إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

185 ـ تركي بن عبد الله آل سعود (…. ـ 1249هـ) (... ـ 1834م)

أول حكام الدولة السعودية الثانية، الفترة الأولى (1236هـ / 1821م)، الفترة الثانية (1238 ـ 1249هـ) (1823 ـ 1834م)

تركي بن عبد الله بن محمّد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع بن ربيعة المريديّ.. وينتهي نسبه إلى بكر بن وائل من بني أسد بن ربيعة. إمام من أمراء الدولة السعودية. وهو جد الحكام السعوديين الحاليين فقد تسلسل الحكم في أبنائه وأحفاده.

والإمام تركي هو أول من تولى الحكم من فرع عبد الله بن محمد بن سعود، حيث كان الحكم قبله من فرع عبد الله عبد العزيز بن محمد بن سعود، وهم الذين كانوا في الدولة السعودية الأولى. ولد الإمام تركي على وجه التقريب عام 1183هـ في الدرعية، حيث نشأ وترعرع وتعلم وشارك في الحياة العامة في إطار أسرته، فظهر نبوغه، وعُرف شجاعته وإقدامه ورجاحة عقله. وقد ظهر دور الإمام تركي بن عبد الله على مسرح الأحداث، عندما تمكن ابن عمه مشاري بن سعود من الإفلات من حراس القافلة التي كانت تضم أسرى آل سعود وآل الشيخ وغيرهم، وهي في طريقها من المدينة المنورة إلى ينبع بعد الاستيلاء على الدرعية عام 1234هـ. فعاد إلى نجد ووصل إلى منطقة الوشم وجمع بعض أنصار آل سعود من مناطق نجد، ثم اتجه إلى الدرعية ودخلها فتنازل له محمد بن مشاري بن معمر عن الحكم من غير قناعة وظل يبطن غير ما يظهر. وبايع السكان مشاري بن سعود بالحكم، في جمادى الآخرة عام 1235هـ / 1820م، واستتب له الأمر، وعين ابن عمه تركي بن عبد الله أميراً على الرياض. وقَدِمَتْ علي مشاري بن سعود بن عبد العزيز الوفود من مناطق الوشم والمحمل وسدير وغيرها معلنة له التأييد، واستطاع ضم منطقة الخرج إلى إمارته. مما جعل محمد بن مشاري بن معمر يندم على تنازله عن الحكم لمشاري بن سعود.

ثم تمكن محمد بن مشاري بن معمر من الخروج من الدرعية والتوجه إلى (سدوس) بحجة زيارة أقاربه، واستطاع تجميع أنصاره مُؤيداً من فيصل الدويش شيخ مطير، كما أرسل ابن معمر رسائل إلى عبوش أغا القائد العثماني في عنيزة طالبا منه العون ضد مشاري بن سعود، مقابل تبعيته للدولة العثمانية وطاعته لأوامرها، واستطاع أن يكسب عون وتأييد عبوش أغا. وتوجه إلى الدرعية وهاجمها وتمكن من دخولها، وقبض على مشاري بن سعود وأرسله إلى سدوس ليظل تحت مراقبة جماعة ابن معمر هناك.

ثم توجه ابن معمر إلى الرياض. وعندما سمع تركي بن عبد الله بقدوم ابن المعمر إلى الرياض، غادرها وتوجه إلى بلدة الحائر ومنها إلى ضرماء. فتمكن ابن معمر دخول الرياض واحتلالها. وهكذا تمكن ابن المعمر من انتزاع الحكم من الأمير مشاري بن سعود، وأرسل ابن المعمر للقيادة العثمانية المصرية بأخبار ما حدث معلناً ولاءه لهم.

بعد أن وصل تركي بن عبد الله إلى ضرماء تمكن من جمع المؤيدين والأنصار وتوجه بهم إلى الدرعية، وفاجأ محمد بن مشاري بن معمر وألقى القبض عليه، ثم توجه بعد ذلك إلى الرياض وألقى القبض على ابنه مشاري بن محمد بن مشاري بن معمر، وتولى الحكم في المنطقة متخذاً من الرياض عاصمة ومركزاً للحكم السعودي الجديد عام (1236هـ / 1821م)، واشترط تركي على ابن المعمر وابنه أن يأمرا بإطلاق سراح ابن عمه مشاري بن سعود بن عبد العزيز المسجون في سدوس وإلا قتلهما. ولكن أتباع ابن معمر خافوا من انتقام العثمانيين فسلموهم مشاري بن سعود، فقام خليل أغا القائد العثماني في سدوس بإرساله إلى القيادة العثمانية في عنيزة، وهناك وضع مشاري بن سعود في السجن العثماني، وتوفي فيه عام 1236هـ / 1820م. أما محمد بن معمر وابنه مشاري فقد قتلهما الإمام تركي، لأنهما تسببا في موت الأمير مشاري بن سعود.

