إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



خامسا - مراقبة الانتخابات

ألف - تثقيف الناخبين

  1. كان تثقيف الناخبين عنصرا أساسيا من عناصر تنظيم أول انتخابات تجري بالاقتراع العام في جنوب أفريقيا. واستوجبت الانتخابات الاضطلاع بمهمة تثقيف واسعة. فقد كانت الغالبية العظمى من الناخبين البالغ عددهم قرابة 20 مليون شخص ينتخبون للمرة الأولى. وكانت الإجراءات الانتخابية أيضا مختلفة عن الإجراءات المتبعة في الانتخابات السابقة، وكان الشعب ينتخب حكومة من طراز جديد. واستهدفت برامج تثقيف الناخبين بلوغ جميع الناخبين المحتملين ولكنها ركزت بوجه خاص على المحرومين من ممارسة حق التصويت سابقا. واقتضى الأمر وضع برامج لبلوغ جمهور من الناس ينطقون بلغات شتى، نصفهم أو يزيد أميون أو شبه أميين وهم يقيمون في معظمهم في أماكن محيطة بالمناطق الحضرية وفي المناطق الريفية، وكثير منهم لا تصله الصحف ولا التلفزيون، ولا حتى الإذاعة في بعض الحالات، لذلك تطلب الأمر اتخاذ تدابير خاصة لبلوغ مناطق لا تبلغها وسائل الاتصال الشائعة.
  2. وطلب إلى بعثة مراقبي الأمم المتحدة في جنوب أفريقيا التحقق من كفاية الجهود التي تبذلها السلطات الانتخابية وغيرها من الأطراف المعنية لتثقيف الناخبين ومن أنها ستفضي إلى أعلام الناخبين بشكل واف بمعنى التصويت وجوانبه الإجرائية. وكلف قسم تثقيف الناخبين، الذي أنشيء كجزء من الشعبة الانتخابية،  بإجراء هذا التقييم. واستعرض مراقبو بعثة الأمم المتحدة في جنوب أفريقيا برامج المنظمات المنفذة الرئيسية وظلوا على اتصال بالموظفين المسؤولين عن تثقيف الناخبين والتابعين للجنة الانتخابية المستقلة على الصعيد الوطني وعلى مستوى المقاطعات، واستعرضوا عملهم وقاموا أيضا بتقييم حالة تثقيف الناخبين في كل مقاطعة ورصدوا مبادرات وسائط الإعلام في جميع أنحاء البلد.
  3. وكان حماس الناخبين للتصويت مرتفعا بصفة عامة ولكن الناخبين الجدد كانوا بحاجة إلى معلومات مفصلة عن عملية التصويت لزرع الثقة في أنفسهم والإقلال إلى أدنى حد ممكن من الأصوات غير الصالحة، واكتسى إقناع الناس بسرية الاقتراع بأهمية خاصة. وكان العديد من الناخبين المحتملين يفتقرون إلى وثائق الأهلية المطلوبة، ويحتاجون إلى إرشادات بشأن كيفية الحصول عليها. على أنه كان من الضروري أيضا أن تتجاوز حملة تثقيف الناخبين الجوانب التقنية للعملية الانتخابية وتتصدى لمسألة طبيعة الديمقراطية والعملية الديمقراطية ودور الانتخابات.

1) تنفيذ حملات تثقيف الناخبين

  1. من الجماعات التي اضطلعت بتثقيف الناخبين الجماعات الكنسية، والنقابات، والمنظمات المدنية، والهيئات المهنية، وغير ذلك من المنظمات غير الحكومية، وكذلك الشركات التجارية والمنظمات السياسية. وقام المجتمع الدولي بتمويل جانب لا يستهان به من عملية تثقيف الناخبين. وتسليما بالحاجة إلى نهج منسق وموحد لتثقيف الناخبين، تم تشكيل المحفل المستقل للتثقيف الانتخابى، وهو ائتلاف من 32 منظمة، في تشرين الأول/ أكتوبر 1993. ويقوم المحفل، من خلال لجنة تثقيف الناخبين وتدريبهم التابعة له، بتيسير تنسيق أنشطة أعضائه واقتسام المواد.

2) تثقيف الناخبين بصورة مباشرة وغير منحازة

  1. شددت منظمات عديدة في البداية على تدريب مثقفي الناخبين. وحضر آلاف الأشخاص حلقات تدريب عملي أقيمت في جميع أنحاء البلد منذ أواسط عام 1992 وخلال عام 1993 كله. ووضعت عدة منظمات مواد للقراءة. ونظمت حلقات التدريب العملي في جميع أنحاء البلد حضرها مئات الآلاف من السكان. وقامت وحدات متنقلة بزيارة الأماكن التي تبين أنها تعاني من ثغرات في التغطية، وعرضت أفلام فيديو ووزعت مواد مكتوبة بلغات شتى. وجرى توزيع كراسات وكتيبات ونماذج من بطاقات الاقتراع على نطاق واسع في المناسبات، ومن خلال برامج التوزيع على المنازل، وفي الأكشاك الإعلامية، ومواقف سيارات الأجرة والمحطات، وبوسائل أخرى عديدة.
  2. وقد ورد في تقرير مراقبي بعثة الأمم المتحدة أن ما يزيد عن 90 في المائة من المناسبات التي حضروها تضمنت عرضا واضحا وفعالا لسرية الاقتراع، والمبادئ والقيم الديمقراطية، والإجراءات الانتخابية.

3) دور اللجنة الانتخابية المستقلة

  1. كلفت مديرية تثقيف الناخبين التابعة للجنة الانتخابية المستقلة بتنفيذ الولاية الخاصة بتثقيف الناخبين. وكان على المديرية أن تحدد الثغرات التي تعاني منها التغطية وتسدها باستعمال مواردها الخاصة وموارد ما يزيد عن مائة منظمة أقرت برامجها.
  2. وكانت المهمة من الضخامة بحيث عمدت اللجنة الانتخابية المستقلة، بالإضافة إلى تفويض بعض المنظمات، إلى استخدام مثقفين للناخبين، تلقى العديد منهم قبل ذلك تدريبا لدى منظمات غير حكومية. وعمل هؤلاء المثقفون في جميع المقاطعات، ووزع الآلاف منهم في مناطق حساسة مثل بوفوثاتسوانا في المقاطعة الشمالية الغربية، وفي الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية في جميع أنحاء كوازولو/ ناتال. وخلال شهري آذار/ مارس ونيسان/ أبريل، تم توزيع ملايين المنشورات والكتيبات ونماذج بطاقات الاقتراع وخمسة آلاف فيلم فيديو عن عملية التصويت كجزء من حملة إعلامية مكثفة. وقامت الحملة التي شنتها اللجنة الانتخابية المستقلة في وسائط الإعلام في شباط/ فبراير ببث ونشر معلومات أتاحت، في جملة أمور، توضيح دورها، وطمأنة الناخبين بشأن سرية الاقتراع، ووصف وثائق الأهلية، وتوفير معلومات مستكملة عن الإجراءات الانتخابية. وأدرجت عدة أحزاب سياسية تثقيف الناخبين كجزء أصيل من أنشطة حملاتها السياسية.

4) وسائط الإعلام وتثقيف الناخبين

  1. بدأ تثقيف الناخبين عبر الإذاعة والتليفزيون بصورة جدية في أواخر عام 1993 في أعقاب تشكيل مبادرة برنامج التثقيف الديمقراطي، فقامت مجموعات مثل المحفل المستقل للتثقيف الانتخابي، ومعهد البديل الديمقراطي لجنوب أفريقيا، وصندوق الانتخابات التجاري، والمبادرة نفسها بإنتاج مجموعة من برامج تثقيف الناخبين، وصل مجموع ساعات بثها إلى 41 ساعة في الأسبوع. وبثت برامج إذاعية على المحطات الـ 21 التابعة لهيئة إذاعة جنوب أفريقيا بمختلف اللغات. وشملت البرامج التليفزيونية نتاجات إعلامية استخدمت الأفلام التمثيلية والوثائقية والصور المتحركة ومسرح الدمى. كما بثت عبر الإذاعة والتليفزيون عدة مناظرات سياسية. وتناولت الحملات الصحفية قضايا مثل سرية الاقتراع ووثائق الهوية، كما حثت الناس على التصويت.

5) المشاكل والقيود التي أثرت في تثقيف الناخبين

  1. أعاقت تثقيف الناخبين القيود المفروضة على الموارد بما في ذلك القيود على الموظفين والمعدات. وأثرت المشاكل المتصلة بالنقل تأثيرا سلبيا في قدرة المجموعات على توسيع نطاق عملها إلى المناطق الريفية النائية. وأدت التأخيرات في إقامة مديرية تثقيف الناخبين التابعة للجنة الانتخابية المستقلة، وفي وزع الموظفين في الأقاليم إلى زيادة القيود الزمنية حدة. ومما زاد في تعقيد عمل مثقفي الناخبين التنقيحات المتأخرة العديدة التي أدخلت على الإجراءات الانتخابية، مثل القرار المتخذ في شباط/ فبراير القاضي بتغيير نظام التصويت من نظام الاقتراع ببطاقة واحدة إلى نظام الاقتراع ببطاقتين. وفي كثير من الأحيان لم تقيم اللجنة الانتخابية المستقلة بإبلاغ هذه التغييرات الإجرائية إلى المنظمات ذات الصلة بصورة فعالة.
  2. كما أثار الوصول إلى الناخبين مشكلة في مناطق عدة. فكان تثقيف الناخبين من عمال المزارع محدودا لأن منظمات عديدة كانت عاجزة عن الوصول إلى المزارع. وإلى أن تغيرت الإدارة في بوفوثاتسوانا في آذار/ مارس، كانت القيود المفروضة على الأنشطة المتصلة بالانتخابات قد جعلت من تنفيذ البرامج في تلك المنطقة أمرا غاية في الصعوبة. وكان هناك عدد من "المناطق المحظورة على تثقيف الناخبين" في كوازولو/ ناتال حيث تعرض مثقفو الناخبين للمضايقة في مناسبات عدة، بل لقي عدد منهم حتفه.
  3. وتمكنت حملة تثقيف الناخبين الضخمة التي نفذت تحضيرا لأول انتخابات ديمقراطية شاملة في جنوب أفريقيا من بلوغ أغلبية الناخبين، وإن تركزت على المناطق الحضرية والمناطق المحيطة بها، واقتصرت في أحيان كثيرة على شرح إجراءات التصويت. واحتاج عدد قليل نسبيا من الناخبين إلى المساعدة في مراكز الاقتراع بسبب أميتهم. وكان ارتفاع نسبة الناخبين الذين شاركوا في التصويت، وانخفاض عدد الأصوات غير الصالحة (0.99 في المائة) وتمكن الناخبين من السير بعملية الاقتراع بصورة سلسة في معظم المناطق دلائل على أن الناس تم إعلامهم وحثهم على الاقتراع بصورة مناسبة.

