إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / ثورة 25 يناير في مصر؛ وتداعياتها




مواطن يشعل النار في نفسه
موقعة الجمل
لافتة لا للفقر والغلاء والبطالة والفساد
مبارك وأولاده أثناء المحاكمة
مبارك يزور مركز العمليات
أحمد عز يتقدم باستقالته
ميدان التحرير ليلة جمعة الغضب
ميدان التحرير في جمعة التحدي
مركز تجاري بعد نهبه وحرقه
مشاهد من الفقر والجوع
إعلان عن الثورة
مظاهرات في الإسكندرية
مظاهرة بمشاركة حركة كفاية
اللواء محمد البطران
المجلس الأعلى
الهجرة غير الشرعية
المظاهرات على كوبري قصر النيل
البحث عن الطعام في القمامة
الرئيس مرسي يؤدي اليمين
الشاب خالد سعيد
السياح يغادرون مصر
الصراع على الخبز
الشرطة في مواجهة التظاهرات
العنوان الرئيسي للأهرام 29 يناير
القوات المسلحة تؤمن الطرق
القوات المسلحة تتعاون في حفظ الأمن
القبض على البلطجية
احتفال تسليم السلطة
تأمين مبنى الإذاعة التليفزيون
بدء سريان حظر التجول
جريدة الأهرام 28 يناير
حركة 6 أبريل في المظاهرات
حركة 9 مارس في المظاهرات
حسني مبارك أثناء المحاكمة
شعارات للدعوة للثورة
قوات الأمن تفرق المتظاهرين


المحافظات التي بدأت بها المظاهرات



المقدمة

المبحث الثاني

الثورة وردود الفعل حيالها

كان تقدير النظام السابق للدعوة إلى تظاهرات 25 يناير 2011، أنها حادث عارض يمكن إحتواؤه مثل أحداث سابقة اشتعلت، ثم ما لبثت أن خمدت  إما بفعل ذاتي أو نتيجة إجراءات أمنية، ومنذ النصف الثاني من عام 2010 لم تتوقف التظاهرات والاحتجاجات والمطالب الفئوية والإعتصامات أمام مقر مجلس الشعب ورئاسة الوزراء.

وكان هناك نوع من الغليان الشعبي ازداد بشدة مع تزوير انتخابات مجلس الشعب، وحادث كنيسة القديسين بالإسكندرية، مع استمرار الحالة المعيشية السيئة، كذلك بسبب تصاعد شعارات التوريث، وهل سيرشح الرئيس السابق نفسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة أم سيتنازل لنجله بما أدى إلى حالة من الضبابية، صاحبها رفض شبه كامل من عامة الشعب المصري، ومن القوات المسلحة أيضاً.. وتجمعت كل الأسباب وارتبطت بخيط واحد متين والكل يتوقع في صمت عن احتمال أحداث كبرى، قد تصل إلى انقلاب أو ثورة، ولكن النظام لم يحسب حساباته بدقة تجاه ذلك.

مسار أحداث الثورة

خلال 18 يوماً من 25 يناير إلى 11 فبراير 2011)، مرت أحداث الثورة بثلاث مراحل متتالية لكل منها طبيعتها وأثرها على تثبيت أركان الثورة. ويمكن القول إن الثورة بدأت بتظاهرات كان يمكن استيعابها بقرارات سياسية، ولكن الفشل في إدارة الأزمة أدى إلى تحولها من مجرد انتفاضة إلى ثورة شعبية كاملة الأركان. وتتلخص هذه المراحل كالآتي:

أولاً: المرحلة الأولى من الثورة: التظاهرات السلمية (25 – 27  يناير 2011)

بدأت هذه التظاهرات صباح 25 يناير في خمس محافظات (القاهرة – الإسكندرية  – الجيزة – السويس – الغربية)، بالشباب الذين لبوا الدعوة على شبكة التواصل الاجتماعي، وكان مقدراً للداعين لها أنها لن تتعدي عدة آلاف على مستوى الدولة بالكامل. ولكنها سرعان ما جذبت كل أطياف الشعب، وشارك فيها عشرات الآلاف من الجماهير في تظاهرات سلمية تنادى بمطالب محددة لتحسين أحوال المعيشة، وحرصت قوات الأمن على تأمينها أثناء سيرها في الشوارع. (اُنظر خريطة المحافظات التي بدأت بها المظاهرات)

امتدت التظاهرات مساء نفس اليوم إلى 14 محافظة (القاهرة – الإسكندرية  – السويس – الإسماعيلية – الدقهلية – الغربية – الشرقية – الفيوم – بني سويف – المنيا – أسيوط – أسوان – شمال سيناء – الجيزة)، وأدى انتشارها إلى ظهور خطورة من خلال التجمعات الكثيفة مع بداية حلول الظلام، والتخوف من أحداث محتملة حيث صدرت الأوامر لقوات الأمن للتصدي للتظاهرات وتفريقها وعدم امتدادها أو السماح بتجميعها في الميادين، وقد نجحت الشرطة في تفريق المتظاهرين مساء هذا اليوم. (أُنظر صورة الشرطة في مواجهة التظاهرات)

