الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
كنعان قبل قيام إسرائيل
فلسطين في عهد الملوك
سوريا في عهد الأشوريين
سوريا في العصر اليوناني
سوريا في العصر البيزنطي
سوريا في العصر الإسلامي
التقسيمات العثمانية في سوريا
الموستوطنات في فلسطين
اتفاقية سايكس / بيكو
الحدود في مؤتمر الصلح
حدود فلسطين تحت الانتداب
مشروع لجنة بيل
تقسيم فلسطين
تقسيم فلسطين الأمم المتحدة
مسرح عمليات فلسطين
تعبئة مسرح العمليات
أهداف القوات العربية
اتجاهات تقدم الجيوش العربية
محصلة الجولة الأولى
طريق تل أبيب - القدس
العملية تخشون
العملية يبوس
العملية مكابي
معركة مشمار هاعميك
العملية مسباريم
العملية شاميتز
العملية يفتاح
العملية يفتاح (2)
العملية بن عامي
العملية بن عامي (2)
الاستيلاء على عتصيون
أوضاع الألوية الإسرائيلية
معارك المالكية
معركة وادي الأردن
معركة مشمار هايردن
معركة جيشر
معركة جنين
دخول الفيلق الأردني القدس
معركة القدس
معركة اللطرون
معركة اللطرون (2)
القوات المصرية في فلسطين
معركة يدمردخاي
معركة أسدود
معركة نيتسانيم
القوات المصرية في الأولى
الموقف في الفترة الأولى
العملية "باروش"
العملية "ديكيل"
العملية "داني"
القتال المصري الإسرائيلي
معركة "نجبا"
معركة "جلؤون"
معركة "بئروت بتسحاق"
العملية "مافيت لابوليش"
الموقف في عراق سويدان
معركة "العسلوج"
أوضاع المحور العرضي
العملية "يؤاف"
العملية "يؤاف" (2)
العملية "هاهآر"
العملية "حيرام"
القتال في الفالوجا
العملية أساف
العملية حوريف
القتال في المحور الشرقي
العملية "عوفدا"

ثانياً: مرحلة انطلاقة الصهيونية السياسية (1897 ـ 1914)

1. تنظيم الحركة الصهيونية وبناء مؤسساتها

أ. ظهور " تيودور هرتزل Theodor Herzel " (1860 ـ 1904)

يعد تيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية السياسية والذي تم على يديه تأسيس المنظمة الصهيونية العالمية، وفي شبابه كان هرتزل من أنصار الاندماج إلى الحد الذي كان يرى فيه أن الحل الوحيد للمشكلة اليهودية هو اعتناق اليهود للمسيحية اعتناقاً جماعياً، ثم بدأ يتحول تدريجياً من الاندماج إلى الصهيونية مع تزايد تيار معاداة السامية في أوروبا.

وقد رأي هرتزل أن كل مكان فيه تجمع يهودي فيه معاداة للسامية وأن الشعوب كلها تكره اليهود وإن يكن بعضها ـ في رأيه ـ يجاهر بعدائه للسامية، والبعض الآخر يُخفيه. وأرجع هرتزل ذلك الكُره إلى مواهب اليهود وأخطائهم "نحن على الأرجح مكروهون لمواهبنا، تماماً كما نحن مكروهون لأخطائنا". ولا يبحث هرتزل (الصهيوني) عن حل للمشكلة اليهودية إلا عن طريق استفحال معاداة السامية لتصبح المحرك الأول لدفع اليهود نحو الصهيونية، ويربط هرتزل بين الاضطهاد والقومية اليهودية. فهو يرى الشعب اليهودي جماعة تاريخية تتميز بالتماسك لأنه يجمع بينها عدو مشترك، وهذا العدو هو المعاداة للسامية.

وأودع هرتزل أفكاره عن الحل الصهيوني للمشكلة اليهودية في كتابه الذي أسماه "الدولة اليهودية" والذي كان أصلاً رسالة موجهة إلى "آل روتشيلد" بشأن مخططه السياسي. ففي ذلك الكتاب ـ الذي نشر في فبراير 1896 ـ دعا هرتزل إلى إقامة دولة يهودية ذات سيادة، وليس مهماً أن تكون في فلسطين أو الأرجنتين المهم أن تكون صالحة وكافية، وإن كان لم يخف تفضيله لفلسطين التي قال عنها. "إنها وطن اليهود التاريخي الذي لا يمكن أن ينسى، ويكفي أن سحر هذا الاسم سيجلب اليهود إليها". واقترح هرتزل دستوراً للدولة اليهودية المقترحة التي يجب أن يكون لها جيش صغير مسلح بأحدث الأسلحة للدفاع عنها.

وقام مشروع هرتزل على خطوتين رئيسيتين: الأولى الحصول على وعد دولي (براءة دولية) بإعطاء اليهود أرضاً لبناء الدولة، وليس مهماً أن يكون الوعد من تركيا أو ألمانيا أو روسيا أو بريطانيا أو فرنسا، فالمهم أن يكون وعداً دولياً قادراً على حماية المشروع، أما الخطوة الثانية هي جمع الأموال من أثرياء اليهود لشراء هذه الأرض. ولا ينسى هرتزل الأجهزة اللازمة لتنفيذ مشروعه والتي رأى أن تتكون من هيئتين هما: جمعية عامة لليهود وشركة يهودية تعمل إلى جانب الأولى في تمويل عملية إنشاء المجتمع اليهودي في الدولة المقترحة، وحدد هرتزل الوظيفة الاستعمارية للدولة التي يدعو لها (في حالة فلسطين) بقوله: "فنحن هناك نؤلف جزءاً من الاستحكام (الاستحكامات) الأوربية ضد أسيا، وسنكون قاعدة أمامية للحضارة (الأوربية) لمقاومة الهمجية".

وبالنسبة لفلسطين، رفض هرتزل النظر إلى قضية الاستيطان اليهودي فيها من كافة وجوهها، وصمم على أنها "قضية أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وأن مشكلة الاستيطان فيها لا تعدو الحصول على موافقة السلطان وتوفير وسائل نقل اليهود إليها.

وبدأ هرتزل أولى خطواته التنفيذية في مايو 1896 للحصول على موافقة السلطان عبدالحميد بعد أن دبَّر عملية التمويل الذي ستساهم فيه أسرة روتشيلد بالنصيب الأوفى. ولتحقيق هذا الهدف حاول هرتزل ـ عن طريق أحد أصدقائه المقربين للسلطان عبدالحميد إغراء الأخير على بيع أرض فلسطين نظير 20 مليون ليرة تركية. إلا أن السلطان خيب ظن هرتزل برفضه القاطع للعرض اليهودي، غير أن هذا الرفض لم يثن هرتزل عن مواصلة محاولاته فيما بعد.

ولم تقتصر اتصالات هرتزل في هذه المرحلة على السلطان عبدالحميد وحاشيته، وإنما غطت اتصالاته عدداً كبيراً من ساسة بريطانيا وألمانيا وفرنسا وروسيا، ويوضح خطابه إلى اللورد سالسبوري في ديسمبر 1896 منهجه وأهدافه خلال تلك الاتصالات،والتي حاول فيها الحصول على دعم إحدى الدول الكبرى لمشروعه من خلال توضيح التوافق بين مصالح تلك الدول وإقامة الدولة اليهودية في فلسطين.

ب. المؤتمر الصهيوني الأول(29 ـ 31 أغسطس 1897)

لما كان هرتزل يعلم أن مشروعه لإقامة الدولة اليهودية لا يمكن أن يتم على يد رجل واحد، فقد دعا إلى عقد مؤتمر صهيوني عالمي، وكان مقرراً عقده في ميونخ، إلا أن الدعوات الرسمية أثارت غضب اليهود الغربيين واعتبرته الصحافة الألمانية خيانة. كما رفضته رابطة رجال الدين اليهود في ألمانيا.

وأدت هذه الحملة إلى نقل مكان المؤتمر إلى "بازل" في سويسرا وكثف هرتزل نشاطه لمراسلة كافة زعماء اليهود في العالم يحثهم على انتخاب ممثليهم في المؤتمر الذي عقد في الفترة من 29 إلى 31 أغسطس 1897 برئاسة هرتزل وحضور مائتين وأربعة أعضاء يمثلون يهود خمس عشرة دولة، وكان أبرز ما جاء في كلمة هرتزل، هو رفضه للوسائل القديمة في استعمار فلسطين قطعة بعد قطعة، وتركيزه على أهمية الوعد الدولي (البراءة الدولية )، وضرورة إنشاء مؤسسات جديدة.

وقد أسفر ذلك المؤتمر عن إنشاء منظمة صهيونية دائمة، وهي المقابل للجمعية اليهودية العامة في كتاب هرتزل. أما الجهاز التنفيذي للمنظمة الصهيونية فانبثق من اللجنة التنفيذية الكبرى التي تتألف من ممثلين عن مختلف الاتحادات الصهيونية، بينما اتسعت عضوية المنظمة الصهيونية لكل من يوافق على برنامج المؤتمر الصهيوني الأول ويدفع الرسم السنوي المطلوب وهو شيكلاً واحداً.

وانتهى المؤتمر إلى انتخاب هرتزل رئيساً للمنظمة الصهيونية، واتخاذ عدة قرارات حددت برنامج الحركة الصهيونية العالمية لإنشاء الدولة اليهودية وعُرفت تلك القرارات "ببرنامج بازل" وهي:

   (1)

تشجيع الاستعمار الاستيطاني في فلسطين على أسس مناسبة بواسطة العمال الزراعيين والصناعيين اليهود، والعمل على إنشاء مستعمرات زراعية وعمرانية في فلسطين.

   (2)

إنشاء منظمة تربط يهود العالم عن طريق منظمات محلية تابعة لها في كل بلد يتواجد فيه اليهود.

   (3)

تقوية وتعزيز الشعور القومي لدى اليهود.

   (4)

اتخاذ الخطوات التمهيدية من أجل الحصول على موافقة حكومية دولية (البراءة الدولية) لتحقيق أهداف الصهيونية.

وقد انقسم اليهود في أوروبا تجاه المؤتمر بين مؤيد ومعارض. أما الفاتيكان فقد كان أول القوى المعارضة، حيث أصدر بياناً في أعقاب المؤتمر مباشرة عارض فيه ـ باسم المسيحية ـ سيطرة اليهود على الأماكن المقدسة.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة