إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



البيان الذي أدلى به السيد/ الحاجي يوسف مايتما ـ سولي (نيجيريا)، رئيس اللجنة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري، في اجتماع اللجنة المعقود في 13 كانون الثاني/ يناير1983

نشرة مركز الأمم المتحدة لمناهضة الفصل العنصري

          دأبت هذه اللجنة الخاصة منذ إنشائها في عام 1963 على التأكيد بأننا لا نعتبر المشكلة في جنوب أفريقيا نزاعا بين السود والبيض، وقلنا مرة بعد مرة إننا نسعى- كما يسعى بالتأكيد الزعماء العظام للشعب الأسود في جنوب أفريقيا- إلى إنشاء مجتمع ديمقراطي يتمتع فيه جميع أفراد الشعب بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

          ولقد أكدنا دائما خطر ازدياد حدة النزاع إذا استمر الفصل العنصري والقمع، وحثثنا على التوصل إلى حل سلمي من خلال المشاورات بين الممثلين الحقيقيين لجميع شعب هذا البلد.

          ونظرا لتصلب نظام بريتوريا، متلقيا التشجيع من مؤيديه، قمنا بحملة لفرض جزاءات على جنوب أفريقيا بوصفها أكثر التدابير السلمية الفعالة لإقناع ذلك النظام بأن يقيم اعتبارا للرأي العالمي ويسعى إلى الحل السلمي.

          إن مصالح شعب جنوب أفريقيا بأجمعه، ومنع نشوب نزاع عنصري رهيب، كانت ولا تزال هي الشواغل الرئيسية لهذه اللجنة الخاصة وللمجتمع الدولي.

          ولقد تابعت اللجنة الخاصة لدى اضطلاعها بمهام ولايتها التطورات الجارية في جنوب أفريقيا ووجهت الانتباه مرارا إلى تدهور الوضع بصورة مستمرة. ولقد وجهنا النظر إلى الخطوات الدؤوبة التي يتخذها نظام بريتوريا لتوطيد دعائم السيطرة البيضاء. وإلى المعاناة الجسيمة التي تسببها سياساته وإجراءاته، وإلى تصميمه على تصعيد الكبح آملا أن يؤدي ذلك إلى قمع المقاومة المشروعة التي تخوضها غالبية شعب هذا البلد.

          ومع نيل شعوب وسط أفريقيا وجنوبها لاستقلاها، وتزايد تعبئة شعب جنوب أفريقيا ضد الفصل العنصري، أصبح هذا النظام أشد يأسا مما كان في أي وقت مضى ولم يتردد في انتهاك المبادئ الأخلاقية الدولية والقانون الدولي.

          ويكفيني أن أوجه النظر إلى أنه لا يوجد في تاريخ البشرية سوى القليل من الأمثلة المضاهية لبطولة تلاميذ المدارس السود في سويتو وغيرها من البلدات، الذين يحتجون سلميا على الفصل العنصري منذ 16 حزيران/ يونيه 1976، أو لوحشية شرطة جنوب أفريقيا التي تلجأ روتينيا إلى القتل العشوائي وتشويه الآلاف من الأطفال.

          ويكاد تاريخ البشرية يخلو من مثيل لإجراءات نظام بريتوريا في نفي وتشريد الملايين من السود في جنوب أفريقيا، أو لمحاولة تجريد ما يزيد على ثمانية ملايين أفريقي من هويتهم القومية في ظل سياسة البانتوستانات.

          وقليلة هي الأمثلة المضاهية لما يرتكبه نظام بريتوريا من اغتيالات للاجئين من مواطني جنوب أفريقيا في الأقاليم المجاورة ولاجتياحاته لدول أفريقية مستقلة، ولتنظيم ودعم العناصر المخربة في تلك الدول. بل امتدت الأنشطة غير المشروعة والأعمال الإرهابية التي تقوم بها أجهزة مخابرات جنوب أفريقيا إلى بلدان بعيدة مثل سيشيل والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.

