إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / ثورة 25 يناير في مصر؛ وتداعياتها




مواطن يشعل النار في نفسه
موقعة الجمل
لافتة لا للفقر والغلاء والبطالة والفساد
مبارك وأولاده أثناء المحاكمة
مبارك يزور مركز العمليات
أحمد عز يتقدم باستقالته
ميدان التحرير ليلة جمعة الغضب
ميدان التحرير في جمعة التحدي
مركز تجاري بعد نهبه وحرقه
مشاهد من الفقر والجوع
إعلان عن الثورة
مظاهرات في الإسكندرية
مظاهرة بمشاركة حركة كفاية
اللواء محمد البطران
المجلس الأعلى
الهجرة غير الشرعية
المظاهرات على كوبري قصر النيل
البحث عن الطعام في القمامة
الرئيس مرسي يؤدي اليمين
الشاب خالد سعيد
السياح يغادرون مصر
الصراع على الخبز
الشرطة في مواجهة التظاهرات
العنوان الرئيسي للأهرام 29 يناير
القوات المسلحة تؤمن الطرق
القوات المسلحة تتعاون في حفظ الأمن
القبض على البلطجية
احتفال تسليم السلطة
تأمين مبنى الإذاعة التليفزيون
بدء سريان حظر التجول
جريدة الأهرام 28 يناير
حركة 6 أبريل في المظاهرات
حركة 9 مارس في المظاهرات
حسني مبارك أثناء المحاكمة
شعارات للدعوة للثورة
قوات الأمن تفرق المتظاهرين


المحافظات التي بدأت بها المظاهرات



المقدمة

المبحث التاسع

المسار الديموقراطي للدولة

بدأ المسار الديموقراطي لبناء الدولة الحديثة منذ اللحظة الأولى التي تولي فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة مسؤولية إدارة الدولة، وكان الهدف الرئيس الذي حمل المجلس مسؤولية تحقيقه هو وضع اللبنة الأساسية للبناء الديموقراطي للدولة طبقاً للنظم العالمية الحديثة، وطبقاً للتجارب والدروس التي مرت بالدولة خلال الحقبة الماضية.

كذلك إيماناً من المجلس بأن قوة الدولة في الداخل هي التي تعكس آثارها على جهود القوات المسلحة في حماية مصالح الدولة في الخارج، وهو واجب وطني لابد أن تشارك فيه قوى الشعب بمختلف توجهاتها.

كان هناك إدراك لدى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أن الفراغ السياسي ينتج عنه بطالة ذهنية وإحباط وهبوط في مستوى الاقتناع بأهداف الدولة وأساليب تحقيقها بما يؤدي إلى نوع من الفوضى.

وضع المجلس خارطة طريق للفترة الانتقالية بدأها بالإعلان الدستوري الأول في 13 فبراير 2011(بعد يومين من تسلم إدارة الدولة)، ثم تعديل بعض مواد الدستور والاستفتاء عليها، ثم الإعلان الدستوري في 30 مارس 2011 تلاه وضع القوانين الخاصة بالانتخابات والممارسات السياسية، ثم الانتخابات التشريعية لمجلسي الشعب والشورى  ثم الانتخابات الرئاسية.

جرت محاولات المجلس في الفترة الانتقالية، لوضع دستور جديد للدولة إلا أن بعض الأحزاب والجماعات التي لها أهداف خاصة أعاقت وضع الدستور بما أدى لانقسام مجتمعي وسياسي دام لما بعد المرحلة الانتقالية وتسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب.

إن المسار السياسي الذي أداره المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يكن هادئاً، ولكن شابه الكثير من المتناقضات والإضرابات والتظاهرات، وحاول أصحاب الأجندات الخارجية والداخلية تعطيله من خلال تدبير أحداث دامية، ولكن إصرار المجلس على المسار الديموقراطي وتحمله المسؤولية في تأمين الدولة، أحبط المخططات لتعطيل هذا المسار المهم.

أولاً: إرساء القواعد الدستورية في الدولة

1. الإعلان الدستوري الأول (13 فبراير 2011)

طبقاً للنظم الثورية، فإن الإجراء الأول يكون عادة هو علاج الشوائب المؤثرة على البيئة السياسية في الداخل، لذلك فقد صدر الإعلان الدستوري في 13 فبراير ينص على تعطيل العمل بأحكام دستور 1971 وتعديلاته، وتشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور التي تمنح الرئيس سلطات مطلقة.

حل مجلسي الشعب والشورى وتفويض المجلس الأعلى للقوات المسلحة إصدار مراسيم بقوانين في الفترة الإنتقالية حددت الفترة الإنتقالية التي يدير فيها المجلس شؤون الدولة بستة شهور أو انتهاء الانتخابات الدستورية مع بقاء وزارة الفريق أحمد شفيق بتسيير الأمور لحين تشكيل حكومة جديدة.

كلفت لجنة برئاسة المستشار طارق البشري (النائب الأول لرئيس مجلس الدولة الأسبق)، بتعديل بعض مواد الدستور التي تمنح الرئيس سلطات ضخمة، وهي المواد (75 – 76 – 77 – 88 – 93- 139- 148- 179-189)، حيث شملت هذه التعديلات: (نظر ملحق قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم (1) لسنة 2011)

أ. شروط الترشح للرئاسة بتأييد 30 برلمانياً أو 30 ألف مواطن من 15 محافظة، وألا يكون قد حمل هو أو أياً من والديه جنسية أجنبية، وألا يكون متزوجاً من أجنبية وألا يقل عمره عن 40 عاماً.

ب. مدة الرئاسة أربع سنوات تجدد لمرة واحدة فقط.

ج. أن يتم التصويت بالرقم القومي.

أجرى الاستفتاء على تعديل المواد الدستورية في 19 مارس 2011 بتأمين كامل من القوات المسلحة. وقد شاب هذا الاستفتاء انقسام في الرأي، حيث دعمت التيارات الإسلامية الاستفتاء بنعم، وتصاعد فتاوى تؤيد ذلك، وهو ما جعل التيارات الأخرى سواء المسيحية أو الليبرالية تدعم الاستفتاء بـ لا .

وعموماً فقد ظهرت نتيجة الاستفتاء في 21 مارس تعلن نسبة التأييد بـ 77.2% والرفض بنسبة 22.8%، وأعداد الذين أدلوا بأصواتهم أكثر من 18.5 مليون نسمة، وهي أعداد لم تحدث في استفتاءات أو انتخابات من قبل.

2. إصدار الإعلان الدستوري الثاني 30 مارس 2011:

في أعقاب الاستفتاء على تعديلات بعض المواد الدستورية، ثم الشروع في صياغة إعلان دستوري يكون بمنزلة دستور مؤقت للبلاد حتى صياغة الدستور الدائم الجديد. وقد صدر هذا الإعلان في 30 مارس 2011، ويتضمن 63 مادة، من بينها مواد أثارت جدلاً فيما بعد ذلك، وهي:

المادة 28: التي تحدد مسؤولية لجنة الانتخابات الرئاسية في إدارة هذه الانتخابات حيث نصت المادة على "أن قراراتها نهائية ونافذة بذاتها وغير قابلة للطعن عليها"، وقد أثير الجدل عند تنفيذ الانتخابات الرئاسية حيث أراد البعض فرض آرائهم والتخلص من خصومهم، وأقاموا دعاوي أمام المحكمة الإدارية العليا. والتي رفضتها تنفيذا لهذه المادة.

المادة 56: والتي تحدد مسؤولية المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إدارة شؤون البلاد والتي حددت في (التشريع – إقرار السياسة والموازنة العامة للدولة – تمثيل الدولة في الداخل والخارج – تعيين الأعضاء المعينين في مجلس الشعب – دعوة مجلسي الشعب والشورى  للإنعقاد وفضهما – تعيين رئيس مجلس الوزراء والوزراء ونوابهم، وإعفاؤهم من مناصبهم - والإختصاصات الأخرى المقررة لرئيس الجمهورية). وقد تعارض ذلك مع سلطات رئيس الجمهورية بعد الانتخاب، حيث كان قد صدر حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب، وعودة مسؤولية التشريع إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

المادة 60: والخاصة بانتخاب جمعية تأسيسية تتولي إعداد الدستور الجديد وقد أثير الجدل حول هوية هذه الجمعية هل هي من أعضاء مجلسي الشعب والشورى  أو من خارجه وقد أدى الجدل إلى حل الجمعية التأسيسية بحكم المحكمة الإدارية نتيجة إستئثار أعضاء مجلس الشعب والشورى  بمقاعد اللجنة.

3. إعداد الدستور الدائم للدولة:

استكمالاً للمسيرة الديموقراطية، فقد دعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة في 30 مايو 2011 لوضع مبادئ دستورية تكون دليلاً للجنة التأسيسية لصياغة الدستور الدائم بعد انتخابها.

نظراً للسماح بحرية التعبير، وتعدد الائتلافات، وإطلاق حرية تكوين الأحزاب فقد ثارت مناظرات ومصادمات بين الأطياف المختلفة عن أيهما يأتي أولاً الدستور أم الانتخابات، وكان هناك وجهتا نظر.

الأولى: تدعم فكرة أن الانتخابات أولاً تنفيذاً لما ورد في الإعلان الدستوري، حيث ينتخب مجلسا الشعب والشورى  اللجنة التأسيسية التي تضع الدستور، وكانت جماعة الإخوان المسلمين تدعم هذا الرأي يؤيدها العديد من الأحزاب والائتلافات الأخرى.

الثانية: ترى أن يكون إعداد الدستور أولاً ليكون أساساً تبني عليه الانتخابات وصورة الدولة مستقبلاً ونظامها البرلماني، وكانت العديد من الأحزاب الليبرالية والمفكرين السياسيين يدعمون هذا الرأي.

وقد نُفذت وجهة النظر الأولى طبقاً لنصوص الإعلان الدستوري، وبدأت الأحزاب تضع تصورها للمبادئ الدستورية بين اختلاف واتفاق حيث وضع "الائتلاف الوطني للتغيير"، المكون من 14 حزباً منهم حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين مقترحات لتلك المبادئ.

ابتداءً من شهر يوليه 2011 بدأ تغير حاد في موقف الإخوان المسلمين وحزبهم "الحرية والعدالة"، واتخذوا موقفاً لفرض رأي التيار الإسلامي في مواجهة التيارات الأخرى ما أدى إلى خلافات شديدة في هذا المجال.

بعد تولي الدكتور على السلمي مسؤوليته نائباً لرئيس الوزراء للتنمية السياسية والتحول الديموقراطي، بدأ في وضع المعايير حول انتخاب الجمعية التأسيسية للدستور، وعقد حوالي 30 اجتماعاً مع التيارات السياسية المختلفة للتوافق على النقاط الأساسية من منطلق تحقيق المصلحة الوطنية، والتوقيع عليها، ولكن حزب الحرية والعدالة فاجأ الجميع بمطلب حذف عبارة "دولة مدنية"، من الإطار الحاكم للوثيقة ، وهو ما رفضته التيارات الأخري.

أثار حزب الحرية والعدالة بعد ذلك مطالب لتعديل المادتين 9 ، 10 الخاصتين بمهام القوات المسلحة، كذلك المادة الخامسة الخاصة بالسلطات القضائية، وقد تم تعديل المادتين 9 ، 10 لتطابق مع ما جاء في دستور 1971، ولكن المناقشات تواصلت بين الرفض والقبول وجاءت "تطمينات" من التيارات الإسلامية التي بدأت تطمئن لفوزها في الانتخابات القادمة أن مجلس الشعب سوف يراعي الصالح العام.

حدد المجلس الأعلى للقوات المسلحة موقفه من الدستور الجديد، بأن لجنة إعداد الدستور ستكون بالتوافق بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الشعب بعد انتخابه. وأن اللجنة سيجري انتخابها بواسطة مجلسي الشعب والشوري.. كما جاء في الإعلان الدستوري.

في أعقاب الانتخابات دعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة لاجتماع مشترك لمجلسي الشعب والشورى  في 3 مارس 2012 لانتخاب اللجنة التأسيسية لوضع الدستور حيث جرى انتخاب 53% من أعضائها من أعضاء المجلسين وأغلبهم من التيار الإسلامي ما دفع بالمحكمة الإدارية إلى إصدار قرار في 10 أبريل 2012 بوقف تشكيل اللجنة التأسيسية.

بعد جهود حثيثة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، تم عقد تفاق مع الأحزاب المختلفة على أن تكون الجمعية التأسيسية بتوافق بحيث يشمل تشكيلها (39 عضواً من الأحزاب – 21 من الشخصيات العامة – 6 من القضاة – 9 من خبراء القانون الدستوري – 5 من الأزهر – 4 من الكنيسة -  7 من النقابات المهنية – 6 من الاتحادات النوعية – 8 من ممثلين للحكومة والشرطة والجيش على أن يراعي الجميع ترشيح نسبة من الأقباط ومشاركة المرأة.

أعيد تشكيل اللجنة في آوائل يونيه 2012، من دون مراعاة الأخطاء السابقة والاتفاق المبرم ما أدى إلى اللجوء إلى القضاء الإداري مرة أخرى للنظر في تشكيل اللجنة التأسيسية.

انتهت المرحلة الانتقالية وجرى تسليم إدارة الدولة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى الرئيس المنتخب في 30 يونيه، ولم يكن الدستور قد أعد بعد.

4. الإعلان الدستوري المكمل (17 يونيه 2012)

في أعقاب صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب في 14 يونيه 2012، حدث فراغ تشريعي اضطر المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإصدار إعلان دستوري مكمل، خاصة أن المرحلة ستشهد انتخابات رئاسية وتسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب وإعداد الدستور الذي سيليه انتخابات تشريعية جديدة، وكانت أهم المواد في هذا الإعلان:

أ. إنتقال سلطة التشريع إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة لحين انتخاب مجلس شعب جديد.

ب. يؤدي رئيس الجمهورية المنتخب اليمين الدستورية أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية.

ج. تتولى الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع الدستور القيام بمهمتها خلال ثلاثة شهور من تاريخ تشكيلها أي في موعد غايته سبتمبر 2012، ويجري استفتاء شعبي على الدستور الجديد خلال 15 يوماً بعد الانتهاء من وضع الدستور، وإذا بدا مانع يحول دون أداء اللجنة بمهامها فيقوم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتعيين لجنة جديدة خلال أسبوع.

د. تبدأ اجراءات الانتخابات التشريعية خلال شهر من موافقة الشعب في الاستفتاء على الدستور.

هـ. أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو الجهة المعنية بشؤون القوات المسلحة وترقيات أفرادها ولرئيس المجلس جميع الصلاحيات القانونية للقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع.

و. إعطاء رئيس الجمهورية صلاحية إعلان الحرب بعد حصوله على موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة قبل الإعلان عن ذلك.

ثانياً: التشكيلات الوزارية لتسيير أمور الدولة

حرص المجلس الأعلى للقوات المسلحة منذ البداية أن يكون حكم الدولة مدنياً تديره حكومة أعضاؤها من المدنيين ذوي الخبرة في تخصصاتهم، على أن يتولي المجلس المسؤولية الإدارية العليا المكلف بها رئيس الدولة إلى جانب المهام التشريعية، وقد توالت ثلاث حكومات مسؤولية الإدارة التنفيذية للدولة كالتالي:

1. حكومة الفريق أحمد شفيق (29 يناير 2011):

أ. كلفها الرئيس السابق محمد حسني مبارك، وصدر لها تكليف آخر في الإعلان الدستوري الأول بمواصلة مهامها لحين تشكيل حكومة جديدة.

ب. في 22 فبراير أجريت تعديلات وزارية بتغيير 11 وزيراً من أقطاب النظام السابق.

ج. قدمت الحكومة استقالتها في 3 مارس 2011 تحت ضغط شعبي متواصل.

2. حكومة الدكتور عصام شرف (3 مارس 2011):

أ. اختير بوصفه أحد الثوار حيث ينضم إلى حركة 9 مارس لأساتذة الجامعات، ومن الذين حضروا مراراً في التحرير لذلك اتسم إختياره بالقبول من التحرير.

ب. بدأ في تشكيل الوزارة بعد استقالة وزارة الفريق أحمد شفيق.

ج. اتسمت أعمال الحكومة بالارتباك والاستجابة لمطالب المتظاهرين ما أدى إلى توالي تصاعد هذه المطالب، كما أنها لم تسلم من النقد الصادر من المتظاهرين مطالبين بإقالتها.

د. أقيلت الوزارة في 25 نوفمبر 2011.

3. حكومة الإنقاذ الوطني برئاسة الدكتور كمال الجنزوري (25 نوفمبر2011):

مع بداية مرحلة جديدة للبناء الديموقراطي سيجري خلالها انتخاب مجلسي الشعب والشورى ومع تصاعد الأحداث الدموية في شارع محمد محمود. قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة تشكيل وزارة إنقاذ وطني برئاسة الدكتور كمال الجنزوري لتحل محل وزارة الدكتور عصام شرف. وأصدر التكليف للوزارة الجديدة في 25 نوفمبر 2011.

كان اختيار الدكتور كمال الجنزوري لتولي المسؤولية في هذه المرحلة اختياراً صحيحاً نظراً لما يتمتع به من خبرة سابقة ورؤية مستقبلية جيدة وقدرة على إدارة العمل السياسي العام. في نفس السياق أصدر المجلس الأعلى مرسوماً بقانون يقضي بتفويض رئيس مجلس الوزراء بصلاحيات رئيس الجمهورية – باستثناء الأمور المتعلقة بالقوات المسلحة والقضاء – وكلفة بالآتي:

أ. دفع مسيرة العمل الديموقراطي حتى تسليم السلطة لإدارة منتخبة ديموقراطياً.

ب. التصدي بكل حزم لكل صور الفساد ومكافحة الغلاء وضبط الأسواق.

ج. الدعم الكامل للشباب وتحقيق أكبر قدر ممكن من فرص العمل لبناء مصر المستقبل.

د. رعاية الأسر والمناطق الأكثر احتياجاً والارتقاء بالخدمات.

هـ. تقديم الرعاية الصحية والاجتماعية لآسر الشهداء ومصابي الثورة.

و. تعزيز العلاقات المصرية/ الإفريقية خاصة مع دول حوض النيل.

ز. تحديث منظومة الإعلام.

ح. إعداد برامج إصلاح مالي، ودعم مناخ جذب الاستثمارات.

لم تكن مهمة الحكومة التي بدأت عملها من 7 ديسمبر 2011 بعد حلف اليمين القانونية سهلة واعترضتها عدة أمور أهمها:

أ. رفض بعض الائتلافات والقوى السياسية بذريعة تقدم سن الدكتور الجنزوري ورئاسته لوزارة في عهد النظام السابق، وكان البعض يفضل تكليف الدكتور محمد البرادعي ولكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة رفض ذلك.

ب. اعتصام المتظاهرين أمام مقر رئاسة الوزراء لمنع الدكتور الجنزوري من مباشرة مهامه .. وكان رده على ذلك أنه لن يستخدم العنف مع المتظاهرين بأي حال من الأحوال، وقرر إدارة الأمور من مقر وزارة الاستثمار بمدينة نصر.

ج. الوضع الاقتصادي الخطير، إلى جانب الوضع الأمني داخل البلاد، وعدم إيفاء الدول التي وعدت بدعم مصر إقتصادياً بالتزاماتها، تطبيقاً للسياسة الأمريكية التي تنفذ خطة "خنق مصر اقتصادياً".

في بدايته لتولي المسؤولية حرص الدكتور الجنزوري على التواصل ما بين الحكومة والشعب، واستخدام قدرته في مواجهة الأمور ووسائل الإعلام بكفاءة لحشد الرأي العام معه، حيث حقق العديد من الإجراءات أهمها:

أ. العمل بكل الجهد لعودة الأمن إلى الشارع المصري.. ونجح في ذلك إلى درجة جيدة.

ب. إقرار إنشاء لجان وزارية لإيجاد حلول فورية للمشكلات التي تعاني منها الدولة وهي:

(1) اللجنة الأولى: لرعاية أسر شهداء ومصابي الثورة (تحدد عرض قراراتها في 12 ديسمبر 2011).

(2) اللجنة الثانية: تأكيد الأمن الداخلي (تقدم تقريرها في 15 ديسمبر 2011).

(3) اللجنة الثالثة: تحسين الأداء المالي والإقتصادي (تنهي أعمالها في 20 ديسمبر 2011).

(4) اللجنة الرابعة: إعادة تشغيل المصانع التي توقفت نتيجة الثورة (1600 مصنعاً).

ج. أحرز الدكتور الجنزوري نجاحاً ملموساً في إدارته للحكومة، وحقق ثباتاً للاحتياطي النقدي، وحقق الثقة بين الشعب والحكومة.

4. تشكيل المجلس الإستشاري (25 نوفمبر 2011):

في وقت متزامن مع تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني، قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة تشكيل مجلس إستشاري من 30 عضواً من مختلف التوجهات السياسية من أجل ترسيخ قيم الديموقراطية والمشاركة الشعبية في رسم سياسات الدولة فيما تبقي من المرحلة الانتقالية ودعم جهود المجلس الأعلى للقوات المسلحة للتغلب على الصعاب المتصاعدة، والتي تتمثل في الثورة المضادة التي تحاول إفشال مصر.

تحددت مهام المجلس الإستشاري في الآتي:

أ. إبداء الرأي فيما يتعلق بشؤون البلاد وما يهم الرأي العام من قضايا وأحداث وأوضاع.

ب. إبداء الرأي فيما يعرض عليه من المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

ج. إبداء الرأي في مشروعات القوانين والاتفاقيات الدولية إلى حين إنعقاد مجلسي الشعب والشوري.

د. إبداء المقترحات فيما يتعلق بمطالب المواطنين أو مواجهة الأزمات.

ضم المجلس نخبة من السياسيين من جميع التوجهات بينما اعتذر حزب الحرية والعدالة عن المشاركة فيه، في نفس الوقت رأت الغالبية العظمي من الشعب أن تشكيل المجلس يعد خطوة إلى الأمام لضمان المشاركة الشعبية في القرارات السيادية بينما اعترض عليه البعض بذريعة أنه جاء متأخراً، وأن القرار النهائي سيكون للمجلس العسكري، وطالب البعض بمجلس رئاسي بديلاً عن المجلس الاستشاري.

عقد المجلس أولى اجتماعاته في 11 ديسمبر 2011 واختار السيد منصور حسن رئيساً له، وكل من السيد سامح عاشور (نقيب المحامين)، والمهندس أبو العلا ماضي (رئيس حزب الوسط) نائبين للرئيس، كما انتخب الدكتور محمد نور فرحات أميناً عاماً، والسيد أحمد نافع أميناً مساعداً.

تقرر أن تكون اجتماعات المجلس أسبوعية أو طارئة عند اللزوم، وشهرية مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة حيث قدم بعض الأفكار الجيدة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.

شهد المجلس العديد من التطورات، واستقالات بعض أعضائه ثم عودتها حيث كان معظم الأعضاء الحزبيين يلتزمون بآراء أحزابهم نحو الأحداث، وهو ما أثر على عمل المجلس.

5. دور الأزهر الشريف في دعم ثورة 25 يناير 2011:

تحمل الأزهر الشريف مسؤوليته في بلورة الفكر الديني السديد في بناء الدولة الديموقراطية الحديثة، وأعلن منذ البداية، رؤيته المستقبلية لهذا البناء والتي تتأسس على الآتي:

أ. مستقبل تترابط فيه أيدي كل المصريين والمصريات، وتتضافر جهودهم لبلوغ الأهداف التي ينتظرها وطننا الحبيب.

ب. مستقبل يطلق الطاقات الكامنة في هذا الشعب، ويفجر قوى الإبداع فيه ويحقق المشاركة الكاملة من كل أبنائه في بناء مصر الجديدة.

ج. مستقبل يقف فيه الخلق جميعاً لينظروا إلينا ونحن نرفع قواعده، ونقيم أركانه على أسس الروح الوطنية.

من خلال هذه المبادئ حقق الأزهر الشريف الإنجازات الآتية:

أ. وثيقة الأزهر (21 يونيه 2011):

صدرت هذه الوثيقة مع تصاعد الثورة المضادة التي صاحبها انفلات أمني شديد لبلورة الأسس التي يجب أن تتوجه إليها القوى المختلفة من أبناء مصر الحديثة مع توحيد الهدف الذي يجب أن تسعى إليه كل الأطراف، خاصة مع الاختلافات والتصادمات حول وثيقة المبادئ الدستورية.