يوم 26 يناير مع استمرار الدعوات للتظاهر على شبكات التواصل الاجتماعي، واستجابة فئات جديدة من الشعب للمشاركة، تكررت التظاهرات بنطاق أوسع في جميع محافظات مصر، رافعه شعارات (لا للفقر – لا للغلاء – لا للبطالة – لا للفساد)، مطالبين (حرية – ديموقراطية – عدالة اجتماعية). (اُنظر صورة لافتة لا للفقر والغلاء والبطالة والفساد)

مع اشتداد التظاهرات تسرب الخارجين عن القانون إليها وارتكابهم لبعض الجرائم، بما أدى إلى أن اتسعت المواجهات مع الشرطة وإصابة حوالي 600 فرداً منهم (أربع شهداء، ثلاث مدنيين، وفرد شرطة) والقبض على حوالي 500 فرد أخرين ، وتمكنت قوات الأمن من فض التظاهرات ومنع الاعتصامات.

يوم 27 يناير، تكرر المشهد بصورة أقل حدة، مع نشر الدعوة على موقع التواصل الاجتماعي للقيام بتظاهره كبرى عقب صلاة الجمعة يوم 28 يناير، ما حدا بالسلطات أن تقرر إيقاف خدمة التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت حتى تتوقف الدعوة إلى تظاهرات أخرى.

1. القرارات السياسية لمواجهة هذه المرحلة

أ. في البداية آثرت القيادة السياسية الصمت الكامل في مواجهة التظاهرات، وصدرت الأوامر لوزير الداخلية بالتصرف الأمني لقمع التظاهرات والحفاظ على أمن النظام.

ب. حاولت السلطات التعتيم الإعلامي على الأحداث قدر الإمكان لحسر تأثيرها.

ج. صدرأول بيان حكومي مساء 26 يناير "يعرب عن أسف الحكومة لسقوط ضحايا من المواطنين ورجال الشرطة، وأعربت الحكومة عن أملها أن تنتهي هذه الاحتجاجات بصورة حضارية.

د. طالب رئيس مجلس الشورى  في تصريح صحفي إجراء حوار مع الشباب لتلبية مطالبهم.

هـ. صدر بيان من وزارة الداخلية يوم 27 يناير بمنع التظاهرات أو المسيرات الاحتجاجية.

و. صدرت التعليمات يوم 27 يناير بوقف خدمة الانترنت وشبكة اتصالات الهاتف المحمول وقفاً تاماً يوم الجمعة 28 يناير والذي وجهت فيه الدعوة لتظاهره كبرى.

ز. على مستوى القوات المسلحة، فقد قدرت القيادة العامة احتمال استدعائها للسيطرة على الموقف، واتخذت الإجراءات الكفيلة بذلك بدءاً من 26 يناير 2011، في نفس الوقت اتخذ قراراً قاطعاً بعدم إستخدام السلاح المصري لتوجيه نيرانه إلى صدور المصريين وأن تكون السيطرة على الموقف من خلال انضباط كامل وتحكم في النفس، مستغلة رصيد الثقة المتبادلة بين الشعب وقواته المسلحة.

ح. تواصل الاستنفار الأمني طوال ثلاثة أيام،  الأمر الذي وبما أرهق قوات الأمن، خاصة قوات الأمن المركزي المكلفة بمواجهة التظاهرات، بما قلل كثيراً من كفاءتها.

2. ردود الفعل الإقليمية والعالمية

أ. تصاعدت ردود الفعل في أنحاء العالم، واجتمعت حول أحقية حرية التعبير، وأهمية أن تلبي الحكومة المصرية مطالب الجماهير.

ب. أكدت الولايات المتحدة أن مصر دولة حليفة، وأن الحكومة المصرية لديها فرصة سانحة للقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية يكون من شأنها تحسين حياة الشعب.

ج. طالبت معظم قوى ودول العالم أن تستمع الحكومة للجماهير وتحترم مطالبهم وعليها أن توقف العنف.

د. طالبت إسرائيل بألا تؤثر التظاهرات على العلاقات الطيبة مع مصر.

هـ. على المستوى العربي، اتصل معظم الزعماء العرب بالرئيس السابق للاطمئنان على الحالة السياسية في مصر.

و. أما الأمر الذي تسبب في أزمة حادة، هو رحيل أكثر من مليون سائح دفعة واحدة، تجنباً لما قد يحدث نتيجة لهذه التظاهرات ما أدى إلى إرباك شديد في المطارات. وتوقف تدفق السياح إلى مصر، حيث تعد السياحة إحدى روافد الدخل القومي.

3. النتائج الرئيسة التي أفرزتها تلك المرحلة

أ. استغرقت المرحلة الأولى من التظاهرات التي مثلت بدايات الثورة أقل من 72 ساعة، ولكنها أفرزت نتائج مهمة إذ تحولت من تظاهرات سلمية مجردة ومطالب مشروعة إلى أحداث عنف، وتصاعد سقف المطالب ورفعت شعارات تدعو إلى تغيير النظام ذاته، وذلك للآتي:

(1) فشل القيادة السياسية الكامل في إدارة الأزمة منذ بدايتها واستيعاب مطالب المتظاهرين بإصدار قرارات سياسية تحقق بعض مطالبهم وتخفف من وطأة اندفاعهم.