          ولقد تابعنا في السنة الماضية بأقصى درجات القلق والألم والسخط أنباء تعذيب العديد من الزعماء في السجن، مما أدى إلى وفاة طبيب أبيض في جوهانسبرغ وطالب أسود في سويتو وكاهن لوثري في بانتوستانة فيندا. وفجعنا لاغتيال السيدة روث فرست في مابوتو.

          وأهم من ذلك كله ما نمى إلى علمنا في 9 كانون الأول/ ديسمبر وأوقع في نفوسنا الذعر، من وحشية القوات المسلحة لجنوب أفريقيا في ماسيرو، إذ دخلت هذه القوات في منتصف الليل دولة ليسوتو المستقلة وقتلت بقلوب لا تعرف الرحمة لاجئين من موطني جنوب أفريقيا كما قتلت مواطنين من ليسوتو.

          وثبت الزيف التام للمبررات التي قدمها نظام بريتوريا، واتضح للعالم أن جيش جنوب أفريقيا قتل عمدا أبرياء من الرجال والنساء والأطفال لإرهاب ليسوتو والمؤتمر الوطني الأفريقي لجنوب أفريقيا.

نظام بريتوريا يفقد صوابه

          إن مجزرة ماسيرو ليست مجرد حادث آخر في سلسلة أعمال العدوان التي يقترفها نظام بريتوريا بل أمرا أخطر من ذلك بكثير.

          وفي القرن الخامس قبل الميلاد كتب يوريبيدس، أحد الفلاسفة اليونانيين، ما يلي:

          "إذا شاء الله تدمير قوم جردهم أولا من صوابهم".

          وليس هناك ريب في أن نظام بريتوريا قد فقد رشده.

          فهل يدرك ذلك النظام - وهل لا يدرك مؤيدوه - أن هذه المجزرة التي تنطوي على الجبن لا يمكن أن تؤدي إلا إلى إثارة الغضب في صفوف السود؟ ومن يستطيع لومهم إن هم عملوا بقانون موسى:

          "عينا بعين، وسنا بسن، ويدا بيد، ورجلا برجل" (سفر الخروج، الإصحاح الحادي والعشرون، الآية 24).

          ألا يدرك نظام بريتوريا ـ أو لا يدرك مؤيدوه ـ أنه لو انحط السود إلى مستوى أخلاقيات نظام بريتوريا لقتلوا، في جنوب أفريقيا وخارجها، بيضا أبرياء، رجالا ونساء وأطفالا، من مواطني جنوب أفريقيا؟

          أهذا ما يريدونه؟ هل أصبحوا يتمنون الموت؟ ولا بد لنا من توجيه هذه الأسئلة لوجود وضع متفجر في جنوب أفريقيا وخطر شديد على السلم الدولي.

          إن الشعب الأسود في جنوب أفريقيا يتأجج غضبا منذ عشرات السنين بسبب ما لاقاه ويلاقيه من ظلم واضطهاد. بل إن زعماء النظام الحالي يعترفون بأنهم ارتكبوا العديد من الأعمال الظالمة منذ أن تقلد الحزب الوطني زمام السلطة في عام 1948.

          ولكن زعماء السود وغيرهم من معارضي الفصل العنصري حاولوا بالوسائل غير العنيفة والوسائل الإنسانية التوصل إلى إنهاء الظلم. وفعلوا ما فعلوه لأنهم يسعون إلى بناء مجتمع غير عنصري، لا إلى شن حرب على الأقلية البيضاء المحظوظة.

          لقد "حملوا الصليب على كاهلهم" وعانوا في حملات المقاومة الأسطورية التي خاضوها بدون عنف في الخمسينات.

          ولم يتخلوا عن التقيد التام بعدم استخدام العنف إلا بعد وقوع مجزرة شاربفيل في عام 1960 وفرض الحظر على حركات تحريرهم. وحتى عندما وجدوا أنهم مجبرون على اللجوء إلى المقاومة المسلحة، فقد حرصوا حرصا شديدا على تجنب إهدار أرواح بريئة وإن كان معنى ذلك تعريض أرواحهم هم أنفسهم للخطر.