شارك في وضع هذه الوثيقة كوكبة من المثقفين المصريين على اختلاف توجهاتهم وشملت 11 محوراً تشكل في مجملها دستوراً للحياة العصرية. وشددت على بناء الدولة الوطنية الدستورية الديموقراطية الحديثة، التي تعتمد على النظام الديموقراطي وعلى الانتخابات الحرة المباشرة.

تشير الوثيقة إلى منظومة الحريات الأساسية في الفكر والرأي وحقوق الإنسان وحرية الإختلاف في الرأي، والالتزام بالمواثيق الدولية مع صيانة كرامة الأمة المصرية.

عدت الوثيقة أن التعليم والبحث العلمي هي قاطرة التقدم الحضاري المصري، واتباع فقه الأولويات لتحقيق العدالة الاجتماعية مع الحفاظ على الروابط بين أبناء مصر وشعوب الأمة العربية.

وقد نالت هذه الوثيقة تأييداً واسعاً من كل أطياف الشعب، ونادت بعض القوى السياسية أن يكون بدلاً لوثيقة المبادئ الدستورية.

ب. تأسيس بيت العائلة المصرية (أكتوبر 2011):

بدأت فكرة تأسيس بيت العائلة مع بدايات أحداث الفتنة الطائفية في (القديسين – أطفيح) وغيرها بهدف تقارب الأديان ووحدة الأمة، انطلاقاً من أن الدين لله والوطن للجميع. وتبلورت الفكرة تماماً بعد أحداث ماسبيرو في 9 أكتوبر 2011.

فُرغ من صياغة الفكرة، وصدر بها قانون "إنشاء بيت العائلة المصرية"، في النصف الثاني من أكتوبر 2011، على أن يكون مقره مشيخة الأزهر، ويضم في عضويته مفكرين إسلاميين ومسيحيين من التخصصات المختلفة بهدف الوصول إلى قرار يحقق أمن مصر وخدمة المجتمع.

يتولي رئاسة "البيت" كل من شيخ الأزهر وبابا الإسكندرية  بالتناوب وينشأ مجلس تنفيذي يختص بتنفيذ السياسات العامة.

تحدد الهدف الاستراتيجي لبيت العائلة في:"الحفاظ على نسيج المجتمع بالتنسيق مع جميع الهيئات والوزارات المعنية بالدولة".

بدأت إجراءات المؤتمر التنفيذية بمعالجة الأوضاع الناجمه عن أحداث ماسبيرو في 9 أكتوبر 2011، وأدت إلى غضب المسيحيين في مصر.

ج. وثيقة الأزهر الشريف بشأن تطورات الأوضاع في الشؤون العربية والدولية (ديسمبر 2011)

تأكيداً لدوره العالمي في نشر مبادئ الإسلام الوسطي ومحاربة التطرف، وحل قضايا المسلمين، ومعالجة المشكلات التي تمر بدول الربيع العربي، فقد أعلن الأزهر الشريف عن مبادرة بشأن تطورات الأوضاع في الشؤون العربية والدولية للتجديد والإصلاح والتطور، وفقاً للمبادئ الدستورية والشريعة الإسلامية.

شملت الوثيقة الآتي:

(1) مناشدة النظم العربية مراعاة وتطلعات وطموحات شعوبهم.

(2) اعتماد السلطات العربية على رضا الشعوب وأن تكون الأمة هي مصدر السلطات.

(3) إقامة الحكم وفق مبادئ العدل ومواجهة الظلم والاستبداد.

(4) إقرار صور المعارضة الوطنية الشعبية والحركات الشعبية السلمية، وفق ما أقره الشرع الإسلامي والقوانين الدولية لإصلاح المجتمع.

(5) وضع الأزهر الشريف، في نطاق هذه المبادرة، خطة لتسوية الأوضاع وإنهاء الصراع في الصومال وغيرها من الدول العربية والإسلامية طبقاً للأسس التي تحتويها هذه الوثيقة.

د. بيان الأزهر بشأن أحداث مجلس الوزراء (21 ديسمبر 2011):

تابع الأزهر الأحداث المؤسفة في نطاق مجلس الوزراء (17 – 23 ديسمبر)، وعقد عدة مؤتمرات مع مثقفين وسياسيين، حيث أصدروا بياناً يشمل النقاط الآتية:

(1) ضرورة إيقاف كل أشكال العنف والمواجهات الحالية حقناً للدماء.

(2) تأكيد سلمية التظاهرات والاعتصامات وحماية المؤسسات والمنشآت.

(3) ضرورة محاسبة المسؤولين عن أحداث الشغب والعنف وفقاً للقانون.

(4) وضع مصالح الوطن العليا فوق أي اعتبار ومناشدة الاطراف السياسية المختلفة للحرص على التوافق الوطني وتفعيل الحوار الإيجابي بينهم وبين شباب الثورة.

(5) يهيب المجتمعون بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي حمي الثوري منذ بدايتها وحافظ على مبادئها تأكيد التزامه بأهداف هذه الثورة من خلال المواقف والقرارات التي تصون كرامة الشعب والجيش معاً.

(6) يدعو المجتمعون الشباب المصري الواعي إلى الحفاظ على الطابع السلمي لثورتهم وتحمل مسؤوليتهم بنبذ الخارجين عن القانون ولفظ وجودهم لإفساح الطريق نحو استكمال المسيرة الديموقراطية والانتقال نحو الدولة الديموقراطية العصرية التي تنشدها جميعاً.

هـ. بيان الأزهر حول استكمال أهداف الثورة وإستعادة روحها (11 يناير 2012):

شارك في صياغة هذا البيان 60 عالماً ومفكراً من المثقفين والسياسيين، مسلمين ومسيحيين ومرشحو الرئاسة الذين اجتمعوا تحت مظلة الأزهر بحضور الدكتور كمال الجنزوري والبابا شنودة.

ركز البيان على المبادئ الآتية: (إستعادة روح الثورة – الإتفاق على تأسيس دولة ديموقراطية مدنية حديثة – التعاون بين شباب الثورة ونواب الشعب – حتمية المضي قدماً في البناء الديموقراطي لمؤسسات الدولة على أساس من الشرعية البرلمانية – القضاء على السياسات القمعية والفساد الشامل.

وأكد على ضرورة عودة الجيش الوطني إلى دورة في حراسة الحدود.

و. وثيقة الأزهر الثانية (21 يناير 2012):

حوت الوثيقة عدد من القضايا الكلية المستخلصة من النصوص الشرعية القطعية الثبوت والدلالة بوصفها المعبرة عن الفهم الصحيح للدين، وشملت الآتي:

(1) دعم تأسيس الدولة الوطنية الديموقراطية الدستورية الحديثة التي تعتمد على دستور ترتضيه الأمة، وبما يتوافق مع المفهوم الإسلامي الصحيح.

(2) اعتماد النظام الديموقراطي القائم على الانتخاب الحر المباشر، وبما يضمن التعددية والتداول السلمي للسلطة.

(3) الالتزام بمنظومة الحريات الأساسية في الفكر والرأي والاحترام الكامل لحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل.

(4) الاحترام العام لآداب الإختلاف وأخلاقيات الحوار، واجتناب التكفير والتخوين واستغلال الدين لبث الفرقة والتنابذ.

(5) تأكيد الالتزام بالمواثيق والقرارات الدولية والتمسك بالمنجزات الحضارية في العلاقات الإنسانية.

(6) الحرص التام على صيانة كرامة الأمة المصرية والحفاظ على عزتها الوطنية.

(7) اعتبار التعليم والبحث العلمي ودخول عصر المعرفة قاطرة التقدم الحضاري في مصر.

(8) إعمال فقه الأولويات في تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية ومواجهة الاستبداد ومكافحة الفساد.

(9) بناء علاقات مصر بأشقائها العرب ومحيطها الإسلامي ودائرتها الإفريقية والعالمية، ومناصرة الحق الفلسطيني.

(10) اعتبار الأزهر الشريف هو الجهة المختصة التي يرجع إليها في شؤون الإسلام وعلومه وتراثه.

وهكذا فقد تضافرت الجهود من أجل البناء الديموقراطي والذي اكتمل بالانتخابات التشريعية سواء على مستوى مجلسي الشعب والشورى أو الانتخابات الرئاسية وتسليم السلطة إلى إدارة مدنية منتخبة انتخاباً بشفافية كاملة من الشعب.