(2) عدم قدرة الأمن في التعامل مع حشود المتظاهرين ما أفرز بعض النتائج الفرعية أهمها:

(أ) كسر الحاجز النفسي بين المتظاهرين وقوات الأمن التي كان يعمل لها ألف حساب في السابق، ما أدى إلى جرأة المتظاهرين في التعامل مع قوات الأمن من دون خوف.

(ب) إرهاق قوات الأمن بدرجة كبيرة نتيجة التصدي المتواصل للتظاهرات على مدى الأيام الثلاثة، وإدراك المتظاهرين، الذين كانوا ينالون فترات من الراحة المتقطعة ذلك، زاد إصرارهم على زيادة إرهاق هذه القوات حتى تتخلى من التصدي لهم.

(ج) دخول عناصر جديدة تباعاً في التظاهرات في مقدمتها الحركات الثورية، ثم جماعة الإخوان المسلمين ابتداءً من 26 يناير، إلى جانب أن التظاهرات قد جذبت العديد من الفئات العمالية، التي لها مطالب فئوية نتيجة لتهميش دورها على مدار الفترة السابقة، كذلك جموع الطلبة، ثم بعض رموز المجتمع الذين كان لمشاركتهم تأثير مهماً على انضمام جموع الشعب إلى التظاهرات.

(د) إدراك المتظاهرين للنتائج التي أفرزت عنها الثورة التونسية، وأن الإصرار على المطالب سوف يتحقق من خلال استمرار المطالبة بها دون هوادة.

(هـ) متابعة المتظاهرين لردود الفعل الداخلية والخارجية، حيث لمسوا تعاطفاً شديداً معهم وحث قادة الدول الكبرى النظام المصري على تحقيق مطالب المتظاهرين، كذلك لمسوا مدى إقبال الشعب على التظاهر وانضمام فئات جديدة في كل لحظة.

ب. مع اليوم الثاني لبداية التظاهرات، بدأ الانفلات الأمني يسود شمال سيناء، خاصة منطقتي العريش والشيخ زويد، حيث استشهد فرد وأصيب 92 أخرون  في سيناء.

ج. الخسائر

بلغ إجمالي الخسائر المسجلة في تلك المرحلة:

(1) من المدنيين: استشهاد 6 أفراد وإصابة 141 فرداً.

(2) من قوات الشرطة: استشهاد فرد وإصابة 136 شرطياً.

ثانياً: المرحلة الثانية، "مرحلة الغضب والتحول من الانتفاضة إلى الثورة": (28 يناير – 3 فبراير 2011)

تعتبر هذه المرحلة من أدق المراحل التي حولت المسار من تظاهرات تعبر عن غضب شعبي إلى بداية ثورة حقيقية، وهي بحساب الزمن استغرقت سبعة أيام، ولكن تطورات الأحداث بها كانت متسارعة ومؤثرة. وكانت أهم التطورات كالآتي:

1. جمعة الغضب "الجمعة 28 يناير 2011"

وهو اليوم الذي دُعي فيه المتظاهرون للاحتشاد في الميادين الرئيسة على مستوى جميع المحافظات، للتعبير عن غضبهم لعدم استجابة الحكومة لمطالبهم، واستخدام الشرطة العنف في مواجهتهم، وعدم صدور أية قرارات سياسية تعترف بحقوقهم المشروعة بوصفهم مواطنين ولذلك أطلق على هذا اليوم "جمعة الغضب" ونتيجة للأحداث الدامية، فقد امتدت تلك التسمية لتشمل أيام الأسبوع كلها. (أُنظر صورة ميدان التحرير ليلة جمعة الغضب)

تحددت الدعوة لتلك التظاهرة لتبدأ بعد صلاة الجمعة من جميع المساجد والكنائس وتخترق الشوارع الرئيسة، وصولاً للميادين والتجمع بها، ورفع الشعارات والمطالب ثم الاعتصمام لحين تلبيتها، وقد قامت جماعة الإخوان المسلمين بدور مهم في التنظيم لتظاهرة هذا اليوم رافعة شعار "حسبنا الله ونعم الوكيل" إلى جانب العديد من الأحزاب والنقابات ورموز المجتمع.

أما السواد الأعظم في تلك التظاهرة، فكان أفراد الشعب المشاركون في التظاهرة، والذين ذاقوا الأمرَّين وشعروا بتهميش دورهم خلال العقود السابقة، وأرادوا أن يعبروا عن مطالبه في معيشة حرة ديموقراطية تتسم بالعدالة الاجتماعية.

وقد كانت هذه التظاهرات سانحة مؤاتية للخارجين عن القانون لممارسة بعض جرائمهم مستغلين انشغال قوات الشرطة بالتصدي للتظاهرات.

تلخصت الخطة الأمنية في إغلاق الشوارع المؤدية إلى الميادين، وعدم تمكين المتظاهرين من التجمع بها، ولم يدرك المخططون أن حجم التظاهرات سوف تتخطي قدرة قوات الأمن، وعلى سبيل المثال، فإن حجم قوات الأمن المركزي في القاهرة لمنع الحشد في ميدان التحرير، بلغت حوالي 30 ألفاً، بينما كانت حجم التظاهرات يتخطى 100 ألف، ما أدى إلى اختراق قوات الأمن، وقرار الرئيس السابق بتولي القوات المسلحة مسؤولية حفظ الأمن.

أ. مسار الأحداث

في أعقاب صلاة الجمعة يوم 28 يناير خرج حوالي 300 ألفا من المتظاهرين في 19 محافظة، مرددين شعار "سلمية، سلمية" عند اقترابهم من قوات الأمن، ثم أخذت الجماهير تتكاثر على هذه القوات لحملها على التراجع والسماح لها لاستكمال مسيرتها تجاه الميادين الرئيسة، وكانت أهم تلك التظاهرات (في القاهرة ميدان التحرير، في الإسكندرية  ميدان محطة الرمل، في السويس ميدان الأربعين). (اُنظر صورة جريدة الأهرام 28 يناير)

وابتداءً من حوالي الثانية والنصف بعد الظهر، بدأت قدرة قوات الأمن تتقلص، على الرغم من قيامها منذ الصباح بالقبض على عدد كبير من الناشطين، واستخدامت خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع في تفريق المتظاهرين، وبدأت الانسحاب أمام الحشود الهائلة. (اُنظر المظاهرات على كوبري قصر النيل)

أمام هذا الموقف الذي اتسم بالفراغ الأمني، وذلك بعد إنسحاب قوات الأمن من مناطق عملها وتورط الخارجين عن القانون بارتكاب أعمال إجرامية، أصدر الرئيس السابق، وفي الساعة الرابعة والنصف تقريباً، قراراً بتكليف القوات المسلحة بتحقيق مهامها في حماية الشرعية الدستورية "طبقاً لما ورد في الدستور، المادة 180"، كما أصدر أمراً بصفته الحاكم العسكري بحظر التجول ابتداءً من السادسة مساءً، وحتى السابعة من صباح اليوم التالي ابتداءً من الجمعة 28 يناير 2011 وحتى إشعار آخر. (أُنظر صورة بدء سريان حظر التجول)

بعد حوالي 15 دقيقة من القرار، بدأ تحرك وحدات القوات المسلحة بحجم حوالي 20 ألف فرد، وألف دبابة ومركبة مدرعة، ومثل هذا الحجم من المركبات الأخرى وتضاعفت هذه الأعداد بعد ذلك، حيث بذلت جهوداً حثيثة في السيطرة على الأحداث غير الطبيعية التي لم تعهدها مصر من قبل، والتي شارك فيها العديد  من البلطجية والخارجين عن القانون، وكانت أهم جرائمهم تتجه إلى:

(1) اقتحام أقسام الشرطة وسرقة السلاح وتحرير المحجوزين، على قضايا جنائية والتعدي على ضباط الشرطة وأفرادها (وتكرر هذا المشهد في 91 قسماً على مستوى الجمهورية).

(2) اقتحام المباني الحكومية، خاصة المحاكم ومديريات الأمن وإحراقها بعد سرقتها.

(3) اقتحام المتاجر الكبرى ونهبها ثم حرقها. (اُنظر صورة مركز تجاري بعد نهبه وحرقه)

(4) الاعتداء على المواطنين الشرفاء وسرقتهم واقتحام المساكن الخاصة.

انتشرت القوات المسلحة في ربوع الدولة خاصة في المحافظات الثلاث التي تتأجج فيها الأحداث (القاهرة الكبرى – الإسكندرية  – السويس)، وظلت طوال ليلة 28 – 29 يناير تعلم على تأمين الأهداف الحيوية – وإطفاء الحرائق – وحراسة أقسام الشرطة – وتلبية آلاف الاستغاثات من المواطنين.

وتطلب ذلك زيادة حجم القوات المسلحة بأضعاف الحجم السابق، حتى يمكنها السيطرة على الموقف الأمني إلى جانب تأمين مبنى الإذاعة والتلفزيون والذي حاولت بعض العناصر الإجرامية اقتحامه.

ب. الخسائر في هذا اليوم

·  13 شهيداً و1030 مصاباً من بينهم أعداد كبيرة من قوات الشرطة.

·  خسائر مادية قدرت بمليارات الجنيهات.

·  توقف المواصلات العامة تماماً في الدولة.

·  توقف السياحة تماماً في مصر، ومغادرة جميع السياح تباعاً. (أُنظر صورة السياح يغادرون مصر)

2. امتداد أحداث الغضب (29 يناير – 1 فبراير 2011)

لم تهدأ الأحداث بالرغم من نزول القوات المسلحة، وإعلان حظر التجول، بل إن يوم 29 يناير، شهد أحداثاً أسوأ من الأحداث السابقة، نتيجة لإنتشار الفوضي وأعمال البلطجه فى المناطق التي لم تكن بها قوات مسلحة، الأمر الذي أدى إلى مضاعفة حجم القوات المسلحة التي انتشرت للتصدي لهذه الأحداث الخطيرة والسيطرة على كل شبر من أرض مصر خاصة المنشآت الحيوية وأقسام الشرطة  والسجون وغيرها، وليصل حجمها إلى حوالي 150 ألف فرد. (اُنظر صورة القوات المسلحة تتعاون في حفظ الأمن)

تركزت أعمال البلطجة التي شهدتها هذه الأيام كالآتي:

أ. مواصلة محاولات اقتحام أقسام الشرطة والاعتداء على ضباط الشرطة وأفرادها وسرقة الأسلحة وتهريب المحتجزين على ذمة قضايا، وقد جاء هذا الاقتحام في توقيتات متزامنه، وبأسلوب منظم يدل على أنه مخطط مسبقاً، وتوقف عندما أحكمت القوات المسلحة تأمين هذه الأقسـام.