وقد حاول فيصل الدويش شيخ مطير ومعه مجموعة من القوات العثمانية المرابطة في عنيزة من محاصرة الرياض إلا أن تركي بن عبد الله صمد هو وجماعته في وجه الحصار، ففشل الحصار. وكان محمد علي باشا قد وجه قواته بقيادة حسين بك إلى نجد، لتنضم للقوات العثمانية المرابطة في القصيم لكي تهاجم وتقوض دعائم المقاومة السعودية التي يقودها تركي بن عبد الله. وتوجهت القوات جميعها إلى الرياض. وعندما وصلت تلك القوات إلى الوشم كلف حسين بك أحد ضباطه وهو عبوش أغا (آبوش أغا) بالتوجه إلى الرياض ومحاصرتها، وإلقاء القبض على تركي بن عبد الله، وتمكن عبوش أغا من محاصرة الرياض، مما اضطر تركي بن عبد الله أن يخرج سراً ليلاً من قصر الحكم بالرياض، قاصداً بلدان جنوب الرياض، ليستعد لتجميع أنصاره ومقاومة العثمانيين.

وفي عام 1238هـ / 1823م تمكن تركي بن عبد الله بعد جهد وصبر دؤوبين، من إجبار القوات العثمانية المصرية على الجلاء عن الرياض ومنفوحة. كما ثار سكان نجد ضد الحاميات العثمانية المصرية في بلدانهم وأجبروها على الرحيل إلى الحجاز. فتحقق بذلك مساندة كبيرة لمشروع تركي ابن عبد الله، الرامي إلى توحيد البلاد، وتكوين الدولة السعودية من جديد. وعارض مشروعه عدد قليل، مما اضطر الإمام تركي بن عبد الله إلى استخدام القوة العسكرية لإخضاعهم لسيادته وسيادة الدولة السعودية.

ولم ينته عام 1243هـ / 1828م، حتى كانت مناطق نجد كلها تؤيد الإمام تركي بن عبد الله وتبايعه على إمامة الدولة السعودية الجديدة. وتابع الإمام جهوده محاولاً استعادة المناطق التي كانت تابعة لدولة أجداده غير إقليم نجد، فاستطاع ضم منطقة الأحساء بكاملها، وبعض بلدان الخليج، وأيده سكان البادية ودفعوا له الزكاة دلالة على التبعية لحكمه وسيادته.

كان الإمام تركي بن عبد الله شجاعاً يتصف بالعدل والأخلاق الحميدة، محباً لبلاده، ولأسرته، وعرف بالإدارة الجيدة والقيادة الحكيمة، فاطمأن الناس في عهده. وبذلك استطاع أن يقيم الحكم السعودي الجديد، وينشر الأمن والاستقرار في ربوع البلاد. كما كان متمسكاً بمبادئ الدعوة التي نادى بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. ولقد كانت من أبرز مجالات الدعوة التي عُنيت بها الدولة السعودية الثانية وبذلت الجهود فيها هي:

1 ـ القضاء

2 ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

3 ـ الجهاد

4 ـ التعليم والإرشاد.

وقد ساعده ابنه فيصل بن تركي في إنجاح مشروعه الكبير عندما كان يقود القوات السعودية ضد المعارضين والمتمردين على حكم أبيه، وعندما كان يتولى شؤون الحكم والإدارة أثناء غياب والده.

توفي الإمام تركي بن عبد الله إثر مؤامرة دبرها لقتله ابن أخته وابن عمه مشاري بن عبد الرحمن آل سعود عام 1249هـ/1834م. وبعد وفاة الإمام تركي بن عبد الله أعلن مشاري بن عبد الرحمن آل سعود نفسه أميراً على الرياض، ولكنه لم يتمتع بهذا الحكم أكثر من أربعين يوماً فقط. تمكن بعدها فيصل بن تركي بن عبد الله من استرداد الحكم.

وبهذا يكون الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود قد حكم فترتين دامت الأولى عام (1236هـ / 1821م)، والفترة الثانية ( 1238 ـ 1249هـ) ( 1823 ـ 1834م).