إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / ردّ فعل جامعة الدول العربية، وموقفها تجاه الغزو العراقي خلال الأيام الأولى للأزمة









سادساً: وقائع الجلسة المسائية المغلقة للقمة العربية الطارئة (10 أغسطس 1990)

سادساً: وقائع الجلسة المسائية المغلقة للقمة العربية الطارئة (10 أغسطس 1990)

وفي الساعة السابعة والربع، من مساء اليوم نفسه، عقدت الجلسة المسائية المغلقة، سبقها، ولمدة ساعتَين ونصف، اجتماع تمهيدي مغلق، للزعماء العرب، للتشاور في ما بينهم.

وخلال ذلك الوقت، كانت برقية رئيس الوفد العراقي إلى مؤتمر القِمة العربي، طه ياسين رمضان، قد وصلت إلى الرئيس العراقي، صدام حسين، الذي ردّ عليها، من طريق توجيه نداء إلى العرب والمسلمين، بالجهاد ضد القوات الأمريكية، التي وطئت أرض المملكة العربية السعودية. وانتقد خادم الحرمين الشريفين، والرئيس المصري، باسميهما، للمرة الأولى، لكونهما المسؤولَين عن استقدام القوات الأمريكية إلى أرض العرب. (أُنظر وثيقة نداء من الرئيس العراقي صدام حسين، إلى جماهير العرب والمسلمين حيثما كانوا، يوم الجمعة 10 أغسطس 1990)

كان المؤتمر لا يزال مستمراً، حينما علِم رؤساء الوفود بمضمون النداء، الذي أعلنه الرئيس صدام حسين، في بغداد، في حين كان الانقسام قد حفر مساره داخل المؤتمر. وشوهد وزير الخارجية السعودي، يسلّم الملك فهداً ورقة، تحمل نص نداء الرئيس العراقي بالجهاد، في وقت كان الرئيس المصري قد أُبلغ، هو الآخر، النداء.

بعد ذلك، أعطى الرئيس مبارك الكلمة لرئيس الوفد العراقي، طه ياسين رمضان، ثم لرئيس الوفد الكويتي، الشيخ سعد العبدالله الصباح. ثم بفتح الباب لمناقشة عامة، حول الأزمة، يليها بحث مشروع القرارات[1]. (أُنظر وثيقة فقرات من محضر وقائع الجلسة الختامية للقمة العربية الطارئة، التي عقدت في القاهرة، في 10 أغسطس 1990)

1. كلمة رئيس الوفد العراقي

بدأ طه ياسين رمضان كلمته، فشرح وجهة نظر العراق، وركز في تورّط نظام الحكم في الكويت مع الولايات المتحدة الأمريكية. وقال "إن أُسرة الصباح، كانت مشتركة مع الحكومة الأمريكية في مؤامرة ضد العراق. ولو لم يكن العراق قد سبق وتحرك، لكانت المؤامرة قد وصلت لأخطر مراحلها، ولنزلت في الكويت قوات أمريكية، لضرب العراق". ثم تحدث عن فساد الأوضاع في الكويت "وإهدارها الثروة العربية، بينما جماهير الأمّة تعاني من فقر وحرمان". ثم أشار إلى التحركات العسكرية الأمريكية في المنطقة، وقال: "إن العراق ضم الكويت، لأنه يريد تأمين نفسه، إلى جانب استعادة حقوقه، التاريخية والاقتصادية، الضائعة".

2. كلمة رئيس الوفد الكويتي

وردّ رئيس الوفد الكويتي، فأبدى دهشته من إقدام العراق على احتلال الكويت، ومخالفة ذلك الغزو لكل دواعي الأخوّة بين الأشقاء العرب. ثم روى أنه في محادثات سابقة، في بغداد، أُبلغ عزة إبراهيم استعداد الكويت للتنازل عن ديونها للعراق شريطة عدم إعلان ذلك. وذكّر رئيس الوفد الكويتي الحاضرين، بأن أمير الكويت، كان يزور العراق، قبْل أشهر، زيارة رسمية، وأن الرئيس صدام حسين، أهداه أعلى وسام في العراق، ودعا شعراء العراق إلى مهرجان شعري، تكريماً له. ثم تحدث عن جزيرتَي وربة وبوبيان. وقال إن العراق، طلب استئجارهما، إبّان الحرب ضد إيران، وإن الكويت اعتذرت، لأن ذلك كان معناه "أن تصف نفسها" في حالة حرب فِعْليَة ضد إيران، التي كانت قد تقدمت، هي الأخرى، بطلب استئجار هاتَين الجزيرتَين".

بعد ذلك، بدأت المناقشة العامة. وأثير موضوع التحركات العسكرية الأمريكية، في المنطقة. وقال الرئيس الجزائري، الشاذلي بن جديد: "إننا مطالبون بأن نجد وسيلة عربية بحتة، لحل الأزمة. وإلاّ فإننا نكون قد ضيعنا كفاح أجيال. فأجيال من شعوبنا قضت عمرها في محاربة الاستعمار، ولا يُعقل أن نجد، الآن، مَن يمهد الطريق للاستعمار، كي يعود لأراضينا بقواته العسكرية".

وتدخل الرئيس السوري، حافظ الأسد، في المناقشة، فقال: "إن المؤتمرين، يجب أن يفرّقوا بين السبب والنتيجة. فإذا كان هناك احتمال لتدخّل عسكري أجنبي في المنطقة، فإن غزو الكويت هو الذي تسبب في الأزمة، وليس العكس. إذاً، فعلينا أن نجد حلاً للأزمة، وسوف أكون أول من يناضل لإخراج القوات الأجنبية من المنطقة".

وتحدث الرئيس السوداني، الفريق عمر البشير فقال: "لا يجوز اللجوء إلى استعمال القوة لحل الخلافات. وينبغي أن نعطي الأولوية لانسحاب القوات الأجنبية من المنطقة، فوراً، لتحل مكانها قوات عربية. وإن مشروع القرار المطروح علينا، الآن، يعالج الأزمة خارج الإطار العربي، وهو ليس أساساً سليماً للوفاق العربي. وإذا ما لجأنا إلى مجلس الأمن، فإن ذلك يعني تدويل الأزمة. وبناء عليه، فإن السودان يتحفظ من بعض فقرات مشروع القرار. ونقترح إرسال لجنة إلى العراق، لمقابلة الرئيس صدام حسين للبحث عن حل لهذه المشكلة".

وردّ الملك فهد، بانفعال، قائلاً: "إن الأخ السوداني، لا يعرف ما يقول. وفي كلامه كثير من الخلط. وأنا أرفض شريعة الغاب. وقد طلبنا من الدول الصديقة، أن تدافع عنّا. وإن هذه القوات، لن تهاجم أي دولة عربية. وإني أحتجّ على كلام الرئيس السوداني، بما انطوى عليه من مسّ لكرامة المملكة".

ثم تحدث عاهل الأردن، الملك حسين بن طلال، فنبَّه الحاضرين إلى أن المرحلة، التي يعيشها العرب، اليوم، هي أشد مراحل التاريخ العربي خطراً. وحدد أولوية العمل بقوله إننا نسعى لكي نُحِل الثقة محل الشك، والتعاون محل الخلاف. ثم أضاف الملك: وفي اعتقادي، أن هناك أخطاراً، قديمة وحديثة، تواجهنا جميعاً. تتمثل في الحركة الصهيونية، واستمرار احتلال فلسطين وأراضٍ عربية أخرى. ثم انتقل الملك إلى الأزمة العراقية ـ الكويتية، فقال: لقد كان هناك مَن يريد تحجيم العراق وإضعافه والقضاء عليه؛ وهو البلد الذي ظل ثمانية أعوام، يدافع عن النظام العربي، وما كاد يخرج من المعركة، حتى بدأت الأضواء تسلط عليه، لتشويه صورته، وعشنا حالة من التعبئة ضد العراق. ولكن هذا، لا يعني، بحال من الأحوال، أننا لن نقف ضد احتلال أراضي الغير بالقوة. فأمامنا مأساة، اليوم، وأمامنا امتحان عسير. وتساءل الملك حسين: هل في إمكاننا التصدي للمهمة، وحل قضايانا بأنفسنا؟ أو أن هناك مَن يريد أن ينتهي عملنا بالفشل؟ هل نقول للعالم، إننا عاجزون عن حل قضايانا بأنفسنا؟ وفي كل الأحوال، يجب فرض الحل العربي، الذي يخاطب الجميع بالروح العربية.

ثم تحدث الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات. وعرض اقتراحاً، يقضي بإرسال وفد، يضم ثلاثة من الملوك والرؤساء، إلى بغداد، يحملون نداء من القِمة إلى الرئيس صدام حسين، يدعو إلى خروج القوات العراقية من الكويت. ولكن هذا الاقتراح، لم يلقَ حماسة تذكر، أثناء المشاورات، التي سبقت الجلسة الرسمية. إلاّ أن ياسر عرفات، طرحه مرة أخرى. وتعالت وتقاطعت أصوات رافضة. وتدخَّل العقيد معمر القذافي، يطلب أن يعقد الملوك والرؤساء جلسة سرية، تقتصر عليهم، وحدهم؛ إذ لاحظ أن القاعة، تسرب فيها كثير من غير أعضاء الوفود. ولم يلقَ اقتراحه استجابة. وعاد الرئيس الفلسطيني يلحّ في اقتراحه، وأضاف إليه، أنه يتمنى أن يكون الرئيس حسني مبارك بنفسه، على رأس وفد القمة. وردّ عليه الرئيس مبارك، بأنه ليس على استعداد للذهاب إلى بغداد. وبادر الرئيس المصري إلى سؤال الرئيس الجزائري، الشاذلي بن جديد: هل الأخ الرئيس مستعد للذهاب إلى بغداد؟ فكان جوابه، أنه يفضِّل أن يذهب غيره. والتفت الرئيس مبارك إلى الملك حسين، وسأله عمّا إذا كان مستعداً للذهاب إلى بغداد. ورد العاهل الأردني، بأنه ذهب كثيراً إلى بغداد. وربما يكون خيراً، لو أن أحداً غيره يذهب، الآن. ورفع الملك فهد يده، محتجاً على الفكرة كلها.

وتدخّل الرئيس مبارك: "إن لدينا مشروع قرار، وزّعناه، في الصباح، وسوف أطرحه، الآن، للتصويت". فارتفعت أصوات، تناشده تأجيل طرح القرار للتصويت، لأن المناقشة لم تستوفِ حقها، بعدُ، والموضوع فيه خطر والظروف أشد خطراً. وعلق الرئيس مبارك، بأنه لا يسمع مناقشة جادّة، وإنما يسمع مهاترات، وأن قراره، كرئيس للجلسة، هو طرح الموضوع للتصويت. وطلب من الموافقين على مشروع القرار، أن يرفعوا أيديهم. وعدّ الرئيس مبارك الأيدي المرفوعة أمامه، وقال: "حداشر (أحد عشر) ـ أغلبية موافقة"[2]. ثم أضاف قائلاً: "ترفع الجلسة". (أُنظر وثيقة فقرات من محضر وقائع الجلسة الختامية للقمة العربية الطارئة، التي عقدت في القاهرة، في 10 أغسطس 1990)

وهكذا تأكد هشاشة الموقف العربي، في الانقسام، الذي بدا واضحاً، عند التصويت على قرار مؤتمر القِمة العربي الطارئ، الذي انعقد في القاهرة. وعلى الرغم من العقبات التي واجهها، فقد استطاع مؤتمر القمة العربي الطارئ أن يتوصل إلى العديد من النقاط، في قراره (الرقم 195) (أُنظر وثيقة تقرير الأمين العام لجامعة الدول العربية، في مجلس جامعة الدول العربية، دورة غير عادية، المنعقد في القاهرة، في 9 محرم 1411 هـ، الموافق 30 أغسطس 1990، عن تنفيذ القرار (الرقم 195)، الصادر في 10 أغسطس 1990في 10 أغسطس 1990، التي كان من أهمها: (أُنظر وثيقة نص قرار القمة العربية الطارئة، الذي عقد في القاهرة، يوم 10 أغسطس  1990، في شأن الغزو العراقي للكويت، مؤتمر القمة العربي، غير العادي، القاهرة ـ جمهورية مصر العربية، 19 ـ 20 محرم 1411هـ،  9 ـ 10 أغسطس1990م)

1. إدانة العدوان العراقي على دولة الكويت، وعدم الاعتراف بقرار ضم الكويت إلى العراق، ولا بأي نتائج أخرى، مترتبة على غزو القوات العراقية الأراضي الكويتية. ومطالبة العراق بسحب قواته منها، فوراً، وإعادتها إلى مَواقعها السابقة على تاريخ الأول من أغسطس 1990.