باء- وثائق الهوية

  1. رغم أنه كان ممكنا إبراز وثائق شتى في مراكز التصويت بوصفها وثائق تثبت أهلية الناخبين، ففي الواقع العملي استدعت المهل الزمنية التي استغرقها إصدار هذه الوثائق استعمال بطاقات ناخبين مؤقتة يمكن إصدارها للناخبين فور تقديم طلباتهم. ولم تكن تتوافر أرقام موثوق بها عن عدد السكان الناخبين، وإن قدر عدد الذين يحتاجون إلى بطاقات ناخبين مؤقتة بما يتراوح بين مليونين و4 ملايين شخص.
  2. وتبين من مراقبة بعثة مراقبي الأمم المتحدة في جنوب أفريقيا لعملية إصدار بطاقات الناخبين المؤقتة خلال الأسابيع التي سبقت الانتخابات أن نوعية أداء السلطات المسؤولة عن إصدار البطاقات كانت متفاوتة للغاية. ففي بعض المناطق كانت وحدات إصدار البطاقات تصدر البطاقات بمعدل بطاقة واحدة تقريبا كل عشر دقائق، بينما استغرقت العملية في مناطق أخرى مدة وصلت إلى ساعتين. وفي كثير من الأحيان اتخذت تدابير غير كافية للإعلان عن وجود وحدات إصدار البطاقات أو عن ساعات عملها، وترتب على ذلك أن إنتاجها كان منخفضا إلى درجة غير مقبولة. وفي بعض المناطق، قدم بعض السكان الذين كانت لديهم وثائق أهلية صالحة للانتخاب طلبات للحصول على بطاقات ناخبين مؤقتة أيضا، فمنعوا العملية من توفير الخدمة المناسبة للذين يحتاجون إلى البطاقات فعلا.
  3. وقدمت ادعاءات عديدة بشأن حدوث مخالفات في إصدار بطاقات الناخبين المؤقتة. وشملت هذه الادعاءات ممارسات مثل إصدار بطاقات ناخبين مؤقتة لأشخاص دون السن القانونية؛ ومصادرة الزعماء والمزارعين لبطاقات الناخبين المؤقتة؛ وإساءة استخدام شهادات المعمودية كوثائق مؤيدة لطلبات الحصول على البطاقات؛ ونقص المراكز المتنقلة لإصدار البطاقات نقصا مفتعلا في المناطق التي كانت في أمس الحاجة إليها؛ ورفض إصدار البطاقات لأشخاص طلبوا الحصول على وثائق هوية أساسية؛ ونقص الاستمارات نقصا مفتعلا؛ ونقص آلات التصوير وغيرها من المعدات اللازمة لإصدار البطاقات؛ والتحيز لحزب أو لآخر (مثل إرسال المراكز المتنقلة لإصدار البطاقات إلى مناطق يسكنها أنصار أحزاب معينة دون غيرها، وإقامة مراكز البطاقات في مكاتب الأحزاب السياسية)؛ وطلب الموظفين المسؤولين عن إصدار بطاقات الناخبين المؤقتة دفع مبالغ مالية؛ ورفض إصدار البطاقات لمواطني جنوب أفريقيا المقيمين والعاملين في البلدان المجاورة؛ وإصدار البطاقات للعمال المهاجرين من البلدان المجاورة. غير أنه بصرف النظر عن جوانب القصور الملاحظة في الإعلان عن عملية إصدار البطاقات في بعض المناطق، لم تكن هذه المخالفات تؤيدها بصفة عامة شكاوى رسمية مشفوعة بأدلة مناسبة.
  4. وفي عدد من "المناطق المحظورة" تعرضت حياة الموظفين المسؤولين عن إصدار البطاقات للتهديد أو منعهم المجتمع المحلى من العمل. وعالجت اللجنة الانتخابية المستقلة هذه المشكلة بقدر من النجاح، من خلال شن حملات مركزة في المناطق المتأثرة. ورغم هذه المشاكل، كان من الواضح عند حلول موعد الانتخابات أن جهودا ضخمة وناجحة إلى حد بعيد قد بذلت في معظم أنحاء البلد لضمان توفير فرصة مناسبة للناخبين للحصول على الوثائق المطلوبة. وأعربت الأحزاب السياسية نفسها عن ارتياحها العميق للتقدم المحرز في هذا الصدد. وفي المناطق التي ظلت المشاكل قائمة فيها حتى موعد الانتخابات، تصدت لصعوبات اللحظة الأخيرة مراكز إصدار البطاقات التي عملت قرب مراكز الاقتراع أثناء عملية الاقتراع.

جيم - سير عملية الاقتراع

  1. في 26 نيسان/ أبريل 1994، وهو اليوم المخصص للتصويت الخاص، زار المراقبون ما مجموعه 2960 نقطة من نقاط التصويت الخاص وقدموا تقارير عن ذلك. وكانت أكثر نتائج تقاريرهم إثارة للاهتمام نقص المواد الانتخابية في 23.44 في المائة من مراكز التصويت الخاص. مع أن إجراءات التصويت كانت تطبق تطبيقا سليما في 73.72 في المائة من المراكز التي تمت زيارتها. وكان نمط القصور متفاوتا بين أنحاء البلد، فكانت محافظة ترانسفال الشمالية بكل جلاء أسوأ المناطق، إذ لوحظ أن الإجراءات لم تطبق بصورة سليمة إلا في 42.08 في المائة من نقاط التصويت الخاص التي تمت زيارتها، كما أن المواد واللوازم الانتخابية لم تكن كافية إلا في 56.71 في المائة فقط من المراكز. وكان هناك أيضا تباين شديد داخل المقاطعات: ففيما كان الأداء الإجمالي جيدا مثلا في الكيب الغربية والكيب الشرقية، صودفت مشاكل كبيرة في تسليم المواد الانتخابية في البلدات الواقعة في منطقة كيب فلاتس التابعة للكيب الغربية، وفي جميع أنحاء وطني ترانسكاي وسيسكاي السابقين في الكيب الشرقية. وأثارت منطقة الراند الشرقية التابعة لمقاطعة بريتوريا-ويتووترزراند-فيرينغنغ أيضا مشاكل خاصة، إذ كان نقص شديد في المواد في عدد كبير من نقاط التصويت الخاص. وخلال النهار، قدم المراقبون تقارير شفوية عدة عن المشاكل عبر شبكة الاتصالات التابعة لبعثة مراقبي الأمم المتحدة، وتم إرسال العديد من هذه التقارير مباشرة إلى مركز معالجة الأزمات التابع للجنة الانتخابية المستقلة من أجل اتخاذ تدابير علاجية سريعة.
  2. وسجلت جوانب قصور في إمدادات صناديق الاقتراع، وبطاقات الاقتراع، والمصابيح فوق البنفسجية، والحبر غير المرئي. واستجابة لذلك، سعت اللجنة الانتخابية المستقلة إلى إعادة وزع المواد، وحصلت على مصابيح فوق بنفسجية إضافية من ليسوتو، وطلبت تصنيع مزيد من الحبر غير المرئى، وطبعت بطاقات اقتراع إضافية داخل البلد. على أن طبع بطاقات الاقتراع الإضافية هذه وتوزيعها خضعا لمراقبة ضعيفة من جانب اللجنة الانتخابية المستقلة، ففي عدد من مناطق البلد كان هناك قدر كبير من الشكوك يكتنف المواد التي تم توريدها إلى مراكز تصويت بعينها، مما أدى إلى تعقيد عملية تحديد المواد الانتخابية المستلمة تعقيدا كبيرا عند بدء عد الأصوات، على النحو الذي يقتضيه القانون.
  3. وفي 26 نيسان/ أبريل أيضا، رصد مراقبو الأمم المتحدة التصويت في 119 مركزا من مراكز التصويت الأجنبية في 57 بلدا. وتولت إدارة ذلك وحدة المساعدة الانتخابية في نيويورك، بمساعدة مكثفة من مكاتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومراكز الأمم المتحدة للإعلام. وتم تطبيق منهجية مراقبة مماثلة للمنهجية التي اعتمدت في جنوب أفريقيا، فتم ملء استمارة مراقبة في كل مركز من مراكز التصويت الأجنبية وأرسلت إلى وحدة المساعدة الانتخابية لجمع الإحصاءات وتحليلها. ولم يبلغ عن أية مشاكل كبيرة إجمالا، فقد رأي 76 في المائة من المراقبين أن العملية الانتخابية في مراكز التصويت الأجنبية كانت مرضية بينما رأى الباقون أن العملية كانت مرضية مع بعض المشاكل الصغيرة.
  4. وفي 27 و28 نيسان/ أبريل، زار المراقبون في جنوب أفريقيا 7430 مركز تصويت من أصل 8478 مركزا. وحالت التقلبات التي حدثت في الفترة الأخيرة في العدد المقترح لمراكز التصويت في مختلف أنحاء البلد دون تحقيق تغطية شاملة بنسبة 100 في المائة. وكان نمط الأداء الملاحظ مشابها بصفة عامة لنمط يوم 26 نيسان/ أبريل. ولوحظ بعض التقدم في تنفيذ الإجراءات بصورة سليمة، فبلغت نسبة مراكز التصويت التي لوحظ أنها تطبق الإجراءات بصورة سليمة، 81,13 في المائة. غير أن المشاكل تواصلت فيما يتعلق بتوريد المواد. فكان لدى 75.71 في المائة فقط من مراكز التصويت التي روقبت كمية كافية من المواد. وواصلت بعثة مراقبي الأمم المتحدة إرسال تفاصيل المشاكل المحددة الملاحظة في الميدان إلى اللجنة الانتخابية المستقلة.
  5. ونتيجة المشاكل الكبيرة التي صُودفت أثناء عملية الاقتراع، اتخذ مساء يوم 27 نيسان/ أبريل قرار بإعلان يوم 28 نيسان/ أبريل عطلة رسمية. وفي مساء يوم 28 نيسان/ أبريل، تم تمديد عملية الاقتراع إلى 29 نيسان/ أبريل في ترنسكاي وسيسكاى وفيندا وليبوا وغازانكولو وكوازولو. وتم وزع ما مجموعه 47 فريقا من المراقبين لمراقبة عملية الاقتراع الممددة في ترانسكاي وسيسكاى؛ وتم وزع 65 فريقا في كوازولو/ناتال؛ وتم وزع 68 فريقا في ليبوا وغازانكولو وفيندا.
  6. وكانت هذه المشاكل مظاهر للمشاكل المنهجية التي أثارتها بعثات المراقبين الدوليين مع اللجنة الانتخابية المستقلة في الأشهر التي سبقت الانتخابات. وحال ما أظهره الناخبون أنفسهم من صبر وجلد دون حمل هذه المشاكل عواقب خطرة على شرعية العملية الانتخابية إجمالا.
  7. وبعد انتهاء الاقتراع، في 30 نيسان/ أبريل أصدر ممثلي الخاص في جنوب أفريقيا ورؤساء بعثات المراقبين التابعة للكمنولث، والجماعة الأوروبية، ومنظمة الوحدة الأفريقية بيانا ذكروا فيه ما يلي:

" مع نهاية التصويت في هذه الانتخابات التاريخية على الصعيد الوطني وعلى مستوى المقاطعات في جنوب أفريقيا، التي أتيح فيها التصويت للمرة الأولى لجميع مواطني جنوب أفريقيا، نحن رؤساء بعثات مراقبي الانتخابات التابعة للأمم المتحدة، ومنظمة الوحدة الأفريقية، والكمنولث، والجماعة الأوروبية، اتفقنا سويا على إجراء تقييم مؤقت للعملية حتى نهاية التصويت وقبل استكمال عد الأصوات. ويقوم تقييمنا على عمل ما يزيد عن 2500 من مراقبي الانتخابات الذين وزعوا في جميع أنحاء البلد، بتنسيق من الأمم المتحدة.