ب. مواصلة اقتحام المراكز التجارية الكبرى ونهبها، كذلك المحلات التجارية خاصة محلات المجوهرات والهاتف المحمول، وغيرها. وقد أُلقى القبض على مئات من مرتكبي هذه الجرائم.

ج. السطو على المخازن وسرقتها، خاصة مخازن السيارات.

د. اقتحام السجون وتهريب حوالي 24 ألفاً من المسجونين، ومنهم أفراد من حماس وحزب الله، كانوا محجوزين على ذمة قضايا أمنية، كان تأمين وصولهم إلى قطاع غزة من طريق سيارات إسعاف مسروقة، وقد حدثت خسائر كثيرة في الأرواح من جراء الصدامات في ساحة السجون، ومنها استشهاد اللواء محمد البطران رئيس مباحث السجون أثناء أداء مهامه. (أُنظر صورة اللواء محمد البطران)

في الوقت نفسه تزايدت أعداد المعتصمين في الميادين العامة خاصة ميدان التحرير في القاهرة، الذي أصبح المقر الرئيس للثورة، وميدان محطة الرمل (جامع إبراهيم) في الإسكندرية، وميدان الأربعين في السويس، حيث احتشد فيه عشرات الألوف من المتظاهرين، في نفس الوقت بدأ سقف مطالب المتظاهرين يرتفع من أجل الحصول على حقوقهم، بل قرروا عدم مغادرة الميادين قبل إسقاط النظام.

تنوعت أصناف المرابطين في ميدان التحرير بالقاهرة لتضم مئات من أساتذة الجامعات، وحركة 9 مارس والمؤيدون لها، والعديد من الفنانين الذين أعلنوا انضمامهم لهذه الانتفاضة (الثورة)، وأعداد كبيرة من الإخوان المسلمين والتيارات الدينية الأخرى وأعضاء من العديد من الأحزاب وبعض مشايخ الأزهر.

بدأ التنافس بين الشخصيات السياسية في الإعلان عن مركزه في الثورة، وإثبات الوجود في الشارع المصري وكان أبرز المتنافسين هو الدكتور محمد البرادعي الذي أعلن أنه مفوض بتشكيل حكومة جديدة، وسوف يقوم بالاتصال بالجيش لهذا الغرض.

بدأ ظهور عبارة "تظاهرة مليونية"، منذ يوم 31 يناير، وبعد إعلان تشكيل حكومة الفريق أحمد شفيق، والتى لم يتقبلها المتظاهرون، وأعلنوا عن "المليونية" لرفضهم لها.

في محاولة منه للسيطرة على الموقف، والظهور أمام الشعب بأنه يتابع الأحداث، زار الرئيس السابق مبارك مركز العمليات الدائم للقوات المسلحة صباح يوم 30 يناير وناقش القادة في الموقف، وأظهر الإعلام صورته مع حجب صورة المشير طنطاوي ما يدل على بداية خلاف على أسلوب معالجة الموقف، وغضب النظام من انحياز القوات المسلحة إلى الثورة. (اُنظر صورة مبارك يزور مركز العمليات)

ومن خلال إجراءات أمنية مشددة، وبالتعاون مع اللجان الشعبية التي تكونت في الأحياء المختلفة تمكنت القوات المسلحة من تحقيق سيطرة ملموسة على الموقف منذ من مساء يوم 29 يناير، وازدادت تلك السيطرة فيما بعد ذلك واستطاعت تأمين المتظاهرين المحتشدين في الميادين. (اُنظر صورة العنوان الرئيسي للأهرام 29 يناير)

3. الإجراءات السيادية

بعد منتصف ليلة 28 – 29 يناير 2011 وجه الرئيس السابق محمد حسني مبارك خطاباً إلى الأمة حذر فيه من عدم الاستقرار والانقلاب على الشرعية، ووعد باتخاذ خطوات لمكافحة البطالة وتحسين معيشة المواطنين، واتخذ قراراً بإقالة الحكومة، وتكليف الفريق أحمد شفيق بتشكيل حكومة جديدة.

كما قرر تعيين اللواء عمر سليمان (مدير المخابرات العامة) نائباً لرئيس الجمهورية (وهو المنصب الذي يتعارض مع سياسة التوريث). وقد تعرض موكبه لإطلاق الرصاص من مجهولين وهو يتوجه إلى قصر الرئاسة في محاولة فاضحة لاغتياله يوم 31 يناير، لعدم تمكينه من شغل المنصب.

أعقب ذلك إعلان استقالة المهندس أحمد عز من الحزب الوطني استناداً إلى أن أحد أسباب هذه التظاهرات كان تزوير الانتخابات التي أدارها بنفسه في نوفمبر 2010، وأعلن السيد عمر سليمان نائب الرئيس، أنه مكلف بإجراء اتصالات مع كل القوى السياسية لبدء حوار حول القضايا المثارة والمتصله بالإصلاح الدستوري. (اُنظر صورة أحمد عز يتقدم بإستقالته)

مساء الأول من فبراير وجه الرئيس مبارك خطابه الثاني إلى الأمة، وكان خطاباً عاطفياً أكثر منه سياسياً، وأعلن فيها عدم ترشحه لفترة رئاسية تالية وحرصه على الانتقال السلمي للسلطة، كما أعلن أنه سوف يعيش ويموت على أرض مصر، وأن مهمته الأساسية خلال الأشهر الباقية من رئاسته هو العمل على استقرار وأمن الوطن كما أمر بتعديل المادتين 76و77 من الدستور.

