إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



البيان الذي أدلى به الأمين العام بطرس بطرس غالي في الجلسة الأولى المعقودة،
عام 1992 للجنة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري

نشرة الأمم المتحدة الصحفية SG/SM/4700-GA/AP/2064، 18 شباط/ فبراير 1992

          لقد تابعت ببالغ الاهتمام الحالة في جنوب أفريقيا طوال السنوات. وكان من شأن التزام الأمم المتحدة بالسعي إلى إنهاء الفصل العنصري وتحقيق مولد بلد ديمقراطي، وهو ما وقفت وراءه باقتدار اللجنة الخاصة، أن أسهم بلا ريب في حدوث التطورات التي تبشر بالخير التي نشهدها اليوم.

          لقد اضطلعت اللجنة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري، على مدى السنوات، بدور هام في إيقاظ ضمير المجتمع الدولي. واكتسب هذا الدور مزيدا من الزخم والثقل بتوافق الآراء الذي ساعدت اللجنة الخاصة على تكوينه مؤخرا في الجمعية العامة.

          سيدي الرئيس، من دواعي سروري أن انضم إليكم في جلستكم الأولى لهذا العام. وأنني، سعادة السفير غامبارى، أود أن أهنئكم وأهنئ زملاءك في هيئة المكتب لإعادة انتخابكم لفترة ولاية جديدة.

          إن نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، الذي ظل مدرجا، بحق، في جدول أعمال الأمم المتحدة لسنوات طويلة، يتداعى حاليا بفعل الضغط الذي تمارسه القوى الدولية والخارجية معا. ولعل بالإمكان الآن توخي قيام مجتمع جديد في جنوب أفريقيا - مجتمع يحترم حقوق الإنسان، مجتمع خال من التمييز على أساس اللون أو الجنس أو الانتماء السياسي أو المعتقد؛ مجتمع متلاحم يتقاسم فيه الجميع الثروة والفرصة الاقتصادية.

          إن هذه هي المبادئ التي يرتكز عليها الإعلان الأمم المتحدة المتعلق بالفصل العنصري- المعتمد بتوافق الآراء في عام 1989- الذي يشكل برنامج عمل المجتمع الدولي لإقامة جنوب أفريقيا المستقبل. وإن ما يثلج صدورنا جميعا أن المفاوضات الرامية إلى وضع دستور جديد في جنوب أفريقيا تدور عجلتها أخيرا بما يتمشى مع المقترحات والمبادئ التوجيهية الواردة في الإعلان.

          لقد اتُخذت خطوات سياسية جسورة في جنوب أفريقيا في السنتين الماضيتين. فأسفر إلغاء قوانين الفصل العنصري الرئيسية والشروع في إعادة المنفيين إلى الوطن عن بدء المفاوضات الراهنة.  كما أن انعقاد مؤتمر العمل على إقامة جنوب أفريقيا ديمقراطية يمثل مرحلة جديدة في الحياة السياسية للبلد، حيث شرعت الأطراف المعنية في العملية التدريجية نحو المصالحة الوطنية والاتفاق على دستور ديمقراطي.

          لقد أوضح وجود الأمم المتحدة في المؤتمر في كانون الأول/ ديسمبر الماضي أننا نؤيد هذه العملية تمام التأييد. ومن شأن اشتمال المفاوضات على جميع الأطراف المعنية أن يعزز، بالطبع، احتمالات التوصل إلى حلول دائمة في وقت مبكر. ولذلك فإن الأمل يحدونا في أن ينضم قريبا إلى هذه المفاوضات الآخرون الذين لم يفعلوا ذلك بعد. ومن الأهمية التصدي، في أقرب وقت ممكن، للخلافات القائمة الحرجة المتعقلة بترتيبات الفترة الانتقالية، مما سيوحي بالثقة عموما في إدارة البلد، فضلا عن الآلية اللازمة لصياغة دستور جديد. ولن يؤدى التأخير في التوصل إلى اتفاق بشأن هذه المسائل إلا أن زيادة الخطر الناشئ عن معارضي التحول الديمقراطي في البلد.

          ومازال استمرار العنف السياسي والمشاكل الاجتماعية - الاقتصادية الجسيمة يهدد العملية بالخطر ويتطلب استجابة فعالة. فتلك الاستجابة ستعمل على بناء الثقة في المفاوضات الراهنة وستكون أمرا حاسما لنجاح التعمير الوطني. وفي هذا السياق، طرح سلفي الموقر في تقريره الأخير إلى الجمعية العامة عددا من الاقتراحات المحددة.

          إن كل الذين يشاركون في هذه العملية التاريخية في سبيلهم، وهو ما نأمله، إلى الخروج من ليل طويل، وينبغي العمل على شد عضدهم لمواجهة الأيام العصيبة المقبلة. وإذا أريد لشعب جنوب أفريقيا الانتقال سلميا إلى الديمقراطية الحقة في بلده، فمن واجبهم جميعا السير إلى الأمام معا متحلين بالحصافة والقدرة على الإبداع وسماحة الروح. ومن واجب المجتمع الدولي أن يظل متيقظا وأن يستجيب على النحو الملائم للتطورات بمجرد حدوثها. واللجنة الخاصة وأنا، يقع على عاتقينا، في إطار دورينا كل على حدة. واسمحوا لي أن أقول إنهما دوران يدعمان بعضهما بعضا، الواجب الهام والمثير للتحدي المتمثل في تقديم المشورة والمساعدة في هذه الفترة الانتقالية الصعبة وما بعدها. وقد حددت الجمعية العامة نطاق مسؤولياتنا وإنني موقن من أن الأمم المتحدة ستواصل دعم هذه العملية الحاسمة بفعالية.

          وختاما، أود اغتنام هذه الفرصة للإشادة بسوتيريوس موسوريس، الذي قدم مساهمة عظيمة بوصفه رئيس مركز مناهضة الفصل العنصري، والذي سيتولى الآن مهام جديدة. وإنني على ثقة من أن جيمس جوناه، وكيل الأمين العام للشؤون السياسية، الذي سيتولى هذه المهمة الجليلة، سيكون خير دعم لعمل اللجنة.