"وقد أفدنا من عمل زملاء مثلو منظماتنا في جنوب أفريقيا منذ أواخر عام 1992، وعملوا على دعم هياكل السلم ومراقبة العملية الانتقالية. وانصب اهتمامهم بوجه خاص على مشكلتي العنف والترهيب الأساسيتين.

"وإذا كان الإطار الزمني لهذه الانتخابات قد تم تحديده في عملية المفاوضات المتعددة الأطراف منذ سنة واحدة تقريبا، فإن اللجنة الانتخابية المستقلة لم تنشأ إلا في كانون الأول/ ديسمبر 1993. ومنذ البداية واجهت اللجنة مهمة بالغة الصعوبة تمثلت في الإعداد للانتخابات في غضون أربعة أشهر، وهي مهمة تستغرق عادة مدة أطول بكثير. وتعين على اللجنة أن تعنى بمجموع السكان الناخبين بمن فيهم سكان الأوطان السابقة، ورعايا جنوب أفريقيا في الخارج.

"وقد أثبت سكان جنوب أفريقيا بجلاء التزاماتهم بوضع حد لنظام الفصل العنصري والتحول إلى ديمقراطية غير عنصرية إذ أقبلوا على التصويت بإعداد ضخمة، وكان أغلبهم يدلي بصوته للمرة الأولى في حياته. وقد قاموا بذلك بصبر وحماس جلي، وبقدر لا يستهان به من رباطة الجأش.

"وتشكلت الصفوف منذ ساعات الصباح الباكر في اليوم الأول للتصويت، وبلغ طولها في مراكز كثيرة عدة كيلو مترات حتى قبل بدء التصويت. وواضح أن الناس كانوا على ثقة بالترتيبات المتعلقة بالتصويت ولاسيما بسرية الاقتراع. ونعرب عن قناعتنا أن شعب جنوب أفريقيا تمكن المشاركة في التصويت بحرية.

"وكان تصعيد العنف متوقعا ومخشيا على نطاق واسع ولكنه لم يحدث. وفي تحول عن الاتجاهات السابقة جدير بالملاحظة طرأ انخفاض بالغ على نطاق العنف وكثافة خلال الاقتراع. ولم تفلح موجة التفجيرات الوحشية والجنونية التي أسفرت عن مقتل 21 شخصا وجرح مئات الآخرين في الأيام السابقة للاقتراع وحتى أثناء الاقتراع في ترهيب الناخبين وردعهم. أما أيام التصويت نفسها فكادت تخلو من أية مظاهر تذكر للترهيب.

"ولم يكن مدهشا أن تثور مشاكل إدارية وسوقية كبيرة، نظرا للفترة الوجيزة المتاحة لتنظيم الانتخابات والتغيرات المستمرة التي يمثلها خير تمثيل القرار السياسي الذي اتخذ في اللحظة الأخيرة والقاضي بإضافة حزب آخر إلى بطاقات الاقتراع. وشملت هذه المشاكل صعوبات في توفير وثائق الهوية، بما في ذلك بطاقات الناخبين المؤقتة؛ والتأخر في توظيف موظفي الاقتراع؛ وتأخر القرارات المتعلقة بتحديد مواقع مراكز الاقتراع وتغييرها باستمرار؛ وجوانب القصور في توفير المواد الانتخابية ومراقبتها وتوريدها والشكوك التي اكتنفت اللوائح الإدارية، حتى في أيام التصويت.

"وظلت اللجنة الانتخابية المستقلة خلال العملية كلها ملتزمة التزاما راسخا بضمان مشاركة كل مواطن مؤهل من مواطني جنوب أفريقيا في التصويت إذا شاء ذلك. وفي هذا المسعى، أقمنا حوارا مثمرا ومفتوحا مع رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة وزملائه من أعضاء اللجنة، الذين أبدوا دائما الاستجابة لمقترحاتنا.

"ولم يتح التدخل البناء لآليات الرصد التابعة للجنة الانتخابية المستقلة في حالات عديدة تحديد المشاكل فحسب وإنما أوجد لها حلولا أيضا. ومما أثار إعجابنا خصال الكفاءة والتفاني والمثابرة التي أظهرها آلاف الموظفين المسؤولين عن الاقتراع المدربين تدريبا حسنا والتابعين للجنة الانتخابية المستقلة.

"ويتوجه ثناؤنا أيضا إلى أفراد الجيش والشرطة للنهج المحترف الذي اتبعوه إزاء طلبات معينة قدمت إليهم، بما في ذلك تقديم المساعدة في أوقات حرجة لنقل المواد الانتخابية. وينتهز هذه الفرصة أيضا للإعراب عن شكرنا لما أبدوه لنا من تعاون مستمر. ونثني على آلاف راصدي السلم الذين ساهموا في تحقيق انتخابات سلمية.

"إن ما لاحظناه خلال أيام الاقتراع الأربعة من 26 إلى 29 نيسان/ أبريل 1994 هو إنجاز عظيم حققته جنوب أفريقيا. فهذا الشعب الذي كان خاضعا في الماضي لفصل منهجي اجتمع في مناسبة وطنية تاريخية لكي يعرب عن تصميمه على إقامة جنوب أفريقيا سلمية وغير عنصرية وديمقراطية".

دال - عملية عد الأصوات

  1. إن المشاكل المنهجية التي تم تحديدها ونقلها إلى علم اللجنة الانتخابية المستقلة قبل الانتخابات بفترة طويلة عادت إلى الظهور مرة أخرى في عملية عد الأصوات. فتعيين الموظفين كان متأخرا، ولم يكن كثيرون منهم مدربين بصورة سليمة. كما أن عدم كفاية تخطيط وصول صناديق الاقتراع وغيرها من المواد إلى مراكز عد الأصوات قد تسبب في كثير من الارتباك والتأخير. وفي كثير من الحالات، كان من الصعب أو المستحيل التوفيق بين عدد بطاقات الاقتراع التي عثر عليها في صناديق الاقتراع وعدد بطاقات الاقتراع المقدمة إلى مراكز التصويت، نظرا لعدم كفاية سجلات المواد المسلمة.
  2. وقد انتقص من قدرة بعثة مراقبي الأمم المتحدة في جنوب أفريقيا على رصد عملية العد الفعلية بسبب ضرورة سحب معظم مراقبي الانتخابات الدوليين قبل انتهاء عملية عد الأصوات، وهي الضرورة التي فرضتها أسباب تتعلق بالميزانية. وتفاقمت هذه المشكلة من جراء قرار اللجنة الانتخابية المستقلة تأجيل بدء عملية عد الأصوات لمدة يوم واحد، من 29 إلى30 نيسان/ أبريل، بسبب تمديد فترة التصويت في بعض المناطق؛ وكذلك نظرا لأن عد الأصوات استغرق وقتا أطول مما كانت اللجنة الانتخابية المستقلة تتوقع. ولم يكن بمقدور اللجنة الانتخابية المستقلة أن تعلن النتائج النهائية للانتخابات إلا يوم الخميس، 5 أيار/ مايو. وعلاوة على ذلك، فإن قرار اللجنة الانتخابية المستقلة إجراء عملية عد الأصوات بصورة متواصلة ليلا نهارا في حوالي 700 من "خطوط العد" المستقلة جعل من المستحيل على بعثة مراقبي الأمم المتحدة أن تغطي عملية عد الأصوات بصورة كاملة. ولذلك، فقد قرر ممثلي الخاص، بناء على توصية وحدة العمليات المشتركة، الاكتفاء بمراقبة عد الأصوات في عينة مختارة من المراكز.
  3. ووردت تقارير عن مسار العملية فيما مجموعه 458 من مراكز عد الأصوات. وبوجه عام، كشفت هذه التقارير مشاكل كانت تعبيرا عن جوانب قصور منهجي أوسع نطاقا في اللجنة الانتخابية المستقلة. فقد أوضحت تقارير المراقبين أن 84.06 في المائة فحسب من مراكز عد الأصوات كانت تضم من الموظفين والتسهيلات ما يكفي لضمان عدم انقطاع عملية عد الأصوات. ولم يتم الالتزام بالإجراءات المنصوص عليها لتسليم المواد إلا في 78,82 في المائة فحسب من مراكز عد  الأصوات. ولم يتم الالتزام بالإجراءات الرسمية لتوفيق بطاقات الاقتراع إلا في 74.54 في المائة فحسب من مراكز عد الأصوات. وفي الواقع، فإن ذلك قد عكس - بصورة جزئية على الأقل - قرارا أعلنه رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة عقب بدء عملية عد الأصوات، بأن إجراءات التوفيق قد ثبت أنها مرهقة للغاية ويتعين تعديلها. ولم يرصد التقيد الدقيق بالإجراءات الرسمية لعد الأصوات إلا في 81.66 في المائة فحسب من مراكز عد الأصوات.
  4. وفي بعض أنحاء البلاد، ترددت أثناء عملية عد الأصوات ادعاءات بحدوث تدخل للتلاعب بمواد الاقتراع. ولم يكن بمقدور بعثة مراقبي الأمم المتحدة أن تتوصل إلى تقييم مستقل لهذه الادعاءات.

هاء - مراقبة وسائط الإعلام

  1. تمثلت إحدى المهام الموكلة لقسم شؤون الإعلام وتحليل وسائط الإعلام التابع لبعثة مراقبي الأمم المتحدة في جنوب أفريقيا، في التحقق من تنفيذ قانون اللجنة المستقلة لوسائط الإعلام وقانون هيئة الإذاعة المستقلة، والتقيد بهما بصورة مرضية. وقام القسم بمراقبة أعمال اللجنة المستقلة لوسائط الإعلام وهيئة الإذاعة المستقلة، اللتين أنشئتا بموجب هذين القانونين.

