وما تهدف إليه هذه الحملة، هو أن تقوم الأمم المتحدة في الوقت المناسب ليس فقط بإعطاء هذا القرار ما يستحقه من اهتمام ولكن بأن تحوله إلى واقع؛ وإننا نرى أن إيفاد لجنة تحقيق إنما يمثل خطوة مبدئية. ومن الممكن تماما أن تلجأ حكومة جنوب أفريقيا إلى تحدي العالم ورفض السماح بدخول هذه اللجنة. وإننا نأمل أن يكون لدى العالم من التصميم ما يكفي لفرض إرادته ضد الفصل العنصري.

         ومن الواضح أن القرارات في حد ذاتها لا يحتمل لها أن تغير الحالة في بلدي. وفي الوقت الذي تصبح فيه الأوضاع غير محتملة بصورة متزايدة، فإن الآفاق المتعلقة بإحداث تغيير سلمي تتبدد، كما أن الآفاق المتعلقة بإحداث تغيير بأي وسيلة تصبح بعيدة المنال أكثر فأكثر. على أنه يتحتم القيام بضغوط جديدة بصورة مستمرة من أجل إحداث هذا التغيير لأن احتمالات وقوع كارثة أصبحت قاب قوسين أو أدنى.

         وفي نهاية المطاف، لا يمكن أن يكون هناك سوى هدف واحد لجميع الضغوط ضد الفصل العنصري: ألا وهو هدم هذا النظام كلية.