          ولابد من أن يدرك بيض جنوب أفريقيا أن القتل سهل جدا في بلد توجد في كل مدينة من مدنه أغلبية سوداء وفي كل منزل من منازله خدم سود.

          ولقد حرك كفاح الشعب الأسود في جنوب أفريقيا مشاعر الملايين في الخارج ويمكن بالتالي أن تكون له انعكاسات خطيرة حتى خارج جنوب أفريقيا.

التزام الزعماء السود ضبط النفس

          إذا لم تكن هناك موجة من الإرهاب وقتل الأبرياء من البيض، فهذا لا يعزى إلى الأسلحة التي يملكها البيض ونظام حكمهم بل إلى التزام زعماء السود ضبط النفس.

          وقد قال نيلسون مانديلا لمحكمة في جنوب أفريقيا وللبيض، في الكلمة التي ألقاها من قفص الاتهام في نيسان/ أبريل 1964:

          "لقد ناضلنا دائما، نحن أعضاء المؤتمر الوطني الأفريقي، من أجل إقامة ديمقراطية غير عنصرية، وأحجمنا عن أي عمل قد يزيد من تباعد الفئات العرقية. ولكن الحقائق التي لا سبيل إلى نكرانها هي أن خمسين سنة من عدم العنف لم تأت بشيء للشعب الأفريقي...".

          وأوضح أن الشعب الأفريقي كان يتحدث عن العنف لاسترجاع بلده، وكانت هناك في الواقع مقاومة عنيفة في مختلف أنحاء جنوب أفريقيا منذ عام 1957، وكان هناك خطر شديد من الاتجاه إلى المقاومة العنيفة كقاعدة للكفاح.

          وقرر زعماء المؤتمر الوطني الأفريقي، والحالة هذه، ولأن نظام الحكم لم يترك لهم أي خيار آخر، أن يلجأوا إلى العنف المنظم على النحو اللازم، ولا سيما تخريب المنشآت الرئيسية، لإقناع مجتمع البيض، حتى في تلك المرحلة المتأخرة، بتجنب الاتجاه نحو الكارثة.

الحق في الكفاح المسلح.

          لقد سلمت اللجنة الخاصة، كما سلمت الجمعية العامة بناء على توصيتها بحق ـ وأكرر، بحق ـ شعب جنوب أفريقيا المضطهد وحركات تحريره الوطني في اختيار وسائله للكفاح بما فيها الكفاح المسلح.

          لقد انتقدتنا وفود بعض الدول ـ التي لم تتردد في استخدام العنف على نطاق واسع سعيا وراء "مصالحها الوطنية" المزعومة ـ بحجة أننا نشجع العنف.

          وليس لدينا ما نعتذر به، بل كان رأينا في الواقع أنه يجب الاعتراف بهذا الحق المقدس للشعب في وجه العنف والإرهاب اللذين يمارسهما النظام باستمرار. وكان لابد من الاعتراف به لأن مستغلي الفصل العنصري أنكروا هذا الحق على السود ضحايا استغلالهم في جنوب أفريقيا. إن ثمة أوقاتا لا يجدي فيها سوى المقاومة المسلحة من قبل الضحايا لمنع اللصوص من ارتكاب جرائمهم.

          والواقع أنني مقتنع بأن دعم المجتمع الدولي لشعب جنوب أفريقيا المضطهد ولحركات تحريره الوطني هو الذي حد من العنف وحال دون نشوب نزاع بلا ضوابط .

          ولكن بعد مجزرة ماسيرو الرهيبة، أرى أن من الضروري السؤال عما إذا كان الوضع قد بدأ في الخروج عن نطاق السيطرة.

إرهاب النظام

          منذ إحدى عشرة سنة خلت، في 28 شباط/ فبراير 1972 وفي معرض محاكمة عميد الطائفة الانجليكانية في جوهانسبرغ، ذهب المدعي العام إلى أن:

          "كل عضو ذكر من أعضاء المؤتمر الوطني الأفريقي هو مقاتل محتمل في حرب العصابات".

          ويبدو أن نظام الحكم أخذ هذا الاستنتاج الآن على محمل الجد .