1) اللجنة المستقلة لوسائط الإعلام

  1. أنشئت اللجنة المستقلة لوسائط الإعلام في 22 كانون الأول/ يناير 1994، لكفالة معاملة الدوائر الإذاعية لجميع الأحزاب السياسية معاملة عادلة؛ ولضمان عدم استخدام المنشورات التي تمولها الدولة والخدمات الإعلامية الحكومية لخدمة مصالح أي حزب سياسي. وفيما يتعلق بالإذاعة، أصدرت اللجنة مبادئ توجيهية تحريرية للإذاعيين تحدد المعايير للمعاملة العادلة. كما منحت اللجنة الأحزاب السياسية وقتا مجانيا لبث النشرات الإذاعية الانتخابية الحزبية في المحطات الإذاعية العامة، وفقا لصيغة محسوبة بما يضمن المعاملة العادلة.
  2. وقامت دائرة الاتصالات في جنوب أفريقيا برصد وسائل الإعلام بالنيابة عن مديرية الإذاعة التابعة للجنة، حيث قامت بقياس طول النشرات الإذاعية التي خصصتها مختلف الدوائر الإذاعية للأحزاب السياسية. كما أن مشروع رصد وسائط الإعلام، وهو دائرة رصد مستقلة، قدم تقارير رصد يومية جيدة إلى مديرية الإذاعة. واستخدمت المديرية هذه البيانات لتقييم معاملة وسائط الإعلام للأحزاب السياسية، كما حاولت حل المنازعات بين الأحزاب والإذاعيين قبل تقديم شكاوى رسمية إلى اللجنة المستقلة لوسائط الإعلام. وأمكن بهذه الطريقة حل القسط الأعظم من 27 شكوى رسمية وغير رسمية تم تلقيها. غير أنه قدمت إلى اللجنة أربع شكاوى- واحدة من المؤتمر الوطني الأفريقي، وواحدة من الحزب الديمقراطي المسيحي الأفريقي، واثنتان من الحزب الاتحادي.
  3. وبموجب المادة 23 من قانون اللجنة المستقلة لوسائط الإعلام، تلقت اللجنة شكوى خطية من المؤتمر الوطني الأفريقي ضد هيئة إذاعة جنوب أفريقيا بشأن تغطيتها لأنباء مسيرة قام حزب الحرية إنكاثا في جوهانسبرغ في 28 آذار/مارس. ووفقا لما جاء في الشكوى، دأبت النشرات الإذاعية والتلفزيونية لهيئة إذاعة جنوب أفريقيا على الإشارة باستمرار إلى المشاركين في المسيرة على أنهم من "الزولو". ووفقا لما قاله المؤتمر الوطني الأفريقي، فإن استخدام هذا التعبير لوصف أنصار حزب الحرية إنكاثا لا يتسم فحسب بعدم الدقة، بل أنه ينطوي أيضا على إمكانية زيادة التوتر الإثنى. وكانت إحدى الشكويين اللتين تقدم بهما الحزب الاتحادي تتعلق بالتغطية التليفزيونية غير العادلة لزعيم الحزب خلال فترة التصويت، بالمقارنة بالأحزاب الأصغر الأخرى. وتم الاستماع إلى الشكويين المقدمتين من الحزب الاتحادي والفصل فيهما، في حين تم سحب الشكويين المقدمتين من المؤتمر الوطني الأفريقي والحزب الديمقراطي المسيحي الأفريقي. واستنادا إلى مبدأ عدالة إمكان الوصول ورصد محتوى الأخبار وتغطية الشؤون الجارية، وجدت اللجنة المستقلة لوسائط الإعلام أنه منذ بدء فترة الانتخابات وحتى بدء التصويت، كانت معاملة محطات الإذاعة والتليفزيون للأحزاب المتنافسة معاملة عادلة بصورة عامة.
  4. وفيما يتعلق برصد المنشورات الحكومية والخدمات الإعلامية الحكومية، عقدت اللجنة المستقلة لوسائط الإعلام اجتماعا لرؤساء إدارات جميع الخدمات الإعلامية الحكومية. وتقرر أن تستعرض بصورة خاصة المنشورات التي يمكن أن تعتبر حساسة خلال فترة الانتخابات. وتلقت الإدارة ما مجموعه 534 منشورا - حددها القانون بأنها صحف أو كتب أو دوريات أو كتيبات أو ملصقات أو أي مواد مطبوعة أخرى أو أي شئ أخر مسجل بغرض الاستنساخ. وعلاوة على ذلك، تم تلقي 498 بيانا صحفيا مما نشرته الوزارات، والإدارات الحكومية، وإدارات المقاطعات، والأحزاب السياسية، والمواطن والأقاليم المتمتعة بالحكم الذاتي. وفي حالة مجلة "In Progress" التي تصدر في كوانديبيلى، وجدت اللجنة أن ثمة مخالفة للمادة 22 (5) من القانون، من حيث أن سلطة كوانديبيلى قد استخدمت المجلة لترويج التأييد للمؤتمر الوطني الأفريقي. وكانت هناك بضع مخالفات لقانون اللجنة المستقلة لوسائط الإعلام، ولكن لم يكن هناك عمل منفرد واحد يمكن أن يعتبر أنه قد ترك أثرا له شأنه على نتيجة الانتخابات.
  5. وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة المستقلة لوسائط الإعلام قد صادفت عراقيل كثيرة في تنفيذها لولايتها. فقد عملت دون رئيس لعدة أسابيع؛ وكان من المطلوب منها أن تعمل "كشرطي وقاض" في نفس الوقت: فقد كان مطلوبا منها أن تنشئ بنية أساسية للإدارة والشؤون القانونية والرصد خلال فترة قصيرة للغاية، وصادفت كثيرا من المشاكل السوقية، بما في ذلك الانتقال في وسط العملية إلى مقر جديد. ورغم هذه المشاكل، كانت اللجنة ناجحة، ليس فقط في تحقيق أهدافها بدرجة كبيرة، وإنما في إرساء نموذج لمثل هذه الإجراءات مستقبلا.

2) هيئة الإذاعة المستقلة

  1. أنشئت هيئة الإذاعة المستقلة في 28 آذار/ مارس 1994، لتنظيم الخدمات الإذاعية بما يحقق المصلحة العامة. ووفقا للتشريع الذي أنشئت بمقتضاه، فإنها تعمل بصورة مستقلة تماما عن تأثيرات الدولة والحكومة والأحزاب السياسية، وبصورة متجردة من الانحياز أو التدخل السياسي أو غيره من أشكال الانحياز أو التدخل. ومن بين مهام المستشارين الثمانية في هيئة الإذاعة المستقلة، مراقبة مجال الترددات الإذاعية؛ وإصدار ترخيصات توزيع الإشارات الإذاعية وترخيصات الإذاعة؛ ووضع مدونة قواعد السلوك للخدمات الإذاعية؛ وكذلك رصد الشكاوي والفصل فيها وتعاملت هيئة الإذاعة المستقلة، منذ إنشائها، مع مسألة ترخيصات الإذاعة المؤقتة.

3) وسائط الإعلام المطبوعة

  1. لم تكن ولاية اللجنة المستقلة لوسائط الإعلام تشمل رصد وسائط الإعلام التجارية. ومع ذلك، قام قسم شئون الإعلام وتحليل وسائط الإعلام بنفسه، وبمساعدة من مراقبي بعثة مراقبي الأمم المتحدة في مكاتب المقاطعات، برصد الصحافة اليومية ودوريات منتقاة باللغات الأفريكانية والإنكليزية والقوسا والزولو. وحظيت المناظرات السياسية بتغطية واسعة. وأسهمت الصحف الكبيرة والصغيرة على حد سواء في توعية الناخبين. ويمكن بصورة مأمونة استخلاص أن وسائط الإعلام المطبوعة قد أسهمت بصورة إيجابية في تهيئة مناخ موات لحرية الانتخابات ونزاهتها. وتجدر ملاحظة الدراسة الاستقصائية للرأي العام التي أجراها المنبر المستقل للتثقيف الانتخابي، والتي أوضحت أن حوالي 75 في المائة من الذين شملتهم الدراسة اعتمدوا على وسائط الإعلام المطبوعة والإذاعية في تثقيفهم كناخبين.
  2. وترى بعثة مراقبي الأمم المتحدة في جنوب أفريقيا أن تغطية وسائط الإعلام للعملية الانتخابية كانت متوازنة ولم تضر بأي حزب من الأحزاب السياسية.

واو - رصد الفصل في المنازعات الانتخابية

1) الولاية ومدى ملائمة الإجراءات

  1. كان قسم الفصل في المنازعات التابع لبعثة مراقبي الأمم المتحدة في جنوب أفريقيا مكلفا بمراقبة كيفية معالجة اللجنة الانتخابية المستقلة للشكاوى المتصلة بمخالفات القانون الانتخابي وكانت معايير الحكم على العملية تتمثل في إجراء التحقيق ومدى القانونية، والنزاهة، وسرعة الإنجاز. وكانت إجراءات الفصل في المنازعات التي تتبعها اللجنة الانتخابية المستقلة تتسم إلى حد ما بالإفراط في الجمود بالنسبة للأغراض الانتخابية. من ذلك مثلا أن الحالات "الخطيرة" المشار إليها في المادة 70، مثل إلغاء تسجيل الأحزاب السياسية والمرشحين، لا يمكن إحالتها إلى اللجنة لاتخاذ قرار بشأنها، إلا بناء على توصية من محكمة استئنافية، مما يجعل من الصعوبة بمكان الاستجابة بصورة فورية في حال ضرورة إلغاء تسجيل حزب سياسي وفقا للمادة 69 (2) (ب) ('1') أو في حال ضرورة إلغاء تسجيل مرشح وفقا للمادة 69 (2) (ج) ('2').

2) عدد الحالات المبلغ عنها وطبيعتها

  1. من بين ما مجموعه 3558 شكوى مسجلة، أبلغت اللجنة الانتخابية المستقلة عن 1013 شكوى تدعي وقوع أعمال ترهيب؛ و177 شكوى تتعلق بأعمال عنف ضد الأشخاص؛ و147 شكوى تتعلق بأعمال عنف ضد الممتلكات؛ و322 شكوى تتعلق بعرقلة عملية التماس أصوات الناخبين أو التدخل فيها؛ و267 شكوى تتعلق بتدمير الملصقات؛ و106 شكاوى تتصل بمسائل خاصة بالفصل العاشر (ممارسة النفوذ دونما موجب، والرشوة، وانتحال الشخصية، والتدخل في المواد الانتخابية، والتدخل في عملية التماس أصوات الناخبين، وعدم الامتثال للقانون، وما إلى ذلك؛ و540 شكوى تتعلق بانتهاكات متنوعة للتصويت؛ و143 شكوى تتعلق ببطاقات هوية غير قانونية؛ و206 شكاوى تتعلق ببطاقات تصويت مؤقتة غير قانونية؛ و298 شكوى تتعلق بانتهاكات لمدونة قواعد السلوك الانتخابي؛ و115 شكوى تتصل بالتثقيف الانتخابي. أما العدد المتبقي، وهو 688 شكوى، فيتصل بأنواع أخرى غير محددة من الانتهاكات.
  2. وسجل في كوازولو/ ناتال أكبر عدد من الشكاوى حيث بلغ عددها 741 شكوى؛ تليها الكيب الغربية، حيث سجلت 475 شكوى؛ ثم بريتوريا- ويتووترزراند- فال، حيث سجلت 409 شكاوى. وجاء أقل عدد من الكيب الشمالية، وكان 44 شكوى. واستنادا إلى الحالات التي تلقتها بعثة مراقبي الأمم المتحدة، كان الترهيب يشكل أكبر فئة منفردة من الانتهاكات، حيث وردت بشأنه 335 شكوى (32.6 في المائة) من بين 1027 حالة تم الإبلاغ عنها. وقدم عدد من الشكاوي ضد أرباب عمل، بما في ذلك مزارعون فيما يتعلق بإتاحة الوصول إلى أماكن العمل وإلى الناخبين.
  3. وكانت إجراءات التحقيق والوساطة والفصل في المنازعات تهدف إلى تفادي نشوب النزاع وقيام أعمال العنف أثناء الحملة الانتخابية، أو التقليل منها إلى أدنى حد. ومن بين 3558 حالة سجلتها اللجنة الانتخابية المستقلة، أحيلت 278 شكوى إلى الوساطة. ولم يرد شرح لكيفية إجراء الوساطة (أي وفق أي مبادئ وفي ظل أي ظروف جرت الوساطة). وأحيلت 52 حالة إلى الفصل القضائي في المنازعات.
  4. إن الانتخابات نشاط يتميز بالمنافسة الحادة، التي كثيرا ما تتسم بالانفعال البالغ، وينبغي إجراؤه وفقا لقواعد شديدة الصرامة. فكل جانب من الجوانب لابد وأن يحدد ويراقب بصورة قانونية، لتوفير الحد الأقصى من حرية المنافسة. ومع أنه لم يتم دائما التقييد على نحو صارم بالشروط القانونية في انتخابات جنوب أفريقيا، فإن مراقبي بعثة مراقبي الأمم المتحدة يرون أن عملية الفصل في المنازعات سارات بصورة جيدة معقولة.