4. البيانات العسكرية الصادرة عن القوات المسلحة

أمام تطورات الموقف، فقد أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة في تلك الفترة خمسة بيانات عسكرية كالآتي: (اُنظر ملحق بيانات القيادة العامة للقوات المسلحة)

أ. البيان الأول: صباح 29 يناير تناشد فيه المواطنين بالتزام الهدوء، وعدم الوقوف في تجمعات بالشوارع والميادين.

ب. البيان الثاني: مساء نفس اليوم، من أجل التواصل مع اللجان الشعبية التي كُونت للتصدي لأعمال البلطجة.

ج. البيان الثالث: صدر بعد ظهر يوم 30 يناير، لدعوة المواطنين إلى الالتزام بحظر التجول والتعاون معها لمواجهة الانفلات الأمني.

د. البيان الرابع: صدر ليلة 31 يناير/ 1 فبراير وهو أهم هذه البيانات جميعاً، وهو يحدد توجه القوات المسلحة للانحياز للثورة وحمايتها.

هـ. البيان الخامس: في 1 فبراير 2011 يطالب فيه المواطنيين بالتعبير عن آرائهم بالطرق السلمية، ويحذر الخارجين عن القانون، ويؤكد الحظر على المدنيين بعدم ارتداء الزي العسكري.

الخسائر

أ. أعلن من طريق غير رسمي أن إجمالي الخسائر منذ بداية الإنتفاضة حتى يوم 30 يناير قد وصل إلى: حوالي 92 شهيداً وحوالي 1250 مصاباً – كما أعلنت الشرطة أن خسائرها وصلت إلى 500 ضابط، و1000 مجند ما بين شهيد ومصاب.

ب. قدرت الخسائر المادية بالمليارات نتيجة لتوقف الإنتاج، وتوقف السياحة ومغادرة السياح، إلى جانب أعمال السلب والنهب التي تولّاها بها الخارجون عن القانون.

5. أحداث موقعة الجمل (2 – 3 فبراير 2011)

يعد اليومان الثاني والثالث من فبراير 2011 علامة فارقة في تاريخ الثورة بخاصة، ومصر بعامة حيث أحدثت متغيرات مهمة في مسار النظام الحاكم والثورة نفسها، ولعب فيها بعض أقطاب النظام دوراً غير مسؤول، أطاح بالأثر الذي أحدثه خطاب الرئيس في اليوم السابق، والذي تعاطف معه غالبية من المصريين. في نفس السياق فإن هذا الحادث غير من موقف القوى الخارجية تجاه النظام، وتصاعدت المطالب بتغييره خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية. (أُنظر صورة موقعة الجمل)

أ. مسار الأحداث:

(1) نظم الحزب الوطني في القاهرة تظاهره تأييد تطالب ببقاء الرئيس ضمت عشرات الآلاف الذين تجمعوا في ميدان مصطفي محمود بضاحية الدقي، حيث انضم إليهم مسيرة من الخيول والجمال جلبها الحزب الوطني من منطقة الهرم، وسارت إلى ميدان التحرير الذي يعتصم فيه عشرات الآلاف وتعمل القوات المسلحة على تأمينهم.

(2) كانت مسيرة التظاهرة إلى الميدان تبدو سلمية تماماً وتضم بعض الأقطاب السياسيين لذلك لم تعترضها القوات المسلحة، وسمحت بمرورها إلى الميدان.

(3) ما إن دخلت المسيرة إلى الميدان حتى اندلعت صدامات مفاجئة، لم تقتصر على المواجهات الأرضية، ولكن اعتلي بعض الأفراد (الذين لم تتحدد هويتهم) أسطح العمارات المحيطة بالميدان يلقون بعبوات النابالم ويطلقون النيران ويقذفون بالأحجار ما تسبب في خسائر بلغت 11 قتيلاً وأكثر من 800 مصاب بإصابات مختلفة، وعلى الأرض شارك راكبو الخيول والجمال في اقتحام المتظاهرين والمعتصمين، (بما أطلق عليه موقعة الجمل).

(4) بذلت القوات المسلحة جهوداً حثيثه في الفصل ما بين الطرفين والسيطرة على أسطح المنازل والقبض على بعض المتورطين في الاشتباكات، وناشدت الجماهير بإخلاء الميدان والعودة إلى منازلهم، ولكن المعتصمين أصروا على البقاء.

(5) في اليوم التالي تجددت الإشتباكات ما بين المعتصمين وبقايا الأفراد الذين مازالوا داخل الميدان، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل إن الاشتباكات امتدت إلى المحافظات الأخرى بين مؤيدي الرئيس مبارك ومعارضيه، ما أدى بدوره إلى شبه فوضي في أرجاء البلاد تتطلب إجراءات صارمة للسيطرة عليها من قبل القوات المسلحة وعناصر الشرطة.

(6) تعددت ظاهرة القبض على أجانب في ميدان التحرير وبعض المحافظات الأخرى.

(7) أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة البيان العسكري رقم 6 تناشد فيه الشعب بالهدوء والعودة إلى الحياة الطبيعية، وتؤكد القوات المسلحة أنها مع الشعب قلباً وقالباً، وهو ما أزعج النظام السابق وجعله يبحث عن حلول سياسية مع تمسكه بالحكم.

ب. ردود الفعل الداخلية نتيجة لهذا الحادث

(1) أجمعت معظم القوى السياسية بأن الحل الوحيد هو إسقاط النظام، وقرر المتظاهرون الاعتصام حتى التخلص منه وانقلبت التظاهرات منذ هذا الوقت إلى ثورة شاملة يؤججها الشعب وتؤمنه القوات المسلحة.

(2) وضع النظام في حالة دفاع يائس عن النفس.

(3) بدأت أولى خطوات العدالة بإصدار النائب العام قراراً يمنع العديد من المسؤولين مغادرة البلاد والتحفظ على أموالهم.

(4) صدرت الأوامر بإعادة البث لشبكة الإنترنت.

ج. ردود الفعل الخارجية:

أجمعت جميع القوى الخارجية على ضرورة تغيير النظام "الآن".

ثالثاً: المرحلة الثالثة، مرحلة الصمود والرحيل (4 – 11 فبراير 2011)

استمرت فعاليات هذه المرحلة – التي بدأت بمليونية الرحيل، وانتهت بمليونية التحدي في 11 فبراير، في خطين متوازيين:

الأول: يمثله الشعب الثائر، الذي جعل من ميدان التحرير مقراً لإعلان مطالبه، حيث بدأت بالإعلان عن "جمعة الرحيل" في مظاهرة مليونية يوم 4 فبراير رافعة شعارات المطالبة برحيل الرئيس مبارك ونظامه.

الثاني: يتمثل في النظام نفسه بقيام نائب الرئيس في إجراء حوارات مع مختلف الطوائف، بل وتهديده، بأنه إن لم يصل السياسيون إلى حل، فإنه من المتوقع أن يحدث انقلاب عسكري، وعودة إلى الحكم العسكري مرة أخرى.

فشلت جميع الجهود السياسية، وتصاعدت مطالب الثوار، وكان لصمودهم الأثر في توحيد قلوب الشعب المصري معهم، خاصة بعد انهيار مقاومة النظام وأعوانه في أعقاب حادثة الجمل.

في السياق نفسه، اتخذت القوات المسلحة كل الإجراءات لتأمين المتظاهرين والمعتصمين طوال المرحلة، وبما حقق الأمان الكامل للتظاهرات، وجذب مزيد من المعتصمين، والجميع أعلن الاعتصام حتى رحيل النظام.

تكونت "مجموعة الحكماء" من بعض المفكرين يطالبون الرئيس بتفويض سلطاته لنائبه والتخلي عن الحكم حتى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في سبتمبر 2011.

كما استمرت الاتصالات السياسية مع الخارج حيث كان إصرار القوى العالمية على انتقال السلطة " الآن".

وعلى الجانب السياسي وإدارة الدولة، وبرغم وجود حكومة ومجلس شعب، إلا أن القوات المسلحة هي التي كانت تدير أمور الدولة فعلياً. سواء نقل الأموال إلى البنوك وتأمينها لكي يصرف العاملون مرتباتهم، أو نقل الاحتياجات للأسواق، وتفريغ الشحنات في الموانيء وتأمين نقلها، والسيطرة على الطرق والمرور إلى جانب تأمين التظاهرات والمعتصمين. (اُنظر صورة القوات المسلحة تؤمن الطرق)

على الجانب الأمني، فقد مارست القوات المسلحة جهوداً فائقه في دعم قوات الشرطة المدنية لتولي مهامها، وقامت بالقبض على حوالي 12 ألفا من الخارجين عن القانون وقدمتهم لمحاكمات عادلة وسريعة، وألقت القبض على أكثر من أربعة آلاف من الهاربين من السجون وأعادتهم إلى محبسهم بعد تحقيق الأمن الكامل والحراسات للسجون. (اُنظر صورة القبض على البلطجية)

أما الانفلات الأمني الذي لم يمكن السيطرة عليه في هذه المرحلة، فكان في سيناء حيث تكرر نسف أنابيب الغاز الطبيعي الموصلة إلى إسرائيل والأردن، إلى جانب تكرار التعدي على الشرطة والمنشآت الحيوية.

1. أحداث الخميس والجمعة 10 – 11 فبراير 2011 "جمعة التحدي"

مع تطور الأمور، وإصرار ملايين الشعب على تغيير النظام، فقد جرت العديد من المقابلات والمشاورات خلف الكواليس، وكان معظم المشاركين فيها، شخصيات بارزة في العمل السياسي، ومنهم أعضاء من الحزب الوطني مثل الدكتور حسام البدراوي الذي عين أميناً للحزب الوطني بعد إقصاء صفوت الشريف، كذلك نائب الرئيس السيد عمر سليمان ورئيس الوزراء الفريق أحمد شفيق، انتهت إلى ضرورة إعلان الرئيس تنحيه عن السلطة. (أُنظر صورة ميدان التحرير في جمعة التحدي)

على الجانب الآخر، فإن جمال مبارك، ابن الرئيس الطامع في التوريث كان يرى غير ذلك من خلال إجراءات تهدئة سياسية حتى الانتخابات الرئاسية القادمة، وكان يؤيده في ذلك بدفع منه بعض المقربين من الرئيس، وما بين الفريقين كان الرئيس في حيرة لم يستطع أن يتخذ قراراً قاطعاً، بل وعوداً فقط.

هنا ظهر دور القوات المسلحة، حيث أجرى المشير حسين طنطاوى القائد العام وزير الدفاع والإنتاج الحربي لقاءً فى 10 فبراير مع الرئيس السابق نصحه فيه بالتخلي عن السلطة لأن الموقف أصبح خطيراً، ولا يمكن السيطرة على المتظاهرين، كما لا يمكنه إصدار أوامر بإطلاق النيران مهما كان الموقف. وقد أبدى الرئيس موافقته التخلي عن الحكم.

ونتيجة ذلك أعلن الدكتور حسام البدراوي، واللواء حسن الرويني قائد المنطقة العسكرية المركزية بأن الرئيس سوف يلبي مطالب الجماهير، في هذا الوقت اجتمع المجلس الأعلى للقوات المسلحة صباح الخميس 10 فبراير، من دون حضور الرئيس، وأعلن المجلس في بيانه رقم 1 أنه في اجتماع مستمر التزاماً من القوات المسلحة بحماية الشعب. (أُنظر ملحق بيانات المجلس الأعلى للقوات المسلحة)

ومع نزول عدة ملايين من أبناء مصر إلى مختلف الميادين التي ضاقت بهم على مستوى الجمهورية، أعلن أن الرئيس بعد اجتماع مغلق مع نائبه ورئيس وزرائه سوف يوجه خطاباً إلى الأمة مساء يوم 10 فبراير 2011 وانتظره الجميع ليعلن فيه التخلي عن الحكم إلا أن الخطاب  الذي سجل في شرم الشيخ بعد مغادرة الرئيس القاهرة، وصاغه ابنه جمال مبارك، ووزير الإعلام أنس الفقي جاء مخيباً للآمال.

وفي الحادية عشرة والربع مساء يوم 10 فبراير أذيع بيان الرئيس المسجل، شاملاً بعض الإجراءات، منها: تفويض الرئيس صلاحياته لنائبه، وبقاؤه في السلطة حتى الانتخابات، والاستجابة لتعديل ستة مواد من الدستور، والتأكيد أنه سيبقي في مصر حتى نهاية حياته، وهو ما أدى إلى احباط شديد للجماهير التي كانت تنتظر إعلانه التنحي.

2. ردود فعل بيان الرئيس

جاءت ردود الفعل سلبية تماماً على المستوى الداخلي والخارجي في آن واحد، وأصدر المعتصمون في ميدان التحرير بياناً قرروا فيه عدة إجراءات وهي "عزل رئيس الجمهورية ونائبه، سقوط الدستور القائم، حل مجلسي الشعب والشورى، تتولى المؤسسة العسكرية مهام تأمين الجبهتين الداخلية والخارجية، تشكيل حكومة مؤقتة من المستقلين لتسيير الأعمال، تشكيل لجنة تأسيسية لإعداد دستور جديد للبلاد.

في الوقت ذاته اتسعت دائرة التظاهر، وتجمع مئات الآلاف أمام القصور الجمهورية وأعلنوا العصيان المدني وأصبح الموقف غير مسيطر عليه تماماً، ما أدى إلى إتساع دائرة الاتصال بالرئيس لكي يتخذ قراره بالتنحي عن السلطة، وأصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بيانه الثاني يؤكد للشعب التزامه بتحقيق مطالبه.

في السادسة من مساء 11 فبراير 2011، ألقى نائب الرئيس السيد عمر سليمان بياناً مقتضباً عبر التليفزيون جاء فيه "أيها المواطنون، في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد.. والله الموفق والمستعان". (اُنظر صورة المجلس الأعلى)

3. ردود فعل الثورة على المستوى العالمي

حققت ثورة 25 يناير المفاجأة السياسية بصورة مقاربة لما حققته المفاجأة الإستراتيجية في نصر أكتوبر المجيد، وراح قادة العالم بلا استثناء يتبارون في الإشادة بها:

·   وصفها الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" أنها ألهمت العالم، وأن المصريين صنعوا تاريخاً ينحني له التاريخ".. ورحب بتعهد المجلس الأعلى بالقيام بعملية انتقال سلمي ديموقراطي للسلطة واحترام الالتزامات الدولية لمصر، وشدد على دعم الولايات المتحدة لمصر".

·   صرح رئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون" يجب أن تدرس الثورة المصرية في مدارسنا".

·   قال عنها توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق "أنها ستؤدي إلى تحريك منطقة الشرق الأوسط بأسرها إلى الديموقراطية".

·   قال رئيس وزراء النرويج محييا الثورة "اليوم كلنا مصريون".

·   قال مستشار النمسا "هانز فيشر"، أن شعب مصر أعظم شعوب الأرض، ويستحق جائزة نوبل".

·   قال رئيس الوزراء الإيطالي "بيرلسكوني"، لاشيء جديد يحدث في مصر، فالمصريون دائماً يصنعون التاريخ.