          لقد حكم منذ بضعة أسابيع على باربرا هوغان الباحثة الشابة بالسجن لمدة عشر سنوات بتهمة "الخيانة العظمى"، دون أدلة سوى عضويتها في المؤتمر الوطني الأفريقي وإرسالها دراسة عن البطالة إلى أحد أعضاء المؤتمر الوطني الأفريقي في بوتسوانا.

فما معنى ذلك؟

          وفقا لاستطلاعات الرأي العام، أعرب نحو 40 في المائة من السود، أي ما لا يقل عن عشرة ملايين شخص، عن تأييدهم للمؤتمر الوطني الأفريقي، على الرغم من كل ما هنالك من تخويف.

          وإذا كان يجوز قتل كل عضو من أعضاء المؤتمر الوطني الأفريقي بلا رحمة - كما حدث مؤخرا في ماسيرو- أفلا يجوز للمؤتمر الوطني الأفريقي القول بأن كل منزل من منازل البيض هو هدف عسكري، لأن جميع البيض مجندون إلزاميا في القوات المسلحة المدربة على قتل السود العزل من السلاح، رجالا ونساء وأطفالا؟

          إن عنف نظام بريتوريا لا يعزى فحسب إلى يأسه، بل إلى العون الذي تمتع به حتى الآن من المستفيدين من الفصل العنصري والمتحالفين معه لأسباب أخرى مختلفة. ولا يسعنا إلا أن نلفت النظر إلى أنه منذ انتخاب الحكومة الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1980، التي اعتمدت السياسة المعروفة باسم "التعامل البناء" عمد نظام بوتا إلى تصعيد الإرهاب. ويكفيني الإشارة إلى الغارة التي شنت في تحد على ماتولا ، موزامبيق، في كانون الثاني/ يناير 1981، وإلى أعمال العدوان المتكررة على أنغولا، وإلى المجزرة التي وقعت في ماسيرو.

          ويجب أن أنبه الحكومات التي ما زالت تعارض فرض الجزاءات والتي ما زالت تحمي نظام بريتوريا، إلى ما يلي:

          "إذا كنتم تعتقدون أنكم تساعدون بيض جنوب أفريقيا فأنتم مخطئون. إنكم تدفعونهم إلى الانتحار لمنفعتكم الذاتية اللاأخلاقية أو حساباتكم القصيرة النظر. ولن يغفر لكم التاريخ ذلك".

رسالة إلى شعب جنوب أفريقيا

          أود أن أختتم هذا البيان بنداء أوجهه بصورة خاصة إلى أبناء جنوب أفريقيا البيض، أي الأفريقيين المنحدرين من أصل أوروبي.

          أود لهم أن يدركوا قبل فوات الأوان أن مصيرهم هو مع الغالبية السوداء ومع القارة الأفريقية ـ لا مع القوات الخارجية الجشعة التي لا تهتم بمستقبل جنوب أفريقيا.

          أود لهم أن يصغوا إلى الصوت الحقيقي لزعماء جنوب أفريقيا السود ـ لا إلى الدعاية النكراء التي تسمى جميع السود الذين يكافحون للحصول على حقوقهم "إرهابيين" وتعزو كل المقاومة الأفريقية ضد الظلم إلى أنشطة الاتحاد السوفيتي أو دولة من الدول الأخرى.

          أود لهم أن يصغوا إلى الراحل الرئيس ألبرت لوتولي، الحائز على جائز نوبل للسلام، الذي كتب في عام 1962 ما يلي:

          "أنا لست معارضا للحكومة الحالية لأنها بيضاء، بل إني معارض لها فقط لأنها غير ديمقراطية وقمعية...

          "وما أفكر فيه هو حكومة غير عنصرية تتكون من أفضل الرجال ـ وتكون العبرة فيها بالجدارة لا باللون".

          أود لهم أن يصغوا إلى نيلسون مانديلا الذي أعلن كراهيته للسيطرة البيضاء والسيطرة السوداء أيضا، واستعداده للموت، إذا اقتضى الأمر، في الكفاح من أجل مجتمع ديمقراطي حر يعيش فيه جميع الأشخاص معا في تآلف وتكافؤ في الفرص.

          أود لهم أن يصغوا إلى أوليفر تامبو الذي قال أمام الجمعية العامة في تشرين الأول/ أكتوبر1976:

          "... إننا نحب بلدنا وشعبه ـ كل شعبه" .

          لقد استشهدت بأقوال زعماء المؤتمر الوطني الأفريقي فقط ، لأن نظام بريتوريا حاول إظهارهم بمظهر الأعداء الرئيسيين، ولكن الآراء التي أعربوا عنها هي آراء جميع الزعماء السود الآخرين .

          إن نشر كتابات أو خطب أي من هؤلاء الزعماء في جنوب أفريقيا يعد جريمة!

          إن هؤلاء الزعماء رجال ذوو إيمان راسخ كانوا على استعداد للمخاطرة بحياتهم من أجل معتقداتهم . إنهم يمثلون كلمة الحق .

          ولا يوجد سوى وسيلة واحدة مضمونة لاستتباب السلم والأمن في جنوب أفريقيا - إطلاق سراح نيلسون مانديلا وكل السجناء السياسيين الآخرين، وإعلان العفو العام عن جميع المنفيين السياسيين، وإجراء مشاورات حقيقية معهم بشأن مصير هذه الأمة.

          إن أفريقيا هي قارة مصالحة، ولا شك عندي في أن البيض الذين يقض مضجعهم الآن الخوف وعدم الاطمئنان سيفاجأون، لو ساروا على هذا الطريق، بتعاطف زعماء السود وبسخائهم.

          إن المشربين بالروح الحربية في النظام الحالي يسيرون بالبلد، كما تسير به عمليات التعذيب الوحشي التي تقوم بها شرطة الأمن، نحو كارثة محققة. إنها لمأساة أن مجتمع البيض ما زال ملتزما جانب الصمت ولم يظهر شيئا من عمق البصيرة.

          وإذا كانوا يعتقدون أن باستطاعتهم إرهاب الدول الأفريقية أو حركة التحرير الوطني فإنهم لم يتعلموا شيئا من دروس التاريخ. لقد تعرضت بلدان أفريقية عديدة في زمننا هذا، لعمليات هجوم من القوات الاستعمارية بسبب دعمها لحركات التحرير في البلدان المجاورة. ولكن لم يستسلم أي منها. وليس عندي أدنى شك في أن شعوب الدول المجاورة لجنوب أفريقيا لن تخون قارتها مهما يكن الثمن.

          إني أناشد بكل جد رجال الدين والمربين ورجال القانون والشعراء والكتاب وكل المجموعات الأخرى المنتمية إلى الأقلية المحظوظة في جنوب أفريقيا، أن يفيقوا من سباتهم قبل فوات الآون، لكبح جماح المعتمدين على السلاح وأدوات التعذيب، وللسعي نحو السلم.

          ويجب بالتأكيد أن ينتهي احتكار السلطة السياسية الذي يتمتع به البيض، ولكن سيحل محله مستقبل أكثر أمنا وبهاء لأولادنا. والحق أن أفريقيا بأجمعها سترحب بهم كأخوة وأخوات.

          وأود أن أقول لأخوتي وأخواتي أعضاء حركة التحرير الوطني في جنوب أفريقيا إننا نشاطرهم الحزن على الذين فقدوا أرواحهم وإننا سنقف معهم مهما تشتد مشقة الكفاح إلى أن تتحرر أفريقيا والقارة القاطبة من جميع مظاهر العنصرية. إننا لسنا مدفوعين بالغضب أو بروح الانتقام بل برؤى الحرية والسلام.

          وإني لواثق من أنني أستطيع أن أقول ذلك لا بالنيابة عن زملائي الأفريقيين فحسب بل نيابة عن زملائي القادمين من الدول الاشتراكية ومن آسيا وأمريكا اللاتينية والمشتركين في هذه اللجنة ـ  ونيابة عن أعداد لا حصر لها من الحكومات والشعوب خارج هذه القاعة.