زاي - البيان الختامي المشترك الذي أصدره رؤساء بعثات المراقبين الدوليين.

  1. في 5 أيار/ مايو، أعلنت اللجنة الانتخابية المستقلة- بعد أن نظرت بعناية في المسائل العديدة التي أثارتها الأحزاب المختلفة فيما يتعلق بمخالفات مدعى بوقوعها أو وقعت فعلا في عمليتي الاقتراع وعد الأصوات وعملا بمهمته القانونية- أن انتخابات الجمعية الوطنية وكلا من الانتخابات التشريعية على صعيد المقاطعات، كانت حرة ونزيهة أساسا. وفي اليوم التالي، أصدر الممثل الخاص للامين العام في جنوب أفريقيا ورؤساء بعثات المراقبين التابعة للكمنولث والجماعة الأوروبية ومنظمة الوحدة الأفريقية البيان التالي:

"أعلن القاضي يوهان كريغلر، رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة، لتوه نتائج الانتخابات الديمقراطية الأولى في جنوب أفريقيا وصرح أنها كانت حرة ونزيهة أساسا.

"وفي 30 نيسان/ أبريل، ذكرت بعثات المراقبين الدوليين في بيان مؤقت، أن سكان جنوب أفريقيا قد توافدوا بإعداد هائلة للتصويت، بالرغم من المشاكل الإدارية والسوقية التي نشأت في بعض المناطق. وقد تجلت ثقتهم بسرية الاقتراع، وتمكنوا من المشاركة بحرية في الانتخابات.

"واتسمت عملية عد الأصوات كذلك بمشاكل إدارية وسوقية كشفت من جديد عن أوجه قصور خطيرة في مراقبة المواد الانتخابية الحساسة وعدها. فعلى سبيل المثال، اتضح أن من الصعوبة بمكان- أن لم يكن من المستحيل- نظرا لحجم بعض مراكز عد الأصوات، الاضطلاع بالتسوية بعملية توفيق بطاقات الاقتراع، على النحو المحدد في غضون الوقت المتاح، مما أدى إلى قيام اللجنة الانتخابية المستقلة بتعديل الإجراءات. أما من حيث الإيجابيات، فإن أعظم ما اتسمت به هذه العملية- التي جرت بحضور ممثلي الأحزاب، ومراقبين من اللجنة الانتخابية المستقلة، ومراقبين انتخابيين من جنوب أفريقيا والمجتمع الدول- هو شفافيتها.

"ومع الشروع في عد الأصوات، ظهرت كذلك أدلة على وقوع مخالفات أفضت إلى تقديم مختلف الأحزاب شكاوي رسمية. وبالإضافة إلى ذلك، أسفرت التحقيقات التي قامت بها اللجنة الانتخابية المستقلة عن وجود أدلة ظاهرة على وقوع مخالفات مما فاقم من المشاكل التي شهدتها الانتخابات بالنسبة للتزويد بمواد التصويت. وتعكف اللجنة الانتخابية المستقلة وشرطه جنوب أفريقيا على التحقيق في هذه الأدلة. وأننا نحث اللجنة الانتخابية المستقلة على أن تمضى قدما على طريق الوساطة والفصل في المنازعات المعلقة، مع متابعة جميع التحقيقات الجنائية.

"ويعتبر حل هذه القضايا أمرا حاسما لمصداقية اللجنة الانتخابية المستقلة وسوف يطرح دروسا هامة تفيد منها الانتخابات المقبلة في جنوب أفريقيا. وسيعزز النجاح في حل هذه المسائل العالقة قضية المصالحة الوطنية من خلال إتاحة الفرصة للأحزاب السياسية وشعب جنوب أفريقيا بتحويل اهتمامهم إلى حيث الواجبات التي بانتظارهم.

"وترحب بعثات المراقبين الدوليين بروح الوفاق التي بثت الحياة في الملاحظات التي أبداها في 2 أيار/ مايو الرئيس دي كليرك والرئيس المنتخب مانديلا. أن التسامح والصبر اللذين أظهرهما شعب جنوب أفريقيا أثناء فترة التصويت، والانخفاض المثير في مستوى العنف السياسي، وما أعربت عنه الأحزاب السياسية من التزام بالمصالحة الوطنية، إنما تنبئ جميعا بمستقبل مبشر لجنوب أفريقيا الجديدة.

"ولقد قدم المجتمع الدولي دعمه للكفاح من أجل الديمقراطية في جنوب أفريقيا. لكن شعب جنوب أفريقيا هو الذي أدار بنفسه العملية الانتقالية بكاملها- منذ بدء المفاوضات وحتى تنظيم الانتخابات وإجرائها. وتشكل جنوب أفريقيا في هذا المجال حالة فريدة من نوعها. فبالرغم من المشاكل التي صودفت، فإن الجهود الحثيثة التي بذلتها اللجنة الانتخابية المستقلة، مقرونة بصبر شعب جنوب أفريقيا وثبات عزمه، أتت ثمارها. وفي الوقت الذي تأخذ فيه بعثات المراقبين الدوليين بالاعتبار المشاكل التي ذكرت في هذا البيان وفي بياننا السابق، فإنها تشاطر الرأي الجماعي بأن حصيلة الانتخابات تعكس إرادة شعب جنوب أفريقيا".

  1. وفي اليوم نفسه، أصدرت في مقر الأمم المتحدة بيانا هذا نصه:

"أعلن القاضي يوهان كريغلر، رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة في جنوب أفريقيا نتائج الانتخابات وصرح بأنها "حرة ونزيهة" أساسا.

"ويرحب الأمين العام بهذا التصريح معربا من جديد عن تهانيه الحارة لشعب جنوب أفريقيا ولجميع قادته.

"ويهنئ الأمين العام كذلك تهنئة حارة رئيس وأعضاء اللجنة الانتخابية المستقلة على العمل الرائع الذي قاموا به. فبفضل تفانيهم وشجاعتهم، استطاع شعب جنوب أفريقيا أن يعبر في ظل السلم والحرية عن طموحه المشترك نحو مستقبل افضل وعن تصميمه على أن يهيئ حياة ملؤها الكرامة والمساواة والحرية لكل رجل وامرأة في بلده.

"ولقد ظلت الأمم المتحدة معنية مباشرة بالحالة في جنوب أفريقيا منذ أكثر من أربعة عقود. وتصدرت مسيرة الحملة الدولية المناهضة للفصل العنصري ثم بدأت ودعمت البرامج التي تستهدف تخفيف معاناة ضحاياه. وهيأت كذلك محفلا لممثلي منظمات جنوب أفريقيا، مثل المؤتمر الوطني الأفريقي. لدفع الحملة المناهضة للفصل العنصري إلى الأمام.

"ومنذ أيلول/ سبتمبر 1992 بصورة خاصة، والأمم المتحدة ممثلة في جنوب أفريقيا ببعثة مراقبين موكل إليها ولاية واضحة تقضي بالمساهمة في تحقيق انتقال سلمى ومن نظام الفصل العنصري إلى جنوب أفريقيا جديدة وديمقراطية وغير عنصرية وموحدة.

"وهذه البعثة كانت أوسع بعثة مراقبة انتخابية اضطلعت بها الأمم المتحدة. إذ اشترك فيها

ما لا يقل عن 2120 رجلا وامرأة، ومن بينهم موظفون من الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة، وأشخاص معينون من حوالي 120 من الدول الأعضاء. وهنا يود الأمين العام الإعراب لهم جميعا عن تقديره لما أنجزوه من أعمال، فقد أسدوا خدموا جليلة للأمم المتحدة كما خدموا شعب جنوب أفريقيا في فترة حاسمة من تاريخه، وقدموا خدمة لقضية الديمقراطية.

"وستبقى الأمم المتحدة ملتزمة بجنوب أفريقيا. ويتطلع الأمين العام إلى ما ستقدمه حكومة جنوب أفريقيا وشعبها من إسهامات في أنشطة الأمم المتحدة ".

سادسا- التنسيق مع بعثات المراقبين الدوليين الأخرى

ألف - اللجنة التنسيقية

  1. في اضطلاعها بولايتها الأولية، علمت بعثة مراقبي الأمم المتحدة في جنوب أفريقيا عن كثب مع بعثات مراقبي الكمنولث، والجماعة الأوروبية، ومنظمة الوحدة الأفريقية. وقام أعضاء البعثات الأربع، في اجتماعات مشتركة دورية، سواء في مقر البعثة أو في الميدان، بتبادل المعلومات الخاصة بالتطورات الراهنة في جميع أنحاء البلاد، وخططوا انتشارهم المشترك لحضور الفعاليات الرئيسية ونسقوا أنشطتهم لكفالة أقصى تغطية ممكنة للتطورات المستجدة في جميع أنحاء البلاد. كذلك فقد أفضى إجراء مشاورات دورية فيما بين البعثات إلى اتخاذ مواقف مشتركة وقرارات ذات وجهة عملية تتصل على نحو خاص بالتطورات أو المسائل ذات الأهمية، واتخذت قرارات تتعلق بطريقة مفاتحة الأفراد أو الجماعات إما للإعراب عما يساور المجتمع الدولي من قلق، أو لطرح الخيارات المحتملة لمعالجة المشاكل. وكان ممثلو بعثات المراقبين الدوليين يجتمعون دوريا، على سبيل المثال، مع المدير التنفيذي، لأمانة السلم الوطني،  ومفوض الشرطة ووزير شؤون القانون والنظام، من أجل تقييم مسائل مثل العلاقات بين الشرطة والمجتمعات المحلية، واستخدام القوة بغير لزوم من جانب أفراد الأمن ، إلى جانب تحسين إجراءات تجنيد أفراد الشرطة وتدريبهم، وأصبحت بعثات المراقبين الدوليين، بعملها جنبا إلى جنب، قناة هامة للمعلومات من مستوى القاعدة الشعبية لتبلغ صانعي القرارات في الحكومة والأحزاب السياسية وقوات الأمن، بالنسبة للحالات التي قد تزيد التوتر أو التي قد تفضي إلى العنف.
  2. واعتمد المجلس التفاوضي المتعدد الأطراف في 6كانون الأول/ ديسمبر 1993 قرارا، صدق عليه لاحقا المجلس التنفيذي الانتقالي، ويدعو الأمم المتحدة إلى تنسيق أنشطة المراقبين الدوليين الذين قدمهم الكمنولث والجماعة الأوروبية ومنظمة الوحدة الأفريقية، فضلا عن المراقبين الذين قدمتهم كل من المنظمات الحكومية الدولية الأخرى أو الحكومات. وطلب كذلك أن تضع الأمم المتحدة الترتيبات اللازمة في هذا الصدد، لا سيما ضمان نشر المراقبين الدوليين بطريقة فعالة ومنسقة بالتعاون الوثيق مع اللجنة الانتخابية المستقلة. إزاء هذه الخلفية، ووفقا لتقريري السابق المؤرخ 10 كانون الثاني/ يناير 1994 (16/1994/845-S/48/A وAdd.1)، وأنشئت لجنة تنسيق، مؤلفة من رؤساء بعثات المراقبين التابعة للأمم المتحدة والكمنولث ومنظمة الوحدة الأفريقية والجماعة الأوروبية، برئاسة السيد الأخضر الإبراهيمي، ممثلي الخاص في جنوب أفريقيا.
  3. وكانت اللجنة التنسيقية تجتمع مرة واحدة أسبوعيا على الأقل للنظر في التقارير الواردة من وحدة العمليات المشتركة، المؤلفة من ممثلي بعثات المراقبين الأربع، وفرقة العمل التقنية، المؤلفة من ممثلي رؤساء الأحزاب الانتخابية التابعة لبعثات المراقبين الأربع، وكذلك للنظر في المسائل الأخرى التي يثيرها أي عضو من أعضاء اللجنة. واجتمعت فرقة العمل التقنية أيضا بانتظام وتفاعلت مع مسؤولي اللجنة الانتخابية المستقلة برئاسة نائبه الممثل الخاص. وأعدت وحدة العمليات المشتركة، التي عملت برئاسة بعثة مراقبي الأمم المتحدة، خطة لتدريب وانتشار الإعداد الكبيرة من مراقبي الانتخابات الدوليين المقرر وزعهم أثناء الانتخابات، وأنشئت مصارف بيانات من أجل تسجيل المعلومات التي يجمعها المراقبون وحفظها بصورة منهجية.
  4. واجتمعت اللجنة التنسيقية أيضا مع القاضي كريغلر بصورة دورية. وفي هذه الاجتماعات، كان يلفت انتباه اللجنة الانتخابية المستقلة إلى التقارير التي تقدمها أفرقة المراقبين التابعة للبعثات. ومن جانبه، كان القاضي كريغلر يضع اللجنة في صورة التقدم المحرز في أعمال اللجنة للتحضير للإنتخابات. وقد لفتت البعثات انتباهه إلى تقارير ميدانية عن تجاوزات ارتكبت وسلبيات في التحضير الانتخابات على المستوى المحلى، واتخذت اللجنة إجراءات بشأنها. وبشكل عام، كان التعاون بين اللجنة التنسيقية واللجنة الانتخابية المستقلة بناء ومفيدا للجهتين. وقدمت بعثات المراقبين الدوليين إلى اللجنة الانتخابية المستقلة الدعم والتشجيع لا على مستوى السياسات فسحب، إنما أيضا على مستوى فرقة العمل التقنية ووحدة العمليات المشتركة. واجتمع أيضا مسؤولو الوحدات الانتخابية التابعة لبعثات المراقبين الأربع بمسؤولي الانتخابات التابعين للجنة الانتخابية المستقلة من أجل معالجة المشاكل لدى نشوئها.
  5. وفيما يتعلق بتقديم التقارير والبيانات العامة، ففي حين كانت كل بعثة من بعثات المراقبين الدوليين ترفع التقارير إلى منظمتها الأم، كانت بعثة مراقبي الأمم المتحدة تنسق صياغة وإصدار البيانات المشتركة بشأن مختلف جوانب العملية الانتقالية. وقد صدر واحد من هذه البيانات في 29 آذار/ مارس 1994، ليشجب أعمال العنف التي حدثت في وسط جوهانسبرغ أثناء مسيرة للزولو نظمت دعما للملك زويليتينى. وأصدرت بعثات المراقبين الدوليين عشية التصويت (25نيسان/ إبريل) بيانا مشتركا أدان أعمال العنف التي تهدد الانتخابات وشدد على ما للسلوك السلمي من أهمية قصوى أثناء الانتخابات. وأعرب بيان صدر بعد التصويت (30نيسان/ أبريل) عن قناعة البعثات بأن شعب جنوب أفريقيا تمكن من المشاركة بحرية في التصويت وفي 6 أيار/ مايو، بعد أن أعلنت اللجنة الانتخابية المستقلة نتائج الانتخابات، أصدرت البعثات بيانا أبدت فيه الرأي الجماعي للمراقبين الدوليين بأنه رغم الصعوبات التي صودفت، فإن حصيلة الانتخابات عكست إرادة شعب جنوب إفريقيا.

باء - فرقة العمل التقنية

  1. اقترحت الفقرة 71 من تقريري المؤرخ 10كانون الثاني/ يناير 1994 أنه يتعين إنشاء فرقة عمل تقنية، في إطار اللجنة التنسيقية، تتألف من موظفي الانتخابات الرئيسيين الأربعة التابعين لبعثات المراقبين الدوليين الأربع، ويرأسها رئيس الشعبة الانتخابية التابعة لبعثة مراقبي الأمم المتحدة، وتكون وظيفتها الإشراف على أنشطة وحدة العمليات المشتركة. إلا أن اجتماعات فرقة العمل التقنية كانت تنعقد عمليا، إما برئاسة نائبه الممثل الخاص أو برئاسة مدير الشعبة الانتخابية في البعثة، في حين عمل نائب مدير الشعبة كأمين لها.
  2. وعقدت فرقة العمل التنقية اجتماعها الأول في 27 كانون الثاني/ يناير 1994 واجتمعت بعد ذلك إحدى عشر مرة. وحضر موظفو اللجنة الانتخابية المستقلة ثمانية من هذه الاجتماعات بدعوة دائمة من جانب اللجنة التنسيقية. ووافقت فرقة العمل التقنية على أن تعمل وحدة العمليات المشتركة كفريق مشروع متفرغ، بدلا من أن تكون لجنة أو فريقا عاملا دوريا. وأقرت فرقة العمل التقنية، في اجتماعها المعقود في 3 شباط/ فبراير، قائمة بالمهام التي ينبغي على وحدة العمليات المشتركة أداؤها كأساس لأعمالها.
  3. وما أن أنشئت وحدة العمليات المشتركة، حتى جرت معالجة معظم المسائل التقنية على ذلك المستوى. ولم تنظر فرقة العمل التقنية إلا في مسائل الموارد الرئيسية. وعملت وحدة العمليات المشتركة باستقلالية إلى حد بعيد، وكانت درجة الإشراف المطلوبة من فرقة العمل التقنية ضئيلة جدا. وأصبح هذا النمط أكثر بروزا باقتراب موعد الانتخابات واستخدمت فرقة العمل التقنية أيضا كمحفل لتنسيق الاستجابات بين بعثات المراقبين الدوليين لما تطلبه اللجنة الانتخابية المستقلة من مساعدات تقنية. واستأثرت هذه الوظيفة بنسبة هامة من وقت فرقة العمل التقنية.

جيم - وحدة العمليات المشتركة

  1. أنصب دور وحدة العمليات المشتركة على مجالين رئيسيين: التنسيق مع بعثات المراقبين الدوليين الثلاث الأخرى، والتحضير لوصول عدد كبير من مراقبي الانتخابات الدوليين المتوقعين للإنتخابات.
  2. أما الوحدة، التي عينت فيها كل من بعثات المراقبين ممثلين لها فقد كرست انتباها بصورة أولية للانطلاق على أساس ترتيبات التنسيق غير الرسمية التي سبق أن وضعتها بعثة مراقبي الأمم المتحدة. واستحدثت الوحدة، بالتعاون مع بعثات المراقبين الدوليين الأخرى، نماذج مشتركة لمراقبة مراكز التصويت وعد الأصوات، وأعدت برامج الحاسوب ونظمت مصارف البيانات لتسجيل البيانات وحفظها بصورة منتظمة كي تستخدمها البعثات الأربع جميعا. وعقدت اجتماعات دورية للوحدة لمناقشة المسائل ذات الأهمية والتماس الاتفاق على الإجراءات المقترحة.
  3. وشاركت الوحدة مشاركة عميقة في إعداد خاصة من وزع العدد الكبير من مراقبي الانتخابات الدوليين اللازمين لمراقبة الانتخابات. واقتضى هذه الأمر قدرا كبيرا من الأعمال التحضيرية، لا سيما في مجال التدريب، بما في ذلك وضع المواد الاستراتيجيات الإعلامية والتدريبية المناسبة وتعاونت الوحدة أيضا مع شعبة الإدارة التابعة لبعثة مراقبي الأمم المتحدة لحل المشاكل ذات الصلة بالنقل والاتصالات ومرافق المؤتمرات وتسهيلات الإقامة لحوالي 1485 من مراقبي الانتخابات الدوليين الذين وصلوا حديثا، إلى جانب وزعهم في المقاطعات، وأقامت الوحدة أيضا صلة مع اللجنة الانتخابية المستقلة بغية جمع المعلومات عن كل مجموعة من مجموعات مراكز التصويت التي ستقوم بزيارتها أفرقة المراقبين خلال أيام التصويت، وأصدرت كتيبا يتضمن معلومات أساسية ومبادئ توجيهية تنفيذية يستخدمها مراقبو الانتخابات الدوليون التابعون لبعثات المراقبين الدوليين الأربع.

سابعا- التعاون مع المنظمات غير الحكومية

ألف - بعثة مراقبي الأمم المتحدة في جنوب أفريقيا والمنظمات غير الحكومية

  1. بموجب أحكام قرار مجلس الأمن 772 (1992)، تعاونت بعثة مراقبي الأمم المتحدة مع تشكيله عريضة من المنظمات غير الحكومية، ولا سيما في مجالات رصد العنف، وتعزيز السلم، وحقوق الإنسان، والتثقيف المدني. ومنذ بدء البعثة، أسندت إلى أحد مراقبيها مهمة العمل كموظف اتصال مع المنظمات غير الحكومية. ومع توسيع ولاية البعثة بمقتضى قرار مجلس الأمن 894 (1994) اتسع نطاق تعاونها مع مؤسسات المجتمع المدني بحيث شمل المشتركين في مراقبة العملية الانتخابية وتثقيف الناخبين.
  2. وقد أشرت، في تقريري المؤرخ 10 كانون الثاني/ يناير، إلى الدور الحاسم الذي كان من الضروري أن تؤديه المنظمات غير الحكومية، المحلية والأجنبية، في نجاح عملية مراقبة الانتخابات بوجه عام. واستجابة لرغبة أعرب عنها المجلس التنفيذي الانتقالي، في أن يتعاون جميع المراقبين الدوليين والمراقبين الآخرين تعاونا وثيقا على أداء مهمتهم المتمثلة في الإشراف على العملية الانتخابية في جميع مراحلها، بينت (في الفقرتين 75 و76) أن سَتبذُل جهود لإقامة علاقة تعاون مع المنظمات غير الحكومية الأجنبية ولإقامة علاقات عمل مع الكيانات غير الحكومية الوطنية المشتركة في مختلف جوانب الانتخاب، مثل التثقيف المدني وتنظيم شبكات الرصد الأهلية.
  3. وأنشئ مكتب اتصال مع المنظمات غير الحكومية في الشعبة الانتخابية في البعثة، لتنفيذ هذه السياسة وجرى حث مراقبي البعثة على توسيع نطاق الاتصالات الحالية مع المنظمات غير الحكومية، ولا سيما المنظمات القائمة على أساس المجتمعات المحلية، والمنظمات غير الحكومية المشتركة في بناء السلم وحل المنازعات، فضلا عن المنظمات التي تقوم بمراقبة العملية الانتخابية. وأقام مكتب الاتصال هذا اتصالات مع المنظمات غير الحكومية ذات الصلة، المحلية منها والأجنبية على السواء، وهو يحيطها علما بولاية البعثة ويرد على طلبات الحصول على معلومات. وقد مثل هذا المكتب البعثة، مثلا، في اجتماعات الشبكة الوطنية لمراقبي الانتخابات، وهي منظمة تكونت في كانون الأول/ ديسمبر 1993 لتنسيق جهود المنظمات غير الحكومية، المحلية والأجنبية، المشاركة في مراقبة الانتخابات؛ فضلا عن اجتماعات فريق القادة الدينين  المعني بنزاهة الانتخابات وبرنامج مجلس الكنائس العالمي للرصد في جنوب أفريقيا. وكانت للجنة الانتخابية المستقلة بدورها تتشاور مع مكتب الاتصال فيما يتعلق بالمنظمات غير الحكومية الأجنبية.
  4. ودعيت بعثات المراقبين الدوليين إلى التعاون مع ممثلي الكنائس، وقطاع الأعمال، ونقابات العمال، ومنظمات رصد السلم، ومختلف المنظمات غير الحكومية المحلية والأجنبية، لتعيين ممثل لها في لجنة تنظيم الشبكة الوطنية لمراقبي الانتخابات. وجرى تعاون مماثل على صعيدي المقاطعات الفرعية والدوائر الانتخابية، مع هياكل هذه الشبكة ومع منظمات غير حكومية أخرى. وفي عدة مجالات، أقيمت محافل مشتركة لتبادل المعلومات، ورسم استراتيجيات مشتركة لرصد الأحداث ولمناقشة خطة الوزع المتعلقة بالانتخابات. وفي عدة حالات، قامت الهياكل المعنية بالسلم والمنظمات غير الحكومية بإتاحة التوجيه وإمكانية الوصول للمجتمعات المحلية أمام مراقبي الانتخابات الدوليين. وكان هؤلاء، بدورهم يقدمون المساعدة والمشورة عندما تطلبان منهم.

باء - مراقبو المنظمات غير الحكومية

  1. اضطلعت المنظمات غير الحكومية الجنوب أفريقية بمعظم عمليات التثقيف المدني وتثقيف الناخبين، واستنبطت مفهوم رصد الانتخابات من قبل المجتمع المدني. واعتمدت اللجنة الانتخابية المستقلة، ما مجموعة 30 منظمة غير حكومية محلية، كانت الشبكة الوطنية لمراقبي الانتخابات أكبرها. وقامت هذه المنظمات بوزع ما يناهز 25000 مراقب في جميع أنحاء البلاد، للانتخابات. وبالإضافة إلى ذلك، قدمت 97 منظمة غير حكومية أجنبية ما يتجاوز 2000 مراقب من جميع أنحاء العالم. وكان من أهم المؤسسات المساهمة: اتحاد برلماني أوروبا الغربية، الذي قام بوزع ما يناهز 400 برلماني لمراقبة انتخابات جنوب أفريقيا. وتبادلت البعثة معهم جلسات الإحاطة الإعلامية وتوفير المعلومات الخاصة بالسوقيات وأقامت اتصالا وثيقا مع مراقبي هذا الاتحاد على الصعيد المركزي وصعيد المقاطعات. بالإضافة إلى ذلك، قدم كثير من المنظمات غير الحكومية إلى اللجنة الانتخابية المستقلة موظفين مؤهلين ومدربين، ولا سيما لمديرية الرصد التابعة لها. وأمنت الرابطة الوطنية للنساء مشاركة أكبر للمرأة في عملية تحقيق الديمقراطية في جنوب أفريقيا. وطلب من المنظمات غير الحكومية المشتركة في مراقبة الانتخابات التوقيع على مدونة سلوك، وزود موظفوها ببطاقات هوية وملابس تعريفية قدمتها اللجنة الانتخابية المستقلة تيسيرا لوصولهم إلى مراكز الاقتراع.
  2. وقد تجاوزت مساهمة مؤسسات المجتمع المدني في أيام الانتخابات عملية المراقبة. واضطر مراقبو المنظمات غير الحكومية، بسبب أوجه القصور الإدارية والسوقية للجنة الانتخابية المستقلة، إلى الاضطلاع بمهام تتجاوز ولايتهم الأصلية. وفي عدة مراكز تصويت، كانوا في نفس الوقت جزءا من فريق الموظفين والراصدين. واستعانت اللجنة الانتخابية المستقلة بهم أيضا، لمساعدة موظفي الانتخابات في حالات مخصصة. وتلبية لطلب اللجنة الانتخابية المستقلة، قدمت الأوساط الدينية ما يناهز 1200 شخص، للمساعدة في عد بطاقات الاقتراع، عندما تبين بوضوح أن هذه المرحلة من العملية الانتخابية يعيقها إعاقة خطيرة عدم وجود الموظفين المؤهلين. وشعر عدة مراقبين، عملوا كمتطوعين، بعد الانتخابات، أنهم لم يعاملوا بإنصاف وطالبوا بأن تدفع لهم أجور، على غرار موظفي وراصدي اللجنة الانتخابية المستقلة.
  3. وكانت مساهمة مراقبي المنظمات غير الحكومية حاسمة في الانتخابات، مع أنه لم يجر تدريب جميعهم تدريبا مناسبا، بسبب ضيق الوقت كما أن المراقبة لم تشمل بعض المناطق. وساعدت مشاركة المنظمات غير الحكومية على إنجاز العملية الانتخابية، بالرغم من الصعوبات الإدارية والسوقية. وأتاح عمل المنظمات غير الحكومية أيضا لسكان جنوب أفريقيا المشاركة على نطاق أوسع في الانتخابات، مما جعلها، على حد تعبير رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة، القاضي يوهان كريغلر، "انتخابات شعبية".

ثامنا- الإدارة

ألف - الموارد: الموظفون

  1. تطلبت ولاية البعثة الموسعة، على النحو المشار إليه آنفا في هذا التقرير، زيادة كبرى في عدد المراقبين، في غضون فترة زمنية قصيرة، مما اقتضى إنشاء شبكة دعم، في وقت قصير قبل الانتخابات. وكانت المرحلة الانتخابية للبعثة قصيرة نسبيا. وكانت النتيجة أن الدعم الإداري والسوقي اللازم لاضطلاع البعثة بولايتها على نحو فعال شكل جهدا جبارا، ولا سيما في الفترات التي سبقت الانتخابات مباشرة أو التي تلتها مباشرة. وفي الفترة الممتدة من نهاية كانون الثاني/ يناير 1994- حين أقرت الجمعية العامة ميزانية البعثة بعد توسيع ولايتها- إلى نهاية نيسان/ أبريل 1994 خططت البعثة ونفذت عملية وزع 1985 مراقبا انتخابيا دوليا. وكان هذا يمثل زيادة كبرى على الـ 100 مراقب الموجودين داخل البلد منذ مطلع شباط/ فبراير 1994.
  2. وبلغت عملية الوزع ذروتها قبل الانتخابات مباشرة، بوصول معظم مراقبي الانتخابات الدوليين. وقامت العناصر الإدارية التابعة للبعثة ووحدة المراقبين المشتركة بتجهيز ملفات المراقبين الدوليين القادمين، ونقلهم إلى مراكز تدريب ووزعهم على المواقع المعينة لهم. وبعد الانتخابات مباشرة، أعيد المراقبون هؤلاء إلى أوطانهم. وقد أنجز هذه العملية بأكملها، في غضون 12 يوما، عدد محدود من موظفي الدعم واقتضت عوامل خارجة عن إرادة البعثة تعديلا مستمرا لخطة الوزع التي رسمتها البعثة بما في ذلك المشاكل المواجهة في مقر الأمم المتحدة في التحديد النهائي لإعداد المراقبين ووضع قوائمهم. واقتضت الصعوبات التي عانتها اللجنة الانتخابية المستقلة، والتي أخرت إنجاز قائمة مراكز التصويت حتى أيام التصويت، فضلا عن تمديد أيام التصويت وعد الأصوات، إجراء الكثير من التغييرات في آخر لحظة في خطط البعثة المتعلقة بخطط الوزع والسوقيات.

باء - الاتصالات

  1. لم يكن من الممكن إقامة شبكة اتصالات لاسلكية تابعة للبعثة، كافية لتغطية البلاد قاطبة، وذلك بسب قصر الوقت المتاح وحجم البلاد. ولذلك، أقيمت شبكة اتصالات لاسلكية بترددات عالية جدا (VHF)، لتغطية المناطق التي اتسم ماضيها بالعنف، أو التي كان يتوقع حدوث عنف فيها. وللتمكن من العمل ضمن حدود نطاق موجات بترددات عالية جدا مشوش للغاية، استعين بخدمات شبكة تقوية تجارية للاتصالات اللاسلكية لتغطية منطقتي دوربان وجوهانسبرغ. ولتعزيز الاتصالات اللاسلكية في المناطق التي يحتمل حدوث عنف فيها، جهزت طائرتا هليكوبتر خفيفتان بأجهزة تقوية، واستخدمتا كتوصيلات منقولة جوا في حالة تعطل الأجهزة الأرضية. وجهزت أفرقة البعثة بمعدات الهاتف ومرافق الفاكس في معظم أنحاء البلد، إلا في عدد قليل جدا من المناطق النائية. ووفرت البعثة أيضا مرافق الاتصالات لبعثات مراقبي الكمنولث، والجماعة الأوروبية، ومنظمة الوحدة الأفريقية، وقامت هذه البعثات بدفع نصيب متناسب من تكاليف التركيب والتشغيل.

جيم - الدعم الجوي والمركبات

  1. خصصت ميزانية البعثة اعتمادات لاستئجار طائرات، لوزع المراقبين الدوليين ولأغراض الاتصالات. ومع بعض الاستثناءات القليلة كان يمكن الوصول إلى عواصم المقاطعات بالحافلات أو بالخطوط الجوية التجارية. وقد استخدمت خطوط تجارية عادية لمعظم الرحلات الجوية داخل منطقة البعثة.
  2. وأثناء الانتخابات، تم استئجار إحدى عشرة طائرة هليكوبتر خفيفة وطائرة واحدة خفيفة ثابتة الجناحين. واستخدمت طائرتا هليكوبتر كمحطتي تقوية للاتصالات اللاسلكية، على النحو المبين أعلاه؛ إحداهما في مقاطعة بريتوريا- ويتووترزراند- فيرينيغنغ، والثانية في مقاطعة كوازولو/ ناتال. وبالإضافة إلى ذلك، كان هناك طائرة هليكوبتر واحدة في كل من المقاطعات التسع، وذلك لإجلاء الأفراد لأسباب طبية أو في حالة الإصابات أو حالات الطوارئ، وللسماح لمنسقي المقاطعات بالسفر بسرعة إلى مناطق المشاكل، عند الاقتضاء. وفي منطقة الكيب الشمالية، التي تتجاوز فيها المسافات الكبيرة التي ينبغي اجتيازها مدى طيران طائرات الهليكوبتر، تم توفير طائرة صغيرة ثابتة الجناحين.
  3. وكان التفكير المبدئي أن تكون إعادة المراقبين الدوليين إلى جوهانسبرغ أصلا على عكس عملية الوزع. بيد أن تمديد فترة التصويت اقتضى تغييرات أجريت في آخر لحظة وأضيف استخدام طائرة مستأجرة لتأمين تجهيز هؤلاء المراقبين ومغادرتهم في الوقت المناسب وإعادتهم إلى أوطانهم. وبالإضافة إلى ذلك استخدمت طائرة من طراز AN26، أعارتها عملية الأمم المتحدة في موزامبيق، في عملية إعادة المراقبين إلى أوطانهم.
  4. وتم استئجار أسطول النقل البري للبعثة، المؤلف من 1077 مركبة، من وكالات تأجير السيارات القائمة في البلد. وفي الأيام الأخيرة قبل الانتخابات، تم استئجار 300 مركبة. وزيد إلى هذا العدد 777 مركبة إضافية للمراقبين الدوليين أثناء الانتخابات نفسها. واستأجرت البعثة أيضا 20 مركبة ليستخدمها مراقبو منظمة الوحدة الأفريقية. وفي هذه الحالة، تصرفت البعثة بوصفها وكيلا، مركزيا للشراء، بالنيابة عن بعثة مراقبي منظمة الوحدة الأفريقية.

دال- مسائل الأمن

  1. كانت سلامة وأمن المراقبين الدوليين من دواعي الانشغال المعرب عنها في قرار مجلس الأمن 894 (1994)، الذي دعا جميع الأطراف في جنوب أفريقيا "إلى احترام سلامة وأمن المراقبين الدوليين وتيسير اضطلاعهم بولايتهم". وتم توجيه أنظار الإدارات الحكومية ذات الصلة والأحزاب السياسية إلى هذا الطلب.
  2. وكان أمن موظفي البعثة واحدا من الاهتمامات الأساسية طوال فترة البعثة. فقد كان الموظفون معرضين للأخطار التالية:

 

(أ)

الاعتداءات الإجرامية العادية، وقد وقع عدد من هذه الحوادث، معظمة في جوهانسبرغ؛

 

(ب)

إقحامهم عرضا في العنف أثناء المظاهرات والتجمعات أو في مناطق كان فيها التنافس بين فصائل مختلفة يتطور إلى تبادل إطلاق النار وما شابه ذلك. وكان أخطر حادث من هذا القبيل اعتداء بقنبلة يدوية في مظاهرة جرت في كمبرلي يوم 25 أيار/ مايو 1993، وكان أحد مراقبي البعثة من الذين أصيبوا بجروح فيه؛

 

(ج)

الاعتداء المتعمد -كان هناك، طوال مدة البعثة، درجة من التهديد من قبل المتطرفين المعارضين لدور الأمم المتحدة في جنوب أفريقيا. وكان من الدلائل المنذرة بهذا الخطر الإهانة الكلامية أو حمل الأسلحة بطريقة تنطوي على التهديد والزعم بإدراج بعثات المراقبين الدوليين في قائمة المستهدفين، التي يبدو أن جماعة متطرفة أرسلتها إلى إحدى الصحف. على أنه لم يحدث أي هجوم فعلي متعمد على أي عضو من أعضاء بعثات المراقبين الدوليين.

  1. وأقيم اتصال وثيق وبنَّاء على جميع المستويات مع شرطة جنوب أفريقيا وقوة دفاع جنوب أفريقيا. وكان كبار موظفي البعثة يناقشون مسائل الأمن المسؤولين على كل مستويات الحكومة، ومع ممثلي الأحزاب السياسية. وفي إطار ولاية البعثة في مجال تعزيز السلم، كثيرا ما كان المراقبون قادرين على الاستفادة من هذه الروابط لنزع فتيل المواجهة بين قوات الأمن والمتظاهرين. وأثناء الانتخاب، اتخذت قوات الأمن في جنوب أفريقيا تدابير خاصة لسلامة المراقبين الدوليين. فعلى سبيل المثال، وافقت قوة دفاع جنوب أفريقيا على أن يستخدم مراقبو الأمم المتحدة مرافق الاتصالات والثكنات في إحدى حالات الطوارئ.
  2. وكانت المسؤولية الأولى عن حماية المراقبين تقع على عاتق حكومة جنوب أفريقيا. بيد أن البعثة كانت تعترف بأن قوات الأمن عاجزة عن حماية المراقبين في كل حين. وكان من التدابير المتخذة لتحسين أمن البعثة تدريب جميع المراقبين لتوعيتهم بالمسائل الأمنية، على التيقظ الأبدي والتخطيط وفقا للمبادئ التوجيهية الواردة في مرجع الأمم المتحدة للأمن في الميدان. وقبل الانتخابات، تم تعيين منسقين في مكاتب البعثة في المقاطعات والمقر، لتأمين الاتصال مع قوات الأمن، وإعداد الخطط الأمنية وتقديم المشورة للمراقبين. وكان معظم هؤلاء المنسقين، لا جميعهم، من ذوي الخبرة في شؤون الأمن. وكان الاتصال المتكرر مع بعثات المراقبين الدوليين الأخرى، فيما يتعلق بمسائل الأمن، يعني وضع نهج مشترك إزاء الأمن. وتم تشجيع تبادل المعلومات على جميع المستويات لضمان عدم تعريض المراقبين للخطر.

تاسعا - ملاحظات ختامية

  1. إن أول انتخابات ديمقراطية في جنوب أفريقيا كانت تاريخية بالفعل. ولا شك في أن الانتخابات وفرت للسكان قاطبة إطارا للاتحاد ولتبني المثل الأعلى المتمثل في جنوب أفريقيا جديدة وغير عنصرية وديمقراطية وموحدة ".
  2. وجنت الأمم المتحدة، بفضل البعثة، ثروة من الخبرات. وسيشار إلى منجزاتها، فضلا عن أخطائها وأوجه قصورها. عند التخطيط لبعثات مماثلة في المستقبل. وقد طلبت من مختلف الإدارات المعنية بصورة مباشرة أن تتعاون مع كبار موظفي البعثة، في سبيل استخلاص العبر من هذه التجربة.
  3. في غضون العملية الانتقالية، تحقق مستوى رفيع من التعاون بين البعثة واللجنة الانتخابية المستقلة والمؤسسات الأخرى في جنوب أفريقيا. وقد كان في ذلك فائدة كبيرة لجميع الأطراف. وساهم ذلك، بصورة خاصة، في الحل المبكر لعدد كبير من المشاكل إلى واجهتها اللجنة الانتخابية المستقلة. ويمكن في المستقبل البناء على الخبرة المكتسبة والعلاقات التي أقيمت. والواقع أن هذه التجربة فضلا عن خبرة جنوب أفريقيا هما حاليا قيد الاستفادة منهما في أماكن أخرى.
  4. وأفاد التعاون الوثيق بين البعثة وبعثات مراقبي الكمنولث والجماعة الأوروبية ومنظمة الوحدة الأفريقية جميع الجهات المعنية، بما في ذلك هياكل جنوب أفريقيا. وتجسد مستوى التفاهم والتماثل في التفكير المتحقق في أسمى تعبير له، في البيانين المشتركين الأساسيين اللذين أصدرتهما البعثات الأربع مجتمعة: وذلك أولا لتقييم الطريقة التي جرى بها الاقتراع، وبعد أيام قلائل، لإجراء التقييم النهائي للعملية الانتخابية.
  5. وتشكل جهود المجتمع الدولي في جنوب أفريقيا منذ عام 1992، بصفتها نشاطا من أنشطة الدبلوماسية الوقائية استفاد من قوى عدة منظمات دولية لدعم الجهود المحلية في سبيل السلم والمصالحة الوطنية، إثباتا فريدا وإيجابيا لفوائد هذا التعاون. وأود أن أسجل هنا أحر تهاني لمنظمة الوحدة الوطنية والكومنولث والجماعة الأوروبية، لما قامت به من عمل ممتاز في جنوب أفريقيا، وامتناني لما قدمته بعثاتها من تعاون مع بعثة مراقبي الأمم المتحدة على كل المستويات. وقد كان هذا في أرجح الظن، أوثق شكل من أشكال التعاون الذي تحقق بين منظماتها إلى الآن. ولكن ينبغي إلا نغتر بما حدث، فإنه لم يزل ثمة متسع للتحسين، وأنا عازم على دعوة هذه المنظمات الثلاث،وفي الواقع وغيرها من المنظمات الإقليمية المعنية، إلى التفكير معا لوضع مبادئ توجيهية للتعاون في المستقبل، تقوم على أساس نجاح، وكذلك أخطاء، تجربتنا المشتركة في جنوب أفريقيا وفي غيرها من الأماكن.
  6. وهناك عبرة أخرى جديرة بأن نستغلها من تجربة جنوب أفريقيا، هي مفهوم اتفاق السلم الوطني وما تمخض عنه من هياكل: لجنة السلم الوطني، وأمانة السلم الوطني، ولجنة غولدستون، وحتى إن فقدت عدة لجان للسلم زخمها في مرحلة من مراحلها، فلا يمكن صرف النظر عما لمساهمتها في العملية ككل من قيمة جُلى. وهي جديرة بمزيد من الثناء للتدريب الذي قدم في نطاق هياكل السلم إلى آلاف الأفراد الذين تمكنوا بذلك من مد يد المساعدة للجنة الانتخابية المستقلة أثناء الانتخابات، إما مباشرة، بصفتهم موظفيها، أو بصورة غير مباشرة، كمتطوعين، وبطبيعة الحال، لا يمكن نقل تجربة جنوب أفريقيا بشكل آلي لإحلالها في مكان آخر، ولكن قد تكون ثمة حالات في العالم، الآن أو في المستقبل- ولا سيما في أفريقيا- يمكن أن يتسنى فيها تطبيق خبرات جنوب أفريقيا ومبادرتها ومواقفها.
  7. وقد نجحت اللجنة الانتخابية المستقلة في إجراء انتخابات في ظل صعوبات كأداء، وهي لذلك تستحق التهنئة. ولم يكن أداء آلية جنوب أفريقيا الانتخابية كاملا، وكانت اللجنة أول من اعترف بذلك. ولحسن الحظ، فإن المثابرة والإقبال على توخي الحل الوسط اللذين سادا المفاوضات كانا متواصلين. وأثبتت الأحزاب السياسية تحليها بالنضج وروح المسؤولية على نحو ملحوظ، مما ساعد على تحقيق نتيجة عامة مقبولة وجديرة بالثقة. وفي هذا عبرة من أهم العبر التي تستخلص من عملية التغيير في جنوب أفريقيا ككل. وطوال عملية الانتقال، ثبت زعماء جنوب أفريقيا السياسيون على مواقفهم، ناهلين من أعماق مكامن الطاقة والخيال في نفوسهم لتذليل كل حجر عثرة اعترض طريقهم. وهم لذلك جديرون بإعجابنا وتهانينا ودعمنا المستمر.
  8. وختاما، أود أشيد بحرارة بممثلي الخاص في جنوب أفريقيا، السيد الأخضر الإبراهيمي، لتفانيه المتجرد وقيادته البارزة للبعثة. وأود أيضا أن أشكر نائبه الممثل الخاص، السيدة أنجيلا كينغ، لإسهامها في نجاح البعثة، وأخيرا، أود أن اشكر جميع الذين خدموا في البعثة أو تعاونوا معها، والذين كفلت مساهمتهم الجماعية النهوض بالولاية التي أسندها إلى مجلس الأمن بصدد جنوب أفريقيا، نصا وروحا على السواء.