2. تأكيد سيادة الكويت واستقلالها وسلامتها الإقليمية، كونها دولة عضواً في جامعة الدول العربية، وفي الأمم المتحدة. والتمسك بعودة نظام الحكم الشرعي، الذي كان قائماً فيها، قبْل الغزو العراقي.

3. التنديد بالتهديدات العراقية لدول الخليج العربية. واستنكار حشد العراق قواته المسلحة، على حدود المملكة العربية السعودية. وتأكيد التضامن العربي الكامل معها، ومع دول الخليج الأخرى. وتأييد الإجراءات التي تتخذها الرياض، إعمالاً لحق الدفاع الشرعي، وفقاً لأحكام المادة الثانية، من معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي، بين دول الجامعة العربية، والمادة 51، من ميثاق الأمم المتحدة، ولقرار مجلس الأمن، (الرقم 661)، في 6 أغسطس 1990. على أن تُوقَف هذه الإجراءات، فور الانسحاب الكامل للقوات العراقية من الكويت، وعودة الشرعية إليها.

4. استجابة طلب المملكة العربية السعودية، ودول الخليج العربية الأخرى، نقْل قوات عربية، لمساندة قواتها المسلحة، دفاعاً عن أراضيها وسلامتها الإقليمية، ضد أي عدوان خارجي.

5. تكليف الأمين العام للجامعة العربية، بمتابعة تنفيذ هذا القرار، ورفع تقرير، في شأنه، خلال خمسة عشر يوماً، إلى مجلس الجامعة، لاتخاذ ما يراه في هذا الشأن.

غير أن الانقسام بين الأنظمة العربية، ظَهَر واضحاً في نتيجة التصويت على تلك النقاط. إذ لم يوافق عليها كلها، سوى 12 دولةً[3]، من 20 دولة، التي حضرت المؤتمر. فامتنعت كلٌّ من الجمهورية الجزائرية، والجمهورية اليمنية، عن التصويت على القرار. وتحفّظ منه كلٌّ من جمهورية السودان، والجمهورية الإسلامية الموريتانية، والمملكة الأردنية الهاشمية. وعارضه كلٌّ من الجمهورية العراقية، والجماهيرية العربية الليبية، ودولة فلسطين. ولم تشارك الجمهورية التونسية في أعمال المؤتمر.



[1] كان الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح، يرأس الوفد الكويتي حيث أن أمير الكويت، الشيخ جابر، لم يكن يريد أن يحضر المؤتمر أصلاً، وقد حضر مكرهاً، جزء من جلسة الصباح، ثم خرج من قاعة المؤتمرات إلى المطار مستقلاً طائرته عائداً إلى الطائف، المقر المؤقت في المملكة العربية السعودية

[2] الأحد عشر عضواً الذي نوه عنهم الرئيس حسني مبارك، هم المملكة العربية السعودية، دولة الكويت، دولة الإمارات العربية المتحدة، دولة قطر، سلطنة عُمان، دولة البحرين، المملكة المغربية، جمهورية الصومال الديموقراطية، جمهورية جيبوتي، الجمهورية اللبنانية، الجمهورية العربية السورية، إضافة إلى الدولة الثانية عشر، وهي جمهورية مصر العربية، الدولة المضيفة. وبذلك يكون عدد الموافقون 12 عضواً من 20 عضواً حضروا المؤتمر

[3] المملكة العربية السعودية، دولة الكويت، دولة الإمارات العربية المتحدة، دولة قطر، سلطنة عُمان، دولة البحرين، المملكة المغربية، جمهورية الصومال الديموقراطية، جمهورية جيبوتي، الجمهورية اللبنانية، الجمهورية العربية السورية، جمهورية